فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب بيع الغرر وحبل الحبلة

( بابُُ بَيْعِ الْغَرَرِ وحَبْلِ الْحَبَلَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم بيع الْغرَر، وَبَيَان حكم بيع حَبل الحبلة.
( الْغرَر) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبراءين أولاهما مَفْتُوحَة وَهُوَ فِي الأَصْل الْخطر، من: غر يغر، بِالْكَسْرِ، والخطر هُوَ الَّذِي لَا يدْرِي أَيكُون أم لَا.
.

     وَقَالَ  ابْن عَرَفَة: الْغرَر هُوَ مَا كَانَ ظَاهره يغر وباطنه مَجْهُول، وَمِنْه سمي الشَّيْطَان: غرُورًا، لِأَنَّهُ يحمل على محاب النَّفس، ووراء ذَلِك مَا يسوء، قَالَ: والغرور مَا رَأَيْت لَهُ ظَاهر تحبه وباطنه مَكْرُوه أَو مَجْهُول.
.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: بيع الْغرَر مَا يكون على غير عُهْدَة ولاثقة.
قَالَ: وَيدخل فِيهَا الْبيُوع الَّتِي لَا يُحِيط بكنهها الْمُتَبَايعَانِ.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْمَشَارِق) : بيع الْغرَر بيع المخاطرة، وَهُوَ الْجَهْل بِالثّمن أَو الْمُثمن أَو سَلَامَته أَو أَجله.

وَقَالَ أَبُو عمر: بيع يجمع وُجُوهًا كَثِيرَة.
مِنْهَا: الْمَجْهُول كُله فِي الثّمن أَو الْمُثمن إِذا لم يُوقف على حَقِيقَة جملَته.
وَمِنْهَا: بيع الْآبِق والجمل الشارد وَالْحِيتَان فِي الآجام والطائر غير الدَّاجِن، قَالَ: والقمار كُله من بيع الْغرَر، وَحكى التِّرْمِذِيّ عَن الشَّافِعِي أَن بيع السّمك فِي المَاء من بُيُوع الْغرَر وَبيع الطير فِي السَّمَاء وَالْعَبْد الْآبِق.

     وَقَالَ  شَيخنَا مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن الشَّافِعِي من أَن بيع السّمك فِي المَاء من بُيُوع الْغرَر، وَهُوَ فِيمَا إِذا كَانَ السّمك فِي مَاء كثير بِحَيْثُ لَا يُمكن تَحْصِيله مِنْهُ، وَكَذَا إِذا كَانَ يُمكن تَحْصِيله، وَلَكِن بِمَشَقَّة شَدِيدَة.
وَأما إِذا كَانَ فِي مَاء يسير بِحَيْثُ يُمكن تَحْصِيله مِنْهُ بِغَيْر مشقة فَإِنَّهُ يَصح، لِأَنَّهُ مَقْدُور على تَحْصِيله وتسليمه، وَهَذَا كُله إِذا كَانَ مرئيا فِي المَاء الْقَلِيل بِأَن يكون المَاء صافيا، فَأَما إِذا لم يكن مرئيا بِأَن يكون كدرا فَإِنَّهُ لَا يَصح بِلَا خلاف، كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ والرافعي، قلت: بيع الْآبِق يَصح إِذا كَانَ البَائِع وَالْمُشْتَرِي يعرفان مَوْضِعه، كَذَا قَالَه أَصْحَابنَا.
.

     وَقَالَ  شَيخنَا: يدْخل فِي بيع الطير فِي السَّمَاء بيع حمام البرج فِي حَال طيرانه، وَإِن جرت عَادَته بِالرُّجُوعِ لِأَنَّهُ يجوز أَن لَا يرجع، وَذهب بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي إِلَى صِحَة البيع لجَرَيَان الْعَادة بِرُجُوعِهِ.
وَأما إِذا كَانَ فِي البرج فَحكمه حكم بيع السّمك فِي المَاء الْيَسِير، فَإِن كَانَ فِيهِ كوىً مَفْتُوحَة لَا يُؤمن خُرُوجه لم يَصح، وَإِن لم يُمكنهُ الْخُرُوج، وَلَكِن كَانَ البرج كَبِيرا بِحَيْثُ يحصل التَّعَب وَالْمَشَقَّة فِي تَحْصِيله لم يَصح أَيْضا.
قَالَ: وَفرق الْأَصْحَاب بَين بيع الْحمام فِي حَال غيبته عَن البرج، وَبَين بيع النَّحْل فِي حَال غيبته عَن الكوارة، فصححوا الْمَنْع فِي حمام البرج وصححوا الصِّحَّة فِي بيع النَّحْل، وَالْفرق بَينهمَا أَن الطير تعترضه الْجَوَارِح فِي خُرُوجه بِخِلَاف النَّحْل، وَقيد ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب صِحَة بيع النَّحْل فِيمَا إِذا كَانَت أم النَّحْل فِي الكوارة، فَإِذا لم تكن لَا يَصح.

فَإِن قلت: لم يذكر فِي الْبابُُ بيع الْغرَر صَرِيحًا وَذكره فِي التَّرْجَمَة لماذا؟ قلت: لما كَانَ فِي حَدِيث الْبابُُ النَّهْي عَن بيع حَبل الحبلة، وَهُوَ نوع من أَنْوَاع بيع الْغرَر، ذكر الْغرَر الَّذِي هُوَ عَام، ثمَّ عطف عَلَيْهِ حَبل الحبلة من عطف الْخَاص على الْعَام، لينبه بذلك على أَن أَنْوَاع الْغرَر كَثِيرَة، وَإِن لم يذكر مِنْهَا إلاَّ حَبل الحبلة من بابُُ التَّنْبِيه بِنَوْع مَمْنُوع مَخْصُوص مَعْلُول بعلة على كل نوع تُوجد فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة.

وَقد وَردت أَحَادِيث كَثِيرَة فِي النَّهْي عَن بيع الْغرَر.
مِنْهَا: مَا رَوَاهُ مُسلم فِي ( صَحِيحه) من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: ( نهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن بيع الْحَصَاة، وَعَن بيع الْغرَر) ، وَأخرجه الْأَرْبَعَة أَيْضا.
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث نَافِع عَنهُ، قَالَ: ( نهى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن بيع الْغرَر) .
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أخرجه ابْن مَاجَه من حَدِيث عَطاء عَنهُ، قَالَ: ( نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْغرَر) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي سعيد، أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا من حَدِيث شهر بن حَوْشَب عَنهُ، قَالَ: ( نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شِرَاء مَا فِي بطُون الْأَنْعَام حَتَّى تضع، وَعَما فِي ضروعها إلاَّ بكيل، وَعَن شِرَاء العَبْد وَهُوَ آبق، وَعَن شِرَاء الْمَغَانِم حَتَّى تقسم، وَعَن شِرَاء الصَّدقَات حَتَّى تقبض، وَعَن ضَرْبَة القانص) .
وَمِنْهَا: حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه أَبُو دَاوُد وَفِيه قد نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْمُضْطَر وَبيع الْغرَر وَبيع التمرة قبل أَن تدْرك.
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن مَسْعُود أخرجه أَحْمد عَنهُ.
قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا تشتروا السّمك فِي المَاء فَإِنَّهُ غرر) .
وَمِنْهَا: حَدِيث عمرَان بن الْحصين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي كتاب الْبيُوع: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( نهى عَن بيع مَا فِي ضروع الْمَاشِيَة قبل أَن تحلب، وَعَن بيع الْجَنِين فِي بطُون الْأَنْعَام، وَعَن بيع السّمك فِي المَاء، وَعَن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة وَعَن بيع الْغرَر) .


[ قــ :2059 ... غــ :2143 ]
- ( حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع حَبل الحبلة) مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة بل هِيَ جُزْء من الحَدِيث والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع أَيْضا عَن القعْنبِي عَن مَالك وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين كِلَاهُمَا عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك وَلَيْسَ التَّفْسِير فِي حَدِيث القعْنبِي قَوْله " حَبل الحبلة " بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة فيهمَا وَحكى النَّوَوِيّ إسكان الْبَاء فِي الأول وَهُوَ غلط وَالصَّوَاب الْفَتْح وحبل الحبلة أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا وينتج الَّذِي فِي بَطنهَا فسر ذَلِك نَافِع وَذكر ابْن السّكيت وَأَبُو عبيد أَن الْحَبل مُخْتَصّ بالآدميات وَإِنَّمَا يُقَال فِي غَيْرهنَّ الْحمل قَالَ ابْن السّكيت إِلَّا فِي حَدِيث نهى عَن بيع حَبل الحبلة وَذَلِكَ أَن تكون الْإِبِل حوامل فيبيع حَبل ذَلِك الْحَبل وَفِي الْمُحكم كل ذَات ظفر حُبْلَى قَالَ الشَّاعِر
( أَو ذيخة حُبْلَى مجح مقرب ... )
( قلت) الذيخ بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ذكر الضباع وَالْأُنْثَى ذيخة قَوْله مجح بِضَم الْمِيم وَكسر الْجِيم وَفِي آخِره حاء مُهْملَة مُشَدّدَة قَالَ أَبُو زيد قيس كلهَا تَقول لكل سَبْعَة إِذا حملت فأقربت وَعظم بَطنهَا قد أجحت فَهِيَ مجح والمقرب بِكَسْر الرَّاء إِذا قربت وِلَادَتهَا.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد يُقَال لكل أُنْثَى من الْإِنْس وَغَيرهم حبلت وَكَذَا ذكره الْهَرَوِيّ والأخفش فِي نوادرهما وَفِي الْجَامِع امْرَأَة حُبْلَى وسنور حُبْلَى وَأنْشد
( إِن فِي دَارنَا ثَلَاث حبالى ... فوددنا لَو قد وضعن جَمِيعًا)

( جارتي ثمَّ هرتي ثمَّ شاتي ... فَإِذا مَا وضعن كن ربيعا)

( جارتي للمخيض والهر للفار ... وشاتي إِذا اشْتهيت مجيعا)
وَحَكَاهُ فِي الموعب عَن صَاحب الْعين وَالْكسَائِيّ وَهَذَا يرد قَول النَّوَوِيّ اتّفق أهل اللُّغَة أَن الْحَبل مُخْتَصّ بالآدميات وَفِي الغريبين أَن الْحَبل يُرَاد بِهِ مَا فِي بطُون النوق أدخلت فِيهَا الْهَاء للْمُبَالَغَة كَمَا تَقول نكحة وسخرة.

     وَقَالَ  صَاحب مجمع الغرائب لَيْسَ الْهَاء فِي الحبلة على قِيَاس نكحة وَلَا مُبَالغَة هَهُنَا فِي الْمَعْنى وَلَعَلَّ الْهَرَوِيّ طلب لزِيَادَة الْهَاء وَجها فَأطلق ذَلِك من غير تثبت وَفِي الْمغرب حَبل الحبلة مصدر حبلت الْمَرْأَة وَإِنَّمَا أدخلت التَّاء لإشعار الْأُنُوثَة لِأَن مَعْنَاهُ أَن يَبِيع مَا سَوف تحمله الْجَنِين إِن كَانَ أُنْثَى.

     وَقَالَ  بَعضهم الحبلة جمع حابل مثل ظلمَة وظالم وكتبة وَكَاتب وَالْهَاء للْمُبَالَغَة قلت لَيْسَ كَذَلِك وَقد قَالَ ابْن الْأَثِير الحبلة بِالتَّحْرِيكِ مصدر سمي بِهِ الْمَحْمُول كَمَا سمي بِالْحملِ وَإِنَّمَا دخلت عَلَيْهِ التَّاء للإشعار بِمَعْنى الْأُنُوثَة فِيهِ فالحبل الأول يرد بِهِ مَا فِي بطُون النوق من الْحمل وَالثَّانِي حَبل الَّذِي فِي بطُون النوق.
( وَيُسْتَفَاد مِنْهُ) أَنه من بيع الْغرَر فَلَا يجوز قَالَ النَّوَوِيّ النَّهْي عَن بيع الْغرَر أصل من أصُول البيع فَيدْخل تَحْتَهُ مسَائِل كَثِيرَة جدا قلت وَقد ذكرنَا أنواعا من ذَلِك عَن قريب قَالَ وَمن بُيُوع الْغرَر مَا اعتاده النَّاس من الاستجرار من الْأَسْوَاق بالأوراق مثلا فَإِنَّهُ لَا يَصح لِأَن الثّمن لَيْسَ حَاضرا فَيكون من المعاطاة وَلم تُوجد صِيغَة يَصح بهَا العقد قلت هَذَا الَّذِي ذكره لَا يعْمل بِهِ لِأَن فِيهِ مشقة كَثِيرَة على النَّاس وَحُضُور الثّمن لَيْسَ بِشَرْط لصِحَّة العقد وَبيع المعاطاة صَحِيح وَجَمِيع النَّاس الْيَوْم فِي الْأَسْوَاق بالمعاطاة يَأْتِي رجل إِلَى بَايع فيشتري مِنْهُ جملَة قماش بِثمن معِين فَيدْفَع الثّمن وَيَأْخُذ الْمَبِيع من غير أَن يُوجد لفظ بِعْت واشتريت فَإِذا حكمنَا بِفساد هَذَا العقد يحصل فَسَاد كثير فِي معاملات النَّاس وروى الطَّبَرِيّ عَن ابْن سِيرِين بِإِسْنَاد صَحِيح قَالَ لَا أعلم بِبيع الْغرَر بَأْسا.

     وَقَالَ  ابْن بطال لَعَلَّه لم يبلغهُ النَّهْي وَإِلَّا فَكل مَا يُمكن أَن يُوجد وَأَن لَا يُوجد لم يَصح وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ لَا يَصح غَالِبا فَإِن كَانَ يَصح غَالِبا كالثمرة فِي أول بَدو صَلَاحهَا أَو كَانَ يَسِيرا تبعا كالحمل مَعَ الْحَامِل جَازَ لقلَّة الْغرَر وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَ ابْن سِيرِين لَكِن يمْنَع من ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَنهُ أَنه قَالَ لَا بَأْس بِبيع العَبْد الْآبِق إِذا كَانَ علمهما فِيهِ وَاحِد فَهَذَا يدل على أَنه بيع الْغرَر إِن سلم فِي الْمَآل
( وَكَانَ بيعا يتبايعه أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرجل يبْتَاع الْجَزُور إِلَى أَن تنْتج النَّاقة ثمَّ تنْتج الَّتِي فِي بَطنهَا) أَي كَانَ بيع حَبل الحبلة بيعا يتبايعه أهل الْجَاهِلِيَّة قَوْله " كَانَ الرجل " إِلَى آخِره بَيَان لقَوْله وَكَانَ بيعا قَوْله " يبْتَاع الْجَزُور " بِفَتْح الْجِيم وَهُوَ وَاحِد الْإِبِل يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى ( فَإِن قلت) ذكر الْجَزُور قيد أم لَا قلت لَا لِأَن حكم غير الْجَزُور مثل حكمه وَإِنَّمَا هُوَ مِثَال.

     وَقَالَ  بَعضهم يحْتَمل أَن يكون قيدا قلت هَذَا احْتِمَال غير ناشيء عَن دَلِيل فَلَا يعْتَبر بِهِ وَإِنَّمَا مثل بِهِ لِكَثْرَة الْجَزُور عِنْدهم قَوْله " إِلَى أَن تنْتج النَّاقة " بِضَم أَوله وَفتح ثالثه أَي تَلد ولدا وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول والناقة مَرْفُوع بِإِسْنَاد تنْتج إِلَيْهَا قَالَ الْجَوْهَرِي نتجت النَّاقة على مَا لم يسم فَاعله تنْتج نتاجا وَقد نتجها أَهلهَا نجا إِذا توَلّوا نتاجها بِمَنْزِلَة الْقَابِلَة للْمَرْأَة فَهِيَ منتوجة ونتجت الْفرس إِذا حَان نتاجها.

     وَقَالَ  يَعْقُوب إِذا استبان حملهَا وَكَذَلِكَ النَّاقة فَهِيَ نتوج وَلَا يُقَال منتج وَأَتَتْ النَّاقة على منتجها أَي الْوَقْت الَّذِي تنْتج فِيهِ وَهُوَ مفعل بِكَسْر الْعين وَيُقَال للشاتين إِذا كَانَتَا سنا وَاحِدًا هما نتيجة وغنم فلَان نتاج أَي فِي سنّ وَاحِدَة وَحكى الْأَخْفَش نتج وأنتج بِمَعْنى وَجَاء فِي الحَدِيث فأنتج هَذَانِ وَولد هَذَا وَقد أنكرهُ بَعضهم يَعْنِي أَن الصَّوَاب كَونه ثلاثيا قلت هَذَا فِي حَدِيث الْأَقْرَع والأبرص قَوْله " ثمَّ تنْتج الَّتِي فِي بَطنهَا " أَي ثمَّ تعيش المولودة حَتَّى تكبر ثمَّ تَلد قيل هَذَا زَائِد على رِوَايَة عبد الله بن عمر فَإِنَّهُ اقْتصر على قَوْله ثمَّ تحمل الَّتِي فِي بَطنهَا وَرِوَايَة جوَيْرِية أخصر مِنْهَا وَلَفظه أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا وبظاهر هَذِه الرِّوَايَة قَالَ سعيد بن الْمسيب فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ مَالك.

     وَقَالَ  بِهِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة وَهُوَ أَن يَبِيع بِثمن إِلَى أَن تَلد النَّاقة.

     وَقَالَ  آخَرُونَ أَن يَبِيع بِثمن إِلَى أَن تحمل الدَّابَّة وتلد وَتحمل وَلَدهَا وَلم يشترطوا وضع حمل الْوَلَد.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عبيد وَأحمد واسحق وَابْن حبيب الْمَالِكِي وَأكْثر أهل اللُّغَة هُوَ بيع ولد نتاج الدَّابَّة وَالْمَنْع فِي هَذَا أَنه بيع مَعْدُوم ومجهول وَغير مَقْدُور على تَسْلِيمه.
ثمَّ اعْلَم أَن قَوْله " وَكَانَ بيعا " إِلَى آخِره هَكَذَا وَقع فِي الْمُوَطَّأ تَفْسِيرا مُتَّصِلا بِالْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ هُوَ مدرج يَعْنِي أَن التَّفْسِير من كَلَام نَافِع.

     وَقَالَ  الْخَطِيب تَفْسِير حَبل الحبلة لَيْسَ من كَلَام عبد الله بن عمر إِنَّمَا هُوَ من كَلَام نَافِع أدرج فِي الحَدِيث ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق أبي سَلمَة التَّبُوذَكِي حَدثنَا جوَيْرِية عَن نَافِع عَن عبد الله أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يبتاعون الْجَزُور إِلَى حَبل الحبلة وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن ذَلِك وَقد أخرجه مُسلم من رِوَايَة اللَّيْث وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أَيُّوب كِلَاهُمَا عَن نَافِع بِدُونِ التَّفْسِير وَأخرجه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر بِدُونِ التَّفْسِير أَيْضا وَالله أعلم