فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الذبح قبل الحلق

( بابُُ الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم ذبح الْحَاج هَدْيه قبل أَن يحلق رَأسه، وَاكْتفى بِمَا فِي الحَدِيث عَن بَيَان الحكم فِي التَّرْجَمَة.



[ قــ :1647 ... غــ :1721 ]
- حدَّثنا محَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ حَوْشَبٍ قَالَ حدَّثنا هُشَيْمٌ أخبرنَا مَنْصُورٌ عنْ عَطَاء عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سُئِلَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّنُ حَلَقَ قَبْلَ أنْ يَذْبَحَ ونَحْوِهِ فَقَالَ لاَ حَرَجَ لَا حَرَجَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يبين مَا فِي التَّرْجَمَة من الذّبْح قبل الْحلق يجوز أَو لَا، وَقد بَين الحَدِيث أَنه يجوز، لِأَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا حرج) ، يدل على الْجَوَاز، وَإِن كَانَ الأَصْل أَن يكون الذّبْح قبل الْحلق.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة.
الثَّانِي: هشيم، بِضَم الْهَاء وَفتح الشين الْمُعْجَمَة: ابْن بشير السّلمِيّ.
الثَّالِث: مَنْصُور بن زَاذَان، بالزاي والذال المعجمتين، مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
الرَّابِع: عَطاء بن أبي رَبَاح.
الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
والإخبار كَذَلِك فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه طائفي وَأَنه من أَفْرَاده وَأَن هشيما ومنصورا واسطيان وَأَن عَطاء مكي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ من أَرْبَعَة طرق على مَا نذكرها، وَمن سِتَّة أوجه: عَن مَنْصُور عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس.
عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، عَن ابْن خثيم عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس.
وَعَن عَطاء عَن جَابر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي عَن هشيم بِهِ، وَلَفظه: ( سُئِلَ عَمَّن حلق قبل أَن يذبح، أَو ذبح قبل أَن يَرْمِي) .
وَأخرجه أَحْمد بن حَنْبَل نَحْو النَّسَائِيّ، وَعند مُسلم عَن طَاوُوس: ( عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ فِي الذّبْح وَالْحلق وَالرَّمْي والتقديم وَالتَّأْخِير، فَقَالَ: لَا حرج) .
وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ سُئِلَ عَمَّن ذبح قبل أَن يحلق، وَعَمن حلق قبل أَن يذبح، وَحلق قبل أَن يَرْمِي أَشْيَاء ذكرهَا.
قَالَ: لَا حرج.
وَعند أبي دَاوُد: ( كَانَ يسْأَل يَوْم منى فَيَقُول: لَا حرج، فَسَأَلَهُ رجل.
فَقَالَ: إِنِّي حلقت قبل أَن أذبح.
قَالَ: إذبح وَلَا حرج، قَالَ: إِنِّي أمسيت، وَلم أرمِ.
قَالَ: إرمِ وَلَا حرج)
.
وروى مُسلم من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ.
قَالَ: ( وقف رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حجَّة الْوَدَاع بمنى للنَّاس يسألونه، فجَاء رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لم أشعر، فحلقت قبل أَن أذبح.
فَقَالَ: إذبح وَلَا حرج، ثمَّ جَاءَهُ رجل آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لم أشعر فنحرت قبل أَن أرمي، فَقَالَ: إرمِ وَلَا حرج.
قَالَ: فَمَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء قدم وَلَا أخر إلاَّ قَالَ: إفعل وَلَا حرج)
.
وَأخرجه مُسلم من طرق كَثِيرَة.

ثمَّ اعْلَم أَن للْعُلَمَاء فِي هَذَا الْبابُُ أقوالاً، فَذهب عَطاء وطاووس وَمُجاهد إِلَى أَنه: إِن قدم نسكا قبل نسك أَنه لَا حرج عَلَيْهِ، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق.
.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: من قدم من حجه شَيْئا أَو أَخّرهُ فَعَلَيهِ دم، وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَالْحسن وَقَتَادَة.
وَاخْتلفُوا إِذا حلق قبل أَن يذبح؟ فَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد وَابْن جرير: لَا شَيْء عَلَيْهِ، وَهُوَ نَص الحَدِيث، وَنَقله ابْن عبد الْبر عَن الْجُمْهُور، مِنْهُم عَطاء وطاووس وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة وَمُجاهد وَالْحسن وَقَتَادَة،.

     وَقَالَ  النَّخعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَابْن الْمَاجشون: عَلَيْهِ دم،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ قَارنا فدمان،.

     وَقَالَ  زفر: إِن كَانَ قَارنا فَعَلَيهِ ثَلَاثَة دِمَاء: دم للقران وَدَمَانِ لتقدم الحلاق.
.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: لَا شَيْء عَلَيْهِ، واحتجا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا حرج) ، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَقَول أبي حنيفَة وَزفر مُخَالف للْحَدِيث، فَلَا وَجه لَهُ.
قلت: مَا خَالف إلاَّ من جازف، وَأَبُو حنيفَة احْتج بِمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : حَدثنَا سَلام بن الْمُطِيع أَو الْأَحْوَص عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: من قدم شَيْئا من حجه أَو أَخّرهُ فليهرق لذَلِك دَمًا.
وَأخرج أَيْضا عَن سعيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَجَابِر بن زيد أبي الشعْثَاء نَحْو ذَلِك، وَأخرج الطَّحَاوِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر نَحوه، وَأخرجه أَيْضا عَن ابْن مَرْزُوق عَن الْحصيب عَن وهيب عَن أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس مثله، ثمَّ أجَاب أَبُو حنيفَة عَن حَدِيث الْبابُُ وَنَحْوه: أَن المُرَاد بالحرج الْمَنْفِيّ هُوَ الْإِثْم، وَلَا يسْتَلْزم ذَلِك نفي الْفِدْيَة.
.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: هَذَا ابْن عَبَّاس أحد من روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه: مَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَن شَيْء قدم وَلَا أخر من أَمر الْحَج إلاَّ قَالَ: لَا حرج: فَلم يكن معنى ذَلِك عِنْده على الْإِبَاحَة فِي تَقْدِيم مَا قدمُوا، وَلَا تَأْخِير مَا أخروا، مِمَّا ذكرنَا أَن فِيهِ الدَّم، وَلَكِن معنى ذَلِك عِنْده: على أَن الَّذِي فَعَلُوهُ فِي حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ على الْجَهْل بالحكم فِيهِ، كَيفَ هُوَ فعذرهم لجهلهم وَأمرهمْ فِي المستأنف أَن يتعلموا مَنَاسِكه.





[ قــ :1648 ... غــ :17 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ أخبرنَا أبُو بَكْرٍ عَنْ عبدِ العَزِيزِ بنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ رجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زُرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِي قَالَ لاَ حَرَجَ قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ قَالَ لَا حَرَجَ قَالَ ذَبَحْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ قا لاَ حَرجَ.
هَذَا طَرِيق ثَان لحَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه عَن أَحْمد بن يُونُس، هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي الْكُوفِي عَن أبي بكر بن عَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة: الْأَسدي الْكُوفِي، قَالَ البُخَارِيّ، قَالَ إِسْحَاق: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: إسمي وكنيتي وَاحِد، وَقيل غير ذَلِك، هُوَ من أَفْرَاده، يروي عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء وبالعين الْمُهْملَة: أَبُو عبد الله الْأَسدي الْمَكِّيّ، سكن الْكُوفَة، وَهُوَ يروي عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِيُّ عنِ ابْن خُثَيْمٍ قَالَ أَخْبرنِي عَطاءٌ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذَا طَرِيق ثَالِث مُعَلّق عَن عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان الأشل الرَّازِيّ عَن ابْن خثيم، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم أَبُو عُثْمَان الْمَكِّيّ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَوَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن راطيا، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن حَمَّاد حَدثنَا عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم أَخْبرنِي عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله طفت بِالْبَيْتِ قبل أَن أرم قَالَ: إرمِ وَلَا حرج.

وَقَالَ الْقَاسِمُ بنُ يَحْيى قَالَ حدَّثني ابنُ خُثَيْمٍ عنْ عَطاءٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذَا تَعْلِيق قَالَه الْقَاسِم بن يحيى عَن عَطاء الْهِلَالِي الوَاسِطِيّ، مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة.

وَقَالَ عَفَّانُ أُرَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ قَالَ حَدثنَا ابنُ خُثَيْمٍ عنْ سَعيدٍ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَباسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذَا أَيْضا تَعْلِيق قَالَه عَفَّان بن مُسلم الصفار الْبَصْرِيّ.
قَوْله: ( أرَاهُ) ، بِضَم الْهمزَة أَي: أَظُنهُ، وَالْقَائِل بِهَذِهِ اللَّفْظَة هُوَ البُخَارِيّ.
وَأخرجه أَحْمد عَن عَفَّان بِدُونِ قَوْله: ( أرَاهُ) وَلَفظه: ( جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله { حلقت وَلم أنحر، قَالَ: لَا حرج فانحر، وجاءه آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله} نحرت قبل أَن أرمي.
قَالَ: فارم وَلَا حرج)
.

وَقَالَ حَمَّادٌ عنْ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ وعَبَّادِ بنِ مَنْصُورٍ عنْ عَطَاءٍ عنْ جَابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذَا أَيْضا تَعْلِيق قَالَه حَمَّاد بن سَلمَة، وَطَرِيق قيس بن سعد الْمُعَلق وَصله النَّسَائِيّ والطَّحَاوِي والإسماعيلي وَابْن حبَان من طَرِيق عَن حَمَّاد بن سَلمَة بِهِ نَحْو سِيَاق عبد الْعَزِيز بن رفيع، وَطَرِيق عباد بن مَنْصُور وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْقَاسِم.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن إِسْحَاق حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة بِلَفْظ: ( سُئِلَ عَن رجل رمى قبل أَن يحلق، وَحلق قبل أَن يَرْمِي، وَذبح قبل أَن يحلق؟ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إفعل وَلَا حرج) .





[ قــ :1649 ... غــ :173 ]
- حدَّثنا محَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى قَالَ حَدثنَا خالدٌ عنْ عِكُرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سُئِلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أمْسَيْتُ فَقَالَ لَا حَرَجَ قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أنْحَرَ قَالَ لاَ حَرَجَ..
هَذَا طَرِيق رَابِع لحَدِيث ابْن عَبَّاس، وَعبد الْأَعْلَى هُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى، وخَالِد هُوَ الْحذاء، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَليّ بن عبد الله عَن يزِيد بن زُرَيْع وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج أَيْضا عَن نصر بن عَليّ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زُرَيْع، وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن بكر بن خلف ثَلَاثَتهمْ عَن يزِيد بن زُرَيْع بِهِ.





[ قــ :1650 ... غــ :174 ]
- حدَّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخبَرَني أبي عنْ شُعْبَةَ عنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ عنْ طَارِقِ بنِ شِهَابٍ عَنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قالَ قَدِمْتُ عَلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ بِالبَطْحَاءِ فَقَالَ أحَجَجْتَ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِمَ أهْلَلْتَ.

قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإهْلالٍ كإهْلاَلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أحْسنْتَ انْطَلِقْ فَطُفْ بِالبَيْتِ وبِالصَّفَا والمَرْوةِ ثُمَّ أتَيْتُ امْرَأةً مِنْ نِساءِ بَنِي قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأسِي ثُمَّ أهْلَلْتُ بِالحَجِّ فكُنْتُ أُفْتِي بِهِ النَّاسَ حَتَّى خِلافَةِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فذَكرْتُهُ لَهُ فَقَالَ إنْ نأخُذْ بِكتَابِ الله فإنَّهُ يأمُرُنَا بِالتَّمَامِ وِإنْ نأخُذْ بِسُنَّةِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الهَدْيَ مَحِلَّهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( حَتَّى بلغ الْهَدْي مَحَله) ، لِأَن بُلُوغ الْهَدْي مَحَله عبارَة عَن الذّبْح، وتأخيره على سَبِيل الرُّخْصَة، وَقد مضى الحَدِيث فِي: بابُُ من أهل فِي زمن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كإهلال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخرجه: عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن قيس بن مُسلم إِلَى آخِره، وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( فَقلت) ، الْفَاء الأولى للتعقيب، وَالثَّانيَِة من نفس الْكَلِمَة لِأَنَّهُ من: فليت رَأسه من الْقمل، إِذا أزحته مِنْهُ، تَقول: فلَّى الرجل، وفلَّت الْمَرْأَة، يفلي فليا، حَاصله: أَنه تحلل من الْعمرَة، ثمَّ بعد ذَلِك أحرم بِالْحَجِّ فَصَارَ مُتَمَتِّعا، لِأَنَّهُ لم يكن مَعَه الْهَدْي.
قَوْله: ( كنت أُفْتِي بِهِ) أَي: بالتمتع الْمَدْلُول عَلَيْهِ بسياق الْكَلَام.
قَوْله: ( أَن نَأْخُذ بِكِتَاب الله) ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: { وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} ( الْبَقَرَة: 691) .
قَوْله: ( مَحَله) ، بِكَسْر الْحَاء.