فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الركعتين قبل الظهر

( بابُُ الرَّكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قبل صَلَاة الظّهْر وَقد ذكرُوا أَولا الرَّوَاتِب الَّتِي بعد المكتوبات ثمَّ ذكر مَا يتَعَلَّق بِمَا قبلهَا فَبَدَأَ أَولا بِمَا قبل الظّهْر وَفِي بعض النّسخ بابُُ الركعتان قبل الظّهْر وَوَجهه أَن يُقَال هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الركعتان قبل الظّهْر

[ قــ :1140 ... غــ :1180]
- ( حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ حفظت من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشر رَكْعَات رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ بعْدهَا وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فِي بَيته وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء فِي بَيته وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الصُّبْح وَكَانَت سَاعَة لَا يدْخل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا حَدَّثتنِي حَفْصَة أَنه كَانَ إِذا أذن الْمُؤَذّن وطلع الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله " رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر " وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ وَأخرجه فِي بابُُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن عبد الله بن عمر وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ



[ قــ :114 ... غــ :118]
- ( حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا يحيى عَن شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يدع أَرْبعا قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاة) طرق هَذَا الحَدِيث الصِّحَاح أَربع وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة عبد الله ابْن شَقِيق عَنْهَا أَربع غير أَن التِّرْمِذِيّ روى من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق عَنْهَا " كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر رَكْعَتَيْنِ " وَصَححهُ قيل حَدِيث عَائِشَة هَذَا لَا يُطَابق التَّرْجَمَة وَأجِيب بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن ابْن عمر قد نسي رَكْعَتَيْنِ من الْأَرْبَع ورد بِأَن هَذَا الِاحْتِمَال بعيد وَالْأولَى أَن يحمل على حَالين فَكَانَ يُصَلِّي تَارَة ثِنْتَيْنِ وَتارَة يُصَلِّي أَرْبعا ( قلت) الْحمل على النسْيَان أقرب إِلَى التَّرْجَمَة من الَّذِي قَالَه لِأَن النسْيَان غير مَرْفُوع فَإِذا حمل على مَا قَالَه لَا تتمّ الْمُطَابقَة أصلا وَقيل أَنه مَحْمُول على أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد يقْتَصر على رَكْعَتَيْنِ وَفِي بَيته صلي أَرْبعا وعَلى كل حَال لَا يتْرك الْأَرْبَع والركعتان موجودتان فِي الْأَرْبَع وَقيل كَانَ ابْن عمر رأى مَا فِي الْمَسْجِد وَعَائِشَة اطَّلَعت على الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَلما كَانَ الْأَرْبَع من الرَّوَاتِب لِلظهْرِ ذكره اسْتِطْرَادًا لحَدِيث ابْن عمر حَيْثُ اقْتصر على رَكْعَتَيْنِ فَأخْبر كل مِنْهُمَا بِمَا شَاهده وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا قَالَه الطَّبَرِيّ الْأَرْبَع كَانَت فِي كثير من أَحْوَاله والركعتان فِي قليلها ( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة.
الأول مُسَدّد تكَرر ذكره.
الثَّانِي يحيى بن سعيد الْقطَّان.
الثَّالِث شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الرَّابِع إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر ابْن أخي مَسْرُوق الْهَمدَانِي.
الْخَامِس أَبوهُ مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر بن الأجدع والمنتشر بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره رَاء بِلَفْظ الْفَاعِل من الانتشار ضد الانقباض.
السَّادِس أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَفِيه أَن شَيْخه بَصرِي وَكَذَا شيخ شَيْخه وَشعْبَة واسطي وَإِبْرَاهِيم وَأَبوهُ كوفيان وَفِيه عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه سَمِعت عَائِشَة أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَحكى عَن شيخ أبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ أَنه حَدثهُ بِهِ من طَرِيق عُثْمَان ابْن عمر عَن شُعْبَة فَأدْخل بَين مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر وَعَائِشَة مسروقا وَأخْبرهُ أَن حَدِيث وَكِيع وهم ورد ذَلِك الْإِسْمَاعِيلِيّ بِأَن مُحَمَّد بن جَعْفَر قد وَافق وكيعا على التَّصْرِيح بِسَمَاع مُحَمَّد عَن عَائِشَة ثمَّ سَاقه بِسَنَدِهِ إِلَى شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَنه سمع أَبَاهُ أَنه سمع عَائِشَة وَلما خرجه النَّسَائِيّ أَدخل بَين مُحَمَّد وَعَائِشَة مسروقا كَمَا فِي رِوَايَة الْبَغَوِيّ فَقَالَ حَدثنَا ابْن المنثى حَدثنَا عُثْمَان بن عمر بن فَارس حَدثنَا شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة بِلَفْظ " كَانَ لَا يدع أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ".

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث لم يُتَابِعه أحد على قَوْله عَن مَسْرُوق وَخَالفهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر وَعَامة أَصْحَاب شُعْبَة.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ قد ذكر سَماع ابْن الْمُنْتَشِر عَن عَائِشَة غير وَاحِد فَإِن وكيعا رَوَاهُ عَن شُعْبَة فَقَالَ فِيهِ سَمِعت من رِوَايَة عُثْمَان وَأبي كريب وَكَذَا قَالَ غنْدر عَن شُعْبَة.

     وَقَالَ  صَاحب التَّلْوِيح فالحمل فِي ذَلِك على عُثْمَان بن عمر فَإِن يحيى بن سعيد لم يكن ليحمل هَكَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ قَالَ وَلقَائِل أَن يَقُول تَصْرِيح أُولَئِكَ بِسَمَاعِهِ عَن عَائِشَة لَا يَنْفِي دُخُول مَسْرُوق بَينهمَا الِاحْتِمَال أَن يكون أَولا رَوَاهُ بِوَاسِطَة ثمَّ سَمعه بِغَيْر وَاسِطَة فَأدى مَا سَمعه عَنهُ شُعْبَة فِي الْحَالَتَيْنِ لِأَن الطَّرِيق فِي كل مِنْهُمَا صَحِيحَة ( ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن مُسَدّد نَحْو البُخَارِيّ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن عبد الله عَن غنْدر وَعَن عبيد الله بن سعيد عَن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن خَالِد بن الْحَارِث ثَلَاثَتهمْ عَن شُعْبَة.
( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " لَا يدع " أَي لَا يتْرك وأمات الْعَرَب ماضيه قَوْله " قبل الْغَدَاة " أَي قبل صَلَاة الصُّبْح وَاخْتلفت الْأَحَادِيث فِي التَّنَفُّل قبل الظّهْر وَبعدهَا وَقد ذَكرْنَاهُ مستقصى.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ وَاخْتلف الْعلمَاء هَل للفرائض رواتب مسنونة أَو لَيست لَهَا فَذهب الْجُمْهُور وَقَالُوا هِيَ سنة مَعَ الْفَرَائِض وَذهب مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ إِلَى أَنه لَا رواتب فِي ذَلِك وَلَا تَوْقِيت حماية للفرائض وَلَا يمْنَع من تطوع بِمَا شَاءَ إِذا أَمن ذَلِك.

( تَابعه ابْن أبي عدي وَعَمْرو عَن شُعْبَة) أَي تَابع يحيى بن سعيد بن أبي عدي وَعمر وَعلي رِوَايَته عَن شُعْبَة وَابْن أبي عدي هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم وَأَبُو عدي هُوَ كنية إِبْرَاهِيم مولى بني سليم من القساملة الْبَصْرِيّ مكنى أَبَا عَمْرو مَاتَ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة وَعَمْرو بِفَتْح الْعين هُوَ ابْن مَرْزُوق أَبُو عُثْمَان مولى باهلة من مُضر الْبَصْرِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي أول الدِّيات وَفِي مَنَاقِب عَائِشَة.

     وَقَالَ  مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ وَتَابعه أَيْضا ابْن الْمُبَارك ومعاذ بن معَاذ ووهب بن جرير كلهم عَن شُعْبَة بِسَنَد لَيْسَ فِيهِ مَسْرُوق.

     وَقَالَ  الْمزي قَالَ النَّسَائِيّ هَذَا الصَّوَاب وَحَدِيث عُثْمَان بن عمر خطأ يَعْنِي عَن شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة ( قلت) قد مر أَن دُخُول مَسْرُوق بَين مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر وَعَائِشَة غير مُمْتَنع وَقد ذَكرْنَاهُ على أَن البُخَارِيّ قد أَرَادَ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَة السَّلامَة من هَذِه الشائية