فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تقليد النعل

( بابُُ تَقْلِيدِ النَّعْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم تَقْلِيد الْهَدْي بالنعل، وَهُوَ الْحذاء، مؤنثه وتصغيرها نعيلة، تَقول: نعلت وانتعلت إِذا احتذيت، وَالْألف وَاللَّام فِيهِ للْجِنْس يتَنَاوَل الْوَاحِدَة وَمَا فَوْقهَا، وَفِي حكمهَا خلاف، فَعِنْدَ الثَّوْريّ: الشَّرْط نَعْلَانِ فِي التَّقْلِيد، وَعند غَيره: تجوز الْوَاحِدَة.
.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: لَا يتَعَيَّن النَّعْل فِي التَّقْلِيد، بل كل مَا قَامَ مقَامهَا يجزىء، حَتَّى أذن الْإِدَاوَة والقطعة من المزادة.
وَالْحكمَة فِيهِ أَنه إِشَارَة إِلَى السّفر وَالْجد فِيهِ.
وَقيل: الْحِكْمَة فِيهِ أَن الْعَرَب تَعْتَد النَّعْل مركوبة لكَونهَا تَقِيّ عَن صَاحبهَا، وَتحمل عَنهُ وعر الطَّرِيق.
فَكَانَ الَّذِي أهْدى وقلده بالنعل خرج عَن مركوبه لله تَعَالَى حَيَوَانا، وَغَيره فبالنظر إِلَى هَذَا يسْتَحبّ النَّعْلَانِ فِي التَّقْلِيد.



[ قــ :1632 ... غــ :1706 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرَنا عَبْدُ الأعْلَى بنُ عَبْدِ الأعْلَى عنْ مَعْمَرٍ عنْ يَحْيَى بنِ أبي كَثيرٍ عَن عِكْرَمَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ نبيَّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأى رجُلاً يَسُوقُ بَدَنةً قَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إنَّهَا بَدَنَةً قَالَ ارْكَبْهَا قَالَ فَلَقَدْ رَأيْتُهُ رَاكِبَهَا يُسَايِرُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( والنعل فِي عُنُقهَا) .

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد كَذَا وَقع غير مَنْسُوب فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر مُحَمَّد هُوَ ابْن سَلام، وَكَذَا وَقع لِابْنِ السكن،.

     وَقَالَ  الجياني: لَعَلَّه مُحَمَّد بن الْمثنى لِأَنَّهُ قَالَ بعد هَذَا فِي: بابُُ الذّبْح قبل الْحلق: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا عبد الْأَعْلَى يُؤَيّدهُ مَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نعيم فِي ( مستخرجيهما) من طَرِيق الْحسن بن سُفْيَان حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا عبد الْأَعْلَى فذكرا حَدِيث النَّعْل.
الثَّانِي: عبد الْأَعْلَى ابْن عبد الْأَعْلَى ابْن مُحَمَّد السَّامِي، بِالسِّين الْمُهْملَة: من بني سامة بن لؤَي.
الثَّالِث: معمر، بِفَتْح الميمين: ابْن رَاشد.
الرَّابِع: يحيى بن أبي كثير، وَاسم أبي كثير: صَالح بن المتَوَكل، وَقيل غير ذَلِك.
الْخَامِس: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، وَأما عِكْرِمَة بن عمار فَهُوَ تلميذ يحيى بن أبي كثير لَا شَيْخه.
السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه إِن كَانَ مُحَمَّد بن سَلام فَهُوَ البيكندي البُخَارِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِن كَانَ مُحَمَّد بن الْمثنى فَهُوَ الْبَصْرِيّ وَكَذَلِكَ عبد الْأَعْلَى وَمعمر بصريان وَيحيى بن أبي كثير يمامي وَعِكْرِمَة مدنِي.
وَفِيه: ثَلَاثَة مذكورون بِغَيْر نِسْبَة.
وَفِيه: من هُوَ اسْمه وَاسم أَبِيه وَاحِد.
وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
وَقيل: يحيى رأى أنسا يُصَلِّي وَلم يرو عَنهُ شَيْئا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( يَسُوق بَدَنَة) ، جملَة حَالية.
قَوْله: ( قَالَ) أَي: أَبُو هُرَيْرَة.
قَوْله: ( فَلَقَد رَأَيْته) أَي: الرجل الْمَذْكُور.
قَوْله: ( راكبها) نصب على الْحَال لِأَن إِضَافَته لفظية، فَهُوَ نكرَة وَيجوز أَن يكون بَدَلا من ضمير الْمَفْعُول فِي: رَأَيْته، وَقد مر الْبَحْث فِيهِ فِي: بابُُ ركُوب الْبدن، فَإِنَّهُ أخرج هُنَاكَ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة من طَرِيق مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.

تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ
ظَاهر الْعبارَة أَن مُحَمَّد بن بشار تَابع مُحَمَّد بن الْمثنى،.

     وَقَالَ  بَعضهم: المتابَع بِالْفَتْح هُوَ معمر، والمتابِع بِالْكَسْرِ هُوَ مُحَمَّد بن بشار ظَاهرا، وَلكنه فِي التَّحْقِيق هُوَ عَليّ بن الْمُبَارك، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا احْتَاجَ معمر عِنْده إِلَى الْمُتَابَعَة لِأَن فِي رِوَايَة الْبَصرِيين عَنهُ مقَالا لكَونه حَدثهمْ بِالْبَصْرَةِ من حفظَة، وَهَذَا من رِوَايَة الْبَصرِيين.
انْتهى.
قلت: الَّذِي يَقْتَضِيهِ حق التَّرْكِيب يرد مَا قَالَه على مَا لَا يخفى، وَالَّذِي حمله على هَذَا ذكر عَليّ بن الْمُبَارك فِي السَّنَد الَّذِي يَأْتِي عقيب هَذَا، وَهَذَا فِي غَايَة الْبعد على مَا لَا يخفى.
غَايَة مَا فِي الْبابُُ: أَن السَّنَد الَّذِي فِيهِ عَليّ بن الْمُبَارك يظْهر أَنه تَابع معمرا فِي رِوَايَته فِي نفس الْأَمر لَا فِي الظَّاهِر، لِأَن التَّرْكِيب لَا يساعد مَا قَالَه أصلا.
فَافْهَم.


حدَّثنا عُثْمانُ بنُ عُمَرَ قَالَ أخبرَنا عَلِيُّ بنُ الْمُبارَكِ عنْ يَحْيى عنْ عِكْرِمةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَشَارَ بِهَذَا الطَّرِيق إِلَى أَن مُتَابعَة عَليّ بن الْمُبَارك معمرا لما ذكرنَا.
وَفِي بعض النّسخ، قَالَ: حَدثنَا أَي: قَالَ البُخَارِيّ.
ويروى: أخبرنَا عُثْمَان عَن عمر بن فَارس الْبَصْرِيّ.
قَالَ: أخبرنَا عَليّ بن الْمُبَارك الْهنائِي الْبَصْرِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق وَكِيع عَن عَليّ بن الْمُبَارك بمتابعة عُثْمَان بن عمر،.

     وَقَالَ : إِن حُسَيْنًا الْمعلم رَوَاهُ عَن يحيى بن أبي كثير أَيْضا.