فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أهل ملبدا

( بابُُ مَنْ أهَلَّ ملَبَدا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من أحرم حَال كَونه ملبدا.
من: لبد شعره، بِمَعْنى: جعل فِيهِ شَيْئا نَحْو الصمغ ليجتمع شعره، لِئَلَّا يتشعث فِي الْإِحْرَام أَو يَقع فِيهِ الْقمل.



[ قــ :1477 ... غــ :1540 ]
- حدَّثنا أصْبَغُ قَالَ أخبرنَا ابنُ وهْبٍ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سالِمٍ عَن أبيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُهِلُّ مُلَبِدا..
مطابقته للتَّرْجَمَة هِيَ عين متن الحَدِيث.

ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: الأول: أصبغ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره غين مُعْجمَة: ابْن الْفرج أَبُو عبد الله مولى عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان، ورَّاق عبد الله بن وهب، مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الله بن وهب.
الثَّالِث: يُونُس بن يزِيد.
الرَّابِع: محد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: سَالم بن عبد الله.
السَّادِس: أَبوهُ عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: أَن شيخة من أَفْرَاده وَأَنه وَابْن وهب مصريان، وَأَن يُونُس أيلي وَابْن شهَاب وَسَالم مدنيان.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن حبَان بن مُوسَى وَأحمد بن مُحَمَّد.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن حَرْمَلَة عَن ابْن وهب.
وَأخرجه أَبُو دأود فِيهِ عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد الْمهرِي.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن عَمْرو ابْن السَّرْح والْحَارث بن مِسْكين وَعَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن أَحْمد بن عَمْرو مُخْتَصرا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أهلَّ) من الإهلال، وَهُوَ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ.
قَوْله: ( ملبدا) أَي: حَال كَونه ملبدا رَأسه.
وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ أَيْضا عَن حَفْصَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله! مَا شَأْن النَّاس حلوا بِعُمْرَة وَلم تحل أَنْت من عمرتك؟ قَالَ: ( إِنِّي لبدت رَأْسِي وقلدت هدبي فَلَا أحل حَتَّى أنحر) .
وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: ( أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لبد رَأسه بالعسل) وَرَوَاهُ الْحَاكِم،.

     وَقَالَ : صَحِيح على شَرط مُسلم.
.

     وَقَالَ  ابْن الصّلاح: يحْتَمل أَن لفظ الْعَسَل، بالمهملتين، وَيحْتَمل من حَيْثُ الْمَعْنى: إِن الْغسْل، بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة، وَهُوَ مَا يغسل بِهِ الرَّأْس من خطمي أَو غَيره.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: ضبطناه فِي روايتنا من ( سنَن أبي دَاوُد) بالمهملتين.
قلت: لَيْت شعري مِمَّن ضَبطه؟ وَقد قَالَ ابْن الصّلاح الرِّوَايَة بِالْعينِ الْمُهْملَة، لم تضبط، وَالْعقل أَيْضا يشْهد بِلَا إهمال.
فَافْهَم.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن الشَّافِعِي وَأَصْحَابه نصوا على اسْتِحْبابُُ التلبيد للرفق،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء: من لبد رَأسه فقد وَجب عَلَيْهِ الْحلق، كَمَا فعل النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَبِذَلِك أَمر النَّاس عمر وَابْنه، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر، وَكَذَا لَو ضفر رَأسه أَو عقص شعره كَانَ حكمه حكم التلبيد،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: من لبد رَأسه أَو ضفره فَإِن قصر وَلم يحلق أَجزَأَهُ، لما رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: ( من لبد رَأسه أَو عقص أَو ضفر فَإِن كَانَ نوى الْحلق فليحلق، وَإِن لم يُنَوّه فَإِن شَاءَ حلق وَإِن شَاءَ قصر) .
فَإِن قلت: روى ابْن عدي من حَدِيث عبد الله بن رَافع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( من لبد رَأسه للْإِحْرَام فقد وَجب عَلَيْهِ الْحلق) .
قلت: عبد الله بن رَافع ضَعِيف،.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
وَالله أعلم.