فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السلم إلى من ليس عنده أصل

( بابُُ السَّلَمِ إلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أصْلٌ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم السّلم إِلَى من لَيْسَ عِنْده مِمَّا أسلف فِيهِ أصل.
وَقيل: المُرَاد بِالْأَصْلِ أصل الشَّيْء الَّذِي يسلم فِيهِ، فَأصل الْحبّ الزَّرْع، وأصل الثِّمَار الأشحار،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الْغَرَض من التَّرْجَمَة أَن كَون أصل الْمُسلم فِيهِ لَا يشْتَرط.
قلت: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى سلم الْمُنْقَطع، فَإِنَّهُ لَا يجوز عندنَا، وَهَذَا على أَرْبَعَة أوجه: الأول: أَن يكون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا عِنْد العقد مُنْقَطِعًا عِنْد الْأَجَل فَإِنَّهُ لَا يجوز.
وَالثَّانِي: أَن يكون مَوْجُودا وَقت العقد إِلَى الْأَجَل، فَيجوز بِلَا خلاف.
وَالثَّالِث: أَن يكون مُنْقَطِعًا عِنْد العقد مَوْجُودا عِنْد الْأَجَل.
وَالرَّابِع: أَن يكون مَوْجُودا وَقت العقد وَالْأَجَل، مُنْقَطِعًا فِيمَا بَين ذَلِك، فهذان الْوَجْهَانِ لَا يجوزان عندنَا خلافًا لمَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، قَالُوا: لِأَنَّهُ مَقْدُور التَّسْلِيم فيهمَا، قُلْنَا: غير مَقْدُور التَّسْلِيم لِأَنَّهُ يتَوَهَّم موت الْمُسلم إِلَيْهِ فَيحل الْأَجَل، وَهُوَ مُنْقَطع، فيتضرر رب السّلم، فَلَا يجوز.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : وأصل السّلم أَن يكون إِلَى من عِنْده أصل مِمَّا يسلم فِيهِ إلاَّ أَنه لما وَردت السّنة فِي السّلم بِالصّفةِ الْمَعْلُومَة والكيل وَالْوَزْن وَالْأَجَل الْمَعْلُوم، كَانَ عَاما فِيمَن عِنْده أصل وَمن لَيْسَ عِنْده.
قلت: إِذا لم يكن الأَصْل مَوْجُودا عِنْد حُلُول الْأَجَل، أَو فِيمَا بَين العقد وَالْأَجَل يكون غررا، والشارع نهى عَن الْغرَر.



[ قــ :2154 ... غــ :2244 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبِي المُجَالِدِ قَالَ بَعَثَنِي عَبْدُ الله بنُ شَدَّادٍ وأبُو بُرْدَةَ إلَى عَبْدِ الله بنِ أبي أوْفَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُما فقالاَ سَلْهُ هَلْ كانَ أصْحَابُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عَهْدِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسْلِفُونَ فِي الحِنْطَةِ قَالَ عَبْدُ الله كنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أهْلِ الشَّامِ فِي الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والزَّيْتِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ.

قُلْتُ إلَى مَنْ كانَ أصْلُهُ عِنْدَهُ قَالَ مَا كُنَّا نَسْألُهُمْ عنْ ذالِكَ ثُمَّ بعَثَانِي إلَى عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ أبْزَى فسَألْتُهُ فَقَالَ كانَ أصْحَابُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَمْ نَسْألْهُمْ ألَهُمْ حَرْثٌ أمْ لاَ.
( انْظُر الحَدِيث 2422 وطرفه) ( انْظُر الحَدِيث 3422 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( قلت: إِلَى من كَانَ أَصله عِنْده) وَفِي قَوْله: ( ألهم حرث أم لَا؟) .
والْحَدِيث قد مضى فِي الْبابُُ السَّابِق وَمضى الْكَلَام فِيهِ بوجوهه، غير أَن فِي هَذَا نَص البُخَارِيّ على أَن اسْم أبي المجالد: مُحَمَّد، وَذكر هُنَا: الزَّيْت، مَوضِع: الزَّبِيب، هُنَاكَ، وَفِيه زِيَادَة، وَهِي السُّؤَال عَن كَون الأَصْل عِنْد الْمُسلم إِلَيْهِ.
وَالْجَوَاب بِعَدَمِ ذَلِك، وَعبد الْوَاحِد هُوَ: ابْن زِيَاد، والشيباني بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة: هُوَ أَبُو إِسْحَاق سُلَيْمَان، وَقد مر فِي الْحيض.

قَوْله: ( يسلفون) ، من الإسلاف، ويروى بتَشْديد اللَّام من التسليف.
قَوْله: ( نبيط أهل الشَّام) ، بِفَتْح النُّون وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: أهل الزِّرَاعَة من أهل الشَّام، وَقيل: هم قوم ينزلون البطائح وتسموا بِهِ لاهتدائهم إِلَى اسْتِخْرَاج المياة من الْيَنَابِيع وَنَحْوهَا، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: أنباطا من أَنْبَاط أهل الشَّام، وهم قوم من الْعَرَب دخلُوا فِي الْعَجم وَالروم، واختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم، وَكَانَ الَّذين اختلطوا بالعجم مِنْهُم قوم ينزلون البطائح بَين العراقين، وَالَّذين اختلطوا بالروم ينزلون فِي بوادي الشَّام، وَيُقَال لَهُم: النبط، بِفتْحَتَيْنِ وَيجمع على: أَنْبَاط، وَكَذَلِكَ النبيط يجمع على أَنْبَاط، يُقَال: رجل نبطي ونباطي ونباط، وَحكى يَعْقُوب: نباطي، بِضَم النُّون.
وَيُقَال: أَنْبَاط الشَّام هم نَصَارَى الشَّام الَّذين عمروها، قَالَ الْجَوْهَرِي: نبط المَاء ينبط وينبط نبوطا: نبع، فَهُوَ نبيط.
وَهُوَ الَّذِي ينبط من قَعْر الْبِئْر إِذا حفرت، وأنبط الحفار: بلغ المَاء، والاستنباط: الاستخراج.
قَوْله: ( إِلَى من كَانَ أَصله) أَي: أصل الْمُسلم فِيهِ، وَهُوَ الثَّمر أَي: الْحَرْث.
قَوْله: ( ألَهم حرث؟) أَي: زرع.
فَافْهَم.

وَفِيه: مبايعة أهل الذِّمَّة وَالسّلم إِلَيْهِم.
وَفِيه: جَوَاز السّلم فِي السّمن والشيرج وَنَحْوهمَا قِيَاسا على الزَّيْت.

حدَّثنا إسْحاقُ قَالَ حدَّثنا خالِدُ بنُ عبْدِ الله عنِ الشَّيْبَانِيِّ عنْ محَمَّدِ بنِ أبِي مُجَالِدٍ بِهذَا.

     وَقَالَ  فنُسْلِفُهُمْ فِي الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن إِسْحَاق بن شاهين الوَاسِطِيّ عَن خَالِد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّحَّان الوَاسِطِيّ عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ ... إِلَى آخِره.

وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ الوَلِيدِ عنْ سفْيَانَ قَالَ حدَّثنا الشَّيْبانِيُّ.

     وَقَالَ  والزَّيْتِ
هَذَا طَرِيق آخر مُعَلّق عَن عبد الله بن الْوَلِيد أَبُو مُحَمَّد الْعَدنِي نزيل مَكَّة، روى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَكَانَ يصحح حَدِيثه وسماعه عَن سُفْيَان، قَالَ أَبُو زرْعَة: صَدُوق،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: يكت حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ، وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ فِي: بابُُ رمي الْجمار من بطن الْوَادي،.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ: كَانَ يَقُول: أَنا مكي يُقَال لي عدني، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
قَوْله: ( وَقَالَ: وَالزَّيْت) يَعْنِي بعد أَن قَالَ: فِي الْحِنْطَة وَالشعِير قَالَ وَالزَّيْت، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله سُفْيَان فِي ( جَامعه) من طَرِيق عَليّ بن الْحسن الْهِلَالِي عَن عبد الله بن الْوَلِيد، رَحمَه الله.

حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الشَّيْبَانِيِّ.

     وَقَالَ  فِي الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والزَّبِيبِ
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان الشيبانيي، قَوْله: ( وَقَالَ فِي الْحِنْطَة) ، أَي: قَالَ فِي رُوَاته: فَنُسلفهُمْ فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالزَّبِيب، وَلم يذكر فِيهِ: الزَّيْت، بل ذكر: الزَّبِيب.





[ قــ :155 ... غــ :46 ]
- حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخبرنَا عَمْرٌ.

     وَقَالَ  سَمِعْتُ أَبَا البَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ قَالَ سألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ السَّلَم فِي النَّخْلِ قالَتْ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ بَيْعِ النَّخْلِ حتَّى يْؤكَلَ مِنْهُ وحتَّى يُوزَنَ فَقَالَ الرَّجُلُ وأيُّ شَيءٍ يُوزَنُ قَالَ رَجُلٌ إلَى جانِبِهِ حتَّى يحْرَزَ.

قَالَ ابْن بطال: حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا لَيْسَ من هَذَا الْبابُُ، وَإِنَّمَا هُوَ من الْبابُُ الَّذِي بعده المترجم بِبابُُ السّلم فِي النّخل، وَهُوَ غلط من النَّاسِخ، وَأجِيب: بِأَن ابْن عَبَّاس لما سُئِلَ عَن السّلم إِلَى من لَهُ نخل عد ذَلِك من قبيل بيع الثِّمَار قبل بَدو صَلَاحهَا، فَإِذا كَانَ السّلم فِي النّخل لَا يجوز لم يبْق لوجودها فِي ملك الْمُسلم إِلَيْهِ فَائِدَة مُتَعَلقَة بالسلم، فَيصير جَوَاز السّلم إِلَى من لَيْسَ لَهُ عِنْده أصل وإلاَّ يلْزمه سد بابُُ السّلم.

وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَعَمْرو، بِفَتْح الْعين: هُوَ ابْن مرّة، بِضَم الْمِيم، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَمْرو بن مرّة وَهُوَ عَمْرو بن مرّة بن عبد الله الْمرَادِي الْأَعْمَى الْكُوفِي، وَأَبُو البخْترِي، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالراء وَتَشْديد الْيَاء: واسْمه سعيد بن فَيْرُوز الْكُوفِي الطَّائِي، قتل فِي الجماجم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن الْوَلِيد وَعَن بنْدَار عَن غنْدر، وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر.

قَوْله: ( فِي النّخل) ، أَي: فِي ثَمَر النّخل.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي مَا ملخصه: أَن المُرَاد من السّلم مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ، وَهُوَ السّلف حَتَّى لَا يُقَال: كَيفَ يَصح معنى السّلم فِيهِ وَلم يَقع العقد على مَوْصُوف فِي الذِّمَّة؟ وَأما النَّهْي عَنهُ فَلِأَنَّهُ من جِهَة أَنه من تِلْكَ الثَّمَرَة خَاصَّة، وَلَيْسَ مسترسلاً فِي الذِّمَّة مُطلقًا.
قَوْله: ( حَتَّى يُؤْكَل مِنْهُ) مُقْتَضَاهُ أَن يَصح بعد الْأكل الَّذِي هُوَ كِنَايَة عَن ظُهُور الصّلاح، وَمَعَ هَذَا لم يَصح، لِأَن ذكر هَذِه الْغَايَة بَيَان للْوَاقِع لأَنهم كَانُوا يسلفونه قبل صَيْرُورَته مِمَّا يُؤْكَل، والقيود الَّتِي خرجت مخرج الْأَغْلَب لَا مَفْهُوم لَهَا.
قَوْله: ( فَقَالَ الرجل) ، قَالَ الْكرْمَانِي: إِنَّمَا عرف مَعَ أَن السِّيَاق يَقْتَضِي تنكيره لِأَنَّهُ مَعْهُود إِذا أَرَادَ بِهِ أَبُو البخْترِي نَفسه أَي السَّائِل من ابْن عَبَّاس.
قَوْله: ( قَالَ رجل) ، لم يدر هَذَا من هُوَ.
قَوْله: ( وَأي شَيْء يُوزن) ، إِذْ لَا يُمكن وزن الثَّمَرَة الَّتِي على النّخل.
قَوْله: ( إِلَى جَانِبه) أَي: إِلَى جَانب ابْن عَبَّاس.
قَوْله: ( حَتَّى يحرز) ، بِتَقْدِيم الرَّاء على الزَّاي: حَتَّى يحفظ ويصان، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حَتَّى يحرز، بِتَقْدِيم الزَّاي على الرَّاء، أَي: يخرص وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: حَتَّى يحرر، من التَّحْرِير، وَلكنه رَوَاهُ بِالشَّكِّ.
وَاعْلَم أَن الْخرص وَالْأكل وَالْوَزْن كلهَا كنايات عَن ظُهُور صَلَاحهَا، وَفَائِدَة ذَلِك معرفَة كمية حُقُوق الْفُقَرَاء قبل أَن يتَصَرَّف فِيهِ الْمَالِك، وَاحْتج بِهَذَا الْكُوفِيُّونَ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ بِأَن السّلم لَا يجوز إلاَّ أَن يكون السّلم فِيهِ مَوْجُودا فِي أَيدي النَّاس فِي وَقت العقد إِلَى حِين حُلُول الْأَجَل، فَإِن انْقَطع فِي شَيْء من ذَلِك لم يجز، وَهُوَ مَذْهَب ابْن عمر وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر: يجوز السّلم فِيمَا هُوَ مَعْدُوم فِي أَيدي النَّاس إِذا كَانَ مَأْمُون الْوُجُود عِنْد حُلُول الْأَجَل فِي الْغَالِب، فَإِن كَانَ يَنْقَطِع حِينَئِذٍ لم يجز، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي أول الْبابُُ مفصلا.

وَقَالَ مُعاذٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرٍ ووقال أبُو البَخْتَرِيِّ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَهُ
معَاذ هُوَ ابْن معَاذ التَّمِيمِي قَاضِي الْبَصْرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن يحيى بن مُحَمَّد عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه بِهِ، وَفِي الحَدِيث السَّابِق، قَالَ شُعْبَة: أخبرنَا عَمْرو، قَالَ: سَمِعت أَبَا البخْترِي، قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس.
وَهَهُنَا: يَقُول شُعْبَة عَن عَمْرو: قَالَ أَبُو البخْترِي: سَمِعت ابْن عَبَّاس.
قَوْله: ( مثله) ، أَي: مثل هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور.


( بابُُ السلَمِ فِي النَّخْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم السّلم فِي ثَمَر النّخل.



[ قــ :155 ... غــ :48 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرٍ وعنْ أبِي البَخْتَرِيِّ قَالَ سألتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ وعنْ بَيْعِ الوَرِقِ نَساءً بِناجِزٍ وسألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ عنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ بَيْعِ النَّخْلِ حتَّى يُؤكَلَ مِنْهُ أوْ يَأكُلَ مِنْهُ وحتَّى يُوزَنَ.
.
( انْظُر الحَدِيث 64 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ.
قَوْله: ( فَقَالَ: نهى) أَي: فَقَالَ ابْن عمر: نهي، بِضَم النُّون على بِنَاء الْمَجْهُول، وَالرِّوَايَات كلهَا متفقة على ضم النُّون.
قَوْله: ( عَن بيع النّخل) أَي: عَن بيع ثَمَر النّخل.
قَوْله: ( حَتَّى يصلح) ، أَي: حَتَّى يظْهر فِيهِ الصّلاح.
قَوْله: ( وَعَن بيع الْوَرق) ، أَي: وَنهى أَيْضا عَن بيع الْوَرق، بِفَتْح الْوَاو وَكسر الرَّاء وبكسر الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء: وَهُوَ الدَّرَاهِم المضروبة، أَي: نهى عَن بيع الْفضة بِالذَّهَب نسأ، أَي: بِالتَّأْخِيرِ، وَهُوَ بِفَتْح النُّون وبالمد وَالْقصر، وَمِنْه: نسأت الدّين أَي: أَخَّرته نسَاء وأنسأته إنسا، وَالنِّسَاء الإسم، فَإِن قلت: انتصاب نسَاء بِمَاذَا؟ قلت: يجوز أَن يكون على الْحَال، وَيكون نسأ بِمَعْنى منسأ على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول.
قَوْله: ( بناجز) بالزاي فِي آخِره، أَي: بحاضر، يُقَال: نجز ينجز نجزا إِذا حضر وَحصل.
قَوْله: ( فَقَالَ) أَي: ابْن عَبَّاس نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن بيع ثَمَر النّخل حَتَّى يُؤْكَل مِنْهُ، أَي: حَتَّى يُؤْكَل من النّخل ثمره، أَو يَأْكُلهُ صَاحبه مِنْهُ.
قَوْله: ( وَحَتَّى يُوزن) أَي: حَتَّى يخرص، وَقد مر عَن قريب.

وَاسْتدلَّ بَعضهم بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور على جَوَاز السّلم فِي النّخل الْمعِين من الْبُسْتَان الْمعِين، وَلَكِن بعد بَدو صَلَاحه، وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة أَيْضا وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: اتِّفَاق الْأَكْثَر على منع السّلم فِي بُسْتَان معِين لِأَنَّهُ غرر.
قلت: وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة أَيْضا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن سَلام فِي قصَّة إِسْلَام زيد بن سعنة، بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفتح النُّون، أَنه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك أَن تبيعني تَمرا مَعْلُوما إِلَى أجل مَعْلُوم من حَائِط بني فلَان؟ قَالَ: ( لَا أبيعك من حَائِط مُسَمّى، بل أبيعك أوسقا مُسَمَّاة إِلَى أجل مُسَمّى) .





[ قــ :155 ... غــ :50 ]
- حدَّثنا محَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدَرٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرو عنْ أبِي الْبَخْتَريِّ قَالَ سألْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حتَّى يَصْلُحَ ونِهىَ عنِ الوَرِقِ بالذَّهَبِ نَسَاءً بِناجِزٍ وسألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ بَيْعِ النَّخْلِ حتَّى يأكلَ أوْ يُؤْكَلَ وحتَّى يُوزَنَ.

قُلْتُ وَمَا يُوزَنُ قَالَ رجُلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ.
( انْظُر الحَدِيث 6841 وطرفه) .
( انْظُر الحَدِيث 64 وطرفه) .


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر، وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة ... إِلَى آخِره، قَوْله: ( فَقَالَ: نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت: نهى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَنهي عمر إِمَّا عَن السماع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِمَّا عَن اجْتِهَاده.