فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب بيع الخلط من التمر

( بابُُ بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان بيع الْخَلْط من التَّمْر.
الْخَلْط، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة: التَّمْر الْمُجْتَمع على أَنْوَاع مُتَفَرِّقَة.
.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي، هُوَ كل لون من التَّمْر لَا يعرف اسْمه، وَقيل: هُوَ نوع رَدِيء، وَقيل: هُوَ الْمُخْتَلط.
وَعَن الْمُطَرز: هُوَ نخل الدقل، يَعْنِي: تمر الدوم، كَذَا ذكره عِيَاض،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الدوم: ضخام الشّجر، وَقيل: هُوَ شجر الْمقل،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: هُوَ تمر من تمر النّخل رَدِيء يَابِس، وَكلمَة: من، فِي قَوْله: من التَّمْر، بَيَانِيَّة.



[ قــ :1996 ... غــ :2080 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ يَحْيَى عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي سَعِيدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ وهْوَ الخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ وكُنَّا نَبِيعُ صَاعَيْنِ بِصاعٍ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاَ صَاعَيْنِ بِصاعٍ ولاَ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَكُنَّا نبيع الصاعين بِصَاع) ، يَعْنِي: من تمر الْجمع، وَالْجمع، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم، وَهُوَ كل لون من النخيل لَا يعرف اسْمه، وَفِي ( الْمغرب) : الْجمع الدقل، لِأَنَّهُ يجمع من خمسين نَخْلَة، وَقد نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن بيع هَذَا بقوله: ( لَا صَاعَيْنِ بِصَاع) يَعْنِي: لَا تَبِيعُوا الصاعين بِصَاع، لِأَن التَّمْر كُله جنس وَاحِد رديئه، وجيده فَلَا يجوز التَّفَاضُل فِي شَيْء مِنْهُ على مَا سَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ مفصلا.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة كلهم ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان بن يحيى التَّمِيمِي النَّحْوِيّ، أَصله بَصرِي سكن الْكُوفَة وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَأَبُو سَلمَة هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو سعيد هُوَ الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، واسْمه: سعد بن مَالك.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع أَيْضا عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَعَن هِشَام بن عَفَّان.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات عَن أبي كريب.

وَفقه الْبابُُ: أَن التَّمْر كُله جنس وَاحِد لَا يجوز التَّفَاضُل فِيهِ؟ فَإِن قلت: قَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: لَا رَبًّا إلاَّ فِي النَّسِيئَة، قلت: قد ثَبت رُجُوعه عَنهُ، وَذكر الْأَثْرَم فِي ( سنَنه) : قلت لأبي عبد الله: التَّمْر بِالتَّمْرِ وزنا بِوَزْن.
قَالَ: لَا، وَلَكِن كَيْلا بكيل، إِنَّمَا أصل التَّمْر الْكَيْل.
قلت لأبي عبد الله: صَاع تمر بِصَاع وَاحِد.
وَأحد التمرين يدْخل فِي الْمِكْيَال أَكثر، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ صَاع بِصَاع، أَي: جَائِز.
انْتهى.
قلت: وَيدخل فِي معنى التَّمْر جَمِيع الطَّعَام، فَلَا يجوز فِي الْجِنْس الْوَاحِد مِنْهُ التَّفَاضُل، وَلَا النِّسَاء بِالْإِجْمَاع، فَإِذا كَانَا جِنْسَيْنِ كحنطة وشعير جَازَ التَّفَاضُل، وَاشْترط الْحُلُول، وَسَيَجِيءُ الْبَحْث فِيهِ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قَوْله: ( وَلَا دِرْهَمَيْنِ بدرهم) أَي: وَلَا تَبِيعُوا بدرهم.
.
يُؤَيّد الحَدِيث الآخر: ( الذَّهَب بِالذَّهَب مثلا بِمثل) إِلَى أَن قَالَ: وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ ... حَتَّى عدد النسئة.