فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة

( بَاب مَا جَاءَ فِي السَّهْو إِذا قَامَ من رَكْعَتي الْفَرِيضَة)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي أَمر السَّهْو الْوَاقِع فِي الصَّلَاة إِذا قَامَ الْمُصَلِّي من رَكْعَتي الْفَرِيضَة وَلم يجلس عقبيهما وَهَذَا بَيَانه إِذا وَقع وَحكمه فِي حَدِيث الْبَاب.
والسهو الْغَفْلَة عَن الشَّيْء وَذَهَاب الْقلب إِلَى غَيره.

     وَقَالَ  بَعضهم وَفرق بَعضهم بَين السَّهْو وَالنِّسْيَان وَلَيْسَ بِشَيْء ( قلت) هَذَا الَّذِي قَالَه لَيْسَ بِشَيْء بل بَينهمَا فرق دَقِيق وَهُوَ أَن السَّهْو أَن يَنْعَدِم لَهُ شُعُور وَالنِّسْيَان لَهُ فِيهِ شُعُور ثمَّ اعْلَم أَن لَفْظَة بَاب سَاقِطَة فِي رِوَايَة أبي ذَر وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والأصيلي وَأبي الْوَقْت " من رَكْعَتي الْفَرْض "
[ قــ :1180 ... غــ :1224]
- ( حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن عبد الله بن بُحَيْنَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ من بعض الصَّلَوَات ثمَّ قَامَ فَلم يجلس فَنَامَ النَّاس مَعَه فَلَمَّا قضى صلَاته ونظرنا تَسْلِيمه كبر قبل التَّسْلِيم فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ سلم) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ من بعض الصَّلَوَات ثمَّ قَامَ " وَهَذَا الحَدِيث نَحْو الحَدِيث الأول غير أَن مَالِكًا يروي عَن يحيى بن سعيد فِيهِ وَهَهُنَا يروي عَن ابْن شهَاب وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ وَفِيه زِيَادَة وَفِي أَكثر النّسخ هَذَا الحَدِيث مَذْكُور قبل الحَدِيث الأول قَوْله " من بعض الصَّلَوَات " بَين ذَلِك فِي الحَدِيث السَّابِق أَنَّهَا صَلَاة الظّهْر قَوْله " ثمَّ قَامَ " أَي إِلَى الثَّالِثَة وَزَاد الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن الْأَعْرَج " فَسَبحُوا بِهِ فَمضى حَتَّى فرغ من صلَاته " أخرجه ابْن خُزَيْمَة قَوْله " فَلَمَّا قضى صلَاته " أَي لما فرغ مِنْهَا وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْقَضَاء الَّذِي يُقَابل الْأَدَاء قَوْله " ونظرنا تَسْلِيمه " أَي انتظرنا وَفِي رِوَايَة شُعَيْب " وانتظر النَّاس تَسْلِيمه " قَوْله " وَهُوَ جَالس " جملَة اسمية وَقعت حَالا من الضَّمِير الَّذِي فِي " فَسجدَ " قَوْله " ثمَّ سلم " زَاد فِي رِوَايَة يحيى بن سعيد " ثمَّ سلم بعد ذَلِك " وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَة اللَّيْث " وسجدهما النَّاس مَعَه مَكَان مَا نسي من الْجُلُوس " ( وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَشْيَاء) الأول فِي قَوْله " فَلَمَّا قضى صلَاته " دلَالَة على أَن السَّلَام لَيْسَ من الصَّلَاة حَتَّى لَو أحدث بعد أَن جلس وَقبل أَن يسلم تمت صلَاته وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة.

     وَقَالَ  بَعضهم وَتعقب بِأَن السَّلَام لما كَانَ للتحليل من الصَّلَاة كَانَ الْمُصَلِّي إِذا انْتهى إِلَيْهِ كمن فرغ من صلَاته وَيدل على ذَلِك قَوْله فِي رِوَايَة ابْن مَاجَه من طَرِيق جمَاعَة من الثِّقَات عَن يحيى بن سعيد عَن الْأَعْرَج " حَتَّى إِذا فرغ من الصَّلَاة إِلَّا أَن يسلم " فَدلَّ أَن بعض الروَاة حذف الِاسْتِثْنَاء لوضوحه وَالزِّيَادَة من الْحَافِظ مَقْبُولَة انْتهى ( قلت) أَصْحَابنَا مَا اكتفوا بِهَذَا فِي عدم فَرضِيَّة السَّلَام حَتَّى يذكر هَذَا الْقَائِل التعقب بل احْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث " عبد الله بن مَسْعُود أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بِيَدِهِ فَعلمه التَّشَهُّد " وَفِي آخِره " إِذا قلت هَذَا أَو قضيت هَذَا فقد قضيت صَلَاتك إِن شِئْت أَن تقوم وَإِن شِئْت أَن تقعد فَاقْعُدْ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأحمد فِي مُسْنده وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَإِسْحَاق فِي مُسْنده وَهَذَا يُنَافِي فَرضِيَّة السَّلَام فِي الصَّلَاة لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خير الْمُصَلِّي بعد الْقعُود بقوله " إِن شِئْت " أَي آخِره وهم تمسكوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم " وَمَعْنَاهُ لَا يخرج من الصَّلَاة إِلَّا بِهِ وَنحن نمْنَع إِثْبَات الْفَرْضِيَّة بِخَبَر الْوَاحِد على أَن مدَار هَذَا الحَدِيث على عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل وعَلى أبي سُفْيَان من طَرِيق ابْن شهَاب وَكِلَاهُمَا ضعيفان وَالْعجب من هَذَا الْقَائِل أَنه يجوز للراوي حذف شَيْء من الحَدِيث لوضوحه وَكَيف يجوز التَّصَرُّف فِي كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان وَلَا سِيمَا فِي بابُُ الْأَحْكَام الثَّانِي فِيهِ الدّلَالَة على مَشْرُوعِيَّة سَجْدَتي السَّهْو وَأَن الْمَشْرُوع سَجْدَتَانِ فَلَو اقْتصر على سَجْدَة وَاحِدَة سَاهِيا أَو عَامِدًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَذكر بَعضهم أَنه لَو تَركهَا عَامِدًا بطلت صلَاته لِأَنَّهُ تعمد الْإِتْيَان بِسَجْدَة زَائِدَة لَيست مَشْرُوعَة ( قلت) كَيفَ تبطل الصَّلَاة إِذا زَاد فِيهَا شَيْئا من جِنْسهَا الثَّالِث فِيهِ أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ مَعَ حججه فِيمَا مضى.
الرَّابِع فِيهِ أَن الْمَأْمُوم يسْجد مَعَ الإِمَام سَجْدَتي السَّهْو إِذا سَهَا الإِمَام وَإِن سَهَا الْمَأْمُوم لم يلْزمه وَلَا الإِمَام وَفِي مَبْسُوط أبي الْيُسْر وَيسْجد الْمَسْبُوق مَعَ الإِمَام للسَّهْو سَوَاء أدْركهُ فِي الْقعدَة أَو فِي وسط الصَّلَاة الْخَامِس فِيهِ أَن السَّهْو وَالنِّسْيَان جائزان على الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وأزكى السَّلَام فِيمَا طَرِيقه التشريع.
السَّادِس فِيهِ أَن مَحل سَجْدَتي السَّهْو آخر الصَّلَاة.




( بابُُ مَا جَاءَ فِي السَّهْو إِذا قَامَ من رَكْعَتي الْفَرِيضَة)
أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي أَمر السَّهْو الْوَاقِع فِي الصَّلَاة إِذا قَامَ الْمُصَلِّي من رَكْعَتي الْفَرِيضَة وَلم يجلس عقبيهما وَهَذَا بَيَانه إِذا وَقع وَحكمه فِي حَدِيث الْبابُُ.
والسهو الْغَفْلَة عَن الشَّيْء وَذَهَاب الْقلب إِلَى غَيره.

     وَقَالَ  بَعضهم وَفرق بَعضهم بَين السَّهْو وَالنِّسْيَان وَلَيْسَ بِشَيْء ( قلت) هَذَا الَّذِي قَالَه لَيْسَ بِشَيْء بل بَينهمَا فرق دَقِيق وَهُوَ أَن السَّهْو أَن يَنْعَدِم لَهُ شُعُور وَالنِّسْيَان لَهُ فِيهِ شُعُور ثمَّ اعْلَم أَن لَفْظَة بابُُ سَاقِطَة فِي رِوَايَة أبي ذَر وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والأصيلي وَأبي الْوَقْت " من رَكْعَتي الْفَرْض "

[ قــ :1181 ... غــ :15]
- ( حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن عبد الله بن بُحَيْنَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ من اثْنَتَيْنِ من الظّهْر لم يجلس بَينهمَا فَلَمَّا قضى صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم بعد ذَلِك) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " قَامَ من اثْنَتَيْنِ من الظّهْر " وَهُوَ معنى قَوْله فِي التَّرْجَمَة إِذا قَامَ من رَكْعَتي الْفَرِيضَة.
( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة ذكرُوا غير مرّة وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن هُرْمُز الْأَعْرَج وَوَقع كَذَا عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج فِي رِوَايَة كَرِيمَة وَفِي رِوَايَة غَيرهَا عَن الْأَعْرَج وَلم يَقع اسْمه وبحينة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون وَفِي آخِره هَاء وَهُوَ اسْم أم عبد الله وَقيل اسْم أم أَبِيه فَيَنْبَغِي أَن يكْتب ابْن بُحَيْنَة بِأَلف وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي بابُُ من لم ير التَّشَهُّد الأول وَاجِبا وَقد ذكرنَا هُنَاكَ أَن هَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة ( ذكر مَعْنَاهُ وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام) قَوْله " قَامَ من اثْنَتَيْنِ " أَي من رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة الظّهْر وَفِي مُسْند السراج من حَدِيث ابْن إِسْحَق عَن الزُّهْرِيّ " الظّهْر أَو الْعَصْر " وَمن حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن يحيى مثله وَمن حَدِيث سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ أَي إِحْدَى صَلَاتي الْعشي قَوْله " لم يجلس بَينهمَا " أَي بَين هَاتين الثِّنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ هما الركعتان الأوليان وَبَين الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ قَوْله " فَلَمَّا قضى صلَاته " أَي لما فرغ مِنْهَا قَوْله " بعد ذَلِك " أَي بعد أَن سجد سَجْدَتَيْنِ وهما سجدتا السَّهْو.
وَاحْتج قوم بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث أَن سُجُود السَّهْو قبل السَّلَام مُطلقًا فِي الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَرُوِيَ ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة وَالزهْرِيّ وَمَكْحُول وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ والسائب الْقَارِي وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَزعم أَبُو الْخطاب أَنَّهَا رِوَايَة عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَلَهُم أَحَادِيث أُخْرَى فِي ذَلِك مِنْهَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته " الحَدِيث وَفِيه " فليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم ".

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته " الحَدِيث وَفِيه " فليسجد سَجْدَتَيْنِ من قبل أَن يسلم ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن عجلَان أَن مُعَاوِيَة سَهَا فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد أَن أتم الصَّلَاة.

     وَقَالَ  سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " من نسي شَيْئا من صلَاته فليسجد مثل هَاتين السَّجْدَتَيْنِ ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمخْرج عِنْد السِّتَّة وَفِيه زِيَادَة " فليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم ثمَّ ليسلم ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته " الحَدِيث وَفِيه " فَإِذا فرغ فَلم يبْق إِلَّا التَّسْلِيم فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ ليسلم ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه عَن ابْن مَسْعُود عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِذا كنت فِي صَلَاة فشككت فِي ثَلَاث أَو أَربع " وَفِيه " وتشهدت ثمَّ سجدت سَجْدَتَيْنِ وَأَنت جَالس قبل أَن تسلم ثمَّ تشهدت أَيْضا ثمَّ تسلم ".
وَذهب أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري إِلَى أَن السُّجُود يكون بعد السَّلَام فِي الزِّيَادَة وَالنَّقْص وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن مَسْعُود وعمار وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَأنس بن مَالك وَالنَّخَعِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقد مر فِيمَا مضى وَفِيه " فَأَتمَّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا بَقِي من الصَّلَاة ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد التَّسْلِيم ".
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَحَادِيث أُخْرَى.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الشّعبِيّ قَالَ " صلى بِنَا الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فسبح بِهِ الْقَوْم وَسبح بهم فَلَمَّا صلى بَقِيَّة صلَاته سلم ثمَّ سجد سَجْدَتي السَّهْو وَهُوَ جَالس ثمَّ حَدثهمْ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل بهم مثل الَّذِي فعل ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الْعَصْر فَسلم فِي ثَلَاث رَكْعَات فَقَامَ رجل يُقَال لَهُ الْخِرْبَاق قد ذكر لَهُ صَنِيعه فَقَالَ أصدق هَذَا قَالُوا نعم فصلى رَكْعَة ثمَّ سلم ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم " وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ " صليت خلف أنس بن مَالك صَلَاة فَسَهَا فِيهَا فَسجدَ بعد السَّلَام ثمَّ الْتفت إِلَيْنَا.

     وَقَالَ  أما إِنِّي لم أصنع إِلَّا كَمَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات " عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ صليت مَعَ عبد الله بن الزبير الْمغرب فَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ قَامَ يسبح بِهِ الْقَوْم فصلى بهم الرَّكْعَة ثمَّ سلم ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ قَالَ فَأتيت ابْن عَبَّاس من فوري فَأَخْبَرته فَقَالَ لله أَبوك مَا مَاطَ عَن سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " من شكّ فِي صلَاته فليسجد سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يسلم ".
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَأحمد فِي مُسْنده وَعبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث ثَوْبَان عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ " لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يسلم " وَبِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث قَتَادَة " عَن أنس فِي الرجل يهم فِي صلَاته لَا يدْرِي أزاد أم نقص قَالَ يسْجد سَجْدَتَيْنِ بعد السَّلَام " ( فَإِن قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة روى عَن الزُّهْرِيّ أَنه ادّعى نسخ السُّجُود بعد السَّلَام وأسنده الشَّافِعِي عَنهُ ثمَّ أكده بِحَدِيث مُعَاوِيَة أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجدهما قبل السَّلَام رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه قَالَ وصحبة مُعَاوِيَة مُتَأَخِّرَة ( قلت) قَول الزُّهْرِيّ مُنْقَطع وَهُوَ غير حجَّة عِنْدهم.

     وَقَالَ  الطرطوشي هَذَا لَا يَصح عَن الزُّهْرِيّ وَفِي إِسْنَاده أَيْضا مطرف بن مَازِن قَالَ يحيى كَذَّاب.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ غير ثِقَة.

     وَقَالَ  ابْن حبَان لَا تجوز الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا للاعتبار ( فَإِن قلت) قَالُوا المُرَاد بِالسَّلَامِ فِي الْأَحَادِيث الَّتِي جَاءَت بِالسُّجُود بعد السَّلَام هُوَ السَّلَام على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد أَو يكون تَأْخِيرهَا على سَبِيل السَّهْو ( قلت) هَذَا بعيد جدا مَعَ أَنه معَارض بِمثلِهِ وَهُوَ أَن يُقَال حَدِيثهمْ قبل السَّلَام يكون على سَبِيل السَّهْو وَيحْتَمل حَدِيثهمْ على السَّلَام الْمَعْهُود الَّذِي يخرج بِهِ عَن الصَّلَاة وَهُوَ سَلام التَّحَلُّل وَيبْطل أَيْضا حملهمْ على السَّلَام الَّذِي فِي التشهدان سُجُود السَّهْو لَا يكون إِلَّا بعد التسليمتين اتِّفَاقًا.
وَأما الْجَواب عَن أَحَادِيثهم فَنَقُول أما حَدِيث الْبابُُ وَهُوَ حَدِيث ابْن بُحَيْنَة فَهُوَ يخبر عَن فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي أحاديثنا مَا يخبر عَن قَوْله فَالْعَمَل بقوله أولى على أَنه قد تعَارض فعلاه لِأَن فِي أَحَادِيثهم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد للسَّهْو قبل السَّلَام وَفِي أحاديثنا سجد بعد السَّلَام فَفِي مثل هَذَا الْمصير إِلَى قَوْله أولى وَقد يُقَال أَن سُجُوده بعد السَّلَام إِنَّمَا كَانَ لبَيَان الْجَوَاز قبل السَّلَام لَا لبَيَان الْمسنون.

     وَقَالَ  بعض الشَّافِعِيَّة وَللشَّافِعِيّ قَول آخر أَنه يتَخَيَّر إِن شَاءَ قبل السَّلَام وَإِن شَاءَ بعده وَالْخلاف عندنَا فِي الْأَجْزَاء وَقيل فِي الْأَفْضَل وَادّعى الْمَاوَرْدِيّ اتِّفَاق الْفُقَهَاء يَعْنِي جَمِيع الْعلمَاء عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  صَاحب الذَّخِيرَة للحنفية لَو سجد قبل السَّلَام جَازَ عندنَا قَالَ الْقَدُورِيّ هَذَا فِي رِوَايَة الْأُصُول قَالَ وروى عَنْهُم أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ أَدَّاهُ قبل وقته وَوجه رِوَايَة الْأُصُول أَنه فعل حصل فِي مُجْتَهد فِيهِ فَلَا يحكم بفساده وَهَذَا لَو أمرناه بِالْإِعَادَةِ يتَكَرَّر عَلَيْهِ السُّجُود وَلم يقل بِهِ أحد من الْعلمَاء وَذكر صَاحب الْهِدَايَة أَن هَذَا الْخلاف فِي الْأَوْلَوِيَّة وَذكر ابْن عبد الْبر كلهم يَقُولُونَ لَو سجد قبل السَّلَام فِيمَا يجب السُّجُود بعده أَو بعده فِيمَا يجب قبله لَا يضر وَهُوَ مُوَافق لنقل الْمَاوَرْدِيّ الْمَذْكُور آنِفا.

     وَقَالَ  الْحَازِمِي طَرِيق الْإِنْصَاف أَن نقُول أما حَدِيث الزُّهْرِيّ الَّذِي فِيهِ دلَالَة على النّسخ فَفِيهِ انْقِطَاع فَلَا يَقع مُعَارضا للأحاديث الثَّابِتَة وَأما بَقِيَّة الْأَحَادِيث فِي السُّجُود قبل السَّلَام وَبعده قولا وفعلا فَهِيَ وَإِن كَانَت ثَابِتَة صَحِيحَة فَفِيهَا نوع من تعَارض غير أَن تَقْدِيم بَعْضهَا على بعض غير مَعْلُوم رِوَايَة صَحِيحَة مَوْصُولَة وَالْأَشْبَه حمل الْأَحَادِيث على التَّوَسُّع وَجَوَاز الْأَمريْنِ انْتهى.
وَأما حَدِيث أبي سعيد فَإِن مُسلما أخرجه مُنْفَردا بِهِ وَرَوَاهُ مَالك مُرْسلا ( فَإِن قلت) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ القَوْل لمن وَصله ( قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ الأَصْل الْإِرْسَال.
وَأما حَدِيث مُعَاوِيَة فَإِن النَّسَائِيّ أخرجه من حَدِيث ابْن عجلَان عَن مُحَمَّد بن يُوسُف مولى عُثْمَان عَن أَبِيه عَنهُ ثمَّ قَالَ ويوسف لَيْسَ بِمَشْهُور.
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَهُوَ مَنْسُوخ.
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ من حَدِيث ابْن إِسْحَاق عَن مَكْحُول عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس وَرَوَاهُ أَبُو عَليّ الطوسي فِي الْأَحْكَام عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا ابْن علية حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مَكْحُول أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فَذكره.

     وَقَالَ  الدراقطني رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن ابْن إِسْحَق عَن مَكْحُول مُرْسلا وَرَوَاهُ ابْن علية وَعبد الله بن نمير والمحاربي عَن ابْن إِسْحَق عَن مَكْحُول مُرْسلا وَوَصله يرجع إِلَى حُسَيْن بن عبد الله وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم وَكِلَاهُمَا ضعيفان.
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَإِن أَبَا عُبَيْدَة رَوَاهُ عَن أَبِيه وَلم يسمع مِنْهُ وَبقيت هُنَا أَحْكَام أُخْرَى.
الأول أَن فِي مَحل سَجْدَتي السَّهْو خَمْسَة أَقْوَال الْقَوْلَانِ للحنفية وَالشَّافِعِيَّة ذكرناهما.
وَالثَّالِث مَذْهَب الْمَالِكِيَّة فَإِن عِنْدهم إِن كَانَ للنقصان فَقبل السَّلَام وَإِن كَانَ للزِّيَادَة فَبعد السَّلَام وَهُوَ قَول للشَّافِعِيّ.
وَالرَّابِع مَذْهَب الْحَنَابِلَة أَنه يسْجد قبل السَّلَام فِي الْمَوَاضِع الَّتِي سجد فِيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبعد السَّلَام فِي الْمَوَاضِع الَّتِي سجد فِيهَا بعد السَّلَام وَمَا كَانَ من السُّجُود فِي غير تِلْكَ الْمَوَاضِع يسْجد لَهُ أبدا قبل السَّلَام.
وَالْخَامِس مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة أَنه لَا يسْجد للسَّهْو إِلَّا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي سجد فِيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَط وَغير ذَلِك إِن كَانَ فرضا أَتَى بِهِ وَإِن كَانَ ندبا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء.
والمواضع الَّتِي سجد فِيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَمْسَة.
أَحدهَا قَامَ من ثِنْتَيْنِ على مَا جَاءَ بِهِ فِي حَدِيث ابْن بُحَيْنَة.
وَالثَّانِي سلم من ثِنْتَيْنِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ.
وَالثَّالِث سلم من ثَلَاث كَمَا جَاءَ بِهِ فِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن.
وَالرَّابِع أَنه صلى خمْسا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَالْخَامِس السُّجُود على الشَّك كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الحكم الثَّانِي أَن فِي الحَدِيث دلَالَة على سنية التَّشَهُّد الأول وَالْجُلُوس لَهُ إِذْ لَو كَانَا واجبين لما جبرا بِالسُّجُود كالركوع وَغَيره وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة كَذَا نَقله صَاحب التَّوْضِيح عَن أبي حنيفَة فَإِن كَانَ مُرَاده من السّنة السّنة الْمُؤَكّدَة يَصح النَّقْل عَنهُ لِأَن السّنة الْمُؤَكّدَة فِي قُوَّة الْوَاجِب وَفِي الْمُحِيط قَالَ الْكَرْخِي والطَّحَاوِي وَبَعض الْمُتَأَخِّرين الْقعدَة الأولى وَاجِبَة وَقِرَاءَة التَّشَهُّد فِيهَا سنة عِنْد بعض الْمَشَايِخ وَهُوَ الأقيس وَعند بَعضهم وَاجِبَة وَهُوَ الْأَصَح وَقِرَاءَة التَّشَهُّد فِي الْقعدَة الْأَخِيرَة وَاجِبَة بالِاتِّفَاقِ الحكم الثَّالِث فِي أَن التَّكْبِير مَشْرُوع لسجود السَّهْو بِالْإِجْمَاع وَفِي التَّوْضِيح مَذْهَبنَا أَن تَكْبِير الصَّلَوَات كلهَا سنة غير تَكْبِيرَة الْإِحْرَام فَهُوَ ركن وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وَأَبُو حنيفَة يُسمى تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَاجِبَة وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد والظاهرية أَن كلهَا وَاجِبَة ( قلت) مَذْهَب أبي حنيفَة أَن تَكْبِيرَة الْإِحْرَام فرض وَنحن نفرق بَين الْفَرْض وَالْوَاجِب وَلكنه شَرط أَو ركن فعندنا شَرط وَعند الشَّافِعِي ركن كَمَا عرف فِي مَوْضِعه الحكم الرَّابِع فِي أَنه هَل يتَشَهَّد فِي سُجُود السَّهْو أم لَا فعندنا يتَشَهَّد وَعند الشَّافِعِي فِي الصَّحِيح لَا يتَشَهَّد كَمَا فِي سُجُود التِّلَاوَة والجنازة.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة إِن كَانَ قبل السَّلَام يسلم عقيب التَّكْبِير وَإِن كَانَ بعده يتَشَهَّد وَيسلم قَالَ وَبِه قَالَ ابْن مَسْعُود وَقَتَادَة وَالنَّخَعِيّ وَالْحكم وَحَمَّاد وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَعَن النَّخعِيّ يتَشَهَّد وَلَا يسلم وَعَن أنس وَالشعْبِيّ وَالْحسن وَعَطَاء لَيْسَ فيهمَا تشهد وَلَا تَسْلِيم وَعَن سعد بن أبي وَقاص وعمار وَابْن أبي ليلى وَابْن سِيرِين وَابْن الْمُنْذر فيهمَا تَسْلِيم بِغَيْر تشهد.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر التَّسْلِيم فيهمَا ثَابت من غير وَجه وَفِي ثُبُوت التَّشَهُّد عَنهُ نظر.

     وَقَالَ  أَبُو عمر لَا أحفظه مَرْفُوعا من وَجه صَحِيح وَعَن عَطاء إِن شَاءَ يتَشَهَّد وَيسلم وَإِن شَاءَ لم يفعل ( قلت) عندنَا يسلم ثِنْتَيْنِ وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَأحمد وَيسلم عَن يَمِينه وشماله وَفِي الْمُحِيط يَنْبَغِي أَن يسلم وَاحِدَة عَن يَمِينه وَهُوَ قَول الْكَرْخِي وَبِه قَالَ النَّخعِيّ كالجنازة وَفِي الْبَدَائِع يسلم تِلْقَاء وَجهه فِي صفة السَّلَام فهما رِوَايَتَانِ عَن مَالك الحكم الْخَامِس فِي أَنه لَا يتَكَرَّر السُّجُود فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما ترك التَّشَهُّد الأول وَالْجُلُوس لَهُ اكْتفى بسجدتين وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَعَن الْأَوْزَاعِيّ إِذا سَهَا عَن شَيْئَيْنِ مُخْتَلفين يُكَرر وَيسْجد أَرْبعا.

     وَقَالَ  ابْن أبي ليلى يتَكَرَّر السُّجُود بِتَكَرُّر السَّهْو.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَازِم وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة إِذا كَانَ عَلَيْهِ سهوان فِي صَلَاة وَاحِدَة مِنْهُ مَا يسْجد لَهُ قبل السَّلَام وَمِنْه مَا يسْجد لَهُ بعد السَّلَام فليفعلهما الحكم السَّادِس فِي أَن سُجُود السَّهْو فِي التَّطَوُّع كالفرض سَوَاء.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين وَقَتَادَة لَا سُجُود فِي التَّطَوُّع وَهُوَ قَول غَرِيب ضَعِيف للشَّافِعِيّ الحكم السَّابِع فِي أَن مُتَابعَة الإِمَام عِنْد الْقيام من هَذَا الْجُلُوس وَاجِبَة أم لَا فَذكر فِي التَّوْضِيح أَنَّهَا وَاجِبَة وَقد وَقع كَذَلِك فِي الحَدِيث وَيجوز أَن يَكُونُوا علمُوا حكم هَذِه الْحَادِثَة أَو لم يعلمُوا فَسَبحُوا فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَن يقومُوا نعم اخْتلفُوا فِيمَن قَامَ من اثْنَتَيْنِ سَاهِيا هَل يرجع إِلَى الْجُلُوس فَقَالَت طَائِفَة بِهَذَا الحَدِيث أَن من استتم قَائِما واستقل من الأَرْض فَلَا يرجع وليمض فِي صلَاته وَإِن لم يستو قَائِما جلس وروى ذَلِك عَن عَلْقَمَة وَقَتَادَة وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَابْن الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة وَالشَّافِعِيّ.

     وَقَالَ ت طَائِفَة إِذا فَارَقت إليته الأَرْض وَإِن لم يعتدل فَلَا يرجع ويتمادى وَيسْجد قبل السَّلَام رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْمَجْمُوعَة.

     وَقَالَ ت طَائِفَة يقْعد وَإِن كَانَ استتم قَائِما رُوِيَ ذَلِك عَن النُّعْمَان بن بشير وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ إِلَّا أَن النَّخعِيّ قَالَ يجلس مَا لم يستتم الْقِرَاءَة.

     وَقَالَ  الْحسن مَا لم يرْكَع وَقد روى عَن عمر وَابْن مَسْعُود وَمُعَاوِيَة وَسَعِيد والمغيرة بن شُعْبَة وَعقبَة بن عَامر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَنهم قَامُوا من اثْنَتَيْنِ فَلَمَّا ذكرُوا بعد الْقيام لم يجلسوا وَقَالُوا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يفعل ذَلِك وَفِي قَول أَكثر الْعلمَاء أَن من رَجَعَ إِلَى الْجُلُوس بعد قِيَامه من ثِنْتَيْنِ أَنه لَا تفْسد صلَاته إِلَّا مَا ذكر ابْن أبي زيد عَن سَحْنُون أَنه قَالَ أفسد الصَّلَاة رُجُوعه وَالصَّوَاب قَول الْجَمَاعَة الحكم الثَّامِن فِيمَن سَهَا فِي سَجْدَتي السَّهْو لَا سَهْو عَلَيْهِ قَالَه النَّخعِيّ وَالْحكم وَحَمَّاد والمغيرة وَابْن أبي ليلى وَالْحسن الحكم التَّاسِع أَن سُجُود السَّهْو وَاجِب عِنْد أبي حنيفَة لوُجُود الْأَمر بِهِ فِي غير حَدِيث لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَّفق عَلَيْهِ " فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ " وَذهب الشَّافِعِي إِلَى أَن سُجُود السَّهْو سنة يجوز تَركه والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  ابْن شبْرمَة فِي رجل نسي سَجْدَتي السَّهْو حَتَّى يخرج من الْمَسْجِد قَالَ يُعِيد الصَّلَاة ( فَإِن قلت) روى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسْجد يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ ( قلت) فِي إِسْنَاده عبد الله بن عمر الْعمريّ وَهُوَ مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَئِن سلمنَا صِحَّته فَإِنَّهُ لَا يُقَاوم حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَافْهَم