فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا رمى بعد ما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح، ناسيا أو جاهلا

(بابٌُ إذَا رَمَى بَعْدَ مَا أمْسَى أوْ حَلَقَ قَبْلَ أنْ يَذْبَحَ ناسِيا أوْ جَاهِلاً)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا رمى الْحَاج جَمْرَة الْعقبَة بَعْدَمَا أَمْسَى، أَي: بعد مَا دخل فِي الْمسَاء يَعْنِي إِذا رَمَاهَا لَيْلًا، وَيُطلق الْمسَاء على مَا بعد الزَّوَال أَيْضا على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَو حلق يَوْم النَّحْر قبل أَن يذبح هَدْيه.
قَوْله: (نَاسِيا) ، نصب على الْحَال، وأوجاهلاً) كَذَلِك عطف عَلَيْهِ، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا حرج عَلَيْهِ، وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِمَا ذكر فِي الحَدِيث أَو سكت عَنهُ إِشَارَة إِلَى أَن فِيهِ خلافًا.
وَهَذِه التَّرْجَمَة تشْتَمل على حكمين: أَحدهمَا: رمي جَمْرَة الْعقبَة بِاللَّيْلِ، وَالْآخر: الْحلق قبل الذّبْح، وكل مِنْهُمَا إِمَّا نَاسِيا أَو جَاهِلا يحكمه.
أما الأول: فقد أجمع الْعلمَاء أَن من رمى جَمْرَة الْعقبَة من طُلُوع الشَّمْس إِلَى الزَّوَال يَوْم النَّحْر فقد أصَاب سنتها ووقتها الْمُخْتَار.
وَأَجْمعُوا أَن من رَمَاهَا يَوْم النَّحْر قبل المغيب فقد رَمَاهَا فِي وَقت لَهَا، وَإِن لم يكن ذَلِك مستحسنا لَهُ، وَاخْتلفُوا فِيمَن أخر رميها حَتَّى غربت الشَّمْس من يَوْم النَّحْر، فَذكر ابْن الْقَاسِم أَن مَالِكًا كَانَ مرّة يَقُول: عَلَيْهِ دم، وَمرَّة لَا يرى عَلَيْهِ شَيْئا،.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: من أَخّرهَا عَامِدًا إِلَى اللَّيْل فَعَلَيهِ دم.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ: يرميها من الْغَد وَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَقد أَسَاءَ، سَوَاء تَركهَا عَامِدًا أَو نَاسِيا لَا شَيْء عَلَيْهِ.
.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: إِن أخر جَمْرَة الْعقبَة إِلَى اللَّيْل لَا يرميها حَتَّى تَزُول الشَّمْس من الْغَد، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِسْحَاق.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَمُحَمّد وَابْن الْمُنْذر وَيَعْقُوب: يَرْمِي لَيْلًا، لقَوْله: وَلَا حرج، وَلأبي حنيفَة: أَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: من فَاتَهُ الرَّمْي حَتَّى تغيب الشَّمْس فَلَا يرم حَتَّى تَزُول الشَّمْس من الْغَد، وَإِذا رمى جَمْرَة الْعقبَة قبل طُلُوع الْفجْر يَوْم النَّحْر فَأكْثر الْعلمَاء على أَنه لَا يجزىء وَعَلِيهِ الْإِعَادَة، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَأبي ثَوْر وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق.
.

     وَقَالَ  عَطاء بن أبي رَبَاح وَابْن أبي مليكَة وَعِكْرِمَة بن خَالِد وَجَمَاعَة المكيين: يجْزِيه وَلَا إِعَادَة على من فعله.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَأَصْحَابه: إِذا كَانَ الرَّمْي بعد نصف اللَّيْل جَازَ، فَإِن رَمَاهَا بعد طُلُوع الْفجْر وَقبل طُلُوع الشَّمْس فَجَائِز عِنْد الْأَكْثَرين، مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِد وَالثَّوْري وَالنَّخَعِيّ: لَا يرميها إلاَّ بعد طُلُوع الشَّمْس وَأما الثَّانِي: فَإِن من حلق قبل أَن يذبح فجمهور الْعلمَاء على أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ قَالَه عَطاء وطاووس وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة وَمُجاهد وَالْحسن وَقَتَادَة، وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد وَمُحَمّد بن جرير.
.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم: من حلق قبل أَن يذبح اهراق دَمًا.
.

     وَقَالَ  أَبُو الشعْثَاء: عَلَيْهِ الْفِدْيَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: عَلَيْهِ دم وَإِن كَانَ قَارنا فدمان.
.

     وَقَالَ  زفر: على الْقَارِن إِذا حلق قبل الذّبْح ثَلَاثَة دِمَاء: دم للقران وَدَمَانِ للحلق.
قبل النَّحْر.
وَاخْتلفُوا فِيمَن حلق قبل أَن يَرْمِي، فَإِن مَالِكًا وَأَصْحَابه اخْتلفُوا فِي إِيجَاب الْفِدْيَة، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه: من قدم شَيْئا أَو أَخّرهُ فَعَلَيهِ دم، وَلَا يَصح ذَاك عَنهُ، وَعَن إِبْرَاهِيم وَجَابِر بن زيد مثل قَول مَالك فِي إِيجَاب الْفِدْيَة على من حلق قبل أَن يَرْمِي، وَهُوَ قَول الْكُوفِيّين،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي، وَأَبُو ثَوْر وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد والطبري: لَا شَيْء على من حلق قبل أَن يَرْمِي، وَلَا على من قدم شَيْئا أَو أَخّرهُ سَاهِيا مِمَّا يفعل يَوْم النَّحْر.
وَعَن الْحسن وطاووس: لَا شَيْء على من حلق قبل أَن يَرْمِي، مثل قَول الشَّافِعِي وَمن تَابعه، وَعَن عَطاء بن أبي رَبَاح: من قدم نسكا قبل نسك فَلَا حرج، وَرُوِيَ ذَلِك عَن سعيد بن جُبَير وطاووس وَمُجاهد وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة، وَذكر ابْن الْمُنْذر عَن الشَّافِعِي: من حلق قبل أَن يَرْمِي أَن عَلَيْهِ دَمًا، وَزعم أَن ذَلِك حفظه عَن الشَّافِعِي وَهُوَ خطأ عَن الشَّافِعِي، وَالْمَشْهُور من مذْهبه أَنه: لَا شَيْء على من قدم أَو أخر شَيْئا من أَعمال الْحَج كلهَا إِذا كَانَ سَاهِيا.



[ قــ :1660 ... غــ :1734 ]
- حدَّثنا مُوسى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حدَّثنا ابنُ طَاوُسٍ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ والْحَلْقَ والرَّمْيِ والتَّقْدِيمِ والتَّأخِيرِ فَقَالَ لَا حَرَجَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، والْحَدِيث كَذَلِك فيهمَا.
فَإِن قلت: قيد فِي التَّرْجَمَة كَونه نَاسِيا أَو جَاهِلا، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث ذَلِك؟ قلت: جَاءَ فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو ذَلِك، وَهُوَ الَّذِي ذكره فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ بقوله: (فَقَالَ رجل: لم أشعر فحلقت قبل أَن أذبح، قَالَ: إذبح، وَلَا حرج، فجَاء آخر فَقَالَ: لم أشعر فنحرت قبل أَن أرمي.
قَالَ: إرم وَلَا حرج) الحَدِيث، فَإِن قَوْله: لم أشعر، يَقْتَضِي عدم الشُّعُور، وَهُوَ أَعم من أَن يكون بِجَهْل أَو بنسيان، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِك لِأَن أصل الحَدِيث وَاحِد.
وَإِن كَانَ الْمخْرج مُتَعَددًا.

وَرِجَال الحَدِيث الْمَذْكُور قد ذكرُوا غير مرّة، ووهيب بِالتَّصْغِيرِ هُوَ ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَابْن طَاوُوس هُوَ عبد الله بن طَاوُوس.

وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن بهز ابْن أَسد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن مَنْصُور عَن الْمُعَلَّى بن أَسد كِلَاهُمَا عَن وهيب بِهِ.
قَوْله: (والتقديم) أَي: تَقْدِيم بعض هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة على بعض وتأخيرها عَنهُ.
قَوْله: (فَقَالَ) أَي: قَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا حرج) أَي: لَا إِثْم فِيهِ.
.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ مَا ملخصه: إِن هَذَا القَوْل لَهُ احْتِمَالَانِ أَحدهمَا: أَنه يحْتَمل أَن يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَاحَ ذَلِك لَهُ توسعة وترفيها فِي حَقه، فَيكون للْحَاج أَن يقدم مَا شَاءَ وَيُؤَخر مَا شَاءَ.
وَالْآخر: أَنه يحْتَمل أَن يكون قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا حرج) مَعْنَاهُ: لَا إِثْم عَلَيْكُم فِيمَا فعلتموه من هَذَا لأنكم فعلتموه على الْجَهْل مِنْكُم لَا على الْقَصْد مِنْكُم خلاف السّنة، وَكَانَت السّنة خلاف هَذَا، وَالْحكم على الِاحْتِمَال الثَّانِي وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسقط عَنْهُم الْحَرج وأعذرهم لأجل النسْيَان وَعدم الْعلم، لَا أَنه أَبَاحَ لَهُم ذَاك حَتَّى إِن لَهُم أَن يَفْعَلُوا ذَلِك فِي الْعمد، وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: (سُئِلَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ بَين الْجَمْرَتَيْن عَن رجل حلق قبل أَن يَرْمِي.
قَالَ: لَا حرج، وَعَن رجل ذبح قبل أَن يَرْمِي، قَالَ: لَا حرج، ثمَّ قَالَ: عباد الله وضع الله عز وَجل الضّيق والحرج، وتعلموا مَنَاسِككُم فَإِنَّهَا من دينكُمْ) فذل ذَلِك على أَن الْحَرج الَّذِي رَفعه الله عز وَجل عَنْهُم إِنَّمَا كَانَ لجهلهم بِأَمْر الْمَنَاسِك لَا لغير ذَلِك، وَذَلِكَ لِأَن السَّائِلين كَانُوا أُنَاسًا أعرابا لَا علم لَهُم بالمناسك، فأجابهم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بقوله: لَا حرج، يَعْنِي فِيمَا فَعلْتُمْ بِالْجَهْلِ.
لَا أَنه أَبَاحَ لَهُم ذَلِك فِيمَا بعد.
وَنفي الْحَرج لَا يسْتَلْزم نفي وجوب الْقَضَاء أَو الْفِدْيَة، فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَمن فعل ذَلِك فَعَلَيهِ دم.
وَالله أعلم.

وَقَالَ بَعضهم: وَتعقب بِأَن وجوب الْفِدْيَة يحْتَاج إِلَى دَلِيل، وَلَو كَانَ وَاجِبا لبينه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ وَقت الْحَاجة فَلَا يجوز تَأْخِيره.
قلت: إِلَّا ثمَّ دَلِيل أقوى من قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تحلقوا رؤسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} (الْبَقَرَة: 691) .
وَبِه احْتج النَّخعِيّ؟ فَقَالَ: فَمن حلق قبل الذّبْح اهراق دَمًا، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَنهُ بِسَنَد صَحِيح،.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل: أُجِيب بِأَن المُرَاد ببلوغ مَحَله وُصُوله إِلَى الْموضع الَّذِي يحل ذبحه فِيهِ فقد حصل، وَإِنَّمَا يتم المُرَاد أَن لَو قَالَ: وَلَا تحلقوا حَتَّى تنحروا.
انْتهى.
قلت: لَيْسَ المُرَاد الْكُلِّي مُجَرّد الْبلُوغ إِلَى الْمحل الَّذِي يذبح فِيهِ، بل الْمَقْصد الْكُلِّي الذّبْح، وَلِهَذَا لَو بلغ وَلم يذبح يجب عَلَيْهِ الْفِدْيَة.
.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَاحْتج الطَّحَاوِيّ أَيْضا بقول ابْن عَبَّاس من قدم شَيْئا من نُسكه أَو أَخّرهُ فليهرق لذَلِك دَمًا.
قَالَ: وَهُوَ أحد من روى أَن لَا حرج، فَدلَّ على أَن المُرَاد بِنَفْي الْحَرج نفي الْإِثْم فَقَط.
أُجِيب: بِأَن الطَّرِيق بذلك إِلَى ابْن عَبَّاس فِيهَا ضعف، فَإِن ابْن أبي شيبَة أخرجهَا وفيهَا إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، وَفِيه مقَال.
انْتهى.
قلت: لَا نسلم ذَلِك، فَإِن إِبْرَاهِيم ابْن مهَاجر روى لَهُ مُسلم، وَفِي (الْكَمَال) روى لَهُ الْجَمَاعَة إلاَّ البُخَارِيّ، وَرُوِيَ عَنهُ مثل الثَّوْريّ وَشعْبَة بن الْحجَّاج وَالْأَعْمَش وَآخَرُونَ، فَلَا اعْتِبَار لذكر ابْن الْجَوْزِيّ إِيَّاه فِي الضُّعَفَاء، وَلَئِن سلمنَا مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْقَائِل فِي هَذَا الطَّرِيق فقد رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق آخر لَيْسَ فِيهِ كَلَام، فَقَالَ: حَدثنَا نصر بن مَرْزُوق، قَالَ: حَدثنَا الخصيب، قَالَ: حَدثنَا وهيب عَن أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس مثله، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس نَحوه.





[ قــ :1661 ... غــ :1735 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسْئَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنىً فيَقُولْ لاَ حَرَجَ فسَألَهُ رَجُلٌ فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحْ ولاَ حَرَجَ.

     وَقَالَ  رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أمْسَيْتُ فَقَالَ لَا حَرَجَ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه عَن عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ عَن يزِيد بن زُرَيْع أبي مُعَاوِيَة الْبَصْرِيّ عَن خَالِد بن مهْرَان الْحذاء الْبَصْرِيّ عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس إِلَى آخِره.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث؟ قلت: فِي قَوْله: ( بعد مَا أمسيت) أَي: بعد مَا دخلت فِي الْمسَاء، وَالْمرَاد بِهِ مَا بعد الزَّوَال، لِأَنَّهُ لُغَة الْعَرَب، يسمون مَا بعده مسَاء وعشاء ورواحا، وروى مَالك عَن ربيعَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه قَالَ: مَا أدْركْت النَّاس إلاَّ وهم يصلونَ الظّهْر بعشي، وَإِنَّمَا يُرِيد تَأْخِيرهَا عَن الْوَقْت الَّذِي فِي شدَّة الْحر إِلَى وَقت الْإِبْرَاد الَّذِي أَمر بِهِ الشَّارِع، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.