فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما قيل: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحول رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة»

( بابُُ مَا قِيلَ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ فِي الاسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الجُمُعَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا قيل: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَى آخِره.
فَإِن قلت: خبر التَّحْوِيل صَحِيح، فَكيف قَالَ بقوله: بابُُ مَا قيل؟ قلت: لِأَن قَوْله فِي الحَدِيث: ( وَلم يذكر أَنه حول رِدَاءَهُ) يحْتَمل أَن يكون الْقَائِل بِهِ هُوَ الرَّاوِي عَن أنس، أَو يكون من دونه، فلأجل هَذَا التَّرَدُّد ذكر بِهَذِهِ الصِّيغَة.



[ قــ :986 ... غــ :1018 ]
- حدَّثنا الحَسَنُ بنُ بِشْرٍ قَالَ حدَّثنا مُعَافَى بنُ عِمْرَانَ عنِ الأوزَاعِيِّ عنْ إسْحَاقَ ابنِ عَبْدِ الله عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّ رَجُلاً شكا إلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَلاَكَ المَالِ وجَهْدِ العِيَالِ فدَعَا الله يَسْتَسْقِي ولَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ ولاَ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلم يذكر أَنه حول رِدَاءَهُ) .
فَإِن قلت: كَيفَ الْمُطَابقَة وَلَيْسَ فِي الحَدِيث ذكر يَوْم الْجُمُعَة؟ قلت: هَذَا الحَدِيث بِرِوَايَة إِسْحَاق عَن أنس مُخْتَصر من حَدِيث مطول يَأْتِي ذكره بعد أَبْوَاب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَفِيه ذكر يَوْم الْجُمُعَة على مَا تقف عَلَيْهِ، وَشَيخ البُخَارِيّ: الْحسن بن بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: أَبُو عَليّ البَجلِيّ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْجِيم المفتوحتين: الْكُوفِي، مَاتَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، والمعافى، بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء: وَهُوَ اسْم مفعول من المعافاة، ابْن عمرَان أَبُو مَسْعُود الْموصِلِي، قَالَ الثَّوْريّ: هُوَ ياقوتة الْعلمَاء، مَاتَ سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَة، وَالْأَوْزَاعِيّ: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وَإِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة واسْمه: زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ ابْن أخي أنس بن مَالك، يكنى أَبَا يحيى.

وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان عَن مُحَمَّد بن مقَاتل، وَفِي الاسْتِسْقَاء أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن دَاوُد بن رشيد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن مَحْمُود بن خَالِد.

قَوْله: ( هَلَاك المَال) أَي: من قلَّة المَاء.
قَوْله: ( وَجهد الْعِيَال) ، أَي: من الْقَحْط، والجهد، بِفَتْح الْجِيم وَضمّهَا: الطَّاقَة، لَكِن الرِّوَايَة بِالْفَتْح،.

     وَقَالَ  الْفراء، بِالضَّمِّ: الطَّاقَة، وبالفتح: الْمَشَقَّة.
قَوْله: ( وَلم يذكر) أَي: الرَّاوِي عَن أنس، أَو من دونه، كَمَا قُلْنَا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَلم يذكر أَي أنس وَفِيه شَيْئَانِ: أَحدهمَا: عدم التَّحْوِيل، وَالْآخر: عدم اسْتِقْبَال الْقبْلَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: عدم التَّحْوِيل والاستقبال مُتَّفق عَلَيْهِمَا إِذا كَانَ الاسْتِسْقَاء فِي غير الصَّحرَاء، وَإِنَّمَا الْخلاف فِيهَا؟ قلت: عدم التَّحْوِيل كَيفَ يكون مُتَّفقا عَلَيْهِ وَفِيه خلاف أبي حنيفَة، فَإِنَّهُ يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث على عدم سنية التَّحْوِيل مُطلقًا، وَالله تَعَالَى أعلم.