فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: متى يحل فطر الصائم

( بابٌُ مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ مَتى يحل فطر الصَّائِم، وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام تَقْدِيره بغروب الشَّمْس وَلَا يجب إمْسَاك جُزْء من اللَّيْل لتحَقّق مُضِيّ النَّهَار، وَمَا ذكره فِي الْبابُُ من الْأَثر والحديثين يبين مَا أبهمه فِي التَّرْجَمَة.

وأفْطَرَ أبُو سَعيدٍ الخُدْرِيُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه جَوَاب للاستفهام الَّذِي فِيهَا، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك الْأنْصَارِيّ وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبد الْوَاحِد بن أَيمن عَن أَبِيه قَالَ: دَخَلنَا على أبي سعيد فَأفْطر وَنحن نرى أَن الشَّمْس لم تغرب وَجه ذَلِك أَن أَبَا سعيد لما تحقق غرُوب الشَّمْس لم يطْلب مزيدا على ذَلِك، وَلَا الْتفت إِلَى مُوَافقَة من عِنْده على ذَلِك، فَلَو كَانَ يجب عِنْده إمْسَاك جُزْء من اللَّيْل لاشترك الْجَمِيع فِي معرفَة ذَلِك.



[ قــ :1871 ... غــ :1954 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ حدَّثنا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ سَمِعْتُ عاصِمَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ عنْ أبيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أقْبلِ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا وأدْبَرَ النَّهَارُ منْ هَهُنَا وغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يُوضح الْإِبْهَام الَّذِي فِيهَا بالاستفهام.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: الْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى الْقرشِي الْأَسدي أَبُو بكر الْمَكِّيّ.
الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، الْخَامِس: عَاصِم بن عمر بن الْخطاب أَبُو عمر الْقرشِي.
السَّادِس: أَبوهُ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السماع فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأَنه وسُفْيَان مكيان وَمن بعدهمَا مدنيون.
وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب فِي موضِعين.
وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ صَغِير عَن تَابِعِيّ كَبِير هِشَام عَن أَبِيه.
وَفِيه: رِوَايَة صَحَابِيّ صَغِير عَن صَحَابِيّ كَبِير عَاصِم عَن أَبِيه، وَكَانَ مولد عَاصِم فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكِن لم يسمع مِنْهُ شَيْئا، كَذَا قَالَه بَعضهم حَيْثُ أطلق على عَاصِم أَنه صَحَابِيّ صَغِير قلت: قَالَ الذَّهَبِيّ: ولد قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعامين، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّوْم عَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي كريب وَعَن ابْن نمير.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَعَن مُسَدّد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن هَارُون بن إِسْحَاق وَعَن أبي كريب وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِذا أقبل اللَّيْل من هَهُنَا) أَي: من جِهَة الْمشرق.
( وَأدبر النَّهَار من هَهُنَا) أَي: من الْمغرب، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي بابُُ الصَّوْم فِي السّفر والإفطار فِي آخر حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى.
قَوْله: ( فقد أفطر الصَّائِم) ، أَي: دخل فِي وَقت الْفطر،.

     وَقَالَ  ابْن خُزَيْمَة: لَفظه خبر وَمَعْنَاهُ الْأَمر أَي: فليفطر الصَّائِم.





[ قــ :187 ... غــ :1955 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ الوَاسِطيُّ قَالَ حدَّثنا خالدٌ عنِ الشَّيْبَانِيِّ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي أوْفى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَرٍ وهْوَ صَائِمٌ فلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ يَا فُلانُ قُمْ فاجْدَحْ لَنَا فَقَالَ يَا رسُولَ الله لَوْ أمْسَيْتَ قَالَ انْزِلْ فاجْدَحْ لَنَا قَالَ يَا رسولَ الله لوْ أمْسَيتَ قَالَ انْزِلْ فاجْدَحْ لَنَا قَالَ إنَّ عَلَيْكَ نَهَارا قَالَ انْزُلْ فاجْدَحْ لَنَا فنَزلَ فجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قَالَ إذَا رَأيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هَهُنَا فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِذا رَأَيْتُمْ اللَّيْل) إِلَى آخِره، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي بابُُ الصَّوْم فِي السّفر والإفطار، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان ( عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سمع ابْن أبي أوفى قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر) الحَدِيث، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ بِجَمِيعِ تعلقاته مُسْتَوفى.
وَإِسْحَاق بن شاهين الوَاسِطِيّ وخَالِد هُوَ ابْن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الطَّحَاوِيّ الوَاسِطِيّ، يكنى أَبَا الْهَيْثَم، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد، يُقَال: إِنَّه اشْترى نَفسه من الله ثَلَاث مَرَّات، مَاتَ سنة تسع وَسبعين وَمِائَة، والشيباني هُوَ أَبُو إِسْحَاق سُلَيْمَان بن سُلَيْمَان.
قَوْله: ( لَو أمسيت) كلمة: لَو، إِمَّا لِلتَّمَنِّي وَإِمَّا للشّرط، وجزاؤه مخذوف أَي: لَكُنْت متما للصَّوْم، وَنَحْوه.
قَوْله: ( فَقَالَ يَا رَسُول الله) ، الضَّمِير الْمَرْفُوع المستكن فِيهِ يرجع إِلَى عبد الله بن أبي أوفى بطرِيق الِالْتِفَات عدل عَن حِكَايَة نَفسه إِلَى الْغَيْبَة، وَيجوز أَن يرجع إِلَى فلَان.