فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب

( بابٌُ يَقْرَأُ فِي الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته يقْرَأ الْمُصَلِّي فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ من ذَوَات الْأَرْبَع بِفَاتِحَة الْكتاب وَلَا يزِيد عَلَيْهَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَسكت عَن ثَالِثَة الْمغرب رِعَايَة للفظ الحَدِيث مَعَ أَن حكمهَا حكم الْأُخْرَيَيْنِ من الرّبَاعِيّة.
قلت: لَا يفهم من حَدِيث الْبابُُ أَن حكمهَا حكم الْأُخْرَيَيْنِ من الرّبَاعِيّة.



[ قــ :755 ... غــ :776 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي قَتَادَةَ عنْ أبِيهِ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَقْرأُ فِي الظُّهْرِ فِي الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ وسُورَتَيْنِ وفِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ ويُسْمِعُنَا ويُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولى مَا لاَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وهَكَذَا فِي العَصْرِ وهَكَذَا فِي الصُّبْحِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْكتاب) ، والْحَدِيث قد مضى فِي بابُُ الْقِرَاءَة فِي الظّهْر، أخرجه عَن أبي نعيم عَن شَيبَان عَن يحيى إِلَى آخِره، وَهنا أخرجه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي عَن همام بن يحيى عَن يحيى بن أبي كثير إِلَى آخِره، فَاعْتبر التَّفَاوُت بَين المتنين، وَقد تكلمنا هُنَاكَ على جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ.
قَوْله: ( فِي الْأَوليين) ، أَي: فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين.
قَوْله: ( وسورتين) أَي: وَكَانَ يقْرَأ بسورتين فِي كل رَكْعَة بِسُورَة.
قَوْله: ( ويسمعنا) ، بِضَم الْيَاء من الإسماع، قَوْله: ( وَيطول) من التَّطْوِيل.
قَوْله: ( مَا لَا يُطِيل) من الإطالة، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: ( مَا لَا يطول) من التَّطْوِيل، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي: ( وَمِمَّا لَا يُطِيل) ، وَكلمَة: مَا، فِي: ( مَا لَا يُطِيل) ، يحْتَمل أَن تكون نكرَة مَوْصُوفَة أَي: تَطْوِيلًا لَا يطيله فِي الثَّانِيَة، وَأَن تكون مَصْدَرِيَّة أَي: غير إطالته فِي الثَّانِيَة، فَتكون هِيَ مَعَ مَا فِي حيزها صفة لمصدر مَحْذُوف.
قَوْله: ( وَهَكَذَا فِي الصُّبْح) التَّشْبِيه فِي تَطْوِيل الرَّكْعَة الأولى فَقَط، بِخِلَاف التَّشْبِيه فِي الْعَصْر، فَإِنَّهُ أَعم مِنْهُ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فِيهِ حجَّة على من قَالَ: إِن الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، إِن شَاءَ لم يقْرَأ الْفَاتِحَة فيهمَا؟ قلت: قَوْله: ( وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْكتاب) لَا يدل على الْوُجُوب، وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: إقرأ فِي الْأَوليين وَسبح فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَكفى بِهِ قدوة، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي ( مُعْجَمه الْأَوْسَط) : عَن جَابر، قَالَ: ( سنة الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة أَن يقْرَأ فِي الْأَوليين بِأم الْقُرْآن وَسورَة، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن) .
وَهَذَا حجَّة على من جعل قِرَاءَة الْفَاتِحَة من الْفُرُوض، وَالله تَعَالَى أعلم.