فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

( بابٌُ لاَ يَطْرُقُ أهْلَهُ إذَا بلَغَ المَدِينَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ أَن القادم من سفر لَا يطْرق أَهله إِذا بلغ الْمَدِينَة، أَي الْبَلَد الَّذِي يقْصد دُخُولهَا، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: إِذا دخل الْمَدِينَة يَعْنِي إِذا أَرَادَ دُخُولهَا لَا يطْرق لَيْلًا، وَالْحكمَة فِيهِ مبينَة فِي حَدِيث جَابر، ذكره البُخَارِيّ مطولا فِي: بابُُ عشرَة النِّسَاء، وَهِي كَرَاهَة أَن يهجم مِنْهَا على مَا يقبح عِنْده اطِّلَاعه عَلَيْهِ، فَيكون سَببا إِلَى بغضها وفراقها، فنبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا تدوم بِهِ الإلفة بَينهم وتتأكد الْمحبَّة، فَيَنْبَغِي لمن أَرَادَ الْأَخْذ بأدب أَن يجْتَنب مُبَاشرَة أَهله فِي حَال البذاذة وَغير النَّظَافَة، وَأَن لَا يتَعَرَّض لرؤية عَورَة يكرهها مِنْهَا، ألاَ يُرَى أَن الله تَعَالَى أَمر من لم يبلغ الْحلم بالاستئذان فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة فِي الآبية، لما كَانَت هَذِه الْأَوْقَات أَوْقَات التجرد وَالْخلْوَة، خشيَة الإطلاع على العورات وَمَا يكره النّظر إِلَيْهِ.



[ قــ :1721 ... غــ :1801 ]
- حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ محَارِبٍ عنْ جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ نهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَطْرُقَ أهْلَهُ لَيْلاً..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ومحارب، بِضَم الْمِيم وَكسر الرَّاء وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: ابْن دثار ضد الشعار السدُوسِي الْكُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن آدم، وَأخرجه مُسلم فِي الْجِهَاد عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار وَعَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن حَفْص بن عمر وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن عَمْرو بن مَنْصُور.

قَوْله: ( نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) النَّهْي للتنزيه لَا للتَّحْرِيم، وَذَلِكَ لِئَلَّا يكون كمن يتطلب عثراتها، أَو يُرِيد كشف أستارها.
قَوْله: ( أَن يطْرق) أَي: عَن أَن يطْرق، أَي: عَن الطروق وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وانتصاب لَيْلًا على الظَّرْفِيَّة.