فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب القبلة للصائم

(بابُُ القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْقبْلَة للصَّائِم.

وَقَالَ جابِرُ بنُ زَيْدٍ إنْ نَظَرَ فأمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ
جَابر بن زيد هُوَ أَبُو الشعْثَاء الْأَزْدِيّ، وَقد تقدم، وَهَذَا الْأَثر وَقع هُنَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر فِي آخر الْبابُُ السَّابِق، وَوَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَمْرو بن هرم، سُئِلَ جَابر بن زيد فَذكره.



[ قــ :1844 ... غــ :1928 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ هِشَامٍ قَالَ أخبرنِي أبِي عنْ عائِشةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ح وحدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ هِشَامٍ عَن أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ إنْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أزْوَاجِهِ وهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ ضَحِكَتْ.
(انْظُر الحَدِيث 7291) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ليقبل بعض أَزوَاجه وَهُوَ صَائِم) ، وَهَذَا الْفِعْل هُوَ الْمُبَاشرَة، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّوْم عَن عبيد الله بن سعيد عَن يحيى بن سعيد.

قَوْله: (إِن كَانَ) ، كلمة: إِن، مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فَتدخل على الجملتين، فَإِن دخلت على الإسمية جَازَ إعمالها خلافًا للكوفيين، وَإِن دخلت على الفعلية وَجب إعمالها، وَالْأَكْثَر كَون الْفِعْل مَاضِيا نَاسِخا، وَهنا كَذَلِك.
قَوْله: (ليقبل) اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد.
قَوْله: (وَهُوَ صَائِم) جملَة حَالية.
قَوْله: (ثمَّ ضحِكت) قيل: كَانَ ضحكها تَنْبِيها على أَنَّهَا صَاحِبَة الْقَضِيَّة ليَكُون أبلغ فِي الثِّقَة بحديثها.
.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض: يحْتَمل ضحكها التَّعَجُّب مِمَّا خَالفه فِيهِ أَو من نَفسهَا حَيْثُ جَاءَت بِمثل هَذَا الحَدِيث الَّذِي يستحي من ذكره، لَا سِيمَا حَدِيث الْمَرْأَة عَن نَفسهَا للرِّجَال: لَكِنَّهَا اضطرت إِلَى ذكره لتبليغ الحَدِيث، فتعجبت من ضَرُورَة الْحَال المضطرة لَهَا إِلَى ذَلِك، وَقيل: ضحِكت سُرُورًا بتذكر مَكَانهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحالها مَعَه.

ذكر بَيَان الْخلاف فِي هَذَا الْبابُُ: ذهب شُرَيْح وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَأَبُو قلَابَة وَمُحَمّد بن الْحَنَفِيَّة ومسروق ابْن الأجدع وَعبد الله بن شبْرمَة إِلَى أَنه لَيْسَ للصَّائِم أَن يُبَاشر الْقبْلَة فَإِن قبل فقد أفطر وَعَلِيهِ أَن يقْضِي يَوْمًا، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن عَن إِسْرَائِيل عَن زيد بن جُبَير عَن أبي يزِيد الضني (عَن مَيْمُونَة، مولاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل قبل امْرَأَته وهما صائمان؟ قَالَ: قد أفطرا) .
وَأخرجه الطَّحَاوِيّ وَلَفظه: (عَن مَيْمُونَة بنت سعد قَالَت: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْقبْلَة للصَّائِم؟ فَقَالَ: أفطرا جَمِيعًا) .
وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَأَبُو يزِيد الضني، بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَالنُّون الْمُشَدّدَة: نِسْبَة إِلَى ضنة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِمَعْرُوف،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: مَجْهُول، ومَيْمُونَة بنت سعد، وَقيل: سعيد، خَادِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه ابْن حزم وَلَفظه: عَن مَيْمُونَة بنت عقبَة مولاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يثبت هَذَا الحَدِيث، وَكَذَا قَالَ السُّهيْلي وَالْبَيْهَقِيّ،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ يَعْنِي البُخَارِيّ فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر لَا أحدث بِهِ، وَأَبُو يزِيد لَا أعرف اسْمه وَهُوَ رجل مَجْهُول.
قَوْله: (قد أفطرا) ، أَي: المقبِّل والمقبَّل كِلَاهُمَا أفطرا، يَعْنِي: انْتقض صومهما،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَمِمَّنْ كره الْقبْلَة للصَّائِم عبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر وَعُرْوَة بن الزبير، وَقد رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه يقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِن عروق الخصيتين معلقَة بالأنف، فَإِذا وجد الرّيح تحرّك، وَإِذا تحرّك دعِي إِلَى مَا هُوَ أَكثر من ذَلِك، وَالشَّيْخ أملك لأربه، وَكره مَالك الْقبْلَة للصَّائِم فِي رَمَضَان للشَّيْخ والشاب، وَعَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه أرخص فِيهَا للشَّيْخ، وكرهها للشاب.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: مِنْهُم من أَبَاحَهَا على الْإِطْلَاق، وَهُوَ قَول جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَإِلَيْهِ ذهب أَحْمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد من الْفُقَهَاء، وَمِنْهُم من كرهها على الْإِطْلَاق وَهُوَ مَشْهُور قَول مَالك، وَمِنْهُم من كرهها للشاب وأباحها للشَّيْخ وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس، وَمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ، وَحَكَاهُ الْخطابِيّ عَن مَالك، وَمِنْهُم من أَبَاحَهَا فِي النَّفْل ومنعها فِي الْفَرْض، وَهِي رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: إِن حركت الْقبْلَة الشَّهْوَة فَهِيَ حرَام على الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا، وَقيل: مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة فِي فروعهم: لَا بَأْس بالقبلة والمعانقة إِذا أَمن على نَفسه أَو كَانَ شَيخا كَبِيرا، وَيكرهُ لَهُ مس فرجهَا، وَعَن أبي حنيفَة: تكره المعانقة والمصافحة والمباشرة الْفَاحِشَة بِلَا ثوب والتقبيل الْفَاحِش مَكْرُوه وَهُوَ أَن يمضغ شفتيها، قَالَه مُحَمَّد.
فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من طَرِيق مصدع أبي يحيى (عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبلهَا ويمص لسانها) .
قلت: كلمة: ويمص، لسانها غير مَحْفُوظَة، وَإِسْنَاده ضَعِيف، والآفة من مُحَمَّد بن دِينَار عَن سعد بن أَوْس عَن مصدع، وَتفرد بِهِ أَبُو دَاوُد، وَحكى ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد أَنه قَالَ: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح، وَعَن يحيى بن مُحَمَّد بن دِينَار:.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: كَانَ تغير قبل أَن يَمُوت، وَسعد بن أَوْس ضعفه يحيى أَيْضا.
قيل: على تَقْدِير صِحَة الحَدِيث يجوز أَن يكون التَّقْبِيل وَهُوَ صَائِم فِي وَقت، والمص فِي وَقت آخر، وَيجوز أَن يمصه وَلَا يبتلعه، وَلِأَنَّهُ لم يتَحَقَّق انْفِصَال مَا على لسانها من البلل، وَفِيه نظر لَا يخفى.
.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: إِن قبَّل فأمنى أفطر بِلَا خلاف، فَإِن أمذى أفطر عندنَا وَعند مَالك،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يفْطر، وَرُوِيَ ذَلِك عَن الْحسن وَالشعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ، واللمس بِشَهْوَة كالقبلة، فَإِن كَانَ بِغَيْر شَهْوَة فَلَيْسَ مَكْرُوها بِحَال.

وَلما أخرج التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَائِشَة من رِوَايَة عَمْرو بن مَيْمُون: (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يقبل فِي شهر الصَّوْم) ، قَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن عمر بن الْخطاب وَحَفْصَة وَأبي سعيد وَأم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَأنس وَأبي هُرَيْرَة.
قلت: وَفِي الْبابُُ أَيْضا عَن عَليّ بن أبي طَالب وَابْن عمر وَعبد الله بن عَمْرو وَأم حَبِيبَة ومَيْمُونَة زَوجي النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ومَيْمُونَة بنت سعد مولاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرجل من الْأَنْصَار عَن امْرَأَته.

أما حَدِيث عَائِشَة فَروِيَ من طرق عديدة حَتَّى إِن الطَّحَاوِيّ أخرجه من عشْرين طَرِيقا.
وَأما حَدِيث عمر بن الْخطاب فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث جَابر بن عبد الله، قَالَ: (قَالَ عمر ابْن الْخطاب: هششت فَقبلت وَأَنا صَائِم، فَقلت: يَا رَسُول الله صنعت الْيَوْم أمرا عَظِيما { قبلت وَأَنا صَائِم؟ قَالَ: أَرَأَيْت لَو مضمضت من المَاء وَأَنت صَائِم؟ قلت: لَا بَأْس} قَالَ: فَمه) .
قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر، وَقد أخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَالْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه).

     وَقَالَ ) صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ.
وَأما حَدِيث حَفْصَة فَأخْرجهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة أبي الضُّحَى مُسلم بن صبيح عَن شُتَيْر بن شكل عَن حَفْصَة، قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل وَهُوَ صَائِم) .
وَأما حَدِيث أبي سعيد فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ عَنهُ قَالَ: (رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقبْلَة للصَّائِم والحجامة) .
وَأما حَدِيث أم سَلمَة فَأخْرجهُ مُسلم من رِوَايَة عبد ربه بن سعيد عَن عبد الله بن كَعْب الْحِمْيَرِي (عَن عمر بن أبي سَلمَة، أَنه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيقبل الصَّائِم؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سل هَذِه لأم سَلمَة فَأَخْبَرته أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يصنع ذَلِك، فَقَالَ: يَا رَسُول الله { قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما وَالله إِنِّي لأتقاكم لله وأخشاكم لَهُ) .
وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا فِي (صَحِيحه) وروى البُخَارِيّ عَنْهَا أَيْضا على مَا سَيَأْتِي.
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَأخْرجهُ القَاضِي يُوسُف بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان ابْن حَرْب، حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب، قَالَ: حَدثنِي رجل من بني سدوس، قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصِيب من الرؤوس وَهُوَ صَائِم، يَعْنِي الْقبل) .
وروينا هَذَا الحَدِيث عَن شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله، قَالَ: أَخْبرنِي بِهِ أَبُو المظفر مُحَمَّد بن يحيى الْقرشِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ: أخبرنَا عبد الرَّحِيم بن يُوسُف ابْن الْمعلم أخبرنَا عمر بن مُحَمَّد الْمُؤَدب أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ أخبرنَا الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي أخبرنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن كيسَان أخبرنَا يُوسُف بن يَعْقُوب القَاضِي، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب ... إِلَى آخر مَا ذَكرْنَاهُ.
وَأما حَدِيث أنس فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الصَّغِير) و (الْأَوْسَط) من رِوَايَة مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ: (سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيقبل الصَّائِم؟ قَالَ: وَمَا بَأْس ذَلِك؟ رَيْحَانَة يشمها) .
وَرِجَاله ثِقَات.
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَأخْرجهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة أبي العنبس عَن الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل حَدِيث قبله، وَأَبُو العنبس اسْمه محَارب بن عبيد بن كَعْب.

وَأما حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَذكره ابْن أبي حَاتِم فِي (كتاب الْعِلَل) فَقَالَ: سَأَلت أبي عَن حَدِيث رَوَاهُ قيس بن حَفْص بن قيس بن الْقَعْقَاع الدَّارمِيّ: حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد حَدثنَا سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى عَن شيتر بن شكل (عَن عَليّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم) ثمَّ قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: هَذَا خطأ إِنَّمَا هُوَ الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى عَن شُتَيْر بن شكل عَن حَفْصَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَأخْرجهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) فِي تَرْجَمَة غَالب بن عبد الله الْجَزرِي (عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم وَلَا يُعِيد الْوضُوء) ، وغالب الْجَزرِي ضَعِيف.
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فَأخْرجهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) عَنهُ قَالَ: (كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء شَاب، فَقَالَ: يَا رَسُول الله}
أقبل وَأَنا صَائِم؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فجَاء شيخ فَقَالَ: أقبل وَأَنا صَائِم؟ قَالَ: نعم.
قَالَ فَنظر بَعْضنَا إِلَى بعض، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد علمت لم نظر بَعْضكُم إِلَى بعض، إِن الشَّيْخ يملك نَفسه) .
وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ.
وَأما حَدِيث أم حَبِيبَة فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ عَنْهَا: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم) قَالَ النَّسَائِيّ: الصَّوَاب عَن حَفْصَة.
وَأما حَدِيث مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكره ابْن أبي حَاتِم فِي (الْعِلَل) قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبِّل وَهُوَ صَائِم) .
قَالَ أَبُو زرْعَة: رَوَاهُ هَكَذَا عَمْرو بن أبي قيس وَهُوَ خطأ، وَرَوَاهُ الثَّوْريّ وَآخَرُونَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
وَأما حَدِيث مَيْمُونَة مولاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْرجهُ ابْن مَاجَه وَقد ذَكرْنَاهُ.
وَأما حَدِيث الرجل الْأنْصَارِيّ عَن امْرَأَته، فَأخْرجهُ أَحْمد مطولا، وَفِيه: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل ذَلِك) .

فَإِن قلت: قَوْله: (يقبل وَهُوَ صَائِم) ، وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون فِي رَمَضَان قلت: فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: كَانَ يقبل فِي شهر الصَّوْم، وَهَذَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون فِي رَمَضَان، لِأَنَّهُ شهر الصَّوْم، وَقد جَاءَ صَرِيحًا فِي رِوَايَة مُسلم: (كَانَ يقبل فِي رَمَضَان وَهُوَ صَائِم) .
فَإِن قلت: لَا يلْزم من قَوْله: (فِي رَمَضَان) ، أَن يكون بِالنَّهَارِ؟ قلت: فِي رِوَايَة عَن عَائِشَة فِي (الصَّحِيحَيْنِ) (كَانَ يقبل ويباشر وَهُوَ صَائِم) ، فَبين أَن ذَلِك فِي حَالَة الصّيام.





[ قــ :1846 ... غــ :199 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ هِشَامِ بنِ أبِي عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ أبِي كَثِيرٍ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عنْ أُمِّهَا رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قالَتْ بَيْنَمَا أنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الخَمِيلَةِ إذْ حِضْتُ فانْسَلَلْتُ فأخَذْتُ ثَيَابَ حِيضَتِي فَقَالَ مَا لَكِ أنَفِسْتِ.

قُلْتُ نَعَمْ فدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ وكانَتْ هِيَ ورسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَغْتَسِلاَنِ مِنْ إنَاءٍ واحِدٍ وكانَ يُقَبِّلُها وهُوَ صَائِمٌ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَكَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم) ، والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْحيض فِي: بابُُ من سمى النّفاس حيضا فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مكي بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام ... إِلَى آخِره، وَزَاد هُنَا، قَوْله: ( وَكَانَت هِيَ) إِلَى آخِره، وَهُنَاكَ: ( بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجِعَة فِي خميصة) ، وَهنا: ( فَدخلت مَعَه فِي الخميلة) ، وَهُنَاكَ: ( فاضطجعت مَعَه فِي الخميلة) ، وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي، والخميلة، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة: ثوب من صوف لَهُ علم.
قَوْله: ( حيضتي) بِكَسْر الْحَاء، قَوْله: ( أنفست؟) الصَّحِيح فِيهِ أَنه بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء: مَعْنَاهُ أحضتِ؟ وَبَقِيَّة المباحث مرت هُنَاكَ.