فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: المدينة طابة

( بابٌُ المَدِينةُ طابَةُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْمَدِينَة: طابة، أَي: من أسمائها: طابة، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَنَّهَا لَا تسمى بِغَيْر ذَلِك، وأصل طابة طيبَة لِأَنَّهَا من الطّيب، فقلبت الْيَاء ألفا لتحركها، وانفتاح مَا قبلهَا، فوزنها: فالة، لَا: فاعة.



[ قــ :1786 ... غــ :1872 ]
- حدَّثنا خالِدُ بنُ مَخْلَدٍ قَالَ حدَّثنا سُلَيْمَانُ قَالَ حدَّثني عَمْرُو بنُ يَحْيَى عنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ عنْ أبِي حُمَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أقْبَلْنَا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ فَقَالَ هاذِهِ طابَةُ..
التَّرْجَمَة متن الحَدِيث، وخَالِد بن مخلد البَجلِيّ الْكُوفِي، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال أَبُو أَيُّوب التَّيْمِيّ الْقرشِي، وَعَمْرو بن يحيى بن عمَارَة الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَأَبُو حميد، بِضَم الْحَاء: عبد الرَّحْمَن السَّاعِدِيّ.
وَهَذَا الحَدِيث طرف من حَدِيث طَوِيل وَقد مضى فِي أَوَاخِر الزَّكَاة فِي: بابُُ خرص التَّمْر، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.

قَوْله: ( طابة) ، وَفِي بعض طرقه: ( طيبَة) ، وروى مُسلم من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة مَرْفُوعا: ( إِن الله سمى الْمَدِينَة طابة) .
وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي ( مُسْنده) عَن شُعْبَة عَن سماك بِلَفْظ: ( كَانُوا يسمون الْمَدِينَة يثرب، فسماها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: طابة) .
وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة، وَسميت طابة لطيبها لساكنها.
وَقيل: من طيب الْعَيْش بهَا، وَقيل: من أَقَامَ بهَا يجد من تربَتهَا وحيطانها رَائِحَة طيبَة لَا تكَاد تُوجد فِي غَيرهَا.
قلت: وَأي طيب يجده الْمُقِيم بهَا أطيب من مُشَاهدَة قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَهَل طيب أطيب من تربته؟ وَكَيف لَا وَبَين قَبره ومنبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة؟ فَاعْتبر بِهَذَا طيب التربة الَّتِي ضمت جسده الْكَرِيم، وللمدينة أسامي كَثِيرَة، وَقد ذكرنَا بَعْضهَا عَن قريب.
وروى الزبير فِي ( أَخْبَار الْمَدِينَة) من طَرِيق عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي، قَالَ: بَلغنِي أَن لَهَا أَرْبَعِينَ إسما، وَرُوِيَ من طَرِيق أبي سُهَيْل بن مَالك عَن كَعْب الْأَحْبَار، قَالَ: نجد فِي كتاب الله تَعَالَى، الَّذِي أنزل على مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الله قَالَ للمدينة: يَا طيبَة، يَا طابة، يَا مسكينة، لَا تقبلي الْكُنُوز أرفع أجاجيرك على الْقرى.