فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السلم إلى أجل معلوم

( بابُُ السَّلَمِ إلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم السّلم الْوَاقِع إِلَى أجل مَعْلُوم أَي: إِلَى مُدَّة مُعينَة.
وَفِيه: الرَّد على من أجَاز السّلم الْحَال، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيَّة وَمن تَبِعَهُمْ.

وبِهِ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ وأبُو سَعِيدٍ والأسْوَدُ والحسَنُ

أَي: باختصاص السّلم بالأجل، قَالَ ابْن عَبَّاس وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَالْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَتَعْلِيق ابْن عَبَّاس وَصله الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن قَتَادَة عَن أبي حسان بن مُسلم الْأَعْرَج عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: أشهد أَن السّلف الْمَضْمُون إِلَى أجل مُسَمّى قد أَجله الله فِي كِتَابه وَأذن فِيهِ.
ثمَّ قَرَأَ { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه} ( الْبَقَرَة: 282) .
وَأخرجه الْحَاكِم من هَذَا الْوَجْه وَصَححهُ، وروى ابْن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لَا تسلف إِلَى الْعَطاء وَلَا إِلَى الْحَصاد وَاضْرِبْ أَََجَلًا.
وَتَعْلِيق أبي سعيد وَصله عبد الرازق من طَرِيق نُبيح الْعَنزي الْكُوفِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: السّلم بِمَا يقوم بِهِ السّعر رَبًّا، وَلَكِن أسلف فِي كيل مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم.
قلت: نُبيح، بِضَم النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، والعنزي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالنُّون وبالزاي، وَتَعْلِيق الْأسود وَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق عَنهُ، قَالَ: سَأَلته عَن السّلم فِي الطَّعَام، قَالَ: لَا بَأْس بِهِ كيل مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم.
وَلم أَقف على تَعْلِيق الْحسن.

وَقَالَ ابنُ عُمَرَ لاَ بَأسَ فِي الطَّعَامِ المَوصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ مَا لَمْ يَكُ ذالِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) عَن نَافِع عَنهُ قَالَ: لَا بَأْس أَن يسلف الرجل فِي الطَّعَام الْمَوْصُوف، فَذكر مثله، وَزَاد: وَثَمَرَة لم يبد صَلَاحهَا، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن نَافِع نَحوه.
قَوْله: ( مَا لم يَك) ، أَصله: مَا لم يكن، حذفت النُّون تَخْفِيفًا، ويروى على الأَصْل، وَهَذَا كَمَا رَأَيْت أساطين الصَّحَابَة عبد الله بن عَبَّاس وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَعبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، شرطُوا الْأَجَل فِي السّلم، وَكَذَلِكَ من أساطين التَّابِعين: الْأسود وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَهَذَا كُله حجَّة على من يرى جَوَاز السّلم الْحَال من الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم.
وَاخْتَارَ ابْن خُزَيْمَة من الشَّافِعِيَّة تأقيته إِلَى الميسرة، وَاحْتج بِحَدِيث عَائِشَة، رَوَاهُ النَّسَائِيّ: ( أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعث إِلَى يَهُودِيّ: إبعث لي ثَوْبَيْنِ إِلَى الميسرة) .
وَابْن الْمُنْذر طعن فِي صِحَّته، وَلَئِن سلمنَا صِحَّته فَلَا دلَالَة فِيهِ على مَا ذكره، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلاَّ مُجَرّد الاستدعاء، فَلَا يمْتَنع أَنه إِذا وَقع العقد قيد بِشُرُوطِهِ، وَلذَلِك لم يصف الثَّوْبَيْنِ.



[ قــ :2162 ... غــ :2253 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ عنِ ابنِ أبِي نَجيحٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ كَثِيرٍ عنْ أبِي المِنْهَالِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَدِينَةَ وهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ والثَّلاثَ فَقَالَ أسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ ( انْظُر الحَدِيث 9322 وطرافيه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِلَى أجل مَعْلُوم) ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ السّلم فِي كيل مَعْلُوم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عَمْرو ابْن زُرَارَة عَن إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الله بن أبي نجيح ... إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَا: عَن أبي نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح ... إِلَى آخِره، والتكرار لأجل التَّرْجَمَة وَاخْتِلَاف الشُّيُوخ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ الوَلِيدِ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبِي نَجِيحٍ.

     وَقَالَ  فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووَزْنٍ مَعْلُومٍ
هَذَا التَّعْلِيق مَوْصُول فِي ( جَامع) سُفْيَان من طَرِيق عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي، وَهَذَا فِيهِ فَائِدَتَانِ: الأولى: فِيهِ: بَيَان التحديث، وَالَّذِي قبله مَذْكُور بالعنعنة.
وَالْأُخْرَى: فِيهِ الْإِشَارَة إِلَى أَن من جملَة الشَّرْط فِي السّلم الْوَزْن الْمَعْلُوم فِي الموزونات.





[ قــ :16 ... غــ :55 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا سُفْيانُ عنُ سُلَيْمانَ الشَّيْبَانِيِّ عنْ مُحَمَّدِ بنِ أبِي مُجالِدٍ قَالَ أرْسَلَنِي أبُو بُرْدَةَ وعَبْدُ الله بنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبْزَى وعَبْدِ الله بنِ أبِي أوْفَى فسَألْتُهُمَا عنِ السَّلَفِ فقالاَ كُنَّا نُصِيبُ المَغَانِمَ مَعَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكَانَ يَأتِينَا أنْباطٌ مِنْ أنْباطِ الشَّامِ فنُسْلِفُهُمْ فِي الحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والزَّبِيبِ إلَى أجَلٍ مُسَمَّى قَالَ.

قُلْتُ أكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ أوْ لَمْ يَكنْ لَهُمْ زَرْعٌ قالاَ مَا كُنَّا نَسْألُهُمْ عنْ ذالِكَ.
( انْظُر الحَدِيث 34 وطرفه) .
( انْظُر الحَدِيث 4 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِلَى أجل مُسَمّى) وَهُوَ أجل مَعْلُوم، والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ السّلم إِلَى من لَيْسَ عِنْده أصل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ من ثَلَاث طرق: عَن مُوسَى بن سماعيل، وَإِسْحَاق، وقتيبة.
وَأخرجه هُنَا: عَن مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي.
وَهُوَ من أَفْرَاده عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ ... إِلَى آخِره، والتكرار لأجل التَّرْجَمَة وَاخْتِلَاف الشُّيُوخ، والتقديم وَالتَّأْخِير فِي بعض الْمَتْن وَبَعض الزِّيَادَة فِيهِ هُنَا يعرف ذَلِك بِالنّظرِ والتأمل.