فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من يكبر في سجدتي السهو

( بابُُ يكبر فِي سَجْدَتي السَّهْو)
أَي هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ أَن الساهي فِي صلَاته يكبر فِي سَجْدَتي السَّهْو وَفِي بعض النّسخ بابُُ من يكبر فِي سَجْدَتي السَّهْو فجمهور الْعلمَاء على الِاكْتِفَاء بتكبير السُّجُود وَبِذَلِك يشْهد غَالب الْأَحَادِيث وَحكى الْقُرْطُبِيّ أَن قَول مَالك مُخْتَلف فِي وجوب السَّلَام بعد سَجْدَتي السَّهْو قَالَ وَمَا يتَحَلَّل مِنْهُ بِسَلام لَا بُد لَهُ من تَكْبِيرَة إِحْرَام قَالَ وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من طَرِيق حَمَّاد بن زيد عَن هَاشم بن حسان عَن ابْن سِيرِين فِي حَدِيث الْبابُُ " ثمَّ رفع وَكبر ثمَّ كبر وَسجد للسَّهْو " وَهَذَا يدل على تكبيرتين إِحْدَاهمَا تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَالْأُخْرَى تَكْبِيرَة السَّجْدَة وَلَكِن أَشَارَ أَبُو دَاوُد إِلَى شذوذ هَذِه الرِّوَايَة حَيْثُ قَالَ.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد وَلم يقل أحد فَكبر ثمَّ كبر إِلَّا حَمَّاد بن زيد

[ قــ :1185 ... غــ :1229]
- ( حَدثنَا حَفْص بن عمر قَالَ حَدثنَا يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِحْدَى صَلَاتي الْعشي.
قَالَ مُحَمَّد وَأكْثر ظَنِّي الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَة فِي مقدم الْمَسْجِد فَوضع يَده عَلَيْهَا وَفِيهِمْ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَهَابَا أَن يُكَلِّمَاهُ وَخرج سرعَان النَّاس فَقَالُوا أقصرت الصَّلَاة وَرجل يَدعُوهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ أنسيت أم قصرت فَقَالَ لم أنس وَلم تقصر قَالَ بلَى قد نسيت فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ كبر فَسجدَ مثل سُجُوده أَو أطول ثمَّ رفع رَأسه فَكبر ثمَّ وضع رَأسه فَكبر فَسجدَ مثل سُجُوده أَو أطول ثمَّ رفع رَأسه وَكبر)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَيزِيد من الزِّيَادَة هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم التسترِي وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين والإسناد كُله بصريون وَقد مضى الحَدِيث فِي بابُُ تشييك الْأَصَابِع فِي الْمَسْجِد وَغَيره فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَق عَن ابْن شُمَيْل عَن ابْن عون عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة إِلَى آخِره وَهُنَاكَ بعض زِيَادَة تعلم عِنْد الرُّجُوع إِلَيْهِ وتكلمنا هُنَاكَ أَيْضا على مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْأَشْيَاء الْمُتَعَلّقَة بِهِ قَوْله " قَالَ مُحَمَّد " هُوَ ابْن سِيرِين قَوْله " فِي مقدم الْمَسْجِد " بتَشْديد الدَّال الْمَفْتُوحَة أَي فِي جِهَة الْقبْلَة وَفِي رِوَايَة ابْن عون " فَقَامَ إِلَى خَشَبَة معروضة فِي الْمَسْجِد " أَي مَوْضُوعَة بِالْعرضِ وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب " ثمَّ أَتَى جذعا فِي قبْلَة الْمَسْجِد فاستند إِلَيْهَا مغضبا " قَوْله " فَهَابَا أَن يُكَلِّمَاهُ " وَفِي رِوَايَة ابْن عون " فهاباه " بِزِيَادَة الضَّمِير وَالْمعْنَى أَنَّهُمَا غلب عَلَيْهِمَا احترام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتعظيمه عَن الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ قَوْله " سرعَان النَّاس " بالمهملات الْمَفْتُوحَة أَي أخفاؤهم والمستعجلون مِنْهُم وأوائلهم وَيلْزم الْإِعْرَاب نونه فِي كل وَجه وَهَذَا الْوَجْه هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَه الْجُمْهُور من أهل الحَدِيث واللغة وَهَكَذَا ضَبطه المتقنون.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير السرعان بِفَتْح السِّين وَالرَّاء أَوَائِل النَّاس الَّذين يتسارعون إِلَى الشَّيْء ويقبلون عَلَيْهِ بِسُرْعَة وَيجوز تسكين الرَّاء ( قلت) وَكَذَا نقل القَاضِي عَن بَعضهم قَالَ وَضَبطه الْأصيلِيّ فِي البُخَارِيّ بِضَم السِّين وَإِسْكَان الرَّاء وَوَجهه أَنه جمع سريع كقفيز وقفزان وكثيب وكثبان وَمن قَالَ سرعَان بِكَسْر السِّين فَهُوَ خطأ وَقيل يُقَال أَيْضا بِكَسْر السِّين وَسُكُون الرَّاء وَهُوَ جمع سريع كرعيل ورعلان وَأما قَوْلهم سرعَان مَا فعلت فَفِيهِ ثَلَاث لُغَات الضَّم وَالْكَسْر وَالْفَتْح مَعَ إسكان الرَّاء وَالنُّون مَفْتُوحَة أبدا قَوْله " أقصرت الصَّلَاة " بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَفِي رِوَايَة ابْن عون بحذفها " وَقصرت " على صِيغَة الْمَجْهُول ويروى على بِنَاء الْفَاعِل قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا أَكثر قَوْله " وَرجل يَدعُوهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي يُسَمِّيه ذَا الْيَدَيْنِ ( فَإِن قلت) مَا الرافع للرجل ( قلت) هُوَ مُبْتَدأ تخصص بِالصّفةِ وَهُوَ قَوْله " يَدعُوهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره وَهُنَاكَ رجل وَفِي رِوَايَة ابْن عون " وَفِي الْقَوْم رجل فِي يَده طول يُقَال لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ "



[ قــ :1186 ... غــ :130]
- ( حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا لَيْث عَن ابْن شهَاب عَن الْأَعْرَج عَن عبد الله بن بُحَيْنَة الْأَسدي حَلِيف بني عبد الْمطلب أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فِي صَلَاة الظّهْر وَعَلِيهِ جُلُوس فَلَمَّا أتم صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ فَكبر فِي كل سَجْدَة وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم وسجدهما النَّاس مَعَه مَكَان مَا نسي من الْجُلُوس) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " يكبر فِي كل سَجْدَة " وَقد مضى هَذَا الحَدِيث عَن قريب فِي بابُُ مَا جَاءَ فِي السَّهْو إِذا قَامَ من رَكْعَتي الْفَرِيضَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن الْأَعْرَج وَهنا عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث بن سعد عَن ابْن شهَاب وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء قَوْله " الْأَسدي " بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَمِنْهُم من يَقُول الْأَزْدِيّ بالزاي مَوضِع السِّين نِسْبَة إِلَى أَزْد قَوْله " بني عبد الْمطلب " الصَّوَاب بني الْمطلب بِإِسْقَاط عبد لِأَن جده حَالف الْمطلب بن عبد منَاف
( تَابعه ابْن جريج عَن ابْن شهَاب فِي التَّكْبِير) أَي تَابع اللَّيْث عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك بن جريج فِي رِوَايَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ فِي الْإِتْيَان بِلَفْظ التَّكْبِير فِي سَجْدَتي السَّهْو وَقد وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج وَأخرجه أَحْمد عَن عبد الرَّزَّاق وَمُحَمّد بن بكير كِلَاهُمَا عَن ابْن جريج بِلَفْظ " فَكبر فَسجدَ ثمَّ كبر فَسجدَ ثمَّ سلم "