فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب التشهد في الآخرة

( بابُُ التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان التَّشَهُّد فِي الجلسة الْأَخِيرَة.


[ قــ :809 ... غــ :831 ]
- ( حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ حَدثنَا الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ قَالَ عبد الله كُنَّا إِذا صلينَا خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا السَّلَام على جِبْرِيل وَمِيكَائِيل السَّلَام على فلَان وَفُلَان فَالْتَفت إِلَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِن الله هُوَ السَّلَام فَإِذا صلى أحدكُم فَلْيقل التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمُوهَا أَصَابَت كل عبد لله صَالح بالسماء وَالْأَرْض أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله) مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تتأتى إِلَّا بِاعْتِبَار تَمام هَذَا الحَدِيث فَإِنَّهُ أخرجه تَمَامه فِي بابُُ مَا يتَخَيَّر من الدُّعَاء بعد التَّشَهُّد وَهُوَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخر الحَدِيث " ثمَّ ليتخير من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ فيدعو " وَمَعْلُوم أَن مَحل الدُّعَاء فِي آخر الصَّلَاة وَمَعْلُوم أَن الدُّعَاء لَا يكون إِلَّا بعد التَّشَهُّد وَيعلم من ذَلِك أَن المُرَاد من قَوْله " فَلْيقل التَّحِيَّات لله " إِلَى آخِره هُوَ التَّشَهُّد فِي آخر الصَّلَاة فَحِينَئِذٍ طابق الحَدِيث التَّرْجَمَة بِهَذَا الِاعْتِبَار لَا بِاعْتِبَار مَا قَالَه ابْن رشيد فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ تعْيين مَحل القَوْل لَكِن يُؤْخَذ ذَلِك من قَوْله " فَإِذا صلى أحدكُم فَلْيقل " فَإِن ظَاهر قَوْله " إِذا صلى " أَي أتم صلَاته لَكِن تعذر الْحمل على الْحَقِيقَة لِأَن التَّشَهُّد لَا يكون إِلَّا بعد السَّلَام فَلَمَّا تعين الْمجَاز كَانَ حمله على آخر جُزْء من الصَّلَاة أولى لِأَنَّهُ هُوَ الْأَقْرَب إِلَى الْحَقِيقَة انْتهى ( قلت) لَا نسلم تعذر الْحمل على الْحَقِيقَة فَإِن حَقِيقَة تَمام الصَّلَاة بِالْجُلُوسِ فِي آخرهَا لَا بِالسَّلَامِ حَتَّى إِذا خرج بعد جُلُوسه مِقْدَار التَّشَهُّد من غير السَّلَام لَا تفْسد صلَاته لِأَن السَّلَام مُحَلل وَمَا دَامَ الْمُصَلِّي فِي الْجُلُوس فِي آخر الصَّلَاة فَهُوَ فِي حُرْمَة الصَّلَاة وَالسَّلَام يُخرجهُ عَن هَذِه الْحُرْمَة فَحِينَئِذٍ يكون معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَإِذا صلى أحدكُم " أَي فَإِذا أتم صلَاته بِالْجُلُوسِ فِي آخر الثنائية أَو فِي آخر الثلاثية أَو فِي آخر الرّبَاعِيّة فَلْيقل التَّحِيَّات لله إِلَى آخِره فَدلَّ على أَن التَّشَهُّد فِي آخر الصَّلَاة وَاجِب لقَوْله " فَلْيقل " لِأَن مُقْتَضى الْأَمر الْوُجُوب ( ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة قد ذكرُوا غير مرّة وَأَبُو نعيم هُوَ الْفضل بن دُكَيْن وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه عَن شَقِيق وَفِي رِوَايَة يحيى الَّتِي تَأتي بعد بابُُ عَن الْأَعْمَش حَدثنِي شَقِيق وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم كوفيون.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن قبيصَة عَن سُفْيَان وَعَن مُسَدّد عَن يحيى وَعَن عَمْرو بن حَفْص بن غياث عَن أَبِيه وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى عَن أبي مُعَاوِيَة وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد عَن يحيى وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَمْرو بن عَليّ وَعَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن وَعَن بشر بن خَالِد وَفِيه وَفِي النعوت عَن قُتَيْبَة وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة أَيْضا وَأخرجه ابْن ماجة فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر بن خَلاد وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَعَن مُحَمَّد بن يحيى الزُّهْرِيّ ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " كُنَّا إِذا صلينَا " وَفِي رِوَايَة يحيى الْآتِيَة " كُنَّا إِذا كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة " وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن مُسَدّد شيخ البُخَارِيّ عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن عبد الله قَالَ " كُنَّا إِذا جلسنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة " الحَدِيث وَمثله للإسماعيلي من رِوَايَة مُحَمَّد بن خَلاد عَن يحيى قَوْله " قُلْنَا السَّلَام على جِبْرِيل " وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد " قُلْنَا السَّلَام على الله قبل عباده " وَكَذَا وَقع للْبُخَارِيّ فِي الاسْتِئْذَان من طَرِيق حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش وَفِي جِبْرِيل سبع لُغَات.
الأولى على وزن تغشليل.
الثَّانِيَة جبرئل بِحَذْف الْيَاء.
الثَّالِثَة جِبْرِيل بِحَذْف الْهمزَة.
الرَّابِعَة بِوَزْن قنديل.
الْخَامِسَة جبرءل بلام مُشَدّدَة.
السَّادِسَة جِبْرَائِيل بِوَزْن جبراعيل.
السَّابِعَة جبرائل بِوَزْن جبراعل.
وَمَعْنَاهُ عبد الله وَمنع الصّرْف فِيهِ للتعريف والعجمة فِي مِيكَائِيل خمس لُغَات.
الأولى ميكال بِوَزْن قِنْطَار.
الثَّانِيَة مِيكَائِيل بِوَزْن ميكاعيل.
الثَّالِثَة ميكائل بِوَزْن ميكاعل.
الرَّابِعَة ميكئل بِوَزْن ميكعل.
الْخَامِسَة ميكئيل بِوَزْن ميكعيل.
قَالَ ابْن جني الْعَرَب إِذا نطقت بالأعجمي خلطت فِيهِ قَوْله " السَّلَام على فلَان وَفُلَان " وَفِي رِوَايَة ابْن ماجة عَن عبد الله بن نمير عَن الْأَعْمَش " يعنون الْمَلَائِكَة " وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن عَليّ بن مسْهر " فنعد الْمَلَائِكَة " وَفِي رِوَايَة السراج عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن الْأَعْمَش " فنعد من الْمَلَائِكَة مَا شَاءَ الله " قَوْله " فَالْتَفت إِلَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ظَاهره أَنه كَلمهمْ بذلك فِي أثْنَاء الصَّلَاة وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة حُصَيْن عَن أبي وَائِل وَهُوَ شَقِيق عِنْد البُخَارِيّ فِي أَوَاخِر الصَّلَاة بِلَفْظ " فَسَمعهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ قُولُوا " وَلَكِن بَين حَفْص بن غياث فِي رِوَايَته الْمحل الَّذِي خاطبهم بذلك فِيهِ وَأَنه بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة وَلَفظه " فَلَمَّا انْصَرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقبل علينا بِوَجْهِهِ " وَفِي رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس أَيْضا " فَلَمَّا انْصَرف من الصَّلَاة قَالَ " قَوْله " إِن الله هُوَ السَّلَام " قَالَ الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) هَذَا إِنَّمَا يَصح ردا عَلَيْهِم لَو قَالَ السَّلَام على الله ( قلت) هَذَا الحَدِيث مُخْتَصر مِمَّا سَيَأْتِي فِي بابُُ مَا يتَخَيَّر من الدُّعَاء بعد التَّشَهُّد.

     وَقَالَ  فِيهِ " قُلْنَا السَّلَام على الله فَقَالَ لَا تَقولُوا السَّلَام على الله فَإِن الله هُوَ السَّلَام " وَحَاصِله أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنكر التَّسْلِيم على الله وعلمهم أَن مَا يَقُولُونَهُ عكس مَا يجب أَن يُقَال فَإِن كل سَلامَة وَرَحْمَة لَهُ وَمِنْه وَهُوَ مَالِكهَا ومعطيها.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ المُرَاد أَن الله هُوَ ذُو السَّلَام فَلَا تَقولُوا السَّلَام على الله فَإِن السَّلَام مِنْهُ بدىء وَإِلَيْهِ يعود ومرجع الْأَمر فِي إِضَافَة السَّلَام إِلَيْهِ أَنه ذُو السَّلَام من كل نقص وَآفَة وعيب وَيحْتَمل أَن يكون مرجعها إِلَى حَظّ العَبْد فِيمَا يَطْلُبهُ من السَّلامَة عَن الْآفَات والمهالك.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى يَعْنِي السَّالِم من النقائص وَقيل الْمُسلم أولياءه وَقيل الْمُسلم عَلَيْهِم.

     وَقَالَ  ابْن الْأَنْبَارِي أَمرهم أَن يصرفوه إِلَى الْخلق لحاجتهم إِلَى السَّلامَة وغناه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهَا قَوْله " فَإِذا صلى أحدكُم فَلْيقل " بَين حَفْص بن غياث فِي رِوَايَته مَحل القَوْل وَلَفظه " فَإِذا جلس أحدكُم فِي الصَّلَاة " وَفِي رِوَايَة حُصَيْن عَن أبي وَائِل " إِذا قعد أحدكُم عَن الصَّلَاة " وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله " كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نقُول فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَأَن مُحَمَّدًا علم فواتح الْخَيْر وخواتمه فَقَالَ إِذا قعدتم فِي كل رَكْعَتَيْنِ فَقولُوا " وللنسائي من طَرِيق الْأسود عَن عبد الله " فَقولُوا فِي كل جلْسَة " وَفِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة من وَجه آخر عَن الْأسود عَن عبد الله " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وسط الصَّلَاة وَفِي آخرهَا " وَزَاد الطَّحَاوِيّ من هَذَا الْوَجْه فِي أَوله " أخذت التَّشَهُّد من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولقنني كلمة كلمة " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى للْبُخَارِيّ فِي الاسْتِئْذَان من طَرِيق أبي معمر عَن ابْن مَسْعُود " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّشَهُّد وكفي بَين كفيه كَمَا يعلمني السُّورَة من الْقُرْآن " قَوْله " التَّحِيَّات " جمع تَحِيَّة وَمَعْنَاهُ السَّلَام.
وَقيل الْبَقَاء.
وَقيل العظمة.
وَقيل السَّلامَة من الْآفَات وَالنَّقْص.
وَقيل الْملك.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ التَّحِيَّات كَلِمَات مَخْصُوصَة كَانَت الْعَرَب تحيي بهَا الْمُلُوك نَحْو قَوْلهم أَبيت اللَّعْن وَقَوْلهمْ أنعم الله صباحا وَقَول الْعَجم وزى ده هزار سَأَلَ أَي عش عشرَة آلَاف سنة وَنَحْوهَا من عاداتهم فِي تَحِيَّة الْمُلُوك عِنْد الملاقاة وَهَذِه الْأَلْفَاظ لَا يصلح شَيْء مِنْهَا للثناء على الله تَعَالَى فَتركت أَعْيَان تِلْكَ الْأَلْفَاظ وَاسْتعْمل مِنْهَا معنى التَّعْظِيم فَقيل قُولُوا التَّحِيَّات لله أَي أَنْوَاع التَّعْظِيم لله كَمَا يسْتَحقّهُ وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي أَسمَاء الله تَعَالَى السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار الْأَحَد الصَّمد قَالَ التَّحِيَّات لله بِهَذِهِ الْأَسْمَاء وَهِي الطَّيِّبَات لَا يحيى بهَا غَيره وَاللَّام فِي لله لَام الْملك والتخصيص وَهِي للْأولِ أبلغ وَللثَّانِي أحسن قَوْله " والصلوات " هِيَ الصَّلَوَات الْمَعْرُوفَة وَهِي الْخَمْسَة وَغَيرهَا.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي الصَّلَوَات الْعِبَادَات.

     وَقَالَ  الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يحْتَمل أَن يُرَاد بهَا الصَّلَوَات الْمَعْهُودَة وَيكون التَّقْدِير أَنَّهَا وَاجِبَة لله تَعَالَى وَلَا يجوز أَن يقْصد بهَا غَيره أَو يكون ذَلِك إِخْبَارًا عَن قصد إخلاصنا الصَّلَوَات لَهُ أَي صلواتنا مخلصة لَهُ لَا لغيره وَيجوز أَن يُرَاد بالصلوات الرَّحْمَة وَيكون معنى قَوْله " لله " أَي المتفضل بهَا والمعطي هُوَ الله لِأَن الرَّحْمَة التَّامَّة لله لَا لغيره قَوْله " والطيبات " أَي الْكَلِمَات الطَّيِّبَات مِمَّا طَابَ من الْكَلَام وَحسن أَن يثنى بِهِ على الله تَعَالَى دون مَا لَا يَلِيق بصفاته.

     وَقَالَ  الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَأما الطَّيِّبَات فقد فسرت بالأقوال الطَّيِّبَات وَلَعَلَّ تَفْسِيرهَا بِمَا هُوَ أَعم أولى أَعنِي الطَّيِّبَات من الْأَفْعَال والأقوال والأوصاف وَطيب الْأَوْصَاف كَونهَا صفة الْكَمَال وخلوصها عَن شوب النَّقْص.

     وَقَالَ  الشَّيْخ حَافظ الدّين النَّسَفِيّ رَحمَه الله التَّحِيَّات الْعِبَادَات القولية والصلوات الْعِبَادَات الفعلية والطيبات الْعِبَادَات الْمَالِيَّة.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيّ والصلوات والطيبات بِحرف الْعَطف يحْتَمل أَن يَكُونَا معطوفين على التَّحِيَّات وَأَن تكون الصَّلَوَات مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ عَلَيْك والطيبات معطوفة عَلَيْهَا وَالْوَاو الأولى لعطف الْجُمْلَة على الْجُمْلَة وَالثَّانيَِة لعطف الْمُفْرد على الْمُفْرد وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس لم يذكر العاطف أصلا انْتهى ( قلت) كل وَاحِدَة من الصَّلَوَات والطيبات مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره والصلوات لله والطيبات لله فَتكون هَاتَانِ الجملتان معطوفتين على الْجُمْلَة الأولى وَهِي التَّحِيَّات لله قَوْله " السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي " قَالَ النَّوَوِيّ يجوز فِي السَّلَام فِي الْمَوْضِعَيْنِ حذف اللَّام وإثباتها وَالْإِثْبَات أفضل ( قلت) لم يَقع فِي شَيْء من طرق حَدِيث ابْن مَسْعُود بِحَذْف اللَّام فَإِن كَانَ مُرَاده من الْجَوَاز من جِهَة الْعَرَبيَّة فَلهُ وَجه وَإِن كَانَ من جِهَة مُرَاعَاة لفظ النَّبِي فَلَا وَجه لَهُ نعم اخْتلف فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس وَهُوَ من أَفْرَاد مُسلم.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ أصل سَلام عَلَيْك سلمت سَلاما عَلَيْك ثمَّ حذف الْفِعْل وأقيم الْمصدر مقَامه وَعدل عَن النصب إِلَى الرّفْع للابتداء للدلالة على ثُبُوت الْمَعْنى واستقراره.

     وَقَالَ  التوربشتي السَّلَام بِمَعْنى السَّلامَة كالمقام والمقامة وَالسَّلَام اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى وضع الْمصدر مَوضِع الِاسْم مُبَالغَة وَالْمعْنَى أَنه سَلام من كل عيب وَآفَة وَنقص وَفَسَاد وَمعنى قَوْلنَا السَّلَام عَلَيْك الدُّعَاء أَي سلمت من المكاره وَقيل مَعْنَاهُ اسْم السَّلَام عَلَيْك كَأَنَّهُ يتبرك عَلَيْهِ باسم الله عز وَجل ( فَإِن قلت) مَا الْحِكْمَة فِي الْعُدُول عَن الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب فِي قَوْله " عَلَيْك أَيهَا النَّبِي " مَعَ أَن لفظ الْغَيْبَة هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاق كَأَن يَقُول السَّلَام على النَّبِي فَينْتَقل من تَحِيَّة الله إِلَى تَحِيَّة النَّبِي ثمَّ إِلَى تَحِيَّة النَّفس ثمَّ إِلَى تَحِيَّة الصَّالِحين ( قلت) أجَاب الطَّيِّبِيّ بِمَا محصله نَحن نتبع لفظ الرَّسُول بِعَيْنِه الَّذِي علمه للصحابة وَيحْتَمل أَن يُقَال على طَريقَة أهل الْعرْفَان أَن الْمُصَلِّين لما استفتحوا بابُُ الملكوت بالتحيات أذن لَهُم بِالدُّخُولِ فِي حَرِيم الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت فقرت أَعينهم بالمناجاة فنبهوا على أَن ذَلِك بِوَاسِطَة نَبِي الرَّحْمَة وبركة مُتَابَعَته فَإِذا التفتوا فَإِذا الحبيب فِي حرم الحبيب حَاضر فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ قائلين السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ( فَإِن قلت) مَا الْألف وَاللَّام فِي السَّلَام عَلَيْك ( قلت) قَالَ الطَّيِّبِيّ إِمَّا للْعهد التقديري أَي ذَلِك السَّلَام الَّذِي وَجه إِلَى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام الْمُتَقَدّمَة موجه إِلَيْك أَيهَا النَّبِي وَالسَّلَام الَّذِي وَجه إِلَى الْأُمَم السالفة من الصلحاء علينا وعَلى إِخْوَاننَا وَإِمَّا للْجِنْس أَي حَقِيقَة السَّلَام الَّذِي يعرفهُ كل أحد أَنه مَا هُوَ وَعَمن يصدر وعَلى من ينزل عَلَيْك وعلينا وَإِمَّا للْعهد الْخَارِجِي إِشَارَة إِلَى قَول الله تَعَالَى { وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى} .

     وَقَالَ  الشَّيْخ حَافظ الدّين النَّسَفِيّ يَعْنِي السَّلَام الَّذِي سلم الله عَلَيْك لَيْلَة الْمِعْرَاج ( قلت) فعلى هَذَا تكون الْألف وَاللَّام فِيهِ للْعهد ( فَإِن قلت) لم عدل عَن الْوَصْف بالرسالة إِلَى الْوَصْف بِالنُّبُوَّةِ مَعَ أَن الْوَصْف بالرسالة أَعم فِي حق الْبشر ( قلت) الْحِكْمَة فِي ذَلِك أَن يجمع لَهُ الوصفين لكَونه وَصفه بالرسالة فِي آخر التَّشَهُّد وَإِن كَانَ الرَّسُول البشري يسْتَلْزم النُّبُوَّة لَكِن التَّصْرِيح بهَا أبلغ وَقيل الْحِكْمَة فِي تَقْدِيم الْوَصْف بِالنُّبُوَّةِ أَنَّهَا كَذَلِك وجدت فِي الْخَارِج لنزول قَوْله تَعَالَى { اقْرَأ باسم رَبك} قبل قَوْله { يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر} قَوْله " وَرَحْمَة الله " الرَّحْمَة عبارَة عَن إنعامه عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَعْنى الغائي لِأَن مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ الحنو والعطف فَلَا يجوز أَن يُوصف الله بِهِ قَوْله " وَبَرَكَاته " جمع بركَة وَهُوَ الْخَيْر الْكثير من كل شَيْء واشتقاقه من البرك وَهُوَ صدر الْبَعِير وبرك الْبَعِير ألْقى بركه وَاعْتبر مِنْهُ معنى اللُّزُوم وَسمي محبس المَاء بركَة للُزُوم المَاء فِيهَا.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ الْبركَة ثُبُوت الْخَيْر الإلهي فِي الشَّيْء سمي بذلك لثُبُوت الْخَيْر فِيهِ ثُبُوت المَاء فِي الْبركَة وَالْمبَارك مَا فِيهِ ذَلِك الْخَيْر.

     وَقَالَ  تَعَالَى { وَهَذَا ذكر مبارك} تَنْبِيها على مَا تفيض مِنْهُ الْخيرَات الإلهية وَلما كَانَ الْخَيْر الإلهي يصدر من حَيْثُ لَا يحس وعَلى وَجه لَا يُحْصى قيل لكل مَا يُشَاهد فِيهِ زِيَادَة غير محسوسة هُوَ مبارك أَو فِيهِ بركَة قَوْله " السَّلَام علينا " أَرَادَ بهَا الْحَاضِرين من الإِمَام والمأمومين وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام قَوْله " وعَلى عباد الله الصَّالِحين " الصَّالح هُوَ الْقَائِم بِمَا عَلَيْهِ من حُقُوق الله تَعَالَى وَحُقُوق الْعباد وَالصَّلَاح هُوَ استقامة الشَّيْء على حَالَة كَمَاله كَمَا أَن الْفساد ضِدّه وَلَا يحصل الصّلاح الْحَقِيقِيّ إِلَّا فِي الْآخِرَة لِأَن الْأَحْوَال العاجلة وَإِن وصفت بالصلاح فِي بعض الْأَوْقَات لَكِن لَا تَخْلُو من شَائِبَة فَسَاد وخلل وَلَا يصفو ذَلِك إِلَّا فِي الْآخِرَة خُصُوصا لزمرة الْأَنْبِيَاء لِأَن الاسْتقَامَة التَّامَّة لَا تكون إِلَّا لمن فَازَ بالقدح الْمُعَلَّى ونال الْمقَام الْأَسْنَى وَمن ثمَّ كَانَت هَذِه الْمرتبَة مَطْلُوبَة للأنبياء وَالْمُرْسلِينَ قَالَ الله تَعَالَى فِي حق الْخَلِيل { وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين} وَحكي عَن يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه دَعَا بقوله { توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} قَوْله " فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمُوهَا " إِلَى قَوْله " وَالْأَرْض " جملَة مُعْتَرضَة بَين قَوْله " وعَلى عباد الله الصَّالِحين " وَبَين قَوْله " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِي قُلْتُمُوهَا يرجع إِلَى قَوْله " وعَلى عباد الله الصَّالِحين " وَفَائِدَة هَذِه الْجُمْلَة المعترضة الاهتمام بهَا لكَونه أنكر عَلَيْهِم عد الْمَلَائِكَة وَاحِدًا وَاحِدًا وَلَا يُمكن استيعابهم لَهُم مَعَ ذَلِك فعلمهم لفظا يَشْمَل الْجَمِيع مَعَ غير الْمَلَائِكَة من النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وَالصديقين وَغَيرهم بِغَيْر مشقة وَهَذَا من جَوَامِع الْكَلم الَّتِي أوتيها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد وَردت هَذِه الْجُمْلَة فِي بعض الطّرق فِي آخر الْكَلَام بعد سِيَاق التَّشَهُّد متواليا وَالظَّاهِر أَنه من تصرف الروَاة وَالله أعلم قَوْله " فِي السَّمَاء وَالْأَرْض " وَفِي رِوَايَة مُسَدّد عَن يحيى " أَو بَين السَّمَاء وَالْأَرْض " وَالشَّكّ فِيهِ من مُسَدّد وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظ " من أهل السَّمَاء وَالْأَرْض " قَوْله " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " زَاد ابْن أبي شيبَة من رِوَايَة أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه " وَحده لَا شريك لَهُ " وَسَنَد ضَعِيف لَكِن ثبتَتْ هَذِه الزِّيَادَة فِي حَدِيث أبي مُوسَى عِنْد مُسلم وَفِي حَدِيث عَائِشَة الْمَوْقُوف فِي الْمُوَطَّأ وَفِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ إِلَّا أَن سَنَده ضَعِيف وَقد روى أَبُو دَاوُد من وَجه آخر صَحِيح عَن ابْن عمر فِي التَّشَهُّد " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ ابْن عمر زِدْت فِيهَا وَحده لَا شريك لَهُ " وَهَذَا ظَاهره الْوَقْف قَوْله " وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عبد وَرَسُوله " قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال رجل مُحَمَّد ومحمود إِذا كثرت خصاله المحمودة.

     وَقَالَ  ابْن الْفَارِس وَبِذَلِك سمي نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُحَمَّدًا يَعْنِي لعلم الله تَعَالَى بِكَثْرَة خصاله المحمودة ( قلت) الْفرق بَين مُحَمَّد وَأحمد أَن مُحَمَّدًا مفعل للتكثير وَأحمد أفعل التَّفْضِيل وَالْمعْنَى إِذا حمدني أحد فَأَنت أَحْمد مِنْهُم وَإِذا حمدت أحدا فَأَنت مُحَمَّد وَالْعَبْد الْإِنْسَان حرا كَانَ أَو رَقِيقا يذهب فِيهِ إِلَى أَنه مربوب لباريه عز وَجل وَجمعه أعبد وَعبيد وَعباد وَعبد وعبدان وعبدان وأعابد جمع أعبد والعبدى والعبدي والعبوداء والعبدة أَسمَاء الْجمع وَجعل بَعضهم الْعباد لله وَغَيره من الْجمع لله وللمخلوقين وَخص بهم بالعبدى العبيد الَّذين ولدُوا فِي الْملك وَالْأُنْثَى عَبدة والعبدل العَبْد ولامه زَائِدَة ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَهُوَ على وُجُوه.
الأول فِيمَا ورد من الِاخْتِلَاف فِي أَلْفَاظ التَّشَهُّد رُوِيَ فِي هَذَا الْبابُُ عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعمر بن الْخطاب وَعبد الله بن عمر وَعَائِشَة وَعبد الله بن الزبير وَجَابِر بن عبد الله وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَمُعَاوِيَة وسلمان وَسمرَة وَأبي حميد.
أما حَدِيث ابْن مَسْعُود فقد رَوَاهُ السِّتَّة عَنهُ وَلَفظ مُسلم قَالَ " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّشَهُّد كفي بَين كفيه كَمَا يعلمني السُّورَة من الْقُرْآن فَقَالَ إِذا قعد أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلْيقل التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين فَإِذا قَالَهَا أَصَابَت كل عبد صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله " انْتهى زادوا فِي رِوَايَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه " ليتخير أحدكُم من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ فيدعو بِهِ " وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَأخْرجهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ عَن سعيد بن جُبَير وَطَاوُس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن وَكَانَ يَقُول التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله " وَأما حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الطَّحَاوِيّ حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ حَدثنَا عبد الله بن وهب قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث وَمَالك بن أنس أَن ابْن شهَاب حَدثهمَا عَن عُرْوَة بن الزبير " عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد القارىء أَنه سمع عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يعلم النَّاس التَّشَهُّد على الْمِنْبَر وَهُوَ يَقُول قُولُوا التَّحِيَّات لله الزاكيات لله والصلوات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عبد وَرَسُوله " وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما ( قلت) هَذَا مَوْقُوف وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه فِي كتاب التَّشَهُّد لَهُ مَرْفُوعا وَأما حَدِيث عبد الله بن عمر فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد حَدثنَا نصر بن عَليّ حَدثنَا أبي حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي بشر " سَمِعت مُجَاهدًا يحدث عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد التَّحِيَّات لله الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قَالَ ابْن عمر زِدْت فِيهَا وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله " وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن أبي دَاوُد عَن نصر بن عَليّ.

     وَقَالَ  إِسْنَاده صَحِيح وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير حَدثنَا أَبُو مُسلم الْكشِّي حَدثنَا سهل بن بكار حَدثنَا أبان بن يزِيد عَن قَتَادَة عَن عبد الله بن بابُُي " عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله " وَأخرجه الطَّحَاوِيّ وَلَفظه " التَّحِيَّات لله الصَّلَوَات الطَّيِّبَات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله " إِلَّا أَن يحيى زَاد فِي حَدِيثه " قَالَ ابْن عمر زِدْت فِيهَا وَبَرَكَاته وزدت فِيهَا وَحده لَا شريك لَهُ " وَيحيى بن إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيّ أحد مَشَايِخ الطَّحَاوِيّ وَأخرجه الْبَزَّار مَرْفُوعا أَيْضا وَأما حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فَأخْرجهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْقَاسِم عَنْهَا " قَالَت هَذَا تشهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّحِيَّات لله " إِلَى آخِره وَفِي رِوَايَة عَنْهَا " أَنَّهَا كَانَت تَقول فِي التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة فِي وَسطهَا وَفِي آخرهَا قولا وَاحِدًا بِسم الله التَّحِيَّات لله الصَّلَوَات لله الزاكيات لله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وَبعده لنا بيدَيْهِ عد الْعَرَب " وَأما حَدِيث عبد الله بن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث ابْن لَهِيعَة عَن الْحَارِث بن يزِيد سَمِعت أَبَا الْورْد سَمِعت عبد الله بن الزبير يَقُول إِن تشهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسم الله وَبِاللَّهِ خير الْأَسْمَاء التَّحِيَّات لله الصَّلَوَات الطَّيِّبَات أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين اللَّهُمَّ اغْفِر لي واهدني هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين " قَالَ الطَّبَرَانِيّ تفرد بِهِ ابْن لَهِيعَة ( قلت) فِيهِ مقَال وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْعِلَل وَالْحَاكِم من حَدِيث أَيمن بن نائل حَدثنَا أَبُو الزبير عَن جَابر قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن بِسم الله وَبِاللَّهِ التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أسأَل الله الْجنَّة وَأَعُوذ بِاللَّه من النَّار " وَصَححهُ الْحَاكِم.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة وَهُوَ مَرْدُود فقد ضعفه جمَاعَة من الْحفاظ هم أجل من الْحَاكِم وأتقن وَمِمَّنْ ضعفه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ قَالَ التِّرْمِذِيّ سَأَلت البُخَارِيّ عَنهُ فَقَالَ هُوَ خطأ وَأما حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث أبي المتَوَكل عَنهُ قَالَ " كُنَّا نتعلم التَّشَهُّد كَمَا نتعلم السُّورَة من الْقُرْآن " ثمَّ ذكر مثل تشهد ابْن مَسْعُود وَأما حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ مطولا وَفِيه " فَإِذا كَانَ عِنْد الْقعدَة فَلْيَكُن من أول قَول أحدكُم أَن يَقُول التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله " وَأخرجه أَحْمد وَلم يقل وَبَرَكَاته وَلَا قَالَ وَأشْهد قَالَ وَأَن مُحَمَّدًا وَأما حَدِيث مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ عَنهُ " أَنه كَانَ يعلم النَّاس التَّشَهُّد وَهُوَ على الْمِنْبَر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات " إِلَى آخِره مثل حَدِيث ابْن مَسْعُود.
وَأما حَدِيث سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه أَخْرجَاهُ عَن سَلمَة بن الصَّلْت عَن عَمْرو بن يزِيد الْأَزْدِيّ عَن أبي رَاشد قَالَ " سَأَلت سلمَان الْفَارِسِي عَن التَّشَهُّد فَقَالَ أعلمكُم كَمَا علمنيهن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات " إِلَى آخِره مثل حَدِيث ابْن مَسْعُود لَكِن زَاد لله بعد الطَّيِّبَات.

     وَقَالَ  فِي آخِره " قلها فِي صَلَاتك وَلَا تزد فِيهَا حرفا وَلَا تنقص مِنْهَا حرفا " وَإِسْنَاده ضَعِيف وَأما حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد وَلَفظه " قُولُوا التَّحِيَّات لله الطَّيِّبَات والصلوات وَالْملك لله ثمَّ سلمُوا على النَّبِي وسلموا على أقاربكم وعَلى أَنفسكُم " وَإِسْنَاده ضَعِيف قَالَه بَعضهم وَلَيْسَ كَذَلِك بل صَحِيح على شَرط ابْن حبَان وَأما حَدِيث أبي حميد فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ مثل حَدِيث ابْن مَسْعُود وَلَكِن زَاد " الزاكيات لله " بعد " الطَّيِّبَات " وَأسْقط وَاو الطَّيِّبَات وَإِسْنَاده ضَعِيف وَفِي الْبابُُ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ وَطَلْحَة بن عبيد الله وَأنس وَأبي هُرَيْرَة وَالْفضل بن عَبَّاس وَأم سَلمَة وَحُذَيْفَة وَالْمطلب بن ربيعَة وَابْن أبي أوفى رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَالُوا جملَة من روى فِي التَّشَهُّد من الصَّحَابَة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ صحابيا ( الْوَجْه الثَّانِي) فِي تَرْجِيح تشهد ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على جَمِيع رِوَايَات غَيره قَالَ التِّرْمِذِيّ أصح حَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد حَدِيث ابْن مَسْعُود وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ثمَّ أخرج عَن معمر عَن خصيف قَالَ " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ إِن النَّاس قد اخْتلفُوا فِي التَّشَهُّد فَقَالَ عَلَيْك بتشهد ابْن مَسْعُود " وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن بشير بن المُهَاجر عَن أبي بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ " مَا سَمِعت فِي التَّشَهُّد أحسن من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَذَلِكَ أَنه رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

     وَقَالَ  الْخطابِيّ أصح الرِّوَايَات وأشهرها رجَالًا تشهد ابْن مَسْعُود.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر وَأَبُو عَليّ الطوسي قد روى حَدِيث ابْن مَسْعُود من غير وَجه وَهُوَ أصح حَدِيث رُوِيَ فِي التَّشَهُّد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  أَبُو عمر بتشهد ابْن مَسْعُود أَخذ أَكثر أهل الْعلم لثُبُوت فعله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  عَليّ بن الْمَدِينِيّ لم يَصح فِي التَّشَهُّد إِلَّا مَا نَقله أهل الْكُوفَة عَن ابْن مَسْعُود وَأهل الْبَصْرَة عَن أبي مُوسَى وبنحوه قَالَه ابْن طَاهِر.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ أَشدّهَا صِحَة بِاتِّفَاق الْمُحدثين حَدِيث ابْن مَسْعُود ثمَّ حَدِيث ابْن عَبَّاس.

     وَقَالَ  الْبَزَّار أصح حَدِيث فِي التَّشَهُّد حَدِيث ابْن مَسْعُود وروى عَنهُ عَن نَيف وَعشْرين طَرِيقا ثمَّ سرد أَكْثَرهَا قَالَ وَلَا أعلم فِي التَّشَهُّد أثبت مِنْهُ وَلَا أصح أَسَانِيد وَلَا أشهر رجَالًا ( قلت) هَذَا الطَّحَاوِيّ الجهبذ أخرج حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي كِتَابه شرح مَعَاني آثَار من اثنى عشر طَرِيقا وسرد الْجَمِيع ثمَّ قَالَ فِي آخر الْبابُُ فَلهَذَا الَّذِي ذكرنَا استحسنا مَا رُوِيَ عَن عبد الله بتشديده فِي ذَلِك ولإجماعهم عَلَيْهِ إِذْ كَانُوا قد اتَّفقُوا على أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يتَشَهَّد إِلَّا بخاص من التَّشَهُّد يَعْنِي كلهم اتَّفقُوا على أَن التَّشَهُّد لَا يكون إِلَّا بِأَلْفَاظ مَخْصُوصَة وَلَا يكون بِأَيّ لفظ كَانَ فَإِذا كَانَ كَذَلِك فالمتفق عَلَيْهِ أولى من الْمُخْتَلف فِيهِ فَصَارَ كَونه مُتَّفقا عَلَيْهِ دون غَيره من مرجحاته لِأَن الروَاة عَنهُ من الثِّقَات لم يَخْتَلِفُوا فِي أَلْفَاظه بِخِلَاف غَيره وَأَن ابْن مَسْعُود تَلقاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تلقيا فروى الطَّحَاوِيّ من طَرِيق الْأسود بن يزِيد عَنهُ قَالَ " أخذت التَّشَهُّد من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولقننيه كلمة كلمة " وَفِي رِوَايَة أبي معمر عَنهُ " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّشَهُّد وكفي بَين كفيه " وَمن المرجحات ثُبُوت الْوَاو فِي الصَّلَوَات والطيبات وَهِي تَقْتَضِي الْمُغَايرَة بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ فَتكون كل جملَة ثَنَاء مُسْتقِلّا بِخِلَاف مَا إِذا حذفت فَإِنَّهَا تكون صفة لما قبلهَا وتعدد الثَّنَاء فِي الأول صَرِيح فَيكون أولى وَلَو قيل أَن الْوَاو مقدرَة فِي الثَّانِي.
وَمِنْهَا أَنه ورد بِصِيغَة الْأَمر بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ مُجَرّد حِكَايَة وَمِنْهَا أَن فِي رِوَايَة أَحْمد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه التَّشَهُّد وَأمره أَن يُعلمهُ النَّاس وَلم ينْقل ذَلِك لغيره فَفِيهِ دَلِيل على مزيته.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي ذهب الشَّافِعِي إِلَى أَن تشهد ابْن عَبَّاس أفضل لزِيَادَة لَفْظَة المباركات فِيهِ وَهِي مُوَافقَة لقَوْل الله تَعَالَى { تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة} .
.

     وَقَالَ  مَالك تشهد عمر بن الْخطاب أفضل لِأَنَّهُ علمه النَّاس على الْمِنْبَر وَلم ينازعه أحد فَدلَّ على تفضيله ( قلت) وَذهب بَعضهم إِلَى عدم التَّرْجِيح مِنْهُم ابْن خُزَيْمَة وَالْجَوَاب عَن تَرْجِيح الشَّافِعِي حَدِيث ابْن عَبَّاس بِالزِّيَادَةِ أَنَّهَا مُخْتَلف فِيهَا وَحَدِيث ابْن مَسْعُود مُتَّفق عَلَيْهِ كَمَا ذكرنَا وَحَدِيث ابْن عَبَّاس مَذْكُور مَعْدُود فِي أَفْرَاد مُسلم وَأَعْلَى دَرَجَة الصَّحِيح عِنْد الْحفاظ مَا اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَلَو فِي أَصله فَكيف إِذا اتفقَا على لَفظه فَلم يكن مَا ذكره سَببا للترجيح على أَن ابْن مَسْعُود قد أنكر على من زَاد على مَا رَوَاهُ من لفظ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَونه مُوَافقا لما فِي الْقُرْآن وَجه من التَّرْجِيح فَلَا يفضل بذلك على الَّذِي لَهُ وُجُوه من التَّرْجِيح وَالْجَوَاب عَن تَرْجِيح مَالك تشهد عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه مَوْقُوف عَلَيْهِ فَلَا يلْحق الْمَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  برهَان الدّين صَاحب الْهِدَايَة الْأَخْذ بتشهد ابْن مَسْعُود أولى لِأَن فِيهِ الْأَمر وَأقله الِاسْتِحْبابُُ وَالْألف وَاللَّام وهما للاستغراق وَزِيَادَة الْوَاو لتجديد الْكَلَام كَمَا فِي الْقسم وتأكيد التَّعْلِيم وَمِمَّا رُوِيَ فِي إِنْكَار الزِّيَادَة مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب عَن أَبِيه قَالَ كَانَ ابْن مَسْعُود يعلم رجلا التَّشَهُّد فَقَالَ عبد الله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ الرجل وَحده لَا شريك لَهُ فَقَالَ عبد الله هُوَ كَذَلِك وَلَكِن يَنْتَهِي إِلَى مَا علمنَا وَفِي رِوَايَة الْبَزَّار فَقَالَ عبد الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ الرجل وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ عبد الله مرَارًا كل ذَلِك يَقُول وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَالرجل يَقُول وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ عبد الله كَذَا علمنَا.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا وَكِيع عَن إِسْحَاق بن يحيى عَن الْمسيب بن رَافع سمع ابْن مَسْعُود رجلا يَقُول فِي التَّشَهُّد بِسم الله فَقَالَ إِنَّمَا يُقَال هَذَا على الطَّعَام ( الْوَجْه الثَّالِث) فِي التَّشَهُّد هَل هُوَ وَاجِب أم سنة فَقَالَ الشَّافِعِي وَطَائِفَة التَّشَهُّد الأول سنة وَالْآخر وَاجِب.

     وَقَالَ  جُمْهُور الْمُحدثين هما واجبان.

     وَقَالَ  أَحْمد الأول وَاجِب وَالثَّانِي فرض وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ فِي بابُُ من لم ير التَّشَهُّد الأول وَاجِبا.
( الْوَجْه الرَّابِع) فِي أَن السّنة فِي التَّشَهُّد الْإخْفَاء لما روى التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الله بن مَسْعُود من السّنة أَن يخفي التَّشَهُّد.

     وَقَالَ  حسن غَرِيب وَعند الْحَاكِم عَن عبد الله من السّنة أَن يخفي التَّشَهُّد.

     وَقَالَ  صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرج ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة قَالَت نزلت هَذِه الْآيَة فِي التَّشَهُّد { وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} .

     وَقَالَ  الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم -