فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من تطوع في السفر، في غير دبر الصلوات وقبلها

(بابُُ مَنْ تَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وقَبْلهَا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم تطوع فِي السّفر فِي غير عقيب الصَّلَوَات وَالْفرق بَين هَذَا الْبابُُ وَالْبابُُ الَّذِي قبله أَن هَذَا أَعم من الَّذِي قبله، لِأَن ذَاك مُقَيّد بالدبر.

ورَكَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيِ الفَجْرِ فِي السَّفَرِ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر صَلَاة فِي غير دبر صَلَاة، وَهَذَا فِي (صَحِيح مُسلم) : من حَدِيث أبي قَتَادَة فِي قصَّة النّوم عَن صَلَاة الصُّبْح، فَفِيهِ: (صلى رَكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح ثمَّ صلى الصُّبْح كَمَا كَانَ يُصَلِّي) ، وَعند أبي دَاوُد (فصلوا رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ صلوا الْفجْر) .



[ قــ :1065 ... غــ :1103 ]
- حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرٍ وعنِ ابنِ أبِي لَيْلَى.
قَالَ مَا أنْبَأَ أحَدٌ أنَّهُ رَأى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هانِىءٍ ذَكَرَتْ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أغتَسَلَ فِي بَيْتِهَا فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ فَمَا رَأيْتُهُ صَلَّى صَلاَةً أخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الضُّحَى كَانَت نَافِلَة فِي السّفر، وَأَنه صلاهَا على الأَرْض وَلم يكن فِي دبر صَلَاة من الصَّلَوَات فَافْهَم.

وَرِجَاله قد ذكرُوا، وَعَمْرو بن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، قد مر فِي: بابُُ تَسْوِيَة الصُّفُوف، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قد مر فِي: بابُُ حد إتْمَام الرُّكُوع، وَأم هانىء، بالنُّون ثمَّ الْهمزَة، قد مر ذكرهَا فِي: بابُُ التستر فِي الْغسْل، وَاسْمهَا: فاخته.
وَقيل: هِنْد بنت أبي طَالب، أُخْت عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن آدم، وَأخرجه فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْوَلِيد، وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر عَن شُعْبَة، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن حَفْص بن عمر بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن يزِيد عَن بهز عَن شُعْبَة بِهِ وَعَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن زبيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى نَحوه.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مَا أخبرنَا أحد.
.
) إِلَى آخِره.
قَالَ ابْن بطال: لَا حجَّة فِي قَول ابْن أبي ليلى هَذَا، وَيرد عَلَيْهِ مَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى وَأمر بصلاتها من طرق جمة.
مِنْهَا: حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْآتِي فِي: بابُُ صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر، قَالَ: (أَوْصَانِي خليلي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث لَا أدعهن حَتَّى أَمُوت: صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وَصَلَاة الضُّحَى، ونوم على وتر) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي ذَر عِنْد مُسلم قَالَ (أصاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث فَذكر رَكْعَتي الضُّحَى) وَمِنْهَا حَدِيث أبي ذَر عَن مُسلم أَيْضا عَنهُ (عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: يصبح على كل سلامي من أحدكُم صَدَقَة، بِكُل تَسْبِيحَة صَدَقَة، وكل تَحْمِيدَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة، وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة، وَأمر بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَة، وَنهي عَن الْمُنكر صَدَقَة، ويجزىء من ذَلِك رَكْعَتَانِ يركعهما من الضُّحَى) .
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر عِنْد البُخَارِيّ: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يُصَلِّي من الضُّحَى إلاّ يَوْمَيْنِ: يَوْم يقدم مَكَّة) وَسَيَأْتِي.
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن أبي أوفى عِنْد الْحَاكِم: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ حِين بشر بِرَأْس أبي جهل، وبالفتح) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ثُمَامَة بنم أنس بن مَالك عَنهُ.
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى الضُّحَى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى الله لَهُ قصرا من ذهب فِي الْجنَّة) .
وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا.
وَمِنْهَا: حَدِيث عقبَة بن عَامر عِنْد أَحْمد وَأبي يعلى (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله، عز وَجل، يَقُول: يَا ابْن آدم: اكْفِنِي أول النَّهَار بِأَرْبَع رَكْعَات أكفك من آخر يَوْمك) .
هَذَا لفظ أَحْمد، وَلَفظ أبي يعلى: (أتعجر ابْن آدم أَن تصلي أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار أكفك آخر يَوْمك؟) وَفِي (التَّلْوِيح) : (وَعَن عقبَة بن عَامر: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نصلي رَكْعَتي الضُّحَى بسورتيهما بالشمس وَضُحَاهَا، وَالضُّحَى) .
وَمِنْهَا: حَدِيث عَائِشَة عِنْد الْحَاكِم: (سُئِلت: كم كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: أَرْبعا وَيزِيد مَا شَاءَ الله) ، وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ فِي (الْكُبْرَى) وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ فِي (الشَّمَائِل) من رِوَايَة معَاذَة العدوية، قَالَت: (قلت لعَائِشَة: أَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: نعم أَرْبعا وَيزِيد مَا شَاءَ الله) .
وَعند أَحْمد من حَدِيث أم ذرة: (قَالَت: رَأَيْت عَائِشَة تصلي الضُّحَى وَتقول: مَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إلاّ أَربع رَكْعَات) .
وَمِنْهَا: حَدِيث نعيم بن همار عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة كثير بن مرّة عَنهُ، قَالَ: (سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله، عز وَجل: يَا ابْن آدم لَا تعجزني من أَربع رَكْعَات فِي أول النَّهَار أكفك آخِره) وهما، بِفَتْح الْهَاء وَتَشْديد الْمِيم وَفِي آخِره رَاء، وَيُقَال: ابْن هَبَّار، بِالْبَاء الْمُوَحدَة مَوضِع الْمِيم.
وَيُقَال: ابْن هدار، بِالدَّال الْمُهْملَة، وَيُقَال: ابْن همام، بميمين، وَيُقَال: ابْن خمار، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَيُقَال: ابْن حمَار، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفِي آخِره رَاء: الْغَطَفَانِي الشَّامي.
قَوْله: (لَا تعجزني) بِضَم التَّاء، وَهَذَا مجَاز كِنَايَة عَن تسويف العَبْد عمله لله تَعَالَى، وَالْمعْنَى: لَا تسوف صَلَاة أَربع رَكْعَات لي من أول نهارك أكفك آخر النَّهَار من كل شَيْء من الهموم والبلايا وَنَحْوهمَا.
قَوْله: (أكفك) ، مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب النَّهْي.
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي أُمَامَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة الْقَاسِم عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الله يَقُول: يَا ابْن آدم اركع لي أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار أكفك آخِره) .
وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَثَّقَهُ الْجُمْهُور وَضَعفه بَعضهم.
وَمِنْهَا: حَدِيث بُرَيْدَة عِنْد ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) : سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الْإِنْسَان سِتُّونَ وثلاثمائة مفصل، فَعَلَيهِ أَن يتَصَدَّق عَن كل مفصل مِنْهُ بِصَدقَة) .
فَذكر حَدِيثا فِيهِ: (فَإِن لم تَجِد فركعتا الضُّحَى تكفيك) .
وَمِنْهَا: حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) قَالَ: (أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعرض عَلَيْهِ بَعِيرًا لي فرأيته صلى الضُّحَى سِتّ رَكْعَات) .
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من رِوَايَة قيس بن سعد عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس، رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (على كل سلامي من بني آدم فِي كل يَوْم صَدَقَة، ويجزىء من ذَلِك كُله رَكعَتَا الضُّحَى) .
وَمِنْهَا: حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد النَّسَائِيّ فِي (سنَنه الْكُبْرَى) وَعند أَحْمد وَأبي يعلى من رِوَايَة أبي إِسْحَاق: سمع عَاصِم بن ضَمرَة، (عَن عَليّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي من الضُّحَى) وَإِسْنَاده جيد.
وَمِنْهَا: حَدِيث زيد بن أَرقم عِنْد مُسلم: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي من الضُّحَى) وَإِسْنَاده جيد.
وَمِنْهَا: حَدِيث زيد بن أَرقم عِنْد مُسلم: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أهل قبَاء وهم يصلونَ الضُّحَى بَعْدَمَا أشرقت الشَّمْس.
فَقَالَ: إِن صَلَاة الْأَوَّابِينَ كَانَت إِذا رمضت الفصال) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أم سَلمَة عِنْد الْحَاكِم، قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة الضُّحَى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة) ، وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : هُوَ حَدِيث ضَعِيف.
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ عِنْد التِّرْمِذِيّ قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نقُول: إِنَّه لَا يَدعهَا، ويدعها حَتَّى نقُول: إِنَّه لَا يُصليهَا) .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
قلت: تفرد بِهِ التِّرْمِذِيّ.
وَمِنْهَا: حَدِيث عتبَة بن عبد عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة الْأَحْوَص بن حَكِيم عَن عبد الله بن غابر أَن أَبَا أُمَامَة وَعتبَة بن عبد حدّثنَاهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى صَلَاة الصُّبْح فِي جمَاعَة، ثمَّ ثَبت حَتَّى يسبح الله سبْحَة الضُّحَى كَانَ لَهُ أجر حَاج ومعتمر) ، وَرَوَاهُ ابْن زَنْجوَيْه فِي (كتاب الْفَضَائِل) عَن عتبَة بن عبد عَن أبي أُمَامَة،.

     وَقَالَ : عتبَة صَحَابِيّ.
وَمِنْهَا: حَدِيث معَاذ بن أنس عِنْد أبي دَاوُد، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من قعد فِي مُصَلَّاهُ حِين ينْصَرف من صَلَاة الصُّبْح حَتَّى يسبح رَكْعَتي الضُّحَى لَا يَقُول إلاّ خيرا غفرت لَهُ خطاياه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر) .
قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) فِي سَنَده كَلَام.
.

     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين: إِسْنَاده ضَعِيف قلت: لِأَن فِي إِسْنَاده زبان بن فائد، ضعفه ابْن معِين،.

     وَقَالَ  أَحْمد: أَحَادِيثه مَنَاكِير، وَلَكِن أَبُو دَاوُد لما رَوَاهُ سكت عَلَيْهِ، وسكوته دَلِيل رِضَاهُ بِهِ.
.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: زبان صَالح.
وَمِنْهَا: حَدِيث حُذَيْفَة عَن ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَادِهِ عَنهُ قَالَ: (خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حرَّة بني مُعَاوِيَة، فصلى الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات طول فِيهِنَّ) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي مرّة الطَّائِفِي عِنْد أَحْمد من رِوَايَة مَكْحُول عَنهُ قَالَ: (سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ابْن آدم لَا تعجزني من أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار أكفك آخِره) ، قَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله هَكَذَا وَقع فِي (الْمسند) ، فإمَّا أَن يكون سقط بعد: أبي مرّة، ذكر الصَّحَابِيّ وَإِمَّا أَن يكون مَكْحُول لم يسمع من أبي مرّة، فَإِنَّهُ يُقَال: إِنَّه لم يسمع من أحد من الصَّحَابَة إلاّ من أبي أُمَامَة فَأَما أَبُو مرّة فَذكره ابْن عبد الْبر فِي (الِاسْتِيعَاب).

     وَقَالَ : قيل إِنَّه ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا صُحْبَة لَهُ، وَأَبوهُ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ من كبار الصَّحَابَة، وَقد وَقع فِي الْمسند: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَمَا تقدم.
وَالله أعلم.
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي مُوسَى عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من رِوَايَة عبد الله بن عَيَّاش عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى الضُّحَى أَرْبعا وَقبل الأولى أَرْبعا بنى لَهُ بَيت فِي الْجنَّة) ، وَعَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره شين مُعْجمَة.
وَمِنْهَا: حَدِيث عتْبَان بن مَالك عِنْد أَحْمد من رِوَايَة مَحْمُود بن ربيع (عَن عتْبَان بن مَالك: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، صلى فِي بَيته سبْحَة الضُّحَى) ، وقصة عتْبَان بن مَالك فِي صَلَاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي بَيته فِي (الصَّحِيح) لَكِن لَيْسَ فِيهَا ذكر سبْحَة الضُّحَى، وَإِنَّمَا ذكره البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة تَعْلِيقا، فَقَالَ: بابُُ صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر، قَالَه عتْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمِنْهَا: حَدِيث النواس بن سمْعَان عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ: سَمِعت النواس بن سمْعَان: (سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: قَالَ الله، عز وَجل: ابْن آدم لَا تعجزني من أَربع رَكْعَات فِي أول النَّهَار أكفك آخِره) وَإِسْنَاده صَحِيح.
وَمِنْهَا: حَدِيث عبد الله بن عَمْرو عِنْد أَحْمد من رِوَايَة أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَنهُ قَالَ: (بعث رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فغنموا وأسرعوا الرّجْعَة فَتحدث النَّاس بِقرب مغزاهم زكثرة غنيمتهم وَسُرْعَة رجعتهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلكم على أقرب مِنْهُ مغزى وَأكْثر غنيمَة وأوشك رَجْعَة من تَوَضَّأ ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد لسبحة الضُّحَى، فَهُوَ أقرب مِنْهُم مغزىً وَأكْثر غنيمَة وأوشك رَجْعَة) .
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي (الْكَبِير) وَفِيه: (ثمَّ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضُّحَى) ، لفظ أَحْمد،.

     وَقَالَ  الطَّبَرَانِيّ: (ثمَّ صلى بهم صَلَاة الضُّحَى) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي بكرَة عِنْد ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من رِوَايَة عَمْرو بن عبيد عَن الْحسن (عَن أبي بكرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلى الضُّحَى فجَاء الْحسن وَهُوَ غُلَام، فَلَمَّا سجد ركب ظَهره) .
الحَدِيث وَعَمْرو بن عبيد مَتْرُوك.
وَمِنْهَا: حَدِيث جُبَير بن مطعم عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة عُثْمَان بن عَاصِم، قَالَ: (حَدثنِي نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى) وَفِي إِسْنَاده يحيى الْحمانِي تكلم فِيهِ.
وَمِنْهَا: حَدِيث أم حَبِيبَة عِنْد مُسلم، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من عبد مُسلم يُصَلِّي فِي كل يَوْم ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة تَطَوّعا من غير فَرِيضَة إلاّ بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة) ، ذكر ضِيَاء الدّين الْمَقْدِسِي صَلَاة الضُّحَى بإثنتي عشرَة رَكْعَة، ثمَّ ذكر هَذَا الحَدِيث، وَقد وَردت أَحَادِيث ظَاهرهَا يُعَارض هَذِه الْأَخْبَار وسنتكلم فِيهَا فِي: بابُُ صَلَاة الضُّحَى فِي السّفر، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (غير أم هانىء) بِرَفْع: غير، لِأَنَّهُ بدل من قَوْله: (أحد) .
قَوْله: (يَوْم فتح مَكَّة) قَوْله: (فصلى ثَمَان رَكْعَات) هُوَ فِي الأَصْل مَنْسُوب إِلَى الثّمن لِأَنَّهُ الْجُزْء الَّذِي صير السَّبْعَة ثَمَانِيَة فَهُوَ ثمنهَا، وفتحوا أَوله لأَنهم يغيرون فِي النّسَب، وحذفوا مِنْهَا إِحْدَى يائي النِّسْبَة وعوضوا عَنْهَا الْألف، وَقد تحذف مِنْهُ الْيَاء ويكتفي بكسرة النُّون، أَو تفتح تَخْفِيفًا.
قَوْله: (أخف مِنْهَا) أَي: من هَذِه الثمان قَوْله (غير أَنه) أَي: غير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود) وَهَذَا لدفع وهم من يظنّ أَن إِطْلَاق لفظ: إخف، رُبمَا يَقْتَضِي التنقيص فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود، فَدفعت أم هانىء ذَلِك بقولِهَا: (يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود) .





[ قــ :1066 ... غــ :1104 ]
- وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الله بنُ عَامِرٍ أنَّ أبَاهُ أخْبَرَهُ أنَّهُ رَأى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ.

( أنظر الحَدِيث 391 وطرفه) .
أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعيد: حَدثنِي يُونُس أَي: ابْن أبي يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب، هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عبد الله بن عَامر بن ربيعَة أَن أَبَاهُ هُوَ عَامر بن ربيعَة الْعَنزي، وَهَذَا تقدم مَوْصُولا فِي أول: بابُُ يُنزل للمكتوبة، حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن بكير، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب، غير أَن اللَّيْث روى هُنَاكَ: عَن عقيل عَن ابْن شهَاب، وَهَهُنَا روى: عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب، وَرِوَايَة يُونُس هَذِه وَصلهَا الذهلي فِي ( الزهريات) عَن أبي صَالح عَنهُ.





[ قــ :1067 ... غــ :1105 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي سالِمُ بنُ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كانَ وجْهُهُ يُومِىءُ بِرَأسِهِ وكانَ ابنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي على دَابَّته بِالْإِيمَاءِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنه فِي دبر صَلَاة من الصَّلَوَات، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب بن حَمْزَة وَكلهمْ قد ذكرُوا غير مرّة، وَرِوَايَة الزُّهْرِيّ هَذِه عَن سَالم عَن ابْن عمر ذكرهَا فِي: بابُُ الْإِيمَاء على الدَّابَّة، عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر مَوْقُوفا، ثمَّ ذكر عقيبة مَرْفُوعا، وَهَهُنَا ذكره مَرْفُوعا ثمَّ ذكر عَقِيبه مَوْقُوفا، وَهُوَ قَوْله: ( وَكَانَ ابْن عمر يَفْعَله) ، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى أَن الْعَمَل بِهِ مُسْتَمر لم يلْحقهُ معَارض وَلَا نَاسخ وَلَا رَاجِح.

قَوْله: ( كَانَ يسبح) ، أَي: يتَنَفَّل على ظهر رَاحِلَته بِالْإِيمَاءِ.
فَإِن قلت: ذكر فِي: بابُُ من لم يتَطَوَّع فِي السّفر، عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: صَحِبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أره يسبح فِي السّفر، وَهَهُنَا قَالَ: كَانَ يسبح؟ قلت: معنى: لم أره يسبح فِي السّفر، يَعْنِي: على الأَرْض، وَهَهُنَا مَعْنَاهُ: كَانَ يسبح رَاكِبًا، وَيكون تَركه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّنَفُّل فِي السّفر على الأَرْض تحريا مِنْهُ إِعْلَام أمته أَنهم فِي أسفارهم بِالْخِيَارِ فِي التَّنَفُّل.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: وَلَيْسَ قَول ابْن عمر: لم أره يسبح، حجَّة على من رَآهُ، لِأَن من نفى شَيْئا فَلَيْسَ بِشَاهِد.
قَوْله: ( يومىء بِرَأْسِهِ) جملَة حَالية وَتَفْسِير لقَوْله: ( يسبح) ، لِأَن السبحة على ظهر الدَّابَّة هُوَ الَّذِي يكون بِالْإِيمَاءِ للرُّكُوع وَالسُّجُود.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِيه: دَلِيل على جَوَاز التَّنَفُّل على الأَرْض، لِأَنَّهُ لما جَازَ لَهُ التَّنَفُّل على الرَّاحِلَة كَانَ فِي الأَرْض أجوز.
قلت: هَذَا كَلَام عَجِيب، لِأَن الحكم هُنَا بِالْقِيَاسِ لَا يحْتَاج إِلَيْهِ، وَالْأَرْض مَسْجِد لسَائِر الصَّلَوَات كَمَا فِي النَّص.