فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: الجلال للبدن

( بابُُ الْجِلاَلِ لِلْبُدْنِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْجلَال الْمعدة للبدن، وَهُوَ بِكَسْر الْجِيم جمع: جلّ، بِضَم الْجِيم.
وَهُوَ الَّذِي يطْرَح على ظهر الْحَيَوَان من الْإِبِل وَالْفرس وَالْحمار والبغل، وَهَذَا من حَيْثُ الْعرف، وَلَكِن الْعلمَاء قَالُوا: إِن التجليل مُخْتَصّ بِالْإِبِلِ من كسَاء وَنَحْوهَا.

وكانَ ابنُ عُمعرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لاَ يَشُقُّ مِنَ الجِلاَلِ إلاَّ مَوْضِعَ السَّنامِ وإذَا نَحَرَهَا نزَعَ جِلاَلَهَا مَخَافَةَ أنْ يُفْسِدَها الدَّمُ ثُمَّ يتَصَدَّقُ بِهَا هَذَا التَّعْلِيق وصل بعضه مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر كَانَ يُجَلل بدنه الْقبَاطِي والجلل، ثمَّ يبْعَث بهَا إِلَى الْكَعْبَة فيكسوها إِيَّاهَا.
وَعَن مَالك أَنه سَأَلَ عبد الله بن دِينَار: مَا كَانَ ابْن عمر يصنع بِجلَال بدنه حِين كُسِيت الْكَعْبَة هَذِه الْكسْوَة؟ قَالَ: كَانَ يتَصَدَّق بهَا.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ، بعد أَن أخرجه من طَرِيق يحيى بن بكير عَن مَالك: زَاد فِيهِ غير يحيى عَن مَالك: إلاَّ مَوضِع السنام ... إِلَى آخر الْأَثر الْمَذْكُور.
قَالَ الْمُهلب: لَيْسَ التَّصَدُّق بِجلَال الْبدن فرضا، وَإِنَّمَا صنع ذَلِك ابْن عمر لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن يرجع فِي شَيْء أهل بِهِ لله.
وَلَا فِي شَيْء أضيف إِلَيْهِ.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: وَيتَصَدَّق بِجلَال الْهَدْي وزمامه لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بذلك، كَمَا يَجِيء الْآن.
وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْأَمر أَمر اسْتِحْبابُُ.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: كَانَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يرَوْنَ تجليل الْبدن.
ثمَّ إعلم أَن فَائِدَة شقّ الجل من مَوضِع السنام ليظْهر الْإِشْعَار وَلَا يستر تحتهَا.



[ قــ :1633 ... غــ :1707 ]
- حدَّثنا قَبِيصةُ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ عَن ابنِ أبي نَجِيحٍ عنْ مُجَاهِدٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي لَيْلَى عنْ عَلِيٍّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أمَرني رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ أتَصَدَّقَ بِجِلالِ البُدْنِ الَّتي نَحَرْتُ وبِجُلُودِهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقبيصَة، بِفَتْح الْقَاف: ابْن عقبَة بن عَامر السوَائِي العامري الْكُوفِي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَابْن أبي نجيح، بِفَتْح النُّون وَكسر الْجِيم: واسْمه عبد الله بن يسَار الْمَكِّيّ، وَابْن أبي ليلى هُوَ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَاسم أبي ليلى: يسَار بن بِلَال، لَهُ صُحْبَة.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الْوكَالَة عَن قبيصَة، وَأخرجه أَيْضا فِي الْحَج عَن أبي نعيم، وَعَن مُسَدّد وَعَن مُحَمَّد بن كثير.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن ابْن أبي شيبَة، وَعَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَعَن يحيى بن يحيى وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن معَاذ بن هِشَام وَعَن مُحَمَّد ابْن حَاتِم وَمُحَمّد بن مَرْزُوق وَعبد بن حميد.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عَمْرو بن عون وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عَمْرو بن يزِيد وَعَن عَمْرو بن عَليّ وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور.
وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن مُحَمَّد بن آدم، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الصَّباح وَفِي الْأَضَاحِي عَن مُحَمَّد بن معمر.
.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ فِي: بابُُ لَا يعْطى الجزار من الْهَدْي شَيْئا، فَأمرنِي فقسمت لحمومها، ثمَّ أَمرنِي فقسمت جلالها وجلودها، وَلَا أعْطى عَلَيْهَا شَيْئا فِي جزارتها، وَفِي لفظ: وَكَانَت مائَة بَدَنَة، والجزارة، بِكَسْر الْجِيم: اسْم الْفِعْل، وبالضم السواقط الَّتِي يَأْخُذهَا الجازر، قَالَه ابْن التِّين،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الجزارة بِالضَّمِّ كالعمالة، مَا يَأْخُذهُ الجزار من الذَّبِيحَة من أجرته، وَأَصلهَا أَطْرَاف الْبَعِير: الرَّأْس وَالْيَدَانِ وَالرجلَانِ سميت بذلك لِأَن الجزار كَانَ يَأْخُذهَا عَن أجرته،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: قَالَ قوم: هِيَ كالخياطة، يُرِيد بهَا عمله فِيهَا.