فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب العلم الذي بالمصلى

(بابُُ العَلَمِ الَّذِي بالمُصَلَّى)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْعلم الَّذِي هُوَ بمصلى الْعِيد، وَالْعلم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الشَّيْء الَّذِي عمل من بِنَاء أَو وضع حجر أَو نصب عَمُود وَنَحْو ذَلِك ليعرف بِهِ الْمصلى.



[ قــ :948 ... غــ :977 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قل حدَّثنا يَحْيى عَن سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَابِسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ قِيلَ لهُ أشَهِدْتَ العِيدَ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَعَمْ ولَوْلاَ مَكانِي مِنَ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ حَتَّى أتَى العَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بنِ الصَّلْتِ فَصلَّى ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أتَى النِّسَاءَ ومَعَهُ بِلالٌ فَوَعَظَهُنَّ وذَكَّرَهِنَّ وأمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ فَرَأيْتُهُنَّ يَهْوِينَ بِأيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وبِلاَلٌ إلاى بَيْتِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حَتَّى أَتَى الْعلم الَّذِي عِنْد دَار كثير بن الصَّلْت) ، والْحَدِيث قد مر فِي: بابُُ وضوء الصّبيان وَمَتى يجب عَلَيْهِم الْغسْل وَالطهُور، قبل كتاب الْجُمُعَة بأَرْبعَة أَبْوَاب.
فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى عَن سُفْيَان، وَهنا أخرجه: عَن مُسَدّد عَن يحيى، وَيحيى هُوَ الْقطَّان وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَقد تكلمنا هُنَاكَ على جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء، ولنذكر هُنَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.

قَوْله: (قيل لَهُ) ، أَي: لِابْنِ عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُنَاكَ: (وَقَالَ لَهُ رجل) .
قَوْله: (أشهدت؟) أَي: أحضرت؟ والهمزة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار.
قَوْله: (وَلَوْلَا مَكَاني من الصغر مَا شهدته) ، فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَحذف تَقْدِيره: وَلَوْلَا مَكَاني من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم أشهده لأجل الصغر، وَكلمَة: من، للتَّعْلِيل، والْحَدِيث الْمَذْكُور هُنَاكَ يُؤَيّد هَذَا الْمَعْنى.
وَهُوَ قَوْله: (لَوْلَا مَكَاني مِنْهُ مَا شهدته) أَي: لَوْلَا مَكَاني من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حَضرته أَي: الْعِيد، وَفسّر الرَّاوِي هُنَاكَ عِلّة عدم الْحُضُور بقوله: (يَعْنِي من صغره) ، فالصغر عِلّة لعدم الْحُضُور، وَلَكِن قرب ابْن عَبَّاس مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومكانه عِنْده كَانَ سَببا لحضوره.
قَوْله: (حَتَّى أَتَى الْعلم) ، بِفتْحَتَيْنِ، وَهُوَ الْعَلامَة الَّتِي عملت عِنْد دَار كثير بن الصَّلْت، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي: بابُُ وضوء الصّبيان، و: كلمة: حَتَّى، للغاية وَلَكِن فِيهِ مُقَدّر تَقْدِيره: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى الْعلم.
قَوْله: (وَمَعَهُ بِلَال) أَي: مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: (يهوين) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف من: أَهْوى يهوي إهواءً.
يُقَال: أَهْوى الرجل بِيَدِهِ إِلَى الشَّيْء ليتناوله وَيَأْخُذهُ،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: يُقَال: أَهْوى بِيَدِهِ إِلَيْهِ أَي: مدها نَحوه، وأمالها إِلَيْهِ، يُقَال أَهْوى يَده وَبِيَدِهِ إِلَى الشَّيْء ليأخذه، وَالْمعْنَى هُنَا يمددن أَيْدِيهنَّ بِالصَّدَقَةِ ليتناولها بِلَال، وَفَسرهُ بَعضهم بقوله: أَي: يلقين، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن لفظ: (يلقين) تَفْسِير قَوْله: (يقذفنه، وَإِذا فسر: يهوين بيلقين يكون قَوْله: (يقذفنه) تَكْرَارا بِلَا فَائِدَة، وَمحل: (يقذفنه) من الْإِعْرَاب النصب لِأَنَّهَا وَقعت حَالا، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الْمُتَصَدّق بِهِ، يدل عَلَيْهِ لفظ الصَّدَقَة.
وَبَقِيَّة فَوَائده ذكرت هُنَاكَ.