فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه


[ قــ :1199 ... غــ :1244 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا قُتِلَ أبي جَعَلْتُ أكْشِفُ الثَّوْبَ عنْ وَجْهِهِ أبْكِي ويَنْهَوْنِي عَنْهُ والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاَ يَنْهَانِي فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فاطِمةُ تَبْكِي فقالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبْكِينَ أوْ لاَ تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (جعلت أكشف الثَّوْب عَن وَجهه) ، وَالثَّوْب أَعم من أَن يكون الثَّوْب الَّذِي سجوه بِهِ أَو من الْكَفَن.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة: مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَصْرِيّ.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْوَلِيد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن عَمْرو بن يزِيد وَفِي المناقب عَن أبي كريب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما قتل أبي) ، وَكَانَ قتل أَبِيه عبد الله يَوْم أحد، وَكَانَ الْمُشْركُونَ مثلُوا بِهِ، جدعوا أَنفه وَأُذُنَيْهِ، وَكَانَت غَزْوَة أحد فِي سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة فِي شَوَّال.
قَوْله: (أبْكِي) جملَة وَقعت حَالا.
قَوْله: (وينهوني) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (وينهونني) على الأَصْل.
قَوْله: (عَمَّتي فَاطِمَة) ، عمَّة جَابر هِيَ شَقِيقَة أَبِيه عبد الله بن عَمْرو.
قَوْله: (تبكين أَو لَا تبكين) ، كلمة: أَو، لَيست هِيَ للشَّكّ من الرَّاوِي، بل هِيَ من كَلَام الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للتسوية بَين الْبكاء وَعَدَمه، أَي: فوَاللَّه إِن الْمَلَائِكَة تظله سَوَاء تبكين أم لَا.
وَفِي (التَّلْوِيح) فِي مَوضِع آخر: (لِمَ تبْكي) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَذَا صحت الرِّوَايَة بِلِمَ، الَّتِي للاستفهام وَفِي مُسلم: (تبْكي) بِغَيْر نون لِأَنَّهُ اسْتِفْهَام لمخاطب عَن فعل غَائِبَة.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَلَو خاطبها بالاستفهام خطاب الْحَاضِرَة قَالَ: لِمَ تبكين، بالنُّون.
وَفِي رِوَايَة: (تبكيه أَو لَا تبكيه) .
وَهُوَ إِخْبَار عَن غَائِبَة، وَلَو كَانَ خطاب الْحَاضِرَة لقَالَ: تبكينه أَو لَا تبكينه، بنُون فعل الْوَاحِدَة الْحَاضِرَة، ثمَّ معنى هَذَا: أَن عبد الله مكرم عِنْد الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: (تبكين.
.
) إِلَى آخِره، يعزيها بذلك ويخبرها بِمَا صَار إِلَيْهِ من الْفضل.
قَوْله: (حَتَّى رفعتموه) ، أَي: من مغسلة، لِأَنَّهُ نسب الْفِعْل إِلَى أَصله قَالَه الدَّاودِيّ، وإظلاله بأجنحتها لِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وتزاحمهم على الْمُبَادرَة بصعود روحه، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وتبشيره بِمَا أعد الله لَهُ من الْكَرَامَة، أَو أَنهم أظلوه من الْحر لِئَلَّا يتَغَيَّر أَو لِأَنَّهُ من السَّبْعَة الَّذين يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إلاَّ ظله، وروى بَقِي بن مخلد (عَن جَابر: لَقِيَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرك أَن الله أَحَي أَبَاك وَكلمَة كفاحا وَمَا كلم أحدا قطّ إلاَّ من وَرَاء حجاب؟ .

وَفِيه: فَضِيلَة عَظِيمَة لم تسمع لغيره من الشُّهَدَاء فِي دَار الدُّنْيَا.
وَفِيه: جَوَاز الْبكاء على الْمَيِّت كَمَا مضى، وَنهى أهل الْمَيِّت بَعضهم بَعْضًا عَن الْبكاء للرفق بالباكي.

تابَعَهُ ابنُ جُرَيْجَ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ المُنْكَدِرِ سَمِعَ جابِرا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
يَعْنِي: تَابع شُعْبَة عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج ذكر هَذِه الْمُتَابَعَة لينفي مَا وَقع فِي نُسْخَة ابْن ماهان فِي (صَحِيح مُسلم) عَن عبد الْكَرِيم عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عَن جَابر جعل بدل مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، فَبين البُخَارِيّ أَن الصَّوَاب: ابْن الْمُنْكَدر، كَمَا رَوَاهُ شُعْبَة، وشده بِرِوَايَة ابْن جريج، وَوصل مُسلم هَذِه الْمُتَابَعَة: حَدثنَا عبد بن حميد حَدثنَا روح بن عبَادَة حَدثنَا ابْن جريج عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.

وَأخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث من خَمْسَة طرق.
الأول: من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر (عَن جَابر يَقُول: لما كَانَ يَوْم أحد جِيءَ بِأبي مسجى، وَقد مثل بِهِ) الحَدِيث.
الثَّانِي: من طَرِيق شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.
الثَّالِث: من طَرِيق ابْن جريج عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.
الرَّابِع: من طَرِيق معمر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر.
الْخَامِس: من طَرِيق مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن جَابر، وَهَذَا فِي نُسْخَة ابْن ماهان.