فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما قيل في أولاد المسلمين

( بابُُ مَا قِيلَ فِي أوْلاَدِ المُسْلِمِينَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا قيل فِي أَوْلَاد الْمُسلمين غير الْبَالِغين.

قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ ماتَ لَهُ ثلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ كانَ لَهُ حِجِابا مِنَ النَّارِ أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْوَلَد الَّذِي لم يبلغ الْحِنْث إِذا كَانَ حِجَابا لِأَبَوَيْهِ من النَّار فبالطريق الأولى أَن يكون محجوبا عَن النَّار، فَيدل هَذَا على أَن أَوْلَاد الْمُسلمين الْأَطْفَال من أهل الْجنَّة، وَهَذَا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَقد رَوَاهُ فِي: بابُُ فضل من مَاتَ لَهُ ولد فاحتسب، رَوَاهُ عَن عَليّ عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( لَا يَمُوت لمُسلم ثَلَاثَة من الْوَلَد فيلج النَّار إلاَّ تَحِلَّة الْقسم) .
وَقد رُوِيَ هَذَا عَن أبي هُرَيْرَة بطرق مُخْتَلفَة لَيْسَ فِيهَا مَوْصُول من حَدِيثه على الْوَجْه الَّذِي ذكره مُعَلّقا،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أجمع من يعْتد بِهِ من عُلَمَاء الْمُسلمين على أَن من مَاتَ من أَطْفَال الْمُسلمين فَهُوَ من أهل الْجنَّة، وَتوقف فِيهِ بَعضهم لحَدِيث عَائِشَة، أخرجه مُسلم بِلَفْظ: ( توفّي صبي من الْأَنْصَار فَقلت: طُوبَى لَهُ لم يعْمل سوءا وَلم يُدْرِكهُ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو غير ذَلِك يَا عَائِشَة؟ إِن الله تَعَالَى خلق للجنة أَهلا.
.
)
الحَدِيث.
وَأجِيب عَنهُ: أَنه لَعَلَّه نهاها عَن المسارعة إِلَى الْقطع من غير دَلِيل، أَو قَالَ ذَلِك قبل أَن يعْمل أَن أَطْفَال الْمُسلمين فِي الْجنَّة.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: نفى بَعضهم الْخلاف وَكَأَنَّهُ عَنى ابْن أبي زيد، فَإِنَّهُ أطلق الْإِجْمَاع فِي ذَلِك، وَلَعَلَّه أَرَادَ إِجْمَاع من يعْتد بِهِ،.

     وَقَالَ  الْمَازرِيّ: الْخلاف فِي غير أَوْلَاد الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى فِي أَوَائِل كتاب الْجَنَائِز.



[ قــ :1326 ... غــ :1381 ]
- حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ العَزيزِ بنُ صُهَيْبٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلاثَةٌ منَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ إلاَّ أدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ.

( أنظر الحَدِيث 8421) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة آنِفا، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ فضل من مَاتَ لَهُ ولد، فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ: عَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس، وَهنا أخرجه: عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن كثير الدَّوْرَقِي عَن ابْن علية، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: واسْمه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ، وَعليَّة اسْم أمه.

قَوْله: ( من الْوَلَد) لَيْسَ بموجود فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ.





[ قــ :137 ... غــ :138 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ أنَّهُ سَمِعَ البَرَاءَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ.
قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ أبْرَاهِيمْ عَلَيْهِ السلاَمُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ لَهُ مُرْضِعا فِي الجَنَّةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخبر أَن لأبنه إِبْرَاهِيم مُرْضعًا فِي الْجنَّة، وَهَذَا يدل على أَن أَوْلَاد الْمُسلمين الْأَطْفَال فِي الْجنَّة.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْوَلِيد، هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ.

وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَأخرجه أَيْضا فِي صفة الْجنَّة عَن حجاج بن منهال، وَفِي الْأَدَب عَن سُلَيْمَان بن حَرْب.

قَوْله: ( إِبْرَاهِيم) ، يَعْنِي: ابْن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا خلاف أَن جَمِيع أَوْلَاد النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، سوى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ مَا مَارِيَة الْقبْطِيَّة، وَكَانَ ميلاده فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان.
.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: مَاتَ إِبْرَاهِيم يَوْم الثُّلَاثَاء لعشر خلون من ربيع الأول سنة عشر، وَهُوَ ابْن ثَمَانِيَة عشر شهرا فِي بني مَازِن بن النجار، فِي دَار أم بَرزَة بنت الْمُنْذر، وَدفن بِالبَقِيعِ.
قَوْله: ( إِن لَهُ مُرْضعًا) ، بِضَم الْمِيم أَي: من يتم رضاعه فِي الْجنَّة، ويروى بِفَتْح الْمِيم أَي: رضَاعًا.
قَالَه الْخطابِيّ: وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عَمْرو بن مَرْزُوق عَن شُعْبَة: مُرْضعًا ترْضِعه فِي الْجنَّة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي: بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِنَّا بك لَمَحْزُونُونَ) .
<