فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب

( بابُُ كَلاَمِ الإمامِ والنَّاسِ فِي خُطْبَةِ العِيدِ، وإذَا سُئِلَ الإمَامُ عنْ شَيْءٍ وَهْوَ يَخْطُبُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم كَلَام الإِمَام، وَالْحَال أَنه وَالنَّاس مَعَه فِي خطْبَة الْعِيد، هَذِه تَرْجَمَة.
وَقَوله: ( وَإِذا سُئِلَ الإِمَام.
.
)
الخ، تَرْجَمَة أُخْرَى، وَلَيْسَ فِي ذَلِك تكْرَار وَإِن كَانَ يرى ذَلِك بِحَسب الظَّاهِر، لِأَن التَّرْجَمَة الأولى أَعم من الثَّانِيَة، وَلم يذكر جَوَاب الشَّرْط فِي التَّرْجَمَة الثَّانِيَة اكْتِفَاء بِمَا فِي الحَدِيث، وَلَيْسَ الْكَلَام فِي خطْبَة الْعِيد كَالْكَلَامِ فِي خطْبَة الْجُمُعَة.
.

     وَقَالَ  شُعْبَة: كلمني الحكم بن عُيَيْنَة يَوْم عيد وَالْإِمَام يخْطب، مَعَ أَنه إِذا كَانَ الْكَلَام من أَمر الدّين للسَّائِل والمسؤول عَنهُ فَإِنَّهُ جَائِز، وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للَّذين قتلوا ابْن أبي الْحقيق، دخلُوا عَلَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ يخْطب: أفلحت الْوُجُوه،.

     وَقَالَ  عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ على الْمِنْبَر: أملكوا الْعَجِين، فَإِنَّهُ أحد رُوَاة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه، وَلَكِن كره الْعلمَاء كَلَام النَّاس وَالْإِمَام يخْطب، رُوِيَ ذَلِك عَن عَطاء وَالْحسن وَالنَّخَعِيّ.
.

     وَقَالَ  مَالك: لينصت للخطبة وليستقبل.



[ قــ :954 ... غــ :983 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا أبُو الأحْوَصِ قَالَ حدَّثنا منْصُورُ بنِ المُعْتَمِرِ عنِ الشَّعْبِيِّ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ قَالَ خَطَبَنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فقالَ مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا ونَسَكَ نُسْكَنَا فَقَدْ أصَابَ النسُكَ ومَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَتِلْكَ شاةُ لَحْمٍ فقامَ أبُو بُرْدَةَ بنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رسولَ الله وَالله لَقَدْ نسَكْتُ قَبْلَ أنْ أخْرُجَ إلَى الصَّلاَةِ وعَرَفْتُ أنَّ اليَوْمَ يَوْمَ أكْلٍ وشُرْبٍ فَتَعَجَّلْتُ وأكَلْتُ وأطْعَمْتُ أهْلِي وجِيرَانِي فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ شاةُ لَحْمٍ قَالَ فَإِن عِنْدِي عَنَاقَ جَذَعَةٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَهَلْ تَجْزِي عَنِّي قَالَ نَعمْ ولَنْ تَجْزِي عنْ أحَدٍ بَعْدَكَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَإِن فِيهِ: كَلَام الإِمَام فِي الْخطْبَة.
وَفِيه: أَن الإِمَام سُئِلَ وَأجَاب، والْحَدِيث قد مر غير مرّة، وَأَبُو الْأَحْوَص هُوَ سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ الْكُوفِي، مَاتَ هُوَ مَالك وَحَمَّاد وخَالِد الطَّحَّان كلهم فِي سنة تسع وَسبعين وَمِائَة، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل.





[ قــ :955 ... غــ :984 ]
- حدَّثنا حامِدُ بنُ عُمَرَ عنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ عَنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ أنَّ أنَسَ بنَ مالِكٍ قَالَ إنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ فأمَرَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ أنْ يُعِيدَ ذَبْحَهُ فقامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ فقالَ يَا رسُولَ الله جِيرَانٌ لي إمَّا قَالَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وإمَّا قَالَ بِهِمْ فَقْرٌ وَإنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلاَةِ وعِنْدِي عَنَاقٌ لِي أحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَرَخَّصَ لَهُ فِيهَا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد مر الحَدِيث، وحامد بن عمر هُوَ البكراوي من ولد أبي بكرَة قَاضِي كرمان، مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، روى عَنهُ مُسلم أَيْضا، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين.
قَوْله: ( ذبحه) بِكَسْر الذَّال، أَي: مذبوحه.
وَقَوله: ( جيران) مُبْتَدأ وَقَوله: ( لي) صفته، وَالْجُمْلَة بعد خَبره، ( والخصاصة) الْجُوع.





[ قــ :956 ... غــ :985 ]
- حدَّثنا مُسْلِمٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ الأسْوَدِ عنْ جُنْدَبٍ قَالَ صلَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ ذبَحَ فَقَالَ منْ ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكانَهَا ومَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ باسْمِ الله.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة الأولى ظَاهِرَة، لِأَن قَوْله: ( من ذبح) ، من جملَة الْخطْبَة وَلَيْسَ مَعْطُوفًا على قَوْله: ( ثمَّ ذبح) ، لِئَلَّا يلْزم تخَلّل الذّبْح بَين الْخطْبَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ الفراهيدي، مَوْلَاهُم، وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الثَّالِث: الْأسود بن قيس الْعَبْدي، بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة الْكُوفِي: وَهُوَ لَيْسَ بأسود بن يزِيد، لِأَن شُعْبَة لم يلْحق الْأسود بن يزِيد.
الرَّابِع: جُنْدُب، بِضَم الْجِيم وَسُكُون النُّون وَضم الدَّال الْمُهْملَة وَفتحهَا وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: ابْن عبد الله بن سُفْيَان البَجلِيّ العلقي، بِالْعينِ الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَفتح اللَّام أَيْضا وبالقاف، مَاتَ بعد فتْنَة ابْن الزبير.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَشَيخ شَيْخه واسطي الْأسود كُوفِي.
وَفِيه: راويان مذكوران بِلَا نِسْبَة، وَفِي الثَّانِي يحْتَاج إِلَى التيقظ للاشتباه.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَضَاحِي عَن آدم وَفِي النذور عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَفِي التَّوْحِيد عَن حَفْص بن عمر وَفِي الذَّبَائِح عَن قُتَيْبَة عَن أبي عوَانَة.
وَأخرجه مُسلم فِي الْأَضَاحِي عَن أَحْمد بن يُونُس وَيحيى ابْن يحيى، كِلَاهُمَا عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وَعَن أبي بكر وَعَن قُتَيْبَة وَعَن إِسْحَاق وَابْن أبي عمر عَن عبد الله بن معَاذ وَعَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْأَضَاحِي وَفِي الْقُنُوت عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن هناد عَن أبي الْأَحْوَص بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَضَاحِي عَن هِشَام بن عمار عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( وَقَالَ: من ذبح) هُوَ من جملَة الْخطْبَة كَمَا ذكرنَا عَن قريب.
قَوْله: ( فليذبح باسم الله) ، قيل: الْبَاء، بِمَعْنى: اللَّام، أَي: فليذبح لله، وَيجوز أَن تتَعَلَّق الْبَاء بِمَحْذُوف أَي: فليذبح متبركا باسم الله، وَإِنَّمَا كرر هَذَا للتَّأْكِيد، فَعَن هَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة بِوُجُوب الْأُضْحِية، وَبِه قَالَ مُحَمَّد وَزفر وَالْحسن وَأَبُو يُوسُف فِي رِوَايَة، وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَرَبِيعَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ، وَعَن أبي يُوسُف: إِنَّهَا سنة، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَذكر الطَّحَاوِيّ: إِن على قَول أبي حنيفَة وَاجِبَة، وعَلى قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد: سنة مُؤَكدَة، وَجه السّنيَّة مَا رَوَاهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة من حَدِيث أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ( من رأى هِلَال ذِي الْحجَّة مِنْكُم، وَأَرَادَ أَن يُضحي فليمسك عَن شعره وأظفاره) ، وَالتَّعْلِيق بالإرادة يُنَافِي الْوُجُوب، ولوجه الْوُجُوب أَحَادِيث مِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من كَانَ لَهُ سَعَة وَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا) ، وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو يعلى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) .

     وَقَالَ : صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( نسخ الْأَضْحَى كل ذبح، ورمضان كل صَوْم) .
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: إِسْنَاده ضَعِيف بِمرَّة، وَفِي إِسْنَاده: الْمسيب بن شريك وَهُوَ مَتْرُوك.
وَمِنْهَا: مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة، ( قَالَت: يَا رَسُول الله أستدين وأضحي؟ قَالَ: نعم، وَإنَّهُ دين مقضي) وَفِي إِسْنَاده: هدير بن عبد الرَّحْمَن وَهُوَ ضَعِيف، وَلم يدْرك عَائِشَة.