فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الوصال إلى السحر

( بابُُ الوِصَالِ إلَى السَّحَرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز الْوِصَال إِلَى السحر، وَقد مضى أَنه مَذْهَب أَحْمد وَطَائِفَة من أَصْحَاب الحَدِيث، وَمن الشَّافِعِيَّة من قَالَ: إِن هَذَا لَيْسَ بوصال.

[ قــ :1884 ... غــ :1967 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثني ابنُ أبي حازِمٍ عنْ يَزِيدَ عنْ عَبْدِ الله بنِ خَبَّابٍ عنْ أبِي سَعيد الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ لاَ تُوَاصِلوا فأيُّكُمْ أرَادَ أنْ يُوَاصِلَ فلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ قالُوا فإنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رسولَ الله قَالَ إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي أبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وساقٍ يَسْقِينِي.
( انْظُر الحَدِيث 3691) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَأَيكُمْ أَرَادَ أَن يواصل فليواصل حَتَّى السحر) ، وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، مر فِي: بابُُ سُؤال جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي كتاب الْإِيمَان، وَابْن أبي حَازِم هُوَ عبد الْعَزِيز، وَيزِيد من الزِّيَادَة هُوَ ابْن عبد الله بن الْهَاد.

وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ الْوِصَال فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث عَن ابْن الْهَاد ... إِلَى آخِره.
فَإِن قلت: روى ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق عُبَيْدَة بن حميد عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ( عَن أبي هُرَيْرَة كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يواصل إِلَى السحر، فَفعل بعض أَصْحَابه ذَلِك، فَنَهَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّك تفعل ذَلِك ... ؟) الحَدِيث، فَظَاهره يُعَارض حَدِيث أبي سعيد هَذَا، فَإِن فِي حَدِيث أبي صَالح إِطْلَاق النَّهْي عَن الْوِصَال، وَفِي حَدِيث أبي سعيد جَوَازه إِلَى السحر.
قلت: ذكرُوا أَن رِوَايَة عُبَيْدَة بن حميد شَاذَّة، وَقد خَالفه أَبُو مُعَاوِيَة وَهُوَ أضبط أَصْحَاب الْأَعْمَش، فَلم يذكر ذَلِك، أخرجه أَحْمد وَغَيره عَن أبي مُعَاوِيَة، قيل: على تَقْدِير أَن تكون رِوَايَة عُبَيْدَة مَحْفُوظَة فَالْجَوَاب أَن ابْن خُزَيْمَة جمع بَينهمَا بِأَن يكون النَّهْي عَن الْوِصَال أَولا مُطلقًا سَوَاء فِي ذَلِك جَمِيع اللَّيْل أَو بعضه، ثمَّ خص النَّهْي بِجَمِيعِ اللَّيْل، فأباح الْوِصَال إِلَى السحر، فَيحمل حَدِيث أبي سعيد على هَذَا، وَحَدِيث عُبَيْدَة على الأول، وَقيل: يحمل النَّهْي فِي حَدِيث أبي صَالح على كَرَاهَة التَّنْزِيه، وَفِي حَدِيث أبي سعيد على مَا فَوق السحر على كَرَاهَة التَّحْرِيم.