فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب يلقى شعر المرأة خلفها

( بابُُ يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: يلقى شعر الْمَرْأَة خلفهَا بعد الْفَرَاغ من الْغسْل، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي الْوَقْت: يَجْعَل شعر الْمَرْأَة خلفهَا، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: يلقى شعر الْمَرْأَة خلفهَا ثَلَاثَة قُرُون.



[ قــ :1216 ... غــ :1263 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى بنُ سَعِيدٍ عنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ قَالَ حدَّثَتْنَا حَفْصَةُ عنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ تُوُفِّيَتْ إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَانَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرا ثَلاَثا أوْ خَمْسا أوْ أكْثَرَ مِنْ ذالِكَ إنْ رَأيْتُنَّ ذالِكَ وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كافُورا أوْ شَيْئا مِنْ كافُورٍ فَإذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فألْقَى إلَيْنَا حِقْوَهُ فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ وَألْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فألقيناها خلفهَا) ، وَهَذِه التَّرْجَمَة هِيَ الْعَاشِرَة الَّتِي ذكرهَا هَهُنَا، والحادية عشرَة ذكرهَا فِي كتاب الْوضُوء.
قَوْله: ( فضفرنا شعرهَا) .
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى بِلَفْظ: ( ومشطناها) ، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق من طَرِيق أَيُّوب عَن حَفْصَة: ( ضفرنا رَأسهَا ثَلَاثَة قُرُون: ناصيتها وقرنيها) .
وَاسْتدلَّ بَعضهم بِهَذَا الحَدِيث على عدم وجوب الْغسْل على غاسل الْمَيِّت لِأَنَّهُ مَوضِع تَعْلِيم، وَلم يَأْمر بِهِ، وردَّ بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون شرع ذَلِك بعد هَذِه الْقَضِيَّة.
وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلاف، فَعَن عَليّ وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا قَالَا: ( من غسل مَيتا فليغتسل) ، وَبِه قَالَ سعيد بن الْمسيب وَمُحَمّد بن سِيرِين وَالزهْرِيّ.
.

     وَقَالَ  النَّخعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق: يتَوَضَّأ.
.

     وَقَالَ  مَالك: أحب لَهُ الْغسْل، واستحبه الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  الْبُوَيْطِيّ: إِن صَحَّ الحَدِيث قلت بِوُجُوبِهِ، وَعند عَامَّة أهل الْعلم: لَا غسل عَلَيْهِ، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَائِشَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ.

وَاسْتدلَّ الْفَرِيق الأول بِمَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) وَالْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) : ( عَن عَائِشَة أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يغْتَسل من أَربع: من الْجَنَابَة، وَيَوْم الْجُمُعَة، وَمن الْحجامَة، وَغسل الْمَيِّت) .
وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة: أخرجه ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من غسل الْمَيِّت فليغتسل، وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ) .
.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، وروى ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح: ( أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لما غسل أَبَاهُ أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يغْتَسل) .
وَعَن مَكْحُول قَالَ: سَأَلَ رجل حُذَيْفَة عَن غسل الْمَيِّت فَعلمه،.

     وَقَالَ : إِذا فرغت فاغتسل، وَعَن أبي قلَابَة بِسَنَد صَحِيح أَنه كَانَ إِذا غسل مَيتا اغْتسل.
وأجابت الْفرْقَة الثَّانِيَة بِمَا قَالَ الْحَاكِم: عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي: لَا نعلم فِيمَن غسل مَيتا فليغتسل حَدِيثا ثَابتا، وَلَو ثَبت للزمني اسْتِعْمَاله، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة رُوِيَ مَوْقُوفا،.

     وَقَالَ  ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه: إِن رَفعه خطأ، إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف لَا يرفعهُ الثِّقَات.
.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيث مَنْسُوخ.
.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: قَالَت جمَاعَة أهل الحَدِيث: هُوَ حَدِيث ضَعِيف، وروى الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيثا عَن ابْن عمر؛ فمنا من اغْتسل وَمنا من لم يغْتَسل، وَالله أعلم.