فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة، ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر

(بابُُ منْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أهْلِهِ بِلَيْلٍ فَيَقِفُونَ بِالمُزْدَلِفَةِ ويَدْعُونَ ويُقَدِّمُ إذَا غابَ القَمَرُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان شَأْن من قدم ضعفة أَهله، و: الضعفة، بِفَتْح الْعين: جمع ضَعِيف،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: الضعفة هم الصّبيان وَالنِّسَاء فَقَط.
قلت: يدْخل فِيهِ الْمَشَايِخ العاجزون لِأَنَّهُ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ضعفة بني هَاشم وصبيانهم بلَيْل، رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) : وَقَوله: ضعفه بني هَاشم، أَعم من النِّسَاء وَالصبيان والمشايخ العاجزين وَأَصْحَاب الْأَمْرَاض، لِأَن الْعلَّة خوف الزحام عَلَيْهِم، وَعَن ابْن عَبَّاس: (أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ضعفة أَهله، فصلينا الصُّبْح بمنى ورمينا الْجَمْرَة، رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
.

     وَقَالَ  الْمُحب الطَّبَرِيّ: لم يكن ابْن عَبَّاس من الضعفة، وَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ يرد عَلَيْهِ.
قَوْله: (بلَيْل) أَي: فِي ليل، وَالْبَاء تتَعَلَّق بقوله: (قدم) وتقديمهم من منزلهم الَّذِي نزلُوا بِهِ بِجمع.
قَوْله: (وَيدعونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ) يَعْنِي: يذكرُونَ الله مَا بدا لَهُم، قَوْله: (وَيقدم إِذا غَابَ الْقَمَر) بَيَان لقَوْله: بلَيْل، لِأَن قَوْله: بلَيْل، أَعم من أَن يكون فِي أول اللَّيْل أَو فِي وَسطه أَو فِي آخِره.
وَبَينه بقوله: (إِذا غَابَ) ، لِأَن مغيب الْقَمَر تِلْكَ اللَّيْلَة يَقع عِنْد أَوَائِل الثُّلُث الْأَخير، وَمن ثمَّة قَيده الشَّافِعِي وَأَصْحَابه بِالنِّصْفِ الثَّانِي، وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر نِسَاءَهُ وَثقله فِي صَبِيحَة جمع أَن يفيضوا مَعَ أول الْفجْر بسواد، وَأَن لَا يرموا الْجَمْرَة إلاَّ مصبحين، وروى أَبُو دَاوُد (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقدم ضعفة أَهله بِغَلَس وَيَأْمُرهُمْ، يَعْنِي: لَا يرْمونَ الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس) ،،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَيقدم بِلَفْظ الْمَفْعُول وَالْفَاعِل قلت: أَرَادَ بِلَفْظ الْبناء للْمَجْهُول، وَالْبناء للمعلوم فَفِي الأول يرجع الضَّمِير إِلَى الضعفة، فَيكون مَفْعُولا وَفِي الثَّانِي يرجع إِلَى لفظ: فَيكون فَاعِلا، فَافْهَم.

[ قــ :1605 ... غــ :1676 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ سالِمٌ وكانَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أهْلِهِ فيَقِفُونَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ بِالمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ فيَذْكُرُونَ الله عزَّ وجَلَّ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أنْ يَقِفَ الإمَامُ وقَبْلَ أنْ يَدْفَعَ فَمِنْهُمْ منْ يَقْدَمُ مِنىً لِصَلاةِ الفَجْرِ ومِنْهُمْ منْ يَقْدَمُ بَعدَ ذلِكَ فإذَا قَدِمُوا رَمَوا الجَمْرَةَ وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ أرْخَصَ فِي أُولائِكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: (يقدم ضعفة أَهله) وَفِي قَوْله: (فيقفون) وَفِي قَوْله: (فَيذكرُونَ الله تَعَالَى) ، لِأَن الْمَعْنى: يدعونَ الله ويذكرونه مَا بدا لَهُم.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
وَيحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير الْمصْرِيّ، وَاللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ، وَيُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ الْمدنِي، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله ابْن عمر، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن يُونُس بن شهَاب أَن سَالم بن عبد الله أخبرهُ.

قَوْله: (عِنْد الْمشعر الْحَرَام) ، بِفَتْح الْمِيم، وَقيل: إِن أَكثر الْعَرَب يكسر الْمِيم، قَالَ القتبي: لم يقْرَأ بِهِ أحد، وَذكر الْهُذلِيّ أَن أَبَا السمال بِاللَّامِ فِي آخِره قَرَأَهُ بِالْكَسْرِ،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: تكسر فِي اللُّغَة لَا فِي الرِّوَايَة، وَهُوَ الْمزْدَلِفَة، وَفِي (الموعب) لِابْنِ التياني: عَن قطرب قَالُوا: مشْعر ومشعر ومشعر، ثَلَاث لُغَات،.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: يُسمى مشعرا لِأَنَّهُ معلم لِلْعِبَادَةِ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي صَاحب (الْمَنَاسِك) : الْأَصَح أَن الْمشعر الْحَرَام فِي الْمزْدَلِفَة لَا غير الْمزْدَلِفَة، وحد الْمزْدَلِفَة مَا بَين مأزمي عَرَفَة وَقرن محسر يَمِينا وَشمَالًا من الشعاب وَالْجِبَال،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي الشَّارِح: وَاخْتلف فِيهِ، وَالْمَعْرُوف عَن أَصْحَابنَا أَنه قزَح، بِضَم الْقَاف وَفتح الزَّاي وبالمهملة: وَهُوَ جبل مَعْرُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ، والْحَدِيث يدل عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  غَيرهم: إِنَّه نفس الْمزْدَلِفَة.
وَفِي (التَّلْوِيح) : والمزدلفة لَهَا اسمان آخرَانِ: جمع والمشعر الْحَرَام.
وَفِي حَدِيث أَن قزَح هُوَ الْمشعر الْحَرَام، وَعَن ابْن عمر: أَن الْمشعر الْحَرَام هُوَ الْمزْدَلِفَة كلهَا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: لَو كَانَ الْمشعر الْحَرَام هُوَ الْمزْدَلِفَة لقَالَ، عز وَجل: فاذكروا الله فِي الْمشعر الْحَرَام، وَلم يقل: عِنْده، كَمَا إِذا قلت: أَنا عِنْد الْبَيْت، لَا تكون فِي الْبَيْت.
.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الهجري فِي (كتاب النَّوَادِر) : وَآخر مُزْدَلِفَة محسر وَأول من بطن محسر محسر بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر السِّين الْمُشَدّدَة الْمُهْملَة وَفِي آخِره رَاء وَاد بِجمع وَهِي مزلدلفة، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَهُوَ بَين يَدي موقف الْمزْدَلِفَة مِمَّا يَلِي منى، وَهُوَ مسيل قدر رمية بِحجر بَين الْمزْدَلِفَة وَمنى، وَذكره أَبُو عبيد.
وَعند الطَّبَرِيّ: إسم فَاعل من: حسر، بتَشْديد السِّين، سمي بذلك لِأَن فيل أَصْحَاب الْفِيل حسر فِيهِ، أَي: أعيى وكلَّ عَن السّير.
قيل: هَذَا غلط، لِأَن الْفِيل لم يعبر الْحرم.
وَقيل: سمي بِهِ لِأَنَّهُ يحسر سالكه ويتعبهم، وَيُسمى: وادِ النَّار، وَيُقَال: إِن رجلا اصطاد فِيهِ فَنزلت نَار فَأَحْرَقتهُ، وَحِكْمَة الْإِسْرَاع فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ موقفا لِلنَّصَارَى، فاستحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِسْرَاع فِيهِ.
قَوْله: (الْحَرَام) ، صفة الْمشعر، أَي: الْمحرم أَي الَّذِي يحرم عَلَيْهِ الصَّيْد فِيهِ وَغَيره، فَإِنَّهُ من الْحرم، وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: ذَا الْحُرْمَة.
قَوْله: (مَا بدا لَهُم) ، بِلَا همزَة أَي: مَا ظهر لَهُم وسنح فِي خواطرهم وأرادوه.
قَوْله: (ثمَّ يرجعُونَ) أَي: إِلَى منى قبل أَن يقف الإِمَام بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (ثمَّ يدْفَعُونَ) .
قَوْله: (وَقبل أَن يدْفع) أَي: الإِمَام.
قَوْله: (لصَلَاة الْفجْر) ، أَي: عِنْد صَلَاة الْفجْر.
قَوْله: (رموا الْجَمْرَة) أَي: جَمْرَة الْعقبَة، وَهِي مرمى يَوْم النَّحْر، وَيُقَال لَهَا: الْجَمْرَة الْكُبْرَى.
قَوْله: (أرخص) من الإرخاص، وَهُوَ فعل مَاض وفاعله قَوْله: (رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كَذَا وَقع: أرخص، وَفِي بعض الرِّوَايَات: رخص، بِالتَّشْدِيدِ من الرُّخْصَة الَّتِي هِيَ ضد الْعَزِيمَة، وَهَذَا أظهر وَأَصَح، لِأَن أرخص من الرُّخص الَّذِي هُوَ ضد الغلاء.
قَوْله: (فِي أُولَئِكَ) ، هم الضعفة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث، وَاحْتج بِهِ ابْن الْمُنْذر لقَوْل من أوجبت الْمبيت بِمُزْدَلِفَة على غير الضعفة، لِأَن حكم من لم يرخص فِيهِ لَيْسَ كَحكم من رخص فِيهِ.
قلت: وَقد اخْتلف السّلف فِي الْمبيت بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَذهب أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَمُحَمّد بن إِدْرِيس فِي أحد قوليه: إِلَى وجوب الْمبيت بهَا، وَأَنه لَيْسَ بِرُكْن، فَمن تَركه فَعَلَيهِ دم، وَهُوَ قَول عَطاء وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة وَمُجاهد، وَعَن الشَّافِعِي: سنة، وَهُوَ قَول مَالك.
.

     وَقَالَ  ابْن بنت الشَّافِعِي وَابْن خُزَيْمَة الشافعيان: هُوَ ركن،.

     وَقَالَ  عَلْقَمَة وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ: من ترك الْمبيت بِمُزْدَلِفَة فَاتَهُ الْحَج.
وَفِي (شرح التَّهْذِيب) : وَهُوَ قَول الْحسن، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: يحصل الْمبيت بساعة فِي النّصْف الثَّانِي من اللَّيْل دون الأول.
وَعَن مَالك: النُّزُول بِالْمُزْدَلِفَةِ وَاجِب، وَالْمَبِيت بهَا سنة، وَكَذَا الْوُقُوف مَعَ الإِمَام سنة.
.

     وَقَالَ  أهل الظَّاهِر: من لم يدْرك مَعَ الإِمَام صَلَاة الصُّبْح بِالْمُزْدَلِفَةِ بَطل حجه بِخِلَاف النِّسَاء وَالصبيان والضعفاء.
وَعند أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: لَو ترك الْوُقُوف بهَا بعد الصُّبْح من غير عذر فَعَلَيهِ دم، وَإِن كَانَ بِعُذْر الزحام فتعجل السّير إِلَى منى، فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، والمأمور بِهِ فِي الْآيَة الْكَرِيمَة الذّكر دون الْوُقُوف، ووقف الْوُقُوف بالمشعر بعد طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر إِلَى أَن يسفر جدا، وَعَن مَالك: لَا يقف أحد إِلَى الْأَسْفَار، بل يدْفَعُونَ قبل ذَلِك.





[ قــ :1606 ... غــ :1677 ]
- حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ بَعَثَنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن ابْن عَبَّاس كَانَ فِي جملَة الضُّعَفَاء الَّذين قدمهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ من جمع، وَقد تكَرر ذكر رِجَاله، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَلما روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا، قَالَ: وَرُوِيَ عَنهُ من غير وَجه.
بَيَان ذَلِك أَنه رَوَاهُ عَنهُ جمَاعَة، وهم: عبيد الله بن أبي يزِيد، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَالْحسن العرني، ومقسم، وكريب.
أما رِوَايَة عبيد الله ابْن أبي يزِيد عَنهُ فاتفق عَلَيْهَا الشَّيْخَانِ من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بن زيد، فرواها كِلَاهُمَا عَن عبيد الله بن أبي يزِيد، والآن يَأْتِي بَيَانه.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة.
وَأما رِوَايَة عَطاء فأخرجها مُسلم فِي ( صَحِيحه) عَن عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ( بَعَثَنِي نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسحر من جمع فِي ثقل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه.
وَأما رِوَايَة الْحسن العرني فأخرجها أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة سَلمَة بن كهيل عَن الْحسن العرني ( عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قدمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة أغيلمة بني عبد الْمطلب على جمرات، فَجعل يلطخ أفخاذنا، وَيَقُول: أبني لَا ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس) .
.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: اللطخ الضَّرْب اللين، وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) .
وَأما رِوَايَة مقسم فأخرجها التِّرْمِذِيّ وَانْفَرَدَ بهَا.
قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا وَكِيع عَن المَسْعُودِيّ عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم ضعفة أَهله،.

     وَقَالَ : لَا ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس.
وَأما رِوَايَة كريب فأخرجها الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر نِسَاءَهُ) الحَدِيث.
وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.





[ قــ :1607 ... غــ :1678 ]
- حدَّثنا عَلِيٌّ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ أبي يَزِيدَ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ أنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةَ فِي ضَعَفَةِ أهْلِهِ.

( انْظُر الحَدِيث 7761 وطرفه) .

هَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور، وَهَذَا وَجه من الْوُجُوه الْخَمْسَة الَّتِي ذَكرنَاهَا آنِفا، وَذكر البُخَارِيّ هَهُنَا وَجها آخر وَهُوَ: عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور فِيمَا قبله، وَهَذَا الطَّرِيق أخرجه عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن أبي يزِيد من الزِّيَادَة، مولى أهل مَكَّة مر فِي: بابُُ وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء وَالْفرق بَين الطَّرِيقَيْنِ أَن الطَّرِيق الأول يَقْتَضِي بِحَسب الظَّاهِر أَنه كَانَ مُخْتَصًّا بِالْبَعْثِ من جمع بِاللَّيْلِ، وَالطَّرِيق الثَّانِي يَقْتَضِي عدم الِاخْتِصَاص قطعا.




[ قــ :1608 ... غــ :1679 ]
- ( حَدثنَا مُسَدّد عَن يحي عَن ابْن جريج قَالَ حَدثنِي عبد الله مولى أَسمَاء عَن أَسمَاء أَنَّهَا نزلت لَيْلَة جمع عِنْد الْمزْدَلِفَة فَقَامَتْ تصلي فصلت سَاعَة ثمَّ قَالَت يَا بني هَل غَابَ الْقَمَر قلت لَا فصلت سَاعَة ثمَّ قَالَت هَل غَابَ الْقَمَر قلت نعم قَالَت فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حَتَّى رمت الْجَمْرَة ثمَّ رجعت فصلت الصُّبْح فِي منزلهَا فَقلت لَهَا يَا هنتاه مَا أرانا إِلَّا قد غلسنا قَالَت يَا بني إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن للظعن) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا " فارتحلوا فارتحلنا " لِأَن ارتحالهم كَانَ عقيب غيبوبة الْقَمَر وَقد ذكرنَا أَن مغيب الْقَمَر فِي تِلْكَ اللَّيْلَة كَانَ عِنْد أَوَائِل الثُّلُث الْأَخير من اللَّيْل.
( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة مُسَدّد بن مسرهد عَن يحيى الْقطَّان عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن عبد الله بن كيسَان مولى أَسمَاء أَبُو عمر وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَآخر سَيَأْتِي فِي أَبْوَاب الْعمرَة وَأَسْمَاء هَذِه هِيَ بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَقد صرح ابْن جريج بتحديث عبد الله لَهُ وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي وَابْن خُزَيْمَة عَن بنْدَار وَكَذَا أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده كلهم عَن يحيى وَأخرجه مُسلم من طَرِيق عِيسَى بن يُونُس والإسماعيلي من طَرِيق دَاوُد الْعَطَّار وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة والطَّحَاوِي من طَرِيق سعيد بن سَالم وَأَبُو نعيم من طَرِيق مُحَمَّد بن بكر كلهم عَن ابْن جريج وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن خَلاد عَن يحيى الْقطَّان عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَخْبرنِي مخبر عَن أَسمَاء وَأخرجه مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عَطاء أَن مولى أَسمَاء أخبرهُ وَكَذَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن يحيى فَالظَّاهِر أَن ابْن جريج سَمعه من عَطاء ثمَّ لَقِي عبد الله فَأَخذه عَنهُ وَيحْتَمل أَن يكون مولى أَسمَاء شيخ عَطاء غير عبد الله ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " يَا بني " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر ابْن قَوْله " فارتحلوا " أَمر بالارتحال وَفِي رِوَايَة مُسلم " قَالَت ارحل بِي " قَوْله " فمضينا " وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة " فمضينا بهَا " قَوْله " ثمَّ رجعت " أَي إِلَى منزلهَا بمنى قَوْله " يَا هنتاه " أَي يَا هَذِه يُقَال للمذكر إِذا كنى عَنهُ هن وللمؤنث هنة وزيدت الْألف لمد الصَّوْت وَالْهَاء لإِظْهَار الْألف وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون النُّون وَقد تفتح وإسكانها أشهر ثمَّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَقد تسكن الْهَاء الَّتِي فِي آخرهَا وتضم قَوْله " مَا أرانا " بِضَم الْهمزَة أَي مَا نظن إِلَّا قد غلسنا أَي تقدمنا على الْوَقْت الْمَشْرُوع وَهُوَ من التغليس وَهُوَ السّير بِغَلَس وَهِي ظلمَة آخر اللَّيْل وَفِي رِوَايَة لمُسلم " فَقلت لَهَا لقد غلسنا " بِدُونِ قَوْله " مَا أرانا " وَفِي رِوَايَة مَالك " لقد جِئْنَا منى بِغَلَس " وَفِي رِوَايَة دَاوُد الْعَطَّار " لقد ارتحلنا بلَيْل " وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد " فَقلت إِنَّا رمينَا الْجَمْرَة بِغَلَس " قَوْله " أذن للظعن " بِضَم الظَّاء وَالْعين وبسكون الْعين أَيْضا جمع ظَعِينَة وَهِي النِّسَاء وَفِي الْمُحكم هُوَ جمع ظاعن وَسميت النِّسَاء بهَا لِأَنَّهُنَّ يظعن بارتحال أَزوَاجهنَّ ويقمن بإقامتهم تَقول ظعن يظعن ظعنا وظعونا ذهب وأظعنه هُوَ والظعينة الْجمل يظعن عَلَيْهِ والظعينة الهودج تكون فِيهِ الْمَرْأَة وَقيل هُوَ الهودج كَانَت فِيهِ امْرَأَة أَو لم تكن وَعَن ابْن السّكيت كل امْرَأَة ظَعِينَة سَوَاء كَانَت فِي هودج أَو غَيره.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده الْجمع ظعائن وظعن وأظعان وظعنات الأخيرتان جمع الْجمع وَفِي الْجَامِع وَلَا يُقَال ظعن إِلَّا لِلْإِبِلِ الَّتِي عَلَيْهَا الهوادج وَقيل الظعن الْجَمَاعَة من النِّسَاء وَالرِّجَال ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث قوم على جَوَاز الرَّمْي قبل طُلُوع الشَّمْس بعد طُلُوع الْفجْر للَّذين يتقدمون قبل النَّاس وَهُوَ قَول عَطاء بن أبي رَبَاح الْمَكِّيّ وَطَاوُس بن كيسَان وَمُجاهد وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَالشَّافِعِيّ.

     وَقَالَ  عِيَاض مَذْهَب الشَّافِعِي رمي الْجَمْرَة من نصف اللَّيْل وَتعلق بِأَنَّهُ أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قدمت قبل الْفجْر وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرهَا أَن تفيض وتوافيه الصُّبْح مَكَّة وَظَاهر هَذَا عِنْده تَعْجِيل الرَّمْي قبل الْفجْر وَمذهب مَالك أَن الرَّمْي يحل بطول الْفجْر وَمذهب الثَّوْريّ وَالنَّخَعِيّ أَنَّهَا لَا ترمي إِلَّا بعد طُلُوع الشَّمْس وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد واسحق قَالُوا فَإِن رَمَوْهَا قبل طُلُوع الشَّمْس أجزأتهم وَقد أساؤا.

     وَقَالَ  الكاشاني من أَصْحَابنَا أول وقته الْمُسْتَحبّ مَا بعد طُلُوع الشَّمْس وَآخر وقته آخر النَّهَار كَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف يَمْتَد إِلَى وَقت الزَّوَال فَإِذا زَالَت الشَّمْس يفوت الْوَقْت وَيكون فِيمَا بعده قَضَاء فَإِن لم يرم حَتَّى غربت الشَّمْس يَرْمِي قبل الْفجْر من الْيَوْم الثَّانِي وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي قَوْله أَصْحَابنَا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي قَول إِذا غربت الشَّمْس فقد فَاتَ الْوَقْت وَعَلِيهِ الْفِدْيَة وَفِي قَول لَا يفوت إِلَّا فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق فَإِن أخر الرَّمْي حَتَّى طلع الْفجْر من الْيَوْم الثَّانِي رمى وَعَلِيهِ دم للتأخير فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ وَبِه قَالَ الشَّافِعِي.

     وَقَالَ  مَالك فِي الْمُوَطَّأ سَمِعت بعض أهل الْعلم يكره رمي الْجَمْرَة حَتَّى يطلع الْفجْر من يَوْم النَّحْر وَمن رمى فقد حل لَهُ النَّحْر.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ فِي الْجَواب عَن حَدِيث أَسمَاء الْمَذْكُور يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بالتغليس فِي الدّفع من مُزْدَلِفَة وَيجوز أَن يكون أَرَادَ بالتغليس فِي الرَّمْي فَأخْبرت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن لَهُم فِي التغليس لما سَأَلَهَا عَن التغليس بِهِ من ذَلِك.
وَفِيه اسْتدلَّ بَعضهم على إِسْقَاط الْوُقُوف بالمشعر الْحَرَام عَن الضعفة قيل لَا دلَالَة فِيهِ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَن الْوُقُوف -




[ قــ :1609 ... غــ :1680 ]
- حدَّثنا محَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرنَا سُفْيانُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ هُوَ ابنُ القَاسِمِ عَن الْقَاسِمِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ اسْتَأذَنَتْ سَوْدَةُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَةَ جَمْعٍ وكانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً فأذِنَ لَهَا.

( الحَدِيث 0861 طرفه فِي: 1861) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن سَوْدَة كَانَت من الضعفة الَّذين قدمُوا بلَيْل.
وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يروي عَن عمته عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَسَوْدَة، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة: بنت زَمعَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْحَج: حَدثنَا ابْن نمير، قَالَ: حَدثنَا أبي، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عمر عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن الْقَاسِم ( عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: وددت أَنِّي كنت اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة، فأصلي الصُّبْح بمنى فأرمي الْجَمْرَة قبل أَن يَأْتِي النَّاس.
فَقيل لعَائِشَة: فَكَانَت سَوْدَة استأذنته؟ قَالَت: نعم، كَانَت امْرَأَة ثَقيلَة ثبطة، فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهَا)
وَعَن أبي بكر ابْن أبي شيبَة: عَن وَكِيع وَعَن زُهَيْر بن حَرْب قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع، نَحوه ( أَن سَوْدَة بنت زَمعَة كَانَت امْرَأَة ثبطة فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تدفع من جمع قبل دفع النَّاس فَأذن لَهَا) وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة من طَرِيق ابْن قبيصَة عَن الثَّوْريّ: ( قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَة لَيْلَة جمع) .
قَوْله: ( ثبطة) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وسكونها وبالطاء الْمُهْملَة أَي: بطيئة الْحَرَكَة كَأَنَّهَا تثبط بِالْأَرْضِ أَي: تتشبث،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: ضبطناه بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة، وَضَبطه الجياني عَن ابْن سراج بِالْكَسْرِ والإسكان.





[ قــ :1610 ... غــ :1681 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا أفْلَحُ بنُ حُمَيْدٍ عنْ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ نزَلْنَا المُزْدَلِفَةَ فاسْتَأذَنَتْ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَةُ أنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وكانَتِ امْرَأةً بَطِيئَةً فأذِنَ لَهَا فدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وأقَمْنَا حَتَّى أصْبَحْنَا نَحْنُ ثُم دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ فَلأنْ أكونَ اسْتَأذَنْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كمَا اسْتَأذَنَتْ سَوْدَةُ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ.

( انْظُر الحَدِيث 0861) .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث سَوْدَة يبين فِيهِ مَا استأذنته سَوْدَة لِأَن فِي الطَّرِيق السَّابِق لم يذكر فِيهِ مَا استأذنته سَوْدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
وَأخرج هَذَا الطَّرِيق عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن أَفْلح بن حميد بن نَافِع الْأنْصَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن القعْنبِي عَن أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم ( عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: اسْتَأْذَنت سَوْدَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة أَن تدفع قبله وَقبل حطمة النَّاس، وَكَانَت امْرَأَة ضخمة ثبطة يَقُول الْقَاسِم: والثبطة الثَّقِيلَة) الحَدِيث، وَهَذَا فِيهِ تَفْسِير الثبطة عَن الْقَاسِم، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي عوَانَة من طَرِيق ابْن أبي فديك عَن أَفْلح، وَلَفظه: ( وَكَانَت امْرَأَة ثبطة، قَالَ: الثبطة الثَّقِيلَة) ، فعلى هَذَا قَوْله فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير شيخ البُخَارِيّ الَّذِي مضى، وَكَانَت امْرَأَة ثَقيلَة ثبطة، من الإدراج، أدرج الرَّاوِي التَّفْسِير بعد الأَصْل، فَظن الرَّاوِي الآخر أَن اللَّفْظَيْنِ ثابتان فِي أصل الْمَتْن، فَقدم وَأخر.

قَوْله: ( أَن تدفع) أَي: تتقدم قبل حطمة النَّاس، والحطمة بِالْفَتْح الزحمة.
قَوْله: ( ثمَّ دفعنَا بِدَفْعِهِ) ، أَي: بِدفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فَلِأَن أكون) بِفَتْح اللَّام مُبْتَدأ وَخَبره، قَوْله: أحب.
وَقَوله: ( كَمَا اسْتَأْذَنت سَوْدَة) جملَة مُعْتَرضَة بَينهمَا، وَلَفْظَة: مَا، فِي: كَمَا، مَصْدَرِيَّة أَي: كاستئذان سَوْدَة.
قَوْله: ( من مفروح بِهِ) أَي: من مَا يفرح بِهِ من كل شَيْء.