فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب فتل القلائد للبدن والبقر

( بابُُ فَتْلِ الْقَلاَئِدِ لِلْبُدْنِ والْبَقَرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فتل القلائد لأجل التَّعْلِيق على الْبدن، وَهُوَ جمع قلادة.
قَوْله: ( وَالْبَقر) أَي: وللبقر.



[ قــ :1623 ... غــ :1697 ]
- حدَّثنا مُسَددٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ أَخْبرنِي نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ عنْ حَفْصَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قالَتْ.

قُلْتُ يَا رسُولَ الله مَا شأنُ النَّاسَ حَلُّوا ولَمْ تَحْلِلْ أنْتَ قَالَ إنِّي لبَّدْتُ رَأسِي وقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلاَ أُحِلُّ حَتَّى أحِلَّ مِنَ الْحَجِّ.

.
مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ التَّمَتُّع والإقران فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن نَافِع، وَعَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قيل: وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث ذكر الْبَقر، فَلَا مُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة.
قلت: لفظ الْهَدْي يتَنَاوَل الْإِبِل وَالْبَقر جَمِيعًا، لِأَنَّهُ صَحَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهداهما جَمِيعًا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: كَيفَ دلّ الحَدِيث على التَّرْجَمَة؟ ثمَّ أجَاب بِأَن التَّقْلِيد لابد لَهُ من الفتل، وَتَبعهُ بَعضهم على ذَلِك، فَقَالَ: مناسبته للتَّرْجَمَة من جِهَة أَن التَّقْلِيد يسْتَلْزم تقدم الفتل عَلَيْهِ.
قلت: هَذَا غير مُسلم، لِأَن القلادة أَعم من أَن تكون من شَيْء يفتل وَمن شَيْء لَا يفتل.





[ قــ :164 ... غــ :1698 ]
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا الليْثُ قَالَ حدَّثنا ابنُ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ وعنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قالَتْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُهْدِي مِنَ المَدِينَةِ فأفْتِلُ قَلاَئِدَ ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم.

وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن يحيى بن يحيى وقتيبة وَمُحَمّد بن رمح.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَيزِيد بن خَالِد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن رمح كلهم عَن لَيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة، كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة بِهِ.

قَوْله: ( وَعَن عمْرَة) عطف على عُرْوَة، وَابْن شهَاب روى هَذَا الحَدِيث عَن عُرْوَة بن الزبير وَعَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن جَمِيعًا، كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة.
قَوْله: ( ثمَّ لَا يجْتَنب) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( مِمَّا يجتنبه الْمحرم) ، ويروى: ( مِمَّا يجْتَنب الْمحرم) مَعْنَاهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يبْعَث بِالْهَدْي وَلَا يحرم، فَلهَذَا لَا يجْتَنب عَن مَحْظُورَات الْإِحْرَام.
وَقد بوب مُسلم على هَذَا الحَدِيث حَيْثُ قَالَ: بابُُ الْبَعْث بِالْهَدْي وتقليده من غير أَن يحرم.

وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَفِيه: دَلِيل على اسْتِحْبابُُ بعث الْهَدْي إِلَى الْحرم وَأَن من لم يذهب إِلَيْهِ يسْتَحبّ لَهُ بَعثه مَعَ غَيره وَفِيه: أَن من بعث هَدْيه لَا يصير محرما وَلَا يحرم عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا يحرم على الْمحرم، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة إلاَّ رِوَايَة حكيت عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَطَاء وَسَعِيد ابْن جُبَير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَحَكَاهُ الْخطابِيّ أَيْضا عَن أهل الرَّأْي أَنه إِذا فعل ذَلِك لزمَه اجْتِنَاب مَا يجتنبه الْمحرم، وَلَا يصير محرما من غير نِيَّة الْإِحْرَام، وَالصَّحِيح مَا قَالَه الْجُمْهُور، ولهذه الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.