فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع

( بابُُ مَا يَقُولُ الإمامُ ومَنْ خَلْفَهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يَقُول الإِمَام وَالَّذِي خَلفه من الْقَوْم إِذا رفع الإِمَام رَأسه من الرُّكُوع، وَوَقع فِي شرح ابْن بطال هَكَذَا: بابُُ الْقِرَاءَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود، وَمَا يَقُول الإِمَام وَمن خَلفه.
.
إِلَى آخِره، وَالَّذِي ذكره ابْن بطال غير مَشْهُور، فَلَا فَائِدَة فِي ذكر غير الْمَشْهُور، ثمَّ الِاعْتِرَاض فِيهِ.
نعم لَيْسَ فِي الْبابُُ شَيْء يدل على مَا يَقُوله من خلف الإِمَام، وَلَكِن أُجِيب عَنهُ بِأَنَّهُ قد قدم حَدِيث: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، وَيفهم مِنْهُ أَنه يُوَافق الْقَوْم الإِمَام فِيمَا يَقُوله إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع، فَكَأَنَّهُ اكْتفى بِهِ عَن إِيرَاد حَدِيث مُسْتَقل دَال على ذَلِك صَرِيحًا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الحَدِيث لَا يدل على حكم مَن خلف الإِمَام، ثمَّ قَالَ: يدل لَكِن بانضمام: ( صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) .
قلت: كل هَذَا مساعدة للْبُخَارِيّ بضروب من التوجيهات، وَهَذَا الْمِقْدَار يحصل بِهِ الْإِقْنَاع.



[ قــ :774 ... غــ :795 ]
- حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ قالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وكانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ وإذَا قامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ الله أكْبَرُ
التَّرْجَمَة شَيْئَانِ: أَحدهمَا: مَا يَقُول الإِمَام! وَالْآخر: مَا يَقُول من خَلفه.
وَحَدِيث الْبابُُ لَا يدل إلاّ على الْجُزْء الأول صَرِيحًا، وعَلى الثَّانِي بِالطَّرِيقِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة، قد ذكرُوا غير مرّة، وآدَم ابْن أبي إِيَاس، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَاسم أبي ذِئْب: هِشَام، وَقد مرت مبَاحث هَذَا فِي: بابُُ التَّكْبِير إِذا قَامَ من السُّجُود.

قَوْله: ( اللَّهُمَّ رَبنَا) ، هَكَذَا هُوَ فِي أَكثر الرِّوَايَات، وَفِي بَعْضهَا بِحَذْف: اللَّهُمَّ، وَالْأولَى أولى لِأَن فِيهَا تَكْرِير النداء، كَأَنَّهُ قَالَ: يَا الله يَا رَبنَا.
قَوْله: ( وَلَك الْحَمد) كَذَا ثَبت بِزِيَادَة الْوَاو فِي أَكثر الطّرق، وَفِي بَعْضهَا بِحَذْف الْوَاو، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: ( وَإِذا رفع رَأسه) أَي: من السُّجُود لَا من الرُّكُوع، وَذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث مُخْتَصرا، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر عَن ابْن أبي ذِئْب، بِلَفْظ: ( وَإِذا قَامَ من الثِّنْتَيْنِ كبر) .
وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيّ بِلَفْظ: ( وَكَانَ يكبر بَين السَّجْدَتَيْنِ) ، وَرَوَاهُ أَبُو يعلى، وَلَفظه: ( وَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ) ، كَمَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، يحْتَمل أَن يُرَاد بهما حقيقتهما، وَأَن يُرَاد بهما الركعتان مجَازًا.
وَقيل: الظَّاهِر مِنْهُمَا الركعتان، وَكَذَا قَوْله: ( من الثِّنْتَيْنِ) .
قَوْله: ( الله أكبر) ، إِنَّمَا قَالَ هُنَا بِالْجُمْلَةِ الإسمية، وَفِي قَوْله ( يكبر) بِالْجُمْلَةِ الفعلية المضارعية، لِأَن الْمُضَارع يُفِيد الِاسْتِمْرَار، وَالْمرَاد مِنْهُ هَهُنَا شُمُول أزمنة صُدُور الْفِعْل، أَي: كَانَ تكبيره ممدودا من أول الرُّكُوع وَالرَّفْع إِلَى آخرهما، منبسطا عَلَيْهِمَا، بِخِلَاف التَّكْبِير للْقِيَام فَإِنَّهُ لم يكن مستمرا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لِمَ غير الأسلوب.

     وَقَالَ  هُنَا بِلَفْظ: الله أكبر، وثمة بِلَفْظ: التَّكْبِير؟ قلت: إِمَّا للتفنن، وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَرَادَ التَّعْمِيم، لِأَن التَّكْبِير يتَنَاوَل: الله أكبر، بتعريف الْأَكْبَر وَنَحْوه:.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر أَنه من تصرف الروَاة، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد تعْيين هَذَا اللَّفْظ دون غَيره من أَلْفَاظ التَّعْظِيم.
قلت: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي أولى من نِسْبَة الروَاة إِلَى التَّصَرُّف فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي نقلت عَن الصَّحَابَة، وهم أهل البلاغة.
وَقَوله: وَيحْتَمل ... إِلَى آخِره، إحتمال غير ناشىء عَن دَلِيل، فَلَا عِبْرَة بِهِ.
<