فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع

( بابُُ إِذا كلم وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ بِيَدِهِ واستمع)
أَي هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا كلم الْمُصَلِّي وَالْحَال أَنه فِي الصَّلَاة فَأَشَارَ بِيَدِهِ يُعلمهُ أَنه فِي الصَّلَاة وكلم بِضَم الْكَاف على صِيغَة الْمَجْهُول

[ قــ :1189 ... غــ :1233]
- ( حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنِي ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو عَن بكير عَن كريب أَن ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر رَضِي الله عَنْهُم أَرْسلُوهُ إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالُوا اقْرَأ عَلَيْهَا السَّلَام منا جَمِيعًا وسلها عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد صَلَاة الْعَصْر وَقل لَهَا إِنَّا أخبرنَا أَنَّك تصليهما وَقد بلغنَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَنْهُمَا.
.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس وَكنت أضْرب النَّاس مَعَ عمر بن الْخطاب عَنْهَا قَالَ كريب فَدخلت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فبلغتها مَا أرسلوني بِهِ فَقَالَت سل أم سَلمَة فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا فردوني إِلَى أم سَلمَة بِمثل مَا أرسلوني بِهِ إِلَى عَائِشَة فَقَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَنْهَا ثمَّ رَأَيْته يُصَلِّيهمَا حِين صلى الْعَصْر ثمَّ دخل عَليّ وَعِنْدِي نسْوَة من بني حرَام من الْأَنْصَار فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة فَقلت قومِي بجنبه قولي لَهُ تَقول لَك أم سَلمَة يَا رَسُول الله سَمِعتك تنْهى عَن هَاتين وأراك تصليهما فَإِن أَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخري عَنهُ فَفعلت الْجَارِيَة فَأَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخرت عَنهُ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ يَا بنت أبي أُميَّة سَأَلت عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر وَإنَّهُ أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس فشغلوني عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بعد الظّهْر فهما هَاتَانِ)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَفعلت الْجَارِيَة " أَي قَالَت يَا رَسُول الله فكلمته مثل مَا قَالَت لَهَا أم سَلمَة فَأَشَارَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ وَهَذِه عين التَّرْجَمَة لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلم وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَأَشَارَ بِيَدِهِ.
( ذكر رِجَاله) وهم أحد عشر.
الأول يحيى بن سُلَيْمَان بن يحيى أَبُو سعيد الْجعْفِيّ مَاتَ بِمصْر سنة ثَمَان وَيُقَال سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَه الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ.
الثَّانِي عبد الله بن وهب وَقد تكَرر ذكره.
الثَّالِث عَمْرو بن الْحَارِث.
الرَّابِع بكير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة تَصْغِير بكر بن عبد الله بن الْأَشَج.
الْخَامِس كريب بِضَم الْكَاف مولى ابْن عَبَّاس.
السَّادِس عبد الله بن عَبَّاس.
السَّابِع الْمسور بِكَسْر الْمِيم ابْن مخرمَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء الزُّهْرِيّ الصَّحَابِيّ.
الثَّامِن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر على وزن أفعل القريشي الزُّهْرِيّ الصَّحَابِيّ عَم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَاتَ قبل الْحرَّة وَشهد حنينا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
التَّاسِع عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.
الْعَاشِر أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة وَاسم أبي أُميَّة حُذَيْفَة وَيُقَال سُهَيْل بن الْمُغيرَة.
الْحَادِي عشر عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِخْبَار مُفردا فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَفِيه الْإِرْسَال والبلاغ وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه أَن شَيْخه كُوفِي سكن مصر وَابْن وهب وَعَمْرو مصريان والبقية مدنيون وَفِيه عَمْرو يروي عَن اثْنَيْنِ وَفِيه سِتَّة من الصَّحَابَة أَرْبَعَة من الرِّجَال وثنتان من النِّسَاء وَفِيه اثْنَان مذكوران باسم أَبِيه وَاثْنَانِ بِالتَّصْغِيرِ مجردان عَن النِّسْبَة وَوَاحِد بِلَا نِسْبَة أَيْضا وَفِيه أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن سُلَيْمَان وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَرْسلُوهُ " أَي أرْسلُوا كريبا إِلَى عَائِشَة قَوْله " وسلها " أَصله اسألها قَوْله " عَن الرَّكْعَتَيْنِ " أَي صَلَاة الرَّكْعَتَيْنِ قَوْله " أخبرنَا " على صِيغَة الْمَجْهُول قيل كَانَ الْمخبر عبد الله بن الزبير وروى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق " عبد الله بن الْحَارِث قَالَ دخلت مَعَ ابْن عَبَّاس على مُعَاوِيَة فأجلسه مُعَاوِيَة على السرير ثمَّ قَالَ مَا رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهمَا النَّاس بعد الْعَصْر قَالَ ذَلِك مَا يُفْتِي بِهِ النَّاس ابْن الزبير فَأرْسل إِلَى ابْن الزبير فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرتنِي بذلك عَائِشَة فَأرْسل إِلَى عَائِشَة فَقَالَت أَخْبَرتنِي أم سَلمَة فَأرْسل إِلَى أم سَلمَة فَانْطَلَقت مَعَ الرَّسُول " فَذكر الْقِصَّة وَاسم الرَّسُول كثير بن الصَّلْت سَمَّاهُ الطَّحَاوِيّ فِي رِوَايَته قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الله بن أبي لبيد " عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر لكثير بن الصَّلْت اذْهَبْ إِلَى عَائِشَة فسلها عَن رَكْعَتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد الْعَصْر فَقَالَ أَبُو سَلمَة فَقُمْت مَعَه قَالَ ابْن عَبَّاس لعبد الله بن الْحَارِث اذْهَبْ مَعَه فَجِئْنَاهَا فسألناها فَقَالَت لَا أَدْرِي سلوا أم سَلمَة قَالَ فسألناها فَقَالَت دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم بعد الْعَصْر فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقلت يَا رَسُول الله مَا كنت تصلي هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَ قدم عَليّ وَفد من بني تَمِيم أَو جَاءَتْنِي صَدَقَة فشغلوني عَن رَكْعَتَيْنِ كنت أصليهما بعد الظّهْر وهما هَاتَانِ " ( قلت) كثير بن الصَّلْت ابْن معدي كرب الْكِنْدِيّ أَبُو عبد الله الْمدنِي قيل أَنه أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذكره ابْن حبَان فِي ثِقَات التَّابِعين وَكَانَ كَاتبا لعبد الْملك بن مَرْوَان وَهُوَ أَخُو زبيد بن الصَّلْت وَعبد الله بن الْحَارِث بن جُزْء الزبيدِيّ الصَّحَابِيّ قَوْله " إِنَّك تصليهما " بِحَذْف النُّون فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره " تصلينهما " أَي الرَّكْعَتَيْنِ ويروى " تصليها " بإفراد الضَّمِير رَاجعا إِلَى الصَّلَاة قَوْله ".

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس وَكنت أضْرب النَّاس " من الضَّرْب بالضاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ كَانَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يضْرب النَّاس عَلَيْهَا وروى السَّائِب بن يزِيد أَنه رأى عمر يضْرب الْمُنْكَدر على الصَّلَاة بعد الْعَصْر وروى " أصرف النَّاس " من الصّرْف بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء قَوْله " عَنْهَا " أَي عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر وَالْمعْنَى لأَجلهَا وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " عَنهُ " أَي عَن فعل الصَّلَاة وَقَوله ".

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَكَذَا قَوْله " قَالَ كريب " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " سل أم سَلمَة " أَصله اسْأَل أم سَلمَة وَفِي رِوَايَة مُسلم " فَقَالَت سل أم سَلمَة فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا فردوني إِلَى أم سَلمَة " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى للطحاوي " أَن مُعَاوِيَة أرسل إِلَى عَائِشَة يسْأَلهَا عَن السَّجْدَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَقَالَت لَيْسَ عِنْدِي صلاهما وَلَكِن أم سَلمَة حَدَّثتنِي أَنه صلاهما عِنْدهَا فَأرْسل إِلَى أم سَلمَة فَقَالَت صلاهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدِي لم أره صلاهما قبل وَلَا بعد فَقلت يَا رَسُول الله مَا سَجْدَتَانِ رَأَيْتُك صليتهما بعد الْعَصْر مَا رَأَيْتُك صليتهما قبل وَلَا بعد فَقَالَ هما سَجْدَتَانِ كنت أصليهما بعد الظّهْر فَقدم عَليّ قَلَائِص من الصَّدَقَة فنسيتهما حَتَّى صليت الْعَصْر ثمَّ ذكرتهما فَكرِهت أَن أصليهما فِي الْمَسْجِد وَالنَّاس يرونني فصليتهما عنْدك " ( قلت) القلائص جمع قلُوص وَهُوَ من النوق الشَّابَّة وَهِي بِمَنْزِلَة الْجَارِيَة من النِّسَاء قَوْله " ثمَّ دخل " أَي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " من بني حرَام " بحاء وَرَاء مهملتين مفتوحتين وهم من الْأَنْصَار ( فَإِن قلت) إِذا كَانَ بَنو حرَام من الْأَنْصَار فَمَا الْفَائِدَة فِي قَوْلهَا من الْأَنْصَار ( قلت) يحْتَمل أَن يكون هَذَا احْتِرَازًا من غير الْأَنْصَار فَإِن فِي الْعَرَب عدَّة بطُون يُقَال لَهُم بَنو حرَام بطن فِي تَمِيم وبطن فِي جذام وبطن فِي بكر بن وَائِل وبطن فِي خُزَاعَة وبطن فِي عذرة وبطن فِي بلَى قَوْله " فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة " وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي " فَأرْسلت إِلَيْهِ الْخَادِم " وَلم يعلم اسْمهَا قيل يحْتَمل أَن تكون بنتهَا زَيْنَب ( قلت) هَذَا حدس وتخمين قَوْله " هَاتين " يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ قَوْله " يَا بنت أبي أُميَّة " قد ذكرنَا أَن أَبَا أُميَّة وَالِد أم سَلمَة قَوْله " عَن الرَّكْعَتَيْنِ " أَي اللَّتَيْنِ صليتهما الْآن قَوْله " نَاس من عبد الْقَيْس " وللبخاري فِي الْمَغَازِي " أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس بِالْإِسْلَامِ من قَومهمْ فشغلوني " وَقد مر أَن للطحاوي فِي رِوَايَة " قدم عَليّ وَفد من بني تَمِيم أَو جَاءَتْنِي صَدَقَة فشغلوني ".

     وَقَالَ  بَعضهم قَوْله من تَمِيم وهم وَإِنَّمَا هم من عبد الْقَيْس قلت لم يبين وَجه الْوَهم قَوْله " فهما هَاتَانِ " أَي اللَّتَان سألتهما يَا بنت أبي أُميَّة هَاتَانِ الركعتان اللَّتَان كنت أصليهما بعد الظّهْر فشغلت عَنْهُمَا.

     وَقَالَ  بَعضهم فِي رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أم سَلمَة عِنْد الطَّحَاوِيّ من الزِّيَادَة " فَقلت أمرت بهما فَقَالَ لَا وَلَكِن كنت أصليهما بعد الظّهْر فشغلت عَنْهُمَا فصليتهما الْآن " وَله من وَجه آخر عَنْهَا " لم أره صلاهما قبل وَلَا بعد " لَكِن هَذَا لَا يَنْفِي الْوُقُوع فقد ثَبت فِي مُسلم عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَنْهَا فَقَالَت كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر فشغل عَنْهُمَا أَو نسيهما أَو صلاهما بعد الْعَصْر ثمَّ أثبتهما وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة أثبتها أَي داوم عَلَيْهَا وَمن طَرِيق عُرْوَة عَنْهَا مَا ترك رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ ( قلت) أَرَادَ هَذَا الْقَائِل بِمَا نَقله من كَلَام الطَّحَاوِيّ الغمز عَلَيْهِ والطَّحَاوِي مَا ادّعى نفي الْوُقُوع وَلَكِن ادّعى الانتفاء أَعنِي انْتِفَاء مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة بِمَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة فَإِنَّهُ روى أَولا مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة من تسع طرق.
إِحْدَاهَا من رِوَايَة الْأسود ومسروق " عَن عَائِشَة قَالَت مَا كَانَ الْيَوْم الَّذِي يكون عِنْدِي فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا صلى رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر " وَاحْتج بِهِ قوم وَقَالُوا لَا بَأْس أَن يُصَلِّي الرجل بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ على أَنا نقُول أَن هَذِه الرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهَا الطَّحَاوِيّ من طَرِيق عبيد الله بن عبد الله غير حَدِيث الْبابُُ فَإِن حَدِيث الْبابُُ عَن ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأَزْهَر وَحَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة " عَن مُعَاوِيَة أَنه أرسل إِلَى أم سَلمَة يسْأَلهَا عَن الرَّكْعَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ ركعهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد الْعَصْر فَقَالَت نعم صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَقلت أمرت بهما " إِلَى آخر مَا ذَكرْنَاهُ وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا فِي مُسْنده حَدثنَا ابْن نمير قَالَ حَدثنَا طَلْحَة بن يحيى قَالَ زعم لي عبيد الله بن عبد الله بن عتيبة أَن مُعَاوِيَة أرسل إِلَى آخِره نَحوه وَلَكِن فِيهِ " يَا نَبِي الله أنزل عَلَيْك فِي هَاتين السَّجْدَتَيْنِ قَالَ لَا " انْتهى وَجه الِاسْتِدْلَال لِلْجُمْهُورِ بذلك أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أمرت بهَا فَدلَّ ذَلِك أَنَّهَا من خَصَائِصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى " عَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله أفنقضيهما إِذا فاتتا قَالَ لَا " وَبِهَذَا بَطل مَا قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة أَن الأَصْل الِاقْتِدَاء بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعدم التَّخْصِيص حَتَّى يقوم دَلِيل بِهِ وَلَا دَلِيل أعظم وَأقوى من هَذَا وَهنا شَيْء آخر يلْزمهُم وَهُوَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يداوم عَلَيْهِمَا وهم لَا يَقُولُونَ بِهِ فِي الصَّحِيح الْأَشْهر فَإِن عورضوا يَقُولُونَ هُوَ من خَصَائِص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ فِي الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ الأَصْل عدم التَّخْصِيص وَهَذَا كَمَا يُقَال فلَان مثل الظليم يستحمل عِنْد الاستطارة ويستطير عِنْد الاستحمال وَيُقَال أَنه صلى بعد الْعَصْر تبيينا لأمته أَن نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَبعد الْعَصْر على وَجه الْكَرَامَة لَا على التَّحْرِيم وَيُقَال أَنه صلاهما يَوْمًا قَضَاء لفائت رَكْعَتي الظّهْر وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فعل فعلا واظب عَلَيْهِ وَلم يقطعهُ فِيمَا بعد ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ جَوَاز اسْتِمَاع الْمُصَلِّي إِلَى كَلَام غَيره وفهمه لَهُ وَلَا يضر ذَلِك صلَاته.
وَفِيه أَن إِشَارَة الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوهَا من الْأَفْعَال الْخَفِيفَة لَا تبطل الصَّلَاة.
وَفِيه أَنه يسْتَحبّ للْعَالم إِذا طلب لَهُ تَحْقِيق أَمر مُهِمّ وَعلم أَن غَيره أعلم أَو أعرف بِأَصْلِهِ أَن يُرْسل إِلَيْهِ إِذا أمكنه.
وَفِيه الِاعْتِرَاف لأهل الْفضل بمزيتهم.
وَفِيه من أدب الرَّسُول أَن لَا يسْتَقلّ بِتَصَرُّف شَيْء لم يُؤذن لَهُ فِيهِ فَإِن كريبا لم يسْتَقلّ بالذهاب إِلَى أم سَلمَة حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِم.
وَفِيه قبُول خبر الْوَاحِد وَالْمَرْأَة مَعَ الْقُدْرَة على الْيَقِين بِالسَّمَاعِ.
وَفِيه لَا بَأْس للْإنْسَان أَن يذكر نَفسه بالكنية إِذا لم يعرف إِلَّا بهَا.
وَفِيه يَنْبَغِي للتابع إِذا رأى من الْمَتْبُوع شَيْئا يُخَالف الْمَعْرُوف من طَرِيقَته والمعتاد من حَاله أَن يسْأَله بلطف عَنهُ فَإِن كَانَ نَاسِيا يرجع عَنهُ وَإِن كَانَ عَامِدًا وَله معنى مُخَصص عرفه للتابع واستفاده.
وَفِيه إِثْبَات سنة الظّهْر بعْدهَا.
وَفِيه إِذا تَعَارَضَت الْمصَالح والمهمات بَدَأَ بأهمها وَلِهَذَا بَدَأَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَدِيث الْقَوْم فِي الْإِسْلَام وَترك سنة الظّهْر حَتَّى فَاتَ وَقتهَا لِأَن الِاشْتِغَال بإرشادهم وبهدايتهم إِلَى الْإِسْلَام أهم.
وَفِيه أَن الْأَدَب إِذا سُئِلَ من الْمُصَلِّي شَيْئا أَن يقوم إِلَى جنبه لَا خَلفه وَلَا أَمَامه لِئَلَّا يشوش عَلَيْهِ بِأَن لَا تمكنه الْإِشَارَة إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّة.
وَفِيه دلَالَة على فطنة أم سَلمَة وَحسن تأتيها بملاطفة سؤالها واهتمامها بِأَمْر الدّين.
وَفِيه إكرام الضَّيْف حَيْثُ لم تَأمر أم سَلمَة امْرَأَة من النسْوَة اللَّاتِي كن عِنْدهَا.
وَفِيه زِيَارَة النِّسَاء الْمَرْأَة وَلَو كَانَ زَوجهَا عِنْدهَا.
وَفِيه جَوَاز التَّنَفُّل فِي الْبَيْت.
وَفِيه كَرَاهَة الْقرب من الْمُصَلِّي لغير ضَرُورَة.
وَفِيه الْمُبَادرَة إِلَى معرفَة الحكم الْمُشكل فِرَارًا من الوسوسة.
وَفِيه جَوَاز النسْيَان على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد مر الْبَحْث عَنهُ عَن قريب