فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة

( بابُُ التَّلْبِيَةِ والتَّكْبيرِ إذَا غَدَا مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة التَّلْبِيَة وَالتَّكْبِير إِذا غَدا، أَي: إِذا ذهب من منى إلَى عَرَفَة.



[ قــ :1589 ... غــ :1659 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ مُحَمَّدِ بنِ أبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ أنَّهُ سَألَ أنسَ بنَ مَالِكٍ وهُمَا غادِيانِ مِنْ مِنىً إلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا اليَوْمِ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ ويُكَبِّرُ مِنَّا المُكَبِّرُ فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ.

( انْظُر الحَدِيث 079) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

وَرِجَاله قد ذكرُوا.
وَأما الثَّقَفِيّ فَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح عَن أنس وَلَا غَيره غير هَذَا الحَدِيث، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب الْعِيدَيْنِ فِي: بابُُ التَّكْبِير أَيَّام منى وَإِذا غَدا إِلَى عَرَفَة، أخرجه عَن أبي نعيم عَن مَالك بن أنس قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي بكر الثَّقَفِيّ، قَالَ: سَأَلت أنسا وَنحن غاديان من منى إِلَى عَرَفَات عَن التَّلْبِيَة، كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الملبي لَا يُنكر عَلَيْهِ، وَيكبر المكبر فَلَا يُنكر عَلَيْهِ، فَانْظُر التَّفَاوُت بَينهمَا فِي السَّنَد والمتن وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَقَوله: فِي هَذَا الطَّرِيق: ( كَانَ يُلَبِّي منا الملبي) ، يُوضح معنى قَوْله: ( كَانَ يهل منا الْمهل) لِأَن الإهلال رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ.
قَوْله: ( وهما غاديان) جملَة إسمية وَقعت حَالا.
أَي: ذاهبان غدْوَة.
قَوْله: ( كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ؟) أَي: من الذّكر طول الطَّرِيق، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي بكر، قَالَ: قلت لأنس بن مَالك غَدَاة عَرَفَة: مَا تَقول فِي التَّلْبِيَة فِي هَذَا الْيَوْم؟ قَالَ: سرت هَذَا الْمسير مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فمنا المكبر وَمنا الْمهل، لَا يعيب أَحَدنَا على صَاحبه.
قَوْله: ( فَلَا يُنكر عَلَيْهِ) ، بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمُضَارع، وَقد مرت بَقِيَّة الْكَلَام هُنَاكَ.



( بابُُ التَّهْجِيرِ بالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان التهجير، وَهُوَ السّير فِي الهاجرة، وَكَذَلِكَ الهجر والهاجرة نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر، وَكَذَلِكَ الهجر، وَمِنْه يُقَال: هجر النَّهَار، وَالْمرَاد بالتهجير بالرواح: أَن يهجر من نمرة إِلَى مَوضِع الْوُقُوف بِعَرَفَة، والنمرة، بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم: مَوضِع بِقرب عَرَفَات خَارج الْحرم بَين طرف الْحَرْف وطرف عَرَفَات.



[ قــ :1589 ... غــ :1660 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَالِمٍ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ إِلَى الحَجَّاجِ أنْ لاَ يُخَالِفَ ابنَ عُمَرَ فِي الحجِّ فَجَاءَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَأَنا معَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ فصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الحَجَّاجِ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقال مالِكَ يَا أبَا عَبْدِ الرَّحْمانِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ قَالَ هاذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأنْظِرْنِي حتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأسِي ثُمَّ أخرُج فنزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ فسَارَ بَيْنِي وبَيْنَ أبِي فَقُلْتُ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فاقْصُرِ الخُطْبَةَ وعَجِّلِ الوُقُوفَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ الله فلَمَّا رَأى ذَلِكَ عَبْدُ الله قَالَ صَدَقَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُستفاد من قَوْله: ( هَذِه السَّاعَة) لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى زَوَال الشَّمْس، وَهُوَ وَقت الهاجرة، وَهُوَ وَقت الرواح إِلَى الْموقف لما روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر، ( قَالَ: غَدا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين صلى الصُّبْح فِي صَبِيحَة يَوْم عَرَفَة حَتَّى أَتَى عَرَفَة، فَنزل نمرة وَهُوَ منزل الإِمَام الَّذِي ينزل بِهِ بِعَرَفَة، حَتَّى إِذا كَانَ عِنْده صَلَاة الظّهْر رَاح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهجرا فَجمع بَين الظّهْر وَالْعصر، ثمَّ خطب النَّاس ثمَّ رَاح فَوقف) .
وَأخرجه أَحْمد أَيْضا.
وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه توجه من منى حِين صلى الصُّبْح بهَا، لَكِن فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل الَّذِي رَوَاهُ مُسلم أَن توجهه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا كَانَ بعد طُلُوع الشَّمْس، وَلَفظه: ( فَضربت لَهُ قبَّة بنمرة فَنزل بهَا حَتَّى زاغت الشَّمْس أَمر بالقصواء فرحلت، فَأتى بطن الْوَادي فَخَطب النَّاس.
.
)
الحَدِيث بِطُولِهِ.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج أَيْضا عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَعَن أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح.

قَوْله: ( كتب عبد الْملك) هُوَ ابْن مَرْوَان الْأمَوِي الْخَلِيفَة، وَالْحجاج هُوَ ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ، وَكَانَ واليا بِمَكَّة حِينَئِذٍ لعبد الْملك وأميرا على الْحَاج.
قَوْله: ( أَن لَا يُخَالف) بِلَفْظ النَّهْي وَالنَّفْي.
قَوْله: ( فِي الْحَج) أَي: فِي أَحْكَام الْحَج، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق أَشهب عَن مَالك: فِي أَمر الْحَج.
قَوْله: ( فجَاء ابْن عمر) الْقَائِل هُوَ سَالم وَالْوَاو فِي: وَأَنا، للْحَال.
قَوْله: ( مَعَه) أَي: مَعَ ابْن عمر، وَوَقع فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ: ( فَركب هُوَ وَسَالم وَأَنا مَعَهُمَا) ، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَن معمر، قَالَ ابْن شهَاب: ( وَكنت يَوْمئِذٍ صَائِما فَلَقِيت من الْحر شدَّة) .
وَاخْتلف الْحفاظ فِي رِوَايَة معمر هَذِه، فَقَالَ يحيى بن معِين: هِيَ وهم وَابْن شهَاب لم ير ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلَا سمع مِنْهُ.
.

     وَقَالَ  الذهلي: لست أدفَع رِوَايَة معمر لِأَن ابْن وهب روى عَن الْعمريّ عَن ابْن شهَاب، رَحمَه الله تَعَالَى، نَحْو رِوَايَة معمر، وروى عَنْبَسَة بن خَالِد عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
.
قَالَ: وفدت إِلَى مَرْوَان وَأَنا محتلم، قَالَ الذهلي: ومروان مَاتَ سنة خمس وَسِتِّينَ، وَهَذِه الْقِصَّة كَانَت سنة ثَلَاث وَسبعين.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  غَيره: إِن رِوَايَة عَنْبَسَة هَذِه أَيْضا وهم، وَإِنَّمَا قَالَ الزُّهْرِيّ: وفدت على عبد الْملك، وَلَو كَانَ الزُّهْرِيّ وَفد على مَرْوَان لأدرك جلة الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، مِمَّن لَيست لَهُ عَنْهُم رِوَايَة إلاَّ بِوَاسِطَة، وَقد أَدخل مَالك وَعقيل، وإليهما الْمرجع فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ، بَينه وَبَين ابْن عمر فِي هَذِه الْقِصَّة سالما، فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد.
قَوْله: ( عِنْد سرادق الْحجَّاج) ، السرادق، بِضَم السِّين.
قَالَ الْكرْمَانِي: وَتَبعهُ غَيره أَنه هُوَ الْخَيْمَة وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا السرادق هُوَ الَّذِي يُحِيط بالخيمة وَله بابُُ يدْخل مِنْهُ إِلَى الْخَيْمَة وَلَا يعْمل هَذَا غَالِبا إلاَّ للسلاطين والملوك الْكِبَار، وبالفارسية يُسمى: سرابردة.
قَوْله: ( ملحفة) ، بِكَسْر الْمِيم: الْإِزَار الْكَبِير.
قَوْله: ( معصفرة) أَي: مصبوغة بالعصفر.
قَوْله: ( يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن) هُوَ كنية عبد الله بن عمر.
قَوْله: ( الرواح) ، بِالنّصب أَي: رح الرواح أَو عجل، قَالَه الْكرْمَانِي، والأصوب أَن يُقَال: إِنَّه مَنْصُوب على الإغراء أَي: ألزم الرواح، والإغراء تَنْبِيه الْمُخَاطب على أَمر مَحْمُود ليفعله.
قَوْله: ( إِن كنت تُرِيدُ السنَّة) وَفِي رِوَايَة ابْن وهب: ( إِن كنت تُرِيدُ أَن تصيب السنَّة) .
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر فِي ( التَّقَصِّي) : هَذَا الحَدِيث يدْخل عِنْدهم فِي الْمسند لقَوْله: ( إِن كنت تُرِيدُ السنَّة) ، فَالْمُرَاد سنَّة سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَذَلِكَ إِذا أطلقها غَيره مَا لم تضف إِلَى صَاحبهَا، كَقَوْلِهِم: سنة العمرين، وَمَا أشبه ذَلِك.
انْتهى.
وَهَذِه مَسْأَلَة خلاف عِنْد أهل الحَدِيث وَالْأُصُول، وَالْجُمْهُور على مَا قَالَ ابْن عبد الْبر، وَهِي طَريقَة البُخَارِيّ وَمُسلم، ويقويه قَول سَالم لِابْنِ شهَاب، إِذْ قَالَ لَهُ: أفعل ذَلِك رَسُول اللهصلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: وَهل تتبعون فِي ذَلِك إلاَّ سنته؟ قَوْله: ( فأنظرني) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الظَّاء الْمُعْجَمَة من الأنظار وَهُوَ الْإِمْهَال مَعْنَاهُ أمهلني وَفِي رِوَايَة الْكشميهني ( وانظرني) بِهَمْزَة الْوَصْل وَضم الظَّاء وَمَعْنَاهُ: انتظرني.
قَوْله: ( حَتَّى أفيض على رَأْسِي) حَتَّى اغْتسل لِأَن إفَاضَة المَاء على الرَّأْس إِنَّمَا تكون غَالِبا فِي الْغسْل.
قَوْله: ( ثمَّ أخرج) ، بِالنّصب عطف على قَوْله: ( حَتَّى أفيض) ، وَأَصله: حَتَّى أَن أفيض،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: صَوَابه أفضِ لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر.
قَوْله: ( فَنزل) أَي: ابْن عمر، كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة أُخْرَى على مَا يَأْتِي بعد بابَُُيْنِ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ رَاكِبًا.
قَوْله: ( فَسَار بيني وَبَين أبي) أَي: سَار الْحجَّاج بَين سَالم وَأَبِيهِ عبد الله بن عمر، وَيحْتَمل أَن يَكُونُوا ركبانا، لِأَن السّنة الرّكُوب حِينَئِذٍ لمن لَهُ رَاحِلَة.
قَوْله: ( وَعجل الْوُقُوف) ، قَالَ أَبُو عمر: رِوَايَة يحيى وَابْن الْقَاسِم وَابْن وهب ومطرف: وَعجل الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  القعْنبِي وَأَشْهَب: فَأَتمَّ الْخطْبَة وَعجل الْوُقُوف، جعلا مَوضِع الصَّلَاة الْوُقُوف.
قَالَ أَبُو عمر: وَهُوَ عِنْدِي غلط، لِأَن أَكثر الروَاة عَن مَالك على خِلَافه.
قيل: رِوَايَة القعْنبِي لَهَا وَجه، لِأَن تَعْجِيل الْوُقُوف يسْتَلْزم تَعْجِيل الصَّلَاة، وَمَعَ هَذَا وَافق القعْنبِي عبد الله بن يُوسُف كَمَا ترى،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الظَّاهِر أَن الِاخْتِلَاف فِيهِ عَن مَالك.
قلت: هَذَا لَيْسَ بِظَاهِر، وَمَا الدَّلِيل عَلَيْهِ؟
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن تَعْجِيل الصَّلَاة يَوْم عَرَفَة سنة مجمع عَلَيْهَا فِي أول وَقت الظّهْر، ثمَّ يصلى الْعَصْر بإثر السَّلَام والفراغ.
وَفِيه: أَن إِقَامَة الْحَج إِلَى الْخُلَفَاء وَمن جعلُوا ذَلِك إِلَيْهِ، وَهُوَ وَاجِب عَلَيْهِم يقيموا من كَانَ عَالما بِهِ.
وَفِيه: الصَّلَاة خلف الْفَاجِر من الْوُلَاة مَا لم تخرجه بدعته عَن الْإِسْلَام.
وَفِيه: أَن الرجل الْفَاضِل لَا يُؤَاخذ عَلَيْهِ فِي مَشْيه إِلَى السُّلْطَان الجائر فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
وَفِيه: أَن تَعْجِيل الرواح للْإِمَام للْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر بِعَرَفَة فِي أول وَقت الظّهْر سنة.
وَفِيه: الْغسْل للوقوف بِعَرَفَة.
وَفِيه: خُرُوج الْحجَّاج وَهُوَ محرم وَعَلِيهِ ملحفة معصفرة وَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ ابْن عمر.
وَفِيه: حجَّة لمن أجَاز المعصفر للْمحرمِ.
وَفِيه: جَوَاز تأمير الْأَدْنَى على الْأَفْضَل والأعلم.
وَفِيه: ابْتِدَاء الْعَالم بالفتيا قبل أَن يسْأَل عَنهُ.
وَفِيه: الْفَهم بِالْإِشَارَةِ وَالنَّظَر.
وَفِيه: أَن اتِّبَاع الشَّارِع هُوَ السّنة وَإِن كَانَ فِي الْمَسْأَلَة أوجه جَائِز غَيرهَا.
وَفِيه: فَتْوَى التلميذ بِحَضْرَة أستاذه عِنْد السُّلْطَان وَغَيره.
وَفِيه: جَوَاز الذّهاب من الْعَالم إِلَى السُّلْطَان، سَوَاء كَانَ جائرا أَو غير جَائِر، لأجل إرشاده إِيَّاه إِلَى الْخَيْر وإيقافه على مَا لَا يعلم من السّنة.
وَفِيه: صياح الْعَالم عِنْدَمَا كَانَ السُّلْطَان فِيهِ ليسرع إِلَيْهِ فِي الْإِجَابَة.
وَفِيه: أَن السُّلْطَان أَو نَائِبه يعْمل فِي الدّين بقول أهل الْعلم وَيرجع إِلَى قَوْلهم.
وَفِيه: تَعْلِيم الْفَاجِر السّنَن لمَنْفَعَة النَّاس.
وَفِيه: احْتِمَال الْمفْسدَة القليلة لتَحْصِيل الْمصلحَة الْكَبِيرَة، يُؤْخَذ ذَلِك من مُضِيّ ابْن عمر إِلَى الْحجَّاج وتعليمه.
وَفِيه: الْحِرْص على نشر الْعلم لانتفاع النَّاس بِهِ.
وَفِيه: الْخطْبَة فَعِنْدَ أبي حنيفَة، يخْطب خطبتين بعد الزَّوَال وَبعد الْأَذَان قبل الصَّلَاة كخطبة الْجُمُعَة، وَلَو خطب قبل الزَّوَال جَازَ، وَعند أَصْحَابنَا فِي الْحَج ثَلَاث خطب: أَولهَا: فِي الْيَوْم السَّابِع من ذِي الْحجَّة، وَهُوَ قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم، يعلم النَّاس فِيهَا الْخُرُوج إِلَى منى.
وَالثَّانيَِة: يَوْم عَرَفَة، وَهُوَ التَّاسِع من الشَّهْر يعلم النَّاس فِيهَا مَا يجب من الْوُقُوف بِمُزْدَلِفَة وَرمي الْجمار والنحر وَطواف الزِّيَارَة.
وَالثَّالِثَة: بمنى بعد يَوْم النَّحْر، وَهُوَ الْحَادِي عشر من الشَّهْر، يحمد الله ويشكره على مَا وفْق من قَضَاء مَنَاسِك الْحَج، ويحض النَّاس على الطَّاعَات، ويحذرهم عَن اكْتِسَاب الْخَطَايَا، فيفصل بَين كل خطبتين بِيَوْم.
.

     وَقَالَ  زفر: يخطبها فِي ثَلَاثَة أَيَّام مُتَوَالِيَات: يَوْم التَّرويَة، وَيَوْم عَرَفَة، وَيَوْم النَّحْر.
وَعند الشَّافِعِي: فِي الْحَج أَربع خطب مسنونة: إِحْدَاهَا بِمَكَّة يَوْم السَّابِع، وَالثَّانيَِة: يَوْم عَرَفَة وَالثَّالِثَة: يَوْم النَّحْر بمنى، وَالرَّابِعَة: يَوْم النفرالأول بمنى، وَعند مَالك: ثَلَاث خطب، الأولى: يَوْم السَّابِع بِمَكَّة بعد الظّهْر خطْبَة وَاحِدَة وَلَا يجلس فِيهَا.
الثَّانِيَة: بِعَرَفَات بعد الزَّوَال بجلسة فِي وَسطهَا.
وَالثَّالِثَة: فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر.
وَعند أَحْمد كَذَلِك ثَلَاث خطب، وَلَا خطْبَة فِي الْيَوْم السَّابِع بِمَكَّة، بل يخْطب بِعَرَفَات بعد الزَّوَال، ثمَّ يخْطب بمنى يَوْم النَّحْر فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ، ثمَّ كَذَلِك ثَانِي أَيَّام منى بعد الظّهْر.
.

     وَقَالَ  ابْن حزم: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحَد ثَانِي يَوْم النَّحْر، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا وَهُوَ يَوْم النَّفر وَفِيه حَدِيث فِي ( سنَن أبي دَاوُد) وَآخر فِي ( مُسْند أَحْمد) وَالدَّارَقُطْنِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: وَقد روى أَيْضا أَنه خطبهم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهُوَ يَوْم الأكارع، وَأوصى بذوي الْأَرْحَام خيرا.
قَالَ ابْن قدامَة: وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يخْطب الْعشْر كُله، وَرُوِيَ عَن ابْن الزبير كَذَلِك، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) .