فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الاستسقاء في المصلى

( بابُُ اسْتِقْبَال الْقبْلَة فِي الاسْتِسْقَاء)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان اسْتِقْبَال الْقبْلَة فِي الدُّعَاء فِي الاسْتِسْقَاء

[ قــ :995 ... غــ :8201 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ حَدثنَا يحيى بن سعيد قَالَ أَخْبرنِي أَبُو بكر بن مُحَمَّد أَن عباد بن تَمِيم أخبرهُ أَن عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ أخبرهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج إِلَى الْمصلى يُصَلِّي وَأَنه لما دَعَا أَو أَرَادَ أَن يَدْعُو اسْتقْبل الْقبْلَة وحول رِدَاءَهُ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " أَو اراد أَن يَدْعُو اسْتقْبل الْقبْلَة " وَأعَاد أَيْضا حَدِيث عبد الله بن زيد لما ذكرنَا من المعان فِيمَا قبل قَوْله " مُحَمَّد بن سَلام " كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر بِنِسْبَة مُحَمَّد إِلَى أَبِيه وَفِي رِوَايَة غَيره حَدثنَا مُحَمَّد بِذكرِهِ مُجَردا عَن النِّسْبَة وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ قَوْله " خرج إِلَى الْمصلى يَدْعُو " هَذِه رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَفِي رِوَايَة غَيره " خرج إِلَى الْمصلى يُصَلِّي " قَوْله " أَو أَرَادَ أَن يَدْعُو " شكّ من الرَّاوِي قيل يحْتَمل أَن يكون الشَّك من يحيى بن سعيد فقد رَوَاهُ السراج من طَرِيق ابْن أَيُّوب عَنهُ بِالشَّكِّ أَيْضا وَرَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال فَلم يشك.

     وَقَالَ  ابْن بطال سنة من خطب النَّاس معلما لَهُم وواعظا لَهُم أَن يستقبلهم لَكِن عِنْد دُعَاء الاسْتِسْقَاء يسْتَقْبل الْقبْلَة لِأَن الدُّعَاء مُسْتَقْبل الْقبْلَة أفضل.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ يلْحق بِالدُّعَاءِ الْوضُوء وَالْغسْل والأذكار وَالْقِرَاءَة وَسَائِر الطَّاعَات إِلَّا مَا خرج بِالدَّلِيلِ كالخطبة ( قَالَ أَبُو عبد الله.
ابْن زيد هَذَا مازني وَالْأول كُوفِي هُوَ ابْن يزِيد)
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه أَشَارَ بقوله هَذَا إِلَى عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ هُوَ عَم عباد بن مَازِن وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله " مازني " وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي بابُُ تَحْويل الرِّدَاء فِي الاسْتِسْقَاء قَوْله " وَالْأول هُوَ عبد الله بن يزِيد " بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف فِي أَوله كُوفِي وَفَسرهُ بقوله " هُوَ ابْن يزِيد " وَهَذَا أَعنِي قَوْله " قَالَ أَبُو عبد الله " إِلَى آخِره فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده وَلَيْسَ فِي رِوَايَة غَيره قيل كَانَ اللَّائِق أَن يذكر هَذَا فِي بابُُ الدُّعَاء فِي الاسْتِسْقَاء قَائِما لِأَن كليهمَا مذكوران فِيهِ وَكَانَ الأولى بَيَان تغايرهما هُنَاكَ وَلَيْسَ هَهُنَا ذكر عبد الله بن يزِيد

( بابُُ الاسْتِسْقَاءِ فِي المُصَلَّى)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الاسْتِسْقَاء فِي الْمصلى الَّذِي فِي الصَّحرَاء، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الْمُسْتَحبّ أَن يُصَلِّي صَلَاة الاسْتِسْقَاء فِي الْجَبانَة.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: هَذِه التَّرْجَمَة أخص من التَّرْجَمَة الْمُتَقَدّمَة أول الْأَبْوَاب، وَهِي: بابُُ الْخُرُوج إِلَى الاسْتِسْقَاء، وَوَقع فِي هَذَا الْبابُُ تعْيين الْخُرُوج إِلَى الْمصلى، فَنَاسَبَ كل رِوَايَة ترجمتها قلت: لَا نسلم الأخصية بل كِلَاهُمَا سَوَاء، لِأَن معنى الْخُرُوج إِلَى الاسْتِسْقَاء هُوَ الْخُرُوج إِلَى الْمصلى، لِأَن هَذَا الْقَائِل فسر قَوْله: ( خرج يَسْتَسْقِي) ، بقوله: ( أَي: إِلَى الْمصلى) .



[ قــ :995 ... غــ :107 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي بَكْرٍ سَمِعَ عَبَّادَ ابنِ تَمِيمٍ عنْ عَمِّهِ قَالَ خَرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وقَلَبَ رِدَاءَهُ.
قَالَ سُفْيَانُ فأخْبَرَني المَسْعُودِيُّ عنْ أبِي بَكْرٍ قَالَ جَعَلَ اليَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ.

.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو جَعْفَر الْمَعْرُوف بالمسندي، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد هُوَ عَمْرو بن حزم.

قَوْله: ( يَسْتَسْقِي) من الْأَحْوَال الْمقدرَة.
قَوْله: ( واستقبل) ، عطف على قَوْله: ( خرج) .
قَوْله: ( قَالَ سُفْيَان وَأَخْبرنِي المَسْعُودِيّ) ، هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عتبَة بن عبد الله بن مَسْعُود، مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَة.
قَوْله: ( عَن أبي بكر) يَعْنِي: يروي عَن أبي بكر وَالِد عبد الله الْمَذْكُور فِيهِ، قَالَ الْحَافِظ الْمزي: هَذَا مُعَلّق،.

     وَقَالَ  ابْن الْقطَّان: لَا يدْرِي عَمَّن أَخذه البُخَارِيّ، وَلِهَذَا لَا يعد أحد المَسْعُودِيّ فِي رِجَاله.
وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن: الظَّاهِر أَنه أَخذه عَن شَيْخه عبد الله بن مُحَمَّد، وَلَا يلْزم من عدم عد المَسْعُودِيّ فِي رِجَاله أَن لَا يكون وصل هَذَا الْموضع عَنهُ.
قلت: فِيهِ نظر لِأَن الظَّاهِر مَا قَالَه الْمزي، وَإِنَّمَا يَصح الْجَواب الْمَذْكُور أَن لَو قَالَ:.

     وَقَالَ  سُفْيَان، بواو الْعَطف، ليَكُون عطفا على الْإِسْنَاد الأول، وَإِنَّمَا قطعه عَن الأول بِالْفَصْلِ فَلَا يفهم مِنْهُ الِاتِّصَال.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: حَدِيث أبي بكر هَذَا يدل على تَقْدِيم الصَّلَاة على الْخطْبَة، لِأَنَّهُ ذكر أَنه صلى قبل قلب الرِّدَاء، وَهُوَ أضبط للقصة من ابْنه عبد الله الَّذِي ذكر الْخطْبَة قبل الصَّلَاة.
قُلْنَا: لَا نزاع فِي جَوَاز الْأَمريْنِ، وَإِنَّمَا النزاع فِي الْأَفْضَل.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال أَيْضا: فِيهِ دَلِيل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يلبس الرِّدَاء على حسب لِبَاس أهل الأندلس ومصر وبغداد، وَهُوَ غير الاشتمال بِهِ، لِأَنَّهُ حول مَا على يَمِينه على يسَاره، وَلَو كَانَ لِبَاسه اشتمالاً لقيل: قلب أَسْفَله أَعْلَاهُ، أَو: حل رِدَاءَهُ فقلبه.