فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من لم يقرب الكعبة، ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة، ويرجع بعد الطواف الأول

( بابُُ مَنْ لَمْ يَقْرُبِ الكَعْبَةَ ولَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ ويَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الأوَّلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان شَأْن من لم يقرب الْكَعْبَة أَي: من لم يطف طَوافا آخر غير طواف الْقدوم، لِأَن الْحَاج لَا طواف عَلَيْهِ غير طواف الْقدوم حَتَّى يخرج إِلَى عَرَفَات، وينصرف وَيَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة.
قَوْله: ( حَتَّى يخرج) أَي: إِلَى أَن يخرج.
قَوْله: ( وَيرجع) ، بِالنّصب عطف على: يخرج.
قَوْله: ( بعد الطّواف الأول) ، أَي: طواف الْقدوم، وَقرب الشَّيْء بِالضَّمِّ يقرب إِذا دنا، وقربته بِالْكَسْرِ أقربه أَي: دَنَوْت مِنْهُ.



[ قــ :1557 ... غــ :1625 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبِي بَكْرٍ قَالَ حدَّثنا فُضَيْلٌ قَالَ حدَّثنا موسَى بنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبرنِي كُرَيْبٌ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّةَ فَطافَ وسَعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ ولَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم: خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم أَبُو عبد الله الثَّقَفِيّ مَوْلَاهُم الْمَعْرُوف بالمقدمي.
الثَّانِي: فُضَيْل، بِضَم الْفَاء وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن سُلَيْمَان النمري، يكنى أَبَا سُلَيْمَان.
الثَّالِث: مُوسَى بن عقبَة بن أبي عَبَّاس الْأَسدي أَبُو مُحَمَّد.
الرَّابِع: كريب، بِضَم الْكَاف: مولى ابْن عَبَّاس.
الْخَامِس: عبد الله ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه مصريان، ومُوسَى وكريب مدنيان، وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: ظَاهر هَذَا الحَدِيث أَن لَا طواف بعد طواف الْقدوم، وَلَكِن لَا يمْنَع مِنْهُ، لِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَعَلَّه ترك الطّواف بعد طواف الْقدوم خشيَة أَن يظنّ أحد أَنه وَاجِب، وَكَانَ يحب التَّخْفِيف على أمته، وَاعْتمد الْكرْمَانِي على ظَاهر الحَدِيث.

     وَقَالَ : الْمَقْصُود أَن الْحَاج لَا يطوف بعد طواف الْقدوم، وَلَيْسَ كَذَلِك، لما قُلْنَا.
وَمَالك اخْتَار أَن لَا يتَنَفَّل بِطواف بعد طواف الْقدوم حَتَّى يتم حجه، وَقد جعل الله لَهُ فِي ذَلِك سَعَة، فَمن أَرَادَ أَن يطوف بعد طواف الْقدوم فَلهُ ذَلِك لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا لَا سِيمَا إِن كَانَ من أقاصي الْبلدَانِ وَلَا عهد لَهُ بِالطّوافِ، وَقد قَالَ مَالك: الطّواف بِالْبَيْتِ أفضل من النَّافِلَة لمن كَانَ من الْبِلَاد الْبَعِيدَة لقلَّة وجود السَّبِيل إِلَى الْبَيْت، وَرُوِيَ عَن عَطاء وَالْحسن: إِذا قَامَ الْغَرِيب بِمَكَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَت الصَّلَاة لَهُ أفضل من الطّواف.
.

     وَقَالَ  أنس: الصَّلَاة للغرباء أفضل.
.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيّ: الطّواف أفضل من الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس وَغَيره: الصَّلَاة لأهل مَكَّة أفضل وَالطّواف للغرباء أفضل.
وَأما الاعتمار وَالطّواف إيهما أفضل؟ فَفِي ( التَّوْضِيح) : فَحكى بعض الْمُتَأَخِّرين منا ثَلَاثَة أوجه: ثَالِثهَا إِن استغرقه الطّواف وَقت الْعمرَة كَانَ أفضل، وإلاَّ فَهِيَ أفضل.