فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب بيع المزايدة

(بابُُ بَيْعِ المُزَايَدَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم بيع المزايدة، وَهِي على وزن مفاعلة، تَقْتَضِي التشارك فِي أصل الْفِعْل بَين اثْنَيْنِ، وَلم يُصَرح بالحكم اكْتِفَاء بِمَا ذكره فِي الْبابُُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ أدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسا فِيمَنْ يَزِيدُ بِبَيْعِ المَغَانِمَ
هَذَا يُوضح مَا فِي التَّرْجَمَة من الْإِبْهَام، وَهُوَ وَجه مُطَابقَة الْأَثر بالترجمة أَيْضا، وَقد وصل هَذَا التَّعْلِيق أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَمَّن سمع مُجَاهدًا وَعَطَاء قَالَا: لَا بَأْس بِبيع من يزِيد، وَهَذَا أَعم من تَقْيِيد البُخَارِيّ بِبيع الْمَغَانِم، وَقد ذكرنَا فِي الْبابُُ السَّابِق مَا فِيهِ الْكِفَايَة.



[ قــ :2057 ... غــ :2141 ]
- حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا الحُسَيْنُ المَكْتِبُ عنْ عَطَاءِ بنِ أبِي رباحٍ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رجُلاً أعْتَقَ غلاَما لَهُ عنْ دُبُرٍ فاحْتاجَ فأخذَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فاشْتَراهُ نُعَيْمُ بنُ عَبْدِ الله بِكذَا وكَذَا فدَفَعَهُ إلَيْهِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (من يَشْتَرِيهِ مني؟) فعرضه للزِّيَادَة ليستقصي فِيهِ للْمُفلس الَّذِي بَاعه عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يرد على الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي قَوْله: لَيْسَ فِي قصَّة الْمُدبر بيع المزايدة، فَإِن بيع المزايدة أَن يُعْطي بِهِ وَاحِد ثمنا؟ ثمَّ يُعْطي بِهِ غَيره زِيَادَة عَلَيْهَا.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد، الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك، الثَّالِث: الْحُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم الْمكتب، بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من التكتيب،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: من الاكتاب، وَلَيْسَ كَذَلِك.
الرَّابِع: عَطاء.
الْخَامِس: جَابر بن عبد الله.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأَنه وَعبد الله مروزيان وَأَن الْحُسَيْن بَصرِي وَعَطَاء مكي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاستقراض عَن مُسَدّد.
وَأخرجه مُسلم من طرق كَثِيرَة، وَأخرج من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله أَن رجلا من الْأَنْصَار أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر لم يكن لَهُ مَال غَيره، فَبلغ ذَلِك النبيَّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: (من يَشْتَرِيهِ مني؟ فَاشْتَرَاهُ نعيم بن عبد الله بثمانمائة دِرْهَم، فَدَفعهَا إِلَيْهِ) .
قَالَ عَمْرو: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: عبدا قبطيا، مَاتَ عَام أول، وَفِي لفظ لَهُ: فِي إِمَارَة ابْن الزبير.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا هشيم عَن عبد الملك بن أبي سُلَيْمَان عَن عَطاء وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن سَلمَة بن كهيل عَن عَطاء عَن جَابر بن عبد الله: أَن رجلا اعْتِقْ غُلَاما لَهُ عَن دبر مِنْهُ وَلم يكن لَهُ مَال غَيره، فَأمر بِهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبيع بسبعمائة أَو تِسْعمائَة.
وَفِي لفظ لَهُ، قَالَ، يَعْنِي النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَنْت أَحَق بِثمنِهِ وَالله أغْنى عَنهُ) .
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر: أَن رجلا من الْأَنْصَار دبر غُلَاما لَهُ فَمَاتَ وَلم يتْرك مَالا غَيره، فَبَاعَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَاشْتَرَاهُ نعيم ابْن النحام ... الحَدِيث.
وَأخرجه النَّسَائِيّ من طرق كَثِيرَة، فَمن طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر: أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ: أَبُو مَذْكُور أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر يُقَال لَهُ يَعْقُوب لم يكن لَهُ مَال غَيره، فَدَعَا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: من يَشْتَرِيهِ؟ فَاشْتَرَاهُ نعيم بن عبد الله بثمانمائة دِرْهَم، فَدَفعهَا إِلَيْهِ، وَأخرجه ابْن مَاجَه من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: دبر رجل منا غُلَاما، وَلم يكن لَهُ مَال غَيره، فَبَاعَهُ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَاشْتَرَاهُ ابْن النحام، رجل من بني عدي.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن رجلا) ، هَذَا الرجل من الْأَنْصَار، كَمَا قَالَ فِي رِوَايَة لمُسلم: (أعتق رجل من بني عذرة يُقَال لَهُ: أَبُو مَذْكُور) ، وَكَذَا وَقع بكنيته عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ،.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) : فِي بابُُ الكنى: أَبُو مَذْكُور الصَّحَابِيّ أعتق غُلَاما لَهُ عَن ذبر.
قَوْله: (غُلَاما لَهُ) ، واسْمه يَعْقُوب، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن النَّسَائِيّ الْآن، وَكَذَا ذكره فِي رِوَايَة لمُسلم وَأبي دَاوُد.
قَوْله: (عَن دبر) ، بِأَن قَالَ: أَنْت حر بعد موتِي.
قَوْله: (نعيم بن عبد الله) ، نعيم، بِضَم النُّون تَصْغِير النعم ابْن عبد الله النحام، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة: الْعَدوي الْقرشِي، وَوصف بالنحام لِأَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (دخلت الْجنَّة فَسمِعت نحمة نعيم فِيهَا) .
والنَّحمة: السعلة، أسلم قَدِيما وَأقَام بِمَكَّة إِلَى قُبَيل الْفَتْح، وَكَانَ يمنعهُ قومه من الْهِجْرَة لشرفه فيهم، لِأَنَّهُ ان ينْفق عَلَيْهِم، فَقَالُوا: أقِم عندنَا على أَي دين شِئْت، وَلما قدم الْمَدِينَة اعتنقه رَسُول الله تصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَبله، وَاسْتشْهدَ يَوْم اليرموك سنة خمس عشرَة، وَقيل: اسْتشْهد يَوْم أجنادين فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سنة ثَلَاث عشرَة، وَعرفت مِمَّا ذَكرْنَاهُ أَن النحام صفة لنعيم، وَوَقع للْبُخَارِيّ فِي: بابُُ من رد أَمر السَّفِيه والضعيف الْعقل، عقيب: بابُُ الاستقراض، فابتاعه مِنْهُ نعيم بن النحام، وَكَذَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: فَاشْتَرَاهُ نعيم بن النحام، وَكَذَا وَقع فِي (مُسْند) أَحْمد: وَالصَّوَاب: نعيم بن عبد الله، كَمَا وَقع هَهُنَا، وَفِي رِوَايَة مُسلم، وَزِيَادَة ابْن، خطأ من بعض الروَاة، فَإِن النحام صفة لنعيم لَا لأبيإ، كَمَا ذكرناوفي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ (فَمَاتَ وَلم يتركمالا غَيره) وَهَذَا مِمَّا نسب بِهِ سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى الْخَطَأ، أَعنِي: قَوْله: فَمَاتَ، وَلم يكن سَيّده مَاتَ، كَمَا هُوَ مُصَرح بِهِ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَقد بَين الشَّافِعِي خطأ ابْن عُيَيْنَة فِيهَا بعد أَن رَوَاهُ عَنهُ،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق شريك عَن سَلمَة بن كهيل عَن عَطاء وَأبي الزبير عَن جَابر: أَن رجلا مَاتَ وَترك مُدبرا ودينا، ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد أَجمعُوا على خطأ شريك فِي ذَلِك.
.

     وَقَالَ  شَيخنَا: وَقد رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ وحسين الْمعلم وَعبد الْمجِيد بن سُهَيْل، كلهم عَن عَطاء، لم يذكر أحد مِنْهُم هَذِه اللَّفْظَة، بل صَرَّحُوا بِخِلَافِهَا، قَوْله: (بِكَذَا وَكَذَا) ، وَقد بَينه مُسلم فِي رِوَايَته: (بثمانمائة دِرْهَم) ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (بسبعمائة أَو تِسْعمائَة) .
قَوْله: (فَدفعهُ إِلَيْهِ) ، أَي: فَدفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الثّمن الَّذِي بيع بِهِ الْمُدبر الْمَذْكُور إِلَيْهِ، أَي: إِلَى الرجل الْمَذْكُور، وَهُوَ نعيم بن عبد الله.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ وَلما روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث جَابر، قَالَ: وَالْعَمَل على هَذَا الحَدِيث عِنْد بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم: لم يرَوا بِبيع الْمُدبر بَأْسا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق، وَكره قوم من أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بيع الْمُدبر، وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ.
وَفِي (التَّلْوِيح: اخْتلف الْعلمَاء هَل الْمُدبر يُبَاع أم لَا؟ فَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك وَجَمَاعَة من أهل الْكُوفَة إِلَى أَنه لَيْسَ للسَّيِّد أَن يَبِيع مدبره، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق وَأهل الظَّاهِر، وَهُوَ قَول عَائِشَة وَمُجاهد وَالْحسن وطاووس، وَكَرِهَهُ ابْن عمر وَزيد بن ثَابت، وَمُحَمّد بن سِيرِين وَابْن الْمسيب وَالزهْرِيّ وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَابْن أبي ليلى وَاللَّيْث بن سعد، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ لَا يُبَاع إلاَّ من رجل يُرِيد عتقه، وَجوز أَحْمد بَيْعه بِشَرْط أَن يكون على السَّيِّد دين، وَعَن مَالك يجوز بَيْعه عِنْد الْمَوْت، وَلَا يجوز فِي حَال الْحَيَاة، وَكَذَا ذكره ابْن الْجَوْزِيّ عَنهُ، وَحكى مَالك إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة على بيع الْمُدبر أَو هِبته.

وَعند أَئِمَّتنَا الْحَنَفِيَّة: الْمُدبر على نَوْعَيْنِ: مُدبر مُطلق: نَحْو مَا إِذا قَالَ لعَبْدِهِ: إِذا مت فَأَنت حر أَو أَنْت حر يَوْم أَمُوت.
أَو أَنْت حر عَن دبر مني، أَو أَنْت مُدبر، أَو دبرتك، فَحكم هَذَا أَنه: لَا يُبَاع وَلَا يُوهب ويستخدم ويؤجر وتوطؤ الْمُدبرَة وَتنْكح، وبموت الْمولى يعْتق الْمُدبر من ثلث مَاله، وَيسْعَى فِي ثُلثَيْهِ أَي: ثُلثي قِيمَته إِن كَانَ الْمولى فَقِيرا، وَلم يكن لَهُ مَال غَيره، وَيسْعَى فِي كل قِيمَته لَو كَانَ مديونا بدين مُسْتَغْرق جَمِيع مَاله.

النَّوْع الثَّانِي: مُدبر مُقَيّد نَحْو قَوْله: إِن مت من مرضِي هَذَا، أَو سَفَرِي هَذَا، فَأَنت حر، أَو قَالَ: إِن مت إِلَى عشر سِنِين أَو بعد موت، فلَان، وَيعتق إِن وجد الشَّرْط، وإلاَّ فَيجوز بَيْعه.

وَاحْتَجُّوا فِي عدم جَوَاز بيع الْمُدبر الْمُطلق بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة عُبَيْدَة بن حسان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْمُدبر لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَهُوَ حر من الثُّلُث) ، فَإِن قلت: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسْندهُ غير عُبَيْدَة بن حسان، وَهُوَ ضَعِيف، وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عمر من قَوْله.
وروى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن عَليّ بن ظبْيَان، حَدثنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَغير ابْن ظبْيَان يرويهِ مَوْقُوفا، وَعلي بن ظبْيَان ضَعِيف.
قلت: احْتج بِهَذَا الحَدِيث الْكَرْخِي والطَّحَاوِي والرازي وَغَيرهم، وهم أساطين فِي الحَدِيث.
.

     وَقَالَ  أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ: إِن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رد بيع الْمُدبرَة فِي مَلأ خير الْقُرُون، وهم حُضُور متوافرون، وَهُوَ إِجْمَاع مِنْهُم: أَن بيع الْمُدبر لَا يجوز.

وَالْجَوَاب عَن حَدِيث جَابر من وُجُوه.
الأول: قَالَ ابْن بطال: لَا حجَّة فِيهِ، لِأَن فِي الحَدِيث أَن سَيّده كَانَ عَلَيْهِ دين فَثَبت أَن بَيْعه كَانَ لذَلِك.
الثَّانِي: أَنَّهَا قَضِيَّة عين تحْتَمل التَّأْوِيل، وتأوله بعض الْمَالِكِيَّة على أَنه لم يكن لَهُ مَال غَيره، فَرد تصرفه.
الثَّالِث: أَنه يحْتَمل أَنه بَاعَ منفعَته بِأَن أجره، وَالْإِجَارَة تسمى بيعا بلغَة أهل الْيمن، لِأَن فِيهَا بيع الْمَنْفَعَة.
وَيُؤَيِّدهُ مَا ذكره ابْن حزم، فَقَالَ: وَرُوِيَ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا، أَنه بَاعَ خدمَة الْمُدبر،.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: لَا بَأْس بِبيع خدمَة الْمُدبر، وَكَذَا قَالَه ابْن الْمسيب، وَذكر أَبُو الْوَلِيد عَن جَابر أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَاعَ خدمَة الْمُدبر.
الرَّابِع: أَن سيد الْمُدبر الَّذِي بَاعه النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ سَفِيها، فَلهَذَا تولى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْعه بِنَفسِهِ.
وَبيع الْمُدبر عِنْد من يجوزه لَا يفْتَقر فِيهِ إِلَى بيع الإِمَام.
الْخَامِس: يحْتَمل أَنه بَاعه فِي وَقت كَانَ يُبَاع الْحر الْمَدْيُون، كَمَا رُوِيَ أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَاعَ حرا بِدِينِهِ، ثمَّ نسخ بقوله تَعَالَى: { وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} (الْبَقَرَة: 082) .