فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة، وإشارته إليهم بالسوط

( بابُُ أمْرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالسَّكِينَةِ عِنْدَ الإفَاضَةِ وإشارَتِهِ إلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّكِينَةِ أَي: الْوَقار عِنْد الْإِفَاضَة من عَرَفَة، وشارة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَصْحَابه بِالسَّوْطِ بذلك.



[ قــ :1600 ... غــ :1671 ]
- حدَّثنا سعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سُوَيْدٍ قَالَ حدَّثني عَمْرُو بنُ أبِي عَمْرٍ ومَولَى المُطَّلِبِ قَالَ أَخْبرنِي سَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ مَولى وَالِبَةَ الكُوفِيُّ قَالَ حدَّثني ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ دفَعَ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ عَرَفةَ فسَمِعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورَاءَهُ زَجْرا شَدِيدا وضَرْبا وصَوْتا لِلإبِلِ فأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  أيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُم بالسَّكِينَةِ فإنَّ البِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وللترجمة جزآن: أَحدهمَا: أمره، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالسَّكِينَةِ فيطابقه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) ، وَالْآخر: إِشَارَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم بِالسَّوْطِ، فيطابقه قَوْله: ( فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِسَوْطِهِ) .

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: سعيد بن أبي مَرْيَم، وَهُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي مَوْلَاهُم أَبُو مُحَمَّد، وَقد مر.
الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن حَيَّان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون.
الثَّالِث: عَمْرو بن أبي عَمْرو بِالْوَاو فيهمَا، وَاسم أبي عَمْرو: ميسرَة ضد الميمنة قد مر فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ الْحِرْص.
الرَّابِع: سعيد بن جُبَير، بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، مولى والبة، بِكَسْر اللَّام وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الْخَفِيفَة: بطن من بني أَسد، قَتله الْحجَّاج فِي سنة خمس وَتِسْعين.
الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَإِبْرَاهِيم وَعَمْرو مدنيان وَسَعِيد كُوفِي وَتكلم فِي إِبْرَاهِيم فَقَالَ ابْن حبَان: فِي حَدِيثه مَنَاكِير وَلَكِن عِنْد البُخَارِيّ ثِقَة، وَقد تَابعه فِي هَذَا الحَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَعَمْرو مولى الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب بن الْحَارِث بن عبيد بن عمر بن مَخْزُوم.

وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( دفع مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: انْصَرف مَعَه من عَرَفَة يَوْم عَرَفَة.
قَوْله: ( زجرا) ، بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْجِيم وَفِي آخِره رَاء: وَهُوَ الصياح لحث الْإِبِل.
قَوْله: ( وَضَربا) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: ( وصوتا) ، أَيْضا بعد: ضربا، وَكَأَنَّهُ تَصْحِيف من: ضربا، فعطف: صَوتا، عَلَيْهِ.
قَوْله: ( عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) إغراء أَي: لازموا السكينَة فِي السّير، يَعْنِي الرِّفْق وَعدم الْمُزَاحمَة، وَعلل ذَلِك بقوله: ( فَإِن الْبر) أَي: الْخَيْر ( لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ) أَي: السّير السَّرِيع من أوضع: إِذا سَار سيرا عنيفا وَيُقَال: هُوَ سير مثل الخبب.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا نَهَاهُم عَن الْإِسْرَاع إبْقَاء علهيم لِئَلَّا يجحفوا بِأَنْفسِهِم مَعَ بعد الْمسَافَة.

أوْضَعُوا أسْرَعُوا خِلاَلَكُمْ مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ وفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا بَيْنَهُمَا

هُوَ من كَلَام البُخَارِيّ أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير الإيضاع فِي الحَدِيث لِأَنَّهُ مصدر من أوضع يوضع إضاعا إِذا أسْرع فِي السّير، وَلما كَانَت لَفْظَة: أوضعوا، مَذْكُورَة فِي الْقُرْآن فِي سُورَة بَرَاءَة، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: { لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إلاَّ خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الْفِتْنَة} ( التَّوْبَة: 74) .
الْآيَة، وَالْمعْنَى: مَا زادوكم إلاَّ شَيْئا خبالاً، والخبال: الشَّرّ وَالْفساد، ولأوضعوا خلالكم ولسعوا بَيْنكُم بالتضريب وَهُوَ الإغراء بَين الْقَوْم وإفساد ذَات الْبَيْت،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: وَالْمعْنَى: ولأوضعوا أَي: أَسْرعُوا ركائبهم لِأَن الرَّاكِب أسْرع من الْمَاشِي، وَقَرَأَ ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: ولأرقصوا من: رقصت النَّاقة رقصا إِذا أسرعت، وأرقصتها أَنا، وقرىء: ولأوفضوا.





[ قــ :1600 ... غــ :1671 ]
- حدَّثنا سعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سُوَيْدٍ قَالَ حدَّثني عَمْرُو بنُ أبِي عَمْرٍ ومَولَى المُطَّلِبِ قَالَ أَخْبرنِي سَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ مَولى وَالِبَةَ الكُوفِيُّ قَالَ حدَّثني ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ دفَعَ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ عَرَفةَ فسَمِعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورَاءَهُ زَجْرا شَدِيدا وضَرْبا وصَوْتا لِلإبِلِ فأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  أيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُم بالسَّكِينَةِ فإنَّ البِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وللترجمة جزآن: أَحدهمَا: أمره، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالسَّكِينَةِ فيطابقه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) ، وَالْآخر: إِشَارَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم بِالسَّوْطِ، فيطابقه قَوْله: ( فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِسَوْطِهِ) .

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: سعيد بن أبي مَرْيَم، وَهُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي مَوْلَاهُم أَبُو مُحَمَّد، وَقد مر.
الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن حَيَّان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون.
الثَّالِث: عَمْرو بن أبي عَمْرو بِالْوَاو فيهمَا، وَاسم أبي عَمْرو: ميسرَة ضد الميمنة قد مر فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ الْحِرْص.
الرَّابِع: سعيد بن جُبَير، بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، مولى والبة، بِكَسْر اللَّام وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الْخَفِيفَة: بطن من بني أَسد، قَتله الْحجَّاج فِي سنة خمس وَتِسْعين.
الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَإِبْرَاهِيم وَعَمْرو مدنيان وَسَعِيد كُوفِي وَتكلم فِي إِبْرَاهِيم فَقَالَ ابْن حبَان: فِي حَدِيثه مَنَاكِير وَلَكِن عِنْد البُخَارِيّ ثِقَة، وَقد تَابعه فِي هَذَا الحَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَعَمْرو مولى الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب بن الْحَارِث بن عبيد بن عمر بن مَخْزُوم.

وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( دفع مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: انْصَرف مَعَه من عَرَفَة يَوْم عَرَفَة.
قَوْله: ( زجرا) ، بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْجِيم وَفِي آخِره رَاء: وَهُوَ الصياح لحث الْإِبِل.
قَوْله: ( وَضَربا) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: ( وصوتا) ، أَيْضا بعد: ضربا، وَكَأَنَّهُ تَصْحِيف من: ضربا، فعطف: صَوتا، عَلَيْهِ.
قَوْله: ( عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) إغراء أَي: لازموا السكينَة فِي السّير، يَعْنِي الرِّفْق وَعدم الْمُزَاحمَة، وَعلل ذَلِك بقوله: ( فَإِن الْبر) أَي: الْخَيْر ( لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ) أَي: السّير السَّرِيع من أوضع: إِذا سَار سيرا عنيفا وَيُقَال: هُوَ سير مثل الخبب.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا نَهَاهُم عَن الْإِسْرَاع إبْقَاء علهيم لِئَلَّا يجحفوا بِأَنْفسِهِم مَعَ بعد الْمسَافَة.

أوْضَعُوا أسْرَعُوا خِلاَلَكُمْ مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ وفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا بَيْنَهُمَا

هُوَ من كَلَام البُخَارِيّ أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير الإيضاع فِي الحَدِيث لِأَنَّهُ مصدر من أوضع يوضع إضاعا إِذا أسْرع فِي السّير، وَلما كَانَت لَفْظَة: أوضعوا، مَذْكُورَة فِي الْقُرْآن فِي سُورَة بَرَاءَة، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: { لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إلاَّ خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الْفِتْنَة} ( التَّوْبَة: 74) .
الْآيَة، وَالْمعْنَى: مَا زادوكم إلاَّ شَيْئا خبالاً، والخبال: الشَّرّ وَالْفساد، ولأوضعوا خلالكم ولسعوا بَيْنكُم بالتضريب وَهُوَ الإغراء بَين الْقَوْم وإفساد ذَات الْبَيْت،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: وَالْمعْنَى: ولأوضعوا أَي: أَسْرعُوا ركائبهم لِأَن الرَّاكِب أسْرع من الْمَاشِي، وَقَرَأَ ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: ولأرقصوا من: رقصت النَّاقة رقصا إِذا أسرعت، وأرقصتها أَنا، وقرىء: ولأوفضوا.