فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من لم يبال من حيث كسب المال

(بابُُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ المَالَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَال من لم يبال من حَيْثُ كسب المَال، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى ذمّ من لم يبالِ فِي مكاسبه من أَيْن يكْسب.



[ قــ :1975 ... غــ :2059 ]
- حدَّثنا آدمُ قَالَ حَدثنَا ابنُ أبِي ذِئبٍ قَالَ حَدثنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يأتِي عَلَى النَّاسِ زَمانٌ لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أخذَ مِنْهُ أمِنَ الحَلالِ أم مِنَ الحَلالِ.
(الحَدِيث 9502 طرفه فِي: 3802) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَا يُبَالِي الْمَرْء مَا أَخذ مِنْهُ: أَمن الْحَلَال أم من الْحَرَام؟) وآدَم هُوَ ابْن إِيَاس، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا بن دِينَار.

قَوْله: (يَأْتِي على النَّاس) وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن يزِيد عَن ابْن أبي ذِئْب بِسَنَدِهِ: (ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان) .
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من وَجه آخر: (يَأْتِي على النَّاس زمَان مَا يُبَالِي الرجل من أَيْن أَصَابَهُ المَال، من حل أَو حرَام) .
وروى الْحَاكِم من حَدِيث الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ: (يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يبْقى فِيهِ أحد إلاَّ أكل الرِّبَا، فَإِن لم يَأْكُلهُ أَصَابَهُ من غباره) .
.

     وَقَالَ : إِن صَحَّ سَماع الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة فَهَذَا حَدِيث صَحِيح.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: هَذَا يكون لضعف الدّين وَعُمُوم الْفِتَن، وَقد قَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا) .
وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: (من بابُت أكَّالاً من عمل الْحَلَال بَات وَالله عَنهُ راضٍ، وَأصْبح مغفورا لَهُ.
وَطلب الْحَلَال فَرِيضَة على كل مُؤمن) .
ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي (كتاب التَّرْغِيب والترهيب) من حَدِيث دَاوُد بن عَليّ بن عبد الله ابْن عَبَّاس عَن أَبِيه عَن جده ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا مُخْتَصرا.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: أخبر بِهَذَا تحذيرا، لِأَن فتْنَة المَال شَدِيدَة.
وَقد دعِي أَبُو هُرَيْرَة إِلَى طَعَام، فَلَمَّا أكل لم ير نِكَاحا وَلَا ختانا وَلَا مولودا، قَالَ: مَا هَذَا؟ قيل خفضوا جَارِيَة.
فَقَالَ: هَذَا طَعَام مَا كُنَّا نعرفه، ثمَّ قاءه، قَالَ: يُقَال: أول مَا ينتن من الْإِنْسَان بَطْنه، وروى أبان بن أبي عَيَّاش (عَن أنس قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! إجعلني مستجاب الدعْوَة.
قَالَ: يَا أنس أطب كسبك تستجاب دعوتك.
فَإِن الرجل ليرْفَع إِلَى فِيهِ اللُّقْمَة من حرَام فَلَا تستجاب لَهُ دَعوته أَرْبَعِينَ يَوْمًا.