فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب

( بابُُ مَا يُعْطَى فِي الرقَيَّةِ عَلى أحْياءِ الَعرَبِ بِفاتِحَةِ الْكِتابِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم مَا يعْطى فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب، وَلم يبين الحكم اكْتِفَاء بِمَا فِي الحَدِيث على عَادَته فِي ذَلِك.
والرقية، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف: من رقاه رقيا ورقية ورقيا، فَهُوَ راقٍ: إِذا عوذه، وَصَاحبه رقاه.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: وَقد يُقَال: استرقيته، بِمَعْنى: رقيته.
قَالَ: وَعَن الْكسَائي: ارتقيته، بِهَذَا الْمَعْنى،.

     وَقَالَ  ابْن درسْتوَيْه: كل كَلَام استشفي بِهِ من وجع أَو خوف أَو شَيْطَان أَو سحر فَهُوَ رقية، وَفِي مُعظم نسخ البُخَارِيّ وأكثرها هَكَذَا: بابُُ مَا يعْطى فِي الرّقية على أَحيَاء الْعَرَب بِفَاتِحَة الْكتاب، وَاعْترض عَلَيْهِ بتقييده بأحياء الْعَرَب بِأَن الحكم لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمحَال وَلَا الْأَمْكِنَة، وَأجَاب بَعضهم بِأَنَّهُ ترْجم بالواقع وَلم يتَعَرَّض لنفي غَيره.
قلت: هَذَا الْجَواب غير مقنع لِأَنَّهُ قَيده بأحياء الْعَرَب، والقيد شَرط إِذا انْتَفَى يَنْتَفِي الْمَشْرُوط، وَهَذَا الْقَائِل لم يكتف بِهَذَا الْجَواب الَّذِي لَا يرضى بِهِ حَتَّى قَالَ: والأحياء جمع حَيّ، وَالْمرَاد بِهِ: طَائِفَة مَخْصُوصَة، وَهَذَا الْكَلَام أَيْضا يشْعر بالتقييد، وَالْأَصْل فِي الْبابُُ الْإِطْلَاق، فَافْهَم.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحَقُّ مَا أخَذْتُمْ عَلَيْهِ أجْرا كِتابُ الله
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة لقِرَاءَة الْقُرْآن وللتعليم أَيْضا وللرقيا بِهِ أَيْضا لعُمُوم اللَّفْظ، وَهُوَ يُفَسر أَيْضا الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة، فَإِنَّهُ مَا بَين فِيهِ حكم مَا يعْطى فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب، وَهَذَا الَّذِي علقه البُخَارِيّ طرف من حَدِيث وَصله هُوَ فِي كتاب الطِّبّ فِي: بابُُ الشَّرْط فِي الرّقية بقطيع من الْغنم، حَدثنِي سيدان بن مضَارب ... إِلَى آخِره وَفِي آخِره: إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله.

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي أَخذ الْأجر على الرّقية بِالْفَاتِحَةِ، وَفِي أَخذه على التَّعْلِيم، فَأَجَازَهُ عَطاء وَأَبُو قلَابَة، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي ثَوْر، وَنَقله الْقُرْطُبِيّ عَن أبي حنيفَة فِي الرّقية، وَهُوَ قَول إِسْحَاق.
وَكره الزُّهْرِيّ تَعْلِيم الْقُرْآن بِالْأَجْرِ.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يجوز أَن يَأْخُذ الْأجر على تَعْلِيم الْقُرْآن،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم من أَصْحَابنَا فِي كِتَابه ( الْكَافِي) : وَلَا يجوز أَن يسْتَأْجر رجل رجلا أَن يعلم وَلَده الْقُرْآن وَالْفِقْه والفرائض أَو يؤمهم رَمَضَان أَو يُؤذن، وَفِي ( خُلَاصَة الْفَتَاوَى) نَاقِلا عَن الأَصْل: لَا يجوز الِاسْتِئْجَار على الطَّاعَات كتعليم الْقُرْآن وَالْفِقْه وَالْأَذَان والتذكير والتدريس وَالْحج والغزو، يَعْنِي: لَا يجب الْأجر، وَعند أهل الْمَدِينَة: يجوز، وَبِه أَخذ الشَّافِعِي ونصير وعصام، وَأَبُو نصر الْفَقِيه وَأَبُو اللَّيْث رَحِمهم الله.
وَالْأَصْل الَّذِي بنى عَلَيْهِ حُرْمَة الِاسْتِئْجَار على هَذِه الْأَشْيَاء: أَن كل طَاعَة يخْتَص بهَا الْمُسلم لَا يجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا، لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء طَاعَة وقربة تقع على الْعَامِل.
قَالَ تَعَالَى: { وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إلاَّ مَا سعى} ( النَّجْم: 93) .
فَلَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة من غَيره كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة، وَاحْتَجُّوا على ذَلِك بِأَحَادِيث: مِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) : حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام الدستوَائي حَدثنِي يحى بن أبي كثير عَن أبي رَاشد الحبراني قَالَ: قَالَ عبد الرَّحْمَن بن شبْل: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إقرأوا الْقُرْآن وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَعنهُ: وَلَا تجفوا وَلَا تقلوا فِيهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ، وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَيْضا فِي ( مُسْنده) وَابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي ( مصنفيهما) .
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ عبد بن حميد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ.
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي ( مُسْنده) عَن حَمَّاد بن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف مَرْفُوعا نَحوه.
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) عَن الضَّحَّاك بن نبراس الْبَصْرِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه.
وَمِنْهَا: حَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث الْمُغيرَة بن زِيَاد الْموصِلِي عَن عبَادَة بن نسي عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: علَّمتُ نَاسا من أهل الصّفة الْقُرْآن فأهدى إليَّ رجل مِنْهُم قوسا، فَقلت: لَيست بِمَال، وأرمي بهَا فِي سَبِيل الله.
فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك؟ فَقَالَ: إِن أردْت أَن يطوقك الله طوقا من نَار فاقبلها.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي ( الْمُسْتَدْرك) .

     وَقَالَ : صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق آخر من حَدِيث جُنَادَة بن أبي أُميَّة عَن عبَادَة بن الصَّامِت، قَالَ: كَانَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا قدم الرجل مُهَاجرا دَفعه إِلَى رجل منا يُعلمهُ الْقُرْآن، فَدفع إليَّ رجلا كَانَ معي وَكنت أقرئه الْقُرْآن، فَانْصَرَفت يَوْمًا إِلَى أَهلِي فَرَأى أَن عَلَيْهِ حَقًا، فأهدى إِلَيّ قوسا مَا رَأَيْت أَجود مِنْهَا عودا، وَلَا أحسن مِنْهَا عَطاء، فَأتيت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستفتيته، فَقَالَ: جَمْرَة بَين كتفيك تقلدتها أَو تعلقتها.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي ( كتاب الْفَضَائِل) عَن أبي الْمُغيرَة عبد القدوس بن الْحجَّاج عَن بشر بن عبد الله بن يسَار بِهِ سندا ومتنا.
.

     وَقَالَ : حَدِيث صَحِيح الأسناد وَلم يخرجَاهُ.
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث عَطِيَّة الكلَاعِي عَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: علمت رجلا الْقُرْآن فأهدى إليَّ قوسا، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِن أَخَذتهَا أخذت قوسا من نَار.
قَالَ: فرددتها.
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ من حَدِيث أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( من أَخذ قوسا على تَعْلِيم الْقُرْآن قَلّدهُ الله قوسا من نَار) .
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي ( شعب الْإِيمَان) من حَدِيث سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من قَرَأَ الْقُرْآن يَأْكُل بِهِ النَّاس جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه عَظمَة لَيْسَ عَلَيْهِ لحم) .
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن يرفعهُ: ( اقرأوا الْقُرْآن وسلوا الله بِهِ، فَإِن من بعدكم قوم يقرأون الْقُرْآن يسْأَلُون النَّاس بِهِ) .
وَذكر ابْن بطال من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي جرهم عَن أبي هُرَيْرَة، قلت: ( يَا رَسُول الله { مَا تَقول فِي المعلمين؟ قَالَ} أجرهم حرَام) وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس، مَرْفُوعا: ( لَا تستأجروا المعلمين) وَهَذَا غير صَحِيح، وَفِي إِسْنَاده أَحْمد بن عبد الله الْهَرَوِيّ، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: دجال يضع الحَدِيث، وَوَافَقَهُ صَاحب التَّنْقِيح، وَهَذِه الْأَحَادِيث، وَإِن كَانَ فِي بَعْضهَا مقَال، لَكِنَّهَا يُؤَكد بَعْضهَا بَعْضًا، وَلَا سِيمَا حَدِيث الْقوس، فَإِنَّهُ صَحِيح كَمَا ذكرنَا، وَإِذا تعَارض نصان أَحدهمَا مُبِيح وَالْآخر محرم يدل على النّسخ كَمَا نذكرهُ عَن قريب، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي حَدِيث أبي سعد الْخُدْرِيّ الَّذِي يَأْتِي عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فِي هَذَا الْبابُُ.

وَأجَاب ابْن الْجَوْزِيّ نَاقِلا عَن أَصْحَابه عَن حَدِيث أبي سعيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثَلَاثَة أجوبة: أَحدهَا: أَن الْقَوْم كَانُوا كفَّارًا فَجَاز أَخذ أَمْوَالهم.
وَالثَّانِي: أَن حق الضَّيْف وَاجِب وَلم يضيفوهم.
وَالثَّالِث: أَن الرّقية لَيست بقربة مَحْضَة، فَجَاز أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَلَا نسلم أَن جَوَاز أَخذ الإجر فِي الرقي يدل على جَوَاز التَّعْلِيم بِالْأَجْرِ،.

     وَقَالَ  بعض أَصْحَابنَا: وَمعنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِن أَحَق مَا إخذتم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله) ، يَعْنِي: إِذا رقيتم بِهِ، وَحمل بعض من منع أَخذ الْأجر على تَعْلِيم الْقُرْآن الْأجر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور على الثَّوَاب، وَبَعْضهمْ ادعوا أَنه مَنْسُوخ بالأحاديث الْمَذْكُورَة الَّتِي فِيهَا الْوَعيد، وَاعْترض عَلَيْهِ بَعضهم بِأَنَّهُ إِثْبَات النّسخ بالإحتمال، وَهُوَ مَرْدُود.
قلت: منع هَذَا بِدَعْوَى الِاحْتِمَال مَرْدُود، وَمن الَّذِي قَالَ هَذَا الحَدِيث يحْتَمل النّسخ، بل الَّذِي ادّعى النّسخ إِنَّمَا قَالَ: هَذَا الحَدِيث يحْتَمل الْإِبَاحَة، وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة تمنع الْإِبَاحَة قطعا، والنسخ هُوَ الْحَظْر بعد الْإِبَاحَة، لِأَن الْإِبَاحَة أصل فِي كل شَيْء، فَإِذا طَرَأَ الْحَظْر يدل على النّسخ بِلَا شكّ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة لَيْسَ فِيهَا مَا تقوم بِهِ الْحجَّة فَلَا تعَارض الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.
قلت: لَا نسلم عدم قيام الْحجَّة فِيهَا.
فَإِن حَدِيث الْقوس صَحِيح، وَفِيه الْوَعيد الشَّديد.
.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: وَيجوز الْأجر على الرقى وَإِن كَانَ يدْخل فِي بعضه الْقُرْآن، لِأَنَّهُ لَيْسَ على النَّاس أَن يرقي بَعضهم بَعْضًا، وَتَعْلِيم النَّاس بَعضهم بَعْضًا الْقُرْآن وَاجِب، لِأَن فِي ذَلِك التَّبْلِيغ عَن الله تَعَالَى،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : قَول الطَّحَاوِيّ هَذَا غلط، لِأَن تعلمه لَيْسَ بِفَرْض، فَكيف تَعْلِيمه؟ وَإِنَّمَا الْفَرْض الْمعِين مِنْهُ على كل أحد مَا تقوم بِهِ الصَّلَاة، وَغير ذَلِك فَضِيلَة ونافلة، وَكَذَلِكَ تَعْلِيم النَّاس بَعضهم بَعْضًا، لَيْسَ بِفَرْض مُتَعَيّن عَلَيْهِم، وَإِنَّمَا هُوَ على الْكِفَايَة، وَلَا فرق بَين الْأُجْرَة فِي الرقي وعَلى تَعْلِيم الْقُرْآن، لِأَن ذَلِك كُله مَنْفَعَة.
انْتهى.
قلت: هَذَا كَلَام صادر بقلة الْأَدَب وَعدم مُرَاعَاة أدب الْبَحْث، سَوَاء كَانَ هَذَا الْكَلَام مِنْهُ أَو هُوَ نَقله من غَيره، وَكَيف يَقُول: لِأَن تعلمه لَيْسَ بِفَرْض فَكيف تَعْلِيمه؟ فَإِذا لم يكن تَعْلِيمه وتعلمه فرضا فَلَا يفْرض قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الصَّلَاة.
وَقد أَمر الله تَعَالَى بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا بقوله: ( فاقرأوا) فَإِذا أسلم أحد من أهل الْحَرْب أَفلا يفْرض عَلَيْهِ أَن يعلم مِقْدَار مَا تجوز بِهِ صلَاته؟ وَإِذا لم يجد إلاَّ أحدا مِمَّن يقْرَأ الْقُرْآن كُله أَو بعضه، أَفلا يجب عَلَيْهِ أَن يُعلمهُ مِقْدَار مَا تجوز بِهِ الصَّلَاة؟ وَقَوله: وَإِنَّمَا الْفَرْض الْمعِين مِنْهُ مَا تقوم بِهِ الصَّلَاة، يدل على أَن تعلمه فرض عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يقدر على هَذَا الْمِقْدَار إلاَّ بالتعليم، إِذْ لَا يقدر عَلَيْهِ من ذَاته، فَإِذا كَانَ مَا تقوم بِهِ الصَّلَاة من الْقِرَاءَة فرضا عَلَيْهِ يكون تعلمه هَذَا الْمِقْدَار فرضا عَلَيْهِ، لِأَن مَا يقوم بِهِ الْفَرْض فرض، والتعلم لَا يحصل إلاَّ بالتعليم، فَيكون فرضا على كل حَال، سَوَاء كَانَ على التَّعْيِين أَو على الْكِفَايَة، وَكَيف لَا يكون فرضا وَقد أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالتبليغ من الله تَعَالَى؟ وَلَو كَانَ آيَة من الْقُرْآن؟ وَأوجب التَّبْلِيغ عَلَيْهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بلغُوا عني وَلَو آيَة من كتاب الله تَعَالَى.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ لاَ يَشْتَرِطُ المُعَلِّمُ إلاَّ أنْ يُعُطى شَيْئا فلْيَقْبَلْهُ
الشّعبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل، وَوصل تَعْلِيقه ابْن أبي شيبَة عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة عَن عُثْمَان بن الْحَارِث، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا سُفْيَان عَن أَيُّوب بن عَائِذ الطَّائِي عَنهُ، وَقَول الشّعبِيّ هَذَا يدل على أَن أَخذ الْأجر بالاشتراط لَا يجوز فَإِن اعطى من غير شَرط فَإِنَّهُ يجوز أَخذه لِأَنَّهُ إمَّا هبة أَو صَدَقَة، وَلَيْسَ بِأُجْرَة، وأصحابنا الْحَنَفِيَّة قَائِلُونَ بِهَذَا أَيْضا.
قَوْله: ( إِلَّا أَن يعْطى) ، الِاسْتِثْنَاء فِيهِ مُنْقَطع، مَعْنَاهُ: لَكِن الْإِعْطَاء بِدُونِ الِاشْتِرَاط جَائِز فيقبله، ويروى: إِن، بِكَسْر الْهمزَة أَي: لَكِن إِن يعْطى شَيْئا بِدُونِ الشَّرْط فليقبله، وَإِنَّمَا كتب يعْطى، بِالْألف على قِرَاءَة الْكسَائي: { من يتقِ ويصبر} أَو الْألف حصلت من إشباع الفتحة.

وَقَالَ الحَكَمُ لَمْ أسْمَعْ أحدا كَرِهَ أجْرَ المُعَلِّمِ
الحكم، بِفَتْح الْحَاء وَالْكَاف: ابْن عتيبة، وَوصل تَعْلِيقه الْبَغَوِيّ فِي ( الجعديات) : حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد عَن شُعْبَة سَأَلت مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أجر الْمعلم، فَقَالَ: أرى لَهُ أجرا، قَالَ: وَسَأَلت الحكم، فَقَالَ: مَا سَمِعت فَقِيها يكرههُ.
انْتهى.
قلت: نفي الحكم سَمَاعه من أَخذ كَرَاهَة أجر الْمعلم لَا يسْتَلْزم النَّفْي عَن الْكل، لِأَن النبيي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كره لعبادة بن الصَّامِت حِين أهْدى لَهُ من كَانَ يُعلمهُ قوسا ... الحَدِيث، وَقد مر عَن قريب،.

     وَقَالَ  عبد الله بن شَقِيق: يكره أرش الْمعلم، فَإِن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يكرهونه ويرونه شَدِيدا،.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَأْخُذُوا على الغلمان فِي الْكتاب أجرا، وَذهب الزُّهْرِيّ وَإِسْحَاق إِلَى: أَنه لَا يجوز أَخذ الْأجر عَلَيْهِ.

وأعْطَى الحَسَنُ دَراهِمَ عَشْرَةً
أَي: أعْطى الْحسن الْبَصْرِيّ عشرَة دَرَاهِم أجر الْمعلم، وَوصل تَعْلِيقه مُحَمَّد بن سعد فِي ( الطَّبَقَات) من طَرِيق يحيى بن سعيد بن أبي الْحسن، قَالَ: لما حذقت قلت لِعَمِّي: يَا عماه! إِن الْمعلم يُرِيد شَيْئا.
قَالَ: مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ شَيْئا.
ثمَّ قَالَ: أعْطه خَمْسَة دَرَاهِم، فَلم أزل بِهِ حَتَّى قَالَ: أَعْطوهُ عشرَة دَرَاهِم، ورورى ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا حَفْص عَن أَشْعَث عَن الْحسن أَنه قَالَ: لَا بَأْس أَن يَأْخُذ على الْكِتَابَة أجرا، وَكره الشَّرْط.
انْتهى، وَالْكِتَابَة غير التَّعْلِيم.

ولَمْ يَرَ ابنَ سِيرينَ بأجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسا.
.

     وَقَالَ  كانَ يُقالُ السُّحْتُ الرِّشْوَةُ فِي الحُكْمِ وكانُوا يُعْطَوْنَ عَلى الخَرْصِ
قيل: وَجه ذكر القسام والخارص فِي هَذَا الْبابُُ الِاشْتِرَاك فِي أَن جنسهما وجنس تَعْلِيم الْقُرْآن والرقية وَاحِد.
انْتهى.
قلت: هَذَا وَجه فِيهِ تعسف، وَيُمكن أَن يُقَال: وَقع هَذَا اسْتِطْرَادًا لَا قصدا، وَابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين، والقسام، بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد، مُبَالغَة قَاسم،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: القسام جمع الْقَاسِم، فعلى قَوْله: الْقَاف مَضْمُومَة.
قلت: السُّحت، بِضَم السِّين وَسُكُون الْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَحكى ضم الْحَاء وَهُوَ شَاذ، وَقد فسره بالرشوة فِي الحكم، وَهُوَ بِتَثْلِيث الرَّاء، وَقيل بِفَتْح الرَّاء الْمصدر، وبالكسر الِاسْم.
وَقيل: السُّحت مَا يلْزم الْعَار بِأَكْلِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الرِّشْوَة الوصلة إِلَى الْحَاجة بالمصانعة وَأَصله من الرشاء الَّذِي يتَوَصَّل بِهِ إِلَى المَاء.
.

     وَقَالَ : السُّحت الْحَرَام الَّذِي لَا يحل كَسبه لِأَنَّهُ يسحت الْبركَة أَي يذهبها، واشتقاقه من السُّحت بِالْفَتْح، وَهُوَ الإهلاك والاستئصال.
قَوْله: ( وَكَانُوا يُعْطون) أَي: الْأُجْرَة، على الْخرص، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وبالصاد الْمُهْملَة، وَهُوَ الْحِرْز وزنا وَمعنى.
وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي الْبيُوع.

ثمَّ اعْمَلْ أَن قَول ابْن سِيرِين: فِي أُجْرَة القسام، مُخْتَلف فِيهِ، فروى عبد بن حميد فِي ( تَفْسِيره) : من طَرِيق يحيى بن عَتيق عَن مُحَمَّد وَهُوَ ابْن سِيرِين: أَنه كَانَ يكره أجور القسام، وَيَقُول: كَانَ يُقَال: السُّحت الرِّشْوَة على الحكم، وَأرى هَذَا حكما يُؤْخَذ عَلَيْهِ الْأجر، وروى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق قَتَادَة، قَالَ: قتل لِابْنِ الْمسيب: مَا ترى فِي كسب القسام؟ فكرهه، وَكَانَ الْحسن يكره كَسبه،.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: إِن لم يكن حسنا فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَجَاءَت عَنهُ رِوَايَة جمع بهَا مَا بَين هَذَا الِاخْتِلَاف، قَالَ ابْن سعد: حَدثنَا عَارِم حَدثنَا حَمَّاد عَن يحيى عَن مُحَمَّد هُوَ ابْن سِيرِين، أَنه كَانَ يكره أَن يشارط القسام، فَكَأَنَّهُ كَانَ يكره لَهُ أَخذ الْأُجْرَة على سَبِيل المشارطة وَلَا يكرهها إِذا كَانَت بِغَيْر اشْتِرَاط.
وَأما قَول ابْن سِيرِين: السُّحت الرِّشْوَة فِي الحكم، فَأَخذه مِمَّا جَاءَ عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، من قَوْلهم فِي تَفْسِير السُّحت: إِنَّه الرِّشْوَة فِي الحكم، أخرجه الطَّبَرِيّ بأسانيده عَنْهُم، وَرَوَاهُ من وَجه آخر مَرْفُوعا بِرِجَال ثِقَات، وَلكنه مُرْسل وَلَفظه: كل جسم أَنْبَتَهُ السُّحت فَالنَّار أولى بِهِ.
قيل: يَا رَسُول الله! وَأما السُّحت قَالَ: ( الرِّشْوَة فِي الحكم) .


[ قــ :2183 ... غــ :2276 ]
- ( حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان قَالَ حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن أبي بشر عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ انْطلق نفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفرة سافروها حَتَّى نزلُوا على حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب فاستضافوهم فَأَبَوا أَن يضيفوهم فلدغ سيد ذَلِك الْحَيّ فسعوا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء فَقَالَ بَعضهم لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط الَّذين نزلُوا لَعَلَّه أَن يكون عِنْد بَعضهم شَيْء فأتوهم فَقَالُوا يَا أَيهَا الرَّهْط إِن سيدنَا لدغ وسعينا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ فَهَل عِنْد أحد مِنْكُم من شَيْء فَقَالَ بَعضهم نعم وَالله إِنِّي لأرقي وَلَكِن وَالله لقد استضفناكم فَلم تضيفونا فَمَا أَنا براق لكم حَتَّى تجْعَلُوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الْغنم فَانْطَلق يتفل عَلَيْهِ وَيقْرَأ الْحَمد لله رب الْعَالمين فَكَأَنَّمَا نشط من عقال فَانْطَلق يمشي وَمَا بِهِ قلبة قَالَ فأوفوهم جعلهم الَّذِي صالحوهم عَلَيْهِ فَقَالَ بَعضهم اقسموا فَقَالَ الَّذِي رقى لَا تَفعلُوا حَتَّى نأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَذْكُر لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُر مَا يَأْمُرنَا فقدموا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية ثمَّ قَالَ قد أصبْتُم اقسموا واضربوا لي مَعكُمْ سَهْما فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فَانْطَلق يتفل عَلَيْهِ وَيقْرَأ الْحَمد لله رب الْعَالمين وَهُوَ الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب.
( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة الأول أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الثَّانِي أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي الثَّالِث أَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة هُوَ جَعْفَر بن أبي وحشية وَهُوَ مَشْهُور بكنيته أَكثر من اسْمه وَاسم أَبِيه أَبُو وحشية إِيَاس الرَّابِع أَبُو المتَوَكل واسْمه عَليّ بن دَاوُد بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَقيل دَاوُد النَّاجِي بالنُّون وَالْجِيم السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَة الْخَامِس أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك مَشْهُور باسمه وكنيته ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن رجال هَذَا الحَدِيث كلهم مذكورون بالكنى وَهَذَا غَرِيب جدا وَفِيه أَن شَيْخه وَمن بعده كلهم بصريون غير أبي عوَانَة فَإِنَّهُ واسطي وَفِيه عَن أبي بشر عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي آخر الْبابُُ بتصريح أبي بشر بِالسَّمَاعِ مِنْهُ وتابع أَبُو عوَانَة على هَذَا الْإِسْنَاد شُعْبَة كَمَا فِي آخر الْبابُُ وهشيم كَمَا أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَخَالفهُم الْأَعْمَش فَرَوَاهُ عَن جَعْفَر بن أبي وحشية عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد جعل بدل أبي المتَوَكل أَبَا نَضرة وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من طَرِيقه.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ طَرِيق شُعْبَة أصح من طَرِيق الْأَعْمَش.

     وَقَالَ  ابْن مَاجَه هُوَ الصَّوَاب.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ فِيهِ اضْطِرَاب وَلَيْسَ بِشَيْء ( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِيه عَن بنْدَار عَن غنْدر وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن بنْدَار وَأبي بكر بن نَافِع عَن غنْدر بِهِ وَعَن يحيى بن يحيى وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ وَفِي الْبيُوع عَن مُسَدّد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن بنْدَار بِهِ وَعَن زِيَاد بن أَيُّوب وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات عَن أبي كريب وأوله بعثنَا فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " انْطلق نفر " النَّفر رَهْط الْإِنْسَان وعشيرته وَهُوَ اسْم جمع يَقع على جمَاعَة الرِّجَال خَاصَّة مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه قَالَ ابْن الْأَثِير وَيجمع على أَنْفَار وَهَذَا يدل على أَنهم مَا كَانُوا أَكثر من الْعشْرَة وَفِي سنَن ابْن مَاجَه بعثنَا فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش عِنْد التِّرْمِذِيّ بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثِينَ رجلا فنزلنا بِقوم لَيْلًا فسألناهم الْقرى أَي الضِّيَافَة وَفِيه عدد السّريَّة وَوقت النُّزُول وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ بعث سَرِيَّة عَلَيْهَا أَبُو سعيد وفيهَا تعْيين أَمِير السّريَّة والسرية طَائِفَة من الْجَيْش يبلغ أقصاها أَرْبَعمِائَة تبْعَث إِلَى الْعَدو وَتجمع على السَّرَايَا قَوْله " حَيّ " اعْلَم أَن طَبَقَات أَنْسَاب الْعَرَب سِتّ الشّعب بِفَتْح الشين وَهُوَ النّسَب الْأَبْعَد كعدنان مثلا وَهُوَ أَبُو الْقَبَائِل الَّذين ينسبون إِلَيْهِ وَيجمع على شعوب والقبيلة وَهِي مَا انقسم بِهِ الشّعب كربيعة وَمُضر والعمارة بِكَسْر الْعين وَهِي مَا انقسم فِيهِ أَنْسَاب الْقَبِيلَة كقريش وكنانة وَيجمع على عمارات وعمائر والبطن وَهِي مَا انقسم فِيهِ أَنْسَاب الْعِمَارَة كبني عبد منَاف وَبني مَخْزُوم وَيجمع على بطُون وأبطن والفخذ وَهِي مَا انقسم فِيهِ أَنْسَاب الْبَطن كبني هَاشم وَبني أُميَّة وَيجمع على أفخاذ والفصيلة بالصَّاد الْمُهْملَة وَهِي مَا انقسم فِيهِ أَنْسَاب الْفَخْذ كبني الْعَبَّاس وَأكْثر مَا يَدُور على الْأَلْسِنَة من الطَّبَقَات الْقَبِيلَة ثمَّ الْبَطن وَرُبمَا عبر عَن كل وَاحِد من الطَّبَقَات السِّت بالحي إِمَّا على الْعُمُوم مثل أَن يُقَال حَيّ من الْعَرَب وَإِمَّا على الْخُصُوص مثل أَن يُقَال حَيّ من بني فلَان.

     وَقَالَ  الْهَمدَانِي فِي الْأَنْسَاب الشّعب والحي بِمَعْنى قَوْله " فاستضافوهم " أَي طلبُوا مِنْهُم الضِّيَافَة قَوْله " فَأَبَوا " أَي امْتَنعُوا من أَن يضيفوهم بِالتَّشْدِيدِ من التضييف ويروى بِالتَّخْفِيفِ.

     وَقَالَ  ثَعْلَب ضفت الرجل إِذا أنزلت بِهِ وأضفته إِذا أنزلته.

     وَقَالَ  ابْن التِّين ضَبطه فِي بعض الْكتب أَن يضيفوهم بِفَتْح الْيَاء وَالْوَجْه ضمهَا قَوْله " فلدغ " على بِنَاء الْمَجْهُول من اللدغ بِالدَّال الْمُهْملَة والغين الْمُعْجَمَة وَهُوَ اللسغ وزنا وَمعنى وَأما اللذغ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة فَهُوَ الإحراق الْخَفِيف واللدغ فِي الحَدِيث ضرب ذَات الْحمة من حَيَّة أَو عقرب وَقد بَين فِي التِّرْمِذِيّ أَنَّهَا عقرب ( فَإِن قلت) عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة هشيم أَنه مصاب فِي عقله أَو لديغ ( قلت) هَذَا شكّ من هشيم وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ أَنه لديغ وَلم يشكوا خُصُوصا تَصْرِيح الْأَعْمَش بِأَنَّهُ لديغ من عقرب وَسَيَأْتِي فِي فَضَائِل الْقُرْآن من طَرِيق معبد بن سِيرِين بِلَفْظ أَن سيد الْحَيّ سليم وَكَذَا فِي الطِّبّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن سيد الْقَوْم سليم والسليم هُوَ اللديغ قيل لَهُ ذَلِك تفاؤلا بالسلامة وَقيل لاستسلامه بِمَا نزل بِهِ ( فَإِن قلت) جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق خَارِجَة بن الصَّلْت عَن عَمه أَنه مر بِقوم وَعِنْدهم رجل مَجْنُون موثق فِي الْحَدِيد فَقَالُوا إِنَّك جِئْت من عِنْد هَذَا الرجل بِخَير فَارق لنا هَذَا الرجل وَفِي لفظ عَن خَارِجَة بن الصَّلْت عَن عَمه يَعْنِي علاقَة بن صحار أَنه رقى مَجْنُونا موثقًا بالحديد بِفَاتِحَة الْكتاب ثَلَاثَة أَيَّام كل يَوْم مرَّتَيْنِ فبرأ فأعطوني مِائَتي شَاة فَأخْبرت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ " خُذْهَا ولعمري من أكل برقية بَاطِل فقد أكلت برقية حق " ( قلت) هما قضيتان لِأَن الراقي هُنَاكَ أَبُو سعيد وَهنا علاقَة بن صحار وَبَينهمَا اخْتِلَاف كثير قَوْله " جعلا " بِضَم الْجِيم وَهُوَ الْأُجْرَة على الشَّيْء وَيُقَال أَيْضا جعَالَة والجعل بِالْفَتْح مصدر يُقَال جعلت لَك كَذَا جعلا وَجعلا قَوْله " فسعوا لَهُ بِكُل شَيْء " أَي مِمَّا جرت بِهِ الْعَادة أَن يتداوى بِهِ من لدغة الْعَقْرَب.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ يَعْنِي عالجوا طلبا للشفاء يُقَال سعى لَهُ الطَّبِيب عالجه بِمَا يشفيه أَو وصف لَهُ مَا فِيهِ الشِّفَاء وَفِي رِوَايَة الْكشميهني فشفوا بالشين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء وَعَلِيهِ شرح الْخطابِيّ فَقَالَ مَعْنَاهُ طلبُوا لَهُ الشِّفَاء يُقَال شفى الله مريضي إِذا أَبرَأَهُ وشفى لَهُ الطَّبِيب أَي عالجه بِمَا يشفيه أَو وصف لَهُ مَا فِيهِ الشِّفَاء وَادّعى ابْن التِّين أَن هَذَا تَصْحِيف ( قلت) الَّذِي قَالَه أقرب قَوْله " لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط " قَالَ ابْن التِّين قَالَ تَارَة نَفرا وَتارَة رهطا قَوْله " لَو أتيتم " جَوَاب لَو مَحْذُوف أَو هُوَ لِلتَّمَنِّي قَوْله " فأتوهم " وَفِي رِوَايَة معبد بن سِيرِين أَن الَّذِي جَاءَ فِي الرسلية جَارِيَة مِنْهُم فَيحمل على أَنه كَانَ مَعهَا غَيرهَا قَوْله " وسعينا " وَفِي رِوَايَة الْكشميهني فشفينا من الشِّفَاء كَمَا ذكرنَا عَن قريب قَوْله " فَقَالَ بَعضهم " وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فَقَالَ رجل من الْقَوْم نعم وَالله إِنِّي لأرقي بِكَسْر الْقَاف وَبَين الْأَعْمَش أَن الَّذِي قَالَ ذَلِك أَبُو سعيد رَاوِي الْخَبَر وَلَفظه قلت نعم أَنا وَلَكِن لَا أرقيه حَتَّى تعطونا غنما ( فَإِن قلت) فِي رِوَايَة معبد بن سِيرِين أخرجهَا مُسلم فَقَامَ منا رجل مَا كُنَّا نظنه يحسن رقية وَسَيَأْتِي فِي فَضَائِل الْقُرْآن فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكنت تحسن رقية فَفِي هَذَا مَا يشْعر بِأَنَّهُ غَيره ( قلت) لَا مَانع من أَن يكنى الرجل عَن نَفسه وَهُوَ من بابُُ التَّجْرِيد فَلَعَلَّ أَبَا سعيد صرح تَارَة وكنى أُخْرَى وَوَقع فِي حَدِيث جَابر رَوَاهُ الْبَزَّار فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار أَنا أرقيه وَأَبُو سعيد أَنْصَارِي وَحمل بعض الشَّارِحين ذَلِك على تعدد الْقِصَّة وَكَانَ أَبُو سعيد روى قصتين كَانَ فِي إِحْدَاهمَا راقيا وَفِي الْأُخْرَى كَانَ غَيره قيل هَذَا بعيد جدا لِاتِّحَاد مخرج الحَدِيث والسياق وَالسَّبَب قَوْله " فصالحوهم " أَي وافقوهم قَوْله " غنم " على قطيع من الْغنم والقطيع طَائِفَة من الْغنم والمواشي.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ يَقع على مَا قل وَكثر وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ ثَلَاثُونَ شَاة قَوْله " يتفل عَلَيْهِ " من تفل بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق يتفل بِكَسْر الْفَاء وَضمّهَا تفلا وَهُوَ نفخ مَعَه قَلِيل بصاق.

     وَقَالَ  ابْن بطال التفل البصاق وَقيل مَحل التفل فِي الرّقية يكون بعد الْقِرَاءَة لتَحْصِيل بركَة الْقِرَاءَة فِي الْجَوَارِح الَّتِي يمر عَلَيْهَا الرِّيق فَتحصل الْبركَة فِي الرِّيق الَّذِي يتفله قَوْله " وَيقْرَأ الْحَمد لله رب الْعَالمين " وَفِي رِوَايَة شُعْبَة فَجعل يقْرَأ عَلَيْهِ بِفَاتِحَة الْكتاب وَكَذَا فِي حَدِيث جَابر وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش فَقَرَأت عَلَيْهِ وَأَنه سبع مَرَّات وَفِي رِوَايَة جَابر ثَلَاث مَرَّات قَوْله " نشط " بِضَم النُّون وَكسر الشين الْمُعْجَمَة من الثلاثي الْمُجَرّد كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْجَمِيع.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ وَهُوَ لُغَة وَالْمَشْهُور نشط إِذا عقد وَأنْشط إِذا حل يُقَال نشطته إِذا عقدته وأنشطته إِذا حللته وفكيته وَعند الْهَرَوِيّ فَكَأَنَّمَا نشط من عقال وَقيل مَعْنَاهُ أقيم بِسُرْعَة وَمِنْه يُقَال رجل نشيط والعقال بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وبالقاف هُوَ الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ ذِرَاع الْبَهِيمَة قَوْله " يمشي " جملَة وَقعت حَالا قَوْله " قلبة " بالفتحات أَي عِلّة وَقيل لِلْعِلَّةِ قلبة لِأَن الَّذِي تصيبه يتقلب من جنب إِلَى جنب ليعلم مَوضِع الدَّاء وبخط الدمياطي أَنه دَاء مَأْخُوذ من القلاب يَأْخُذ الْبَعِير فيشتكي مِنْهُ قلبه فَيَمُوت من يَوْمه قَالَه ابْن الْأَعرَابِي قَوْله " فَقَالَ الَّذِي رقى " بِفَتْح الْقَاف قَوْله " فَنَنْظُر مَا يَأْمُرنَا " أَي فنتبعه وَلم يُرِيدُوا أَن يكون لَهُم الْخيرَة فِي ذَلِك قَوْله " وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية " قَالَ الدَّاودِيّ مَعْنَاهُ وَمَا أَدْرَاك وَقد روى كَذَلِك وَلَعَلَّه هُوَ الْمَحْفُوظ لِأَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ إِذا قَالَ وَمَا يدْريك فَلم يعلم وَإِذا قَالَ وَمَا أَدْرَاك فقد أعلم وَاعْترض بِأَن ابْن عُيَيْنَة إِنَّمَا قَالَ ذَلِك فِيمَا وَقع فِي الْقرَان وَلَا فرق بَينهمَا فِي اللُّغَة أَي فِي نفي الدارية وَوَقع فِي رِوَايَة هشيم وَمَا أَدْرَاك وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ وَمَا علمك أَنَّهَا رقية قَالَ حق ألقِي فِي روعي وَهَذِه الْكَلِمَة أَعنِي وَمَا أَدْرَاك وَمَا يدْريك تسْتَعْمل عِنْد التَّعَجُّب من الشَّيْء وَفِي تَعْظِيمه قَوْله " قد أصبْتُم " أَي فِي الرّقية قَوْله " واضربوا لي سَهْما " أَي اجعلوا لي مِنْهُ نَصِيبا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالغَة فِي تصويبه إيَّاهُم كَمَا وَقع لَهُ فِي قصَّة الْحمار الوحشي وَغير ذَلِك ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ جَوَاز الرّقية بِشَيْء من كتاب الله تَعَالَى وَيلْحق بِهِ مَا كَانَ من الدَّعْوَات المأثورة أَو مِمَّا يشابهها وَلَا يجوز بِأَلْفَاظ مِمَّا لَا يعلم مَعْنَاهَا من الْأَلْفَاظ الْغَيْر الْعَرَبيَّة وَفِيه خلاف فَقَالَ الشّعبِيّ وَقَتَادَة وَسَعِيد بن جُبَير وَجَمَاعَة آخَرُونَ يكره الرقي وَالْوَاجِب على الْمُؤمن أَن يتْرك ذَلِك اعتصاما بِاللَّه تَعَالَى وتوكلا عَلَيْهِ وثقة بِهِ وانقطاعا إِلَيْهِ وعلما بِأَن الرّقية لَا تَنْفَعهُ وَإِن تَركهَا لَا يضرّهُ إِذْ قد علم الله تَعَالَى أَيَّام الْمَرَض وَأَيَّام الصِّحَّة فَلَو حرص الْخلق على تقليل أَيَّام الْمَرَض وزمن الدَّاء وعَلى تَكْثِير أَيَّام الصِّحَّة مَا قدرُوا على ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى { مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أخرجه الطَّحَاوِيّ من حَدِيث أبي مجلز قَالَ كَانَ عمرَان بن حُصَيْن ينْهَى عَن الكي فابتلي فَكَانَ يَقُول لقد اكتويت كَيَّة بِنَار فَمَا أبرأتني من إِثْم وَلَا شفتني من سقم.

     وَقَالَ  الْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالزهْرِيّ وَالثَّوْري وَالْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَآخَرُونَ لَا بَأْس بالرقى وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث الْبابُُ وَغَيره وَفِيه جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب مُسْتَوْفِي وَفِيه أَن سُورَة الْفَاتِحَة فِيهَا شِفَاء وَلِهَذَا من أسمائها الشافية وَفِي التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد مَرْفُوعا فَاتِحَة الْكتاب شِفَاء من كل سقم وَلأبي دَاوُد من حَدِيث ابْن مَسْعُود مرض الْحسن أَو الْحُسَيْن فَنزل جِبْرَائِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأمره أَن يقْرَأ الْفَاتِحَة على إِنَاء من المَاء أَرْبَعِينَ مرّة فَيغسل يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَرَأسه.

     وَقَالَ  ابْن بطال مَوضِع الرّقية مِنْهَا إياك نستعين وَعبارَة الْقُرْطُبِيّ موضعهَا إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين وَالظَّاهِر أَنَّهَا كلهَا رقية لقَوْله وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية وَلم يقل فِيهَا فَيُسْتَحَب قرَاءَتهَا على اللديغ وَالْمَرِيض وَصَاحب العاهة وَفِيه مَشْرُوعِيَّة الضِّيَافَة على أهل الْبَوَادِي وَالنُّزُول على مياه الْعَرَب والطلب مِمَّا عِنْدهم على سَبِيل الْقرى أَو الشرى وَفِيه مُقَابلَة من امْتنع من المكرمة بنظير صَنِيعه كَمَا صنعه الصَّحَابِيّ من الِامْتِنَاع من الرّقية فِي مُقَابلَة امْتنَاع أُولَئِكَ من ضيافتهم وَهَذَا طَريقَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا وَلم يعْتَذر الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام عَن ذَلِك إِلَّا بِأَمْر خَارج عَن ذَلِك وَفِيه الِاشْتِرَاك فِي الْمَوْهُوب إِذا كَانَ أَصله مَعْلُوما وَفِيه جَوَاز قبض الشَّيْء الَّذِي ظَاهره الْحل وَترك التَّصَرُّف فِيهِ إِذا عرضت فِيهِ شُبْهَة وَفِيه عَظمَة الْقُرْآن فِي صُدُور الصَّحَابَة خُصُوصا الْفَاتِحَة وَفِيه أَن الرزق الَّذِي قسم لأحد لَا يفوتهُ وَلَا يَسْتَطِيع من هُوَ فِي يَده مَنعه مِنْهُ وَفِيه الِاجْتِهَاد عِنْد فقد النَّص
( قَالَ أَبُو عبد الله.

     وَقَالَ  شُعْبَة قَالَ حَدثنَا أَبُو بشر سَمِعت أَبَا المتَوَكل بِهَذَا)
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة هُوَ جَعْفَر بن أبي وحشية الْمَذْكُور فِي سَنَد الحَدِيث وَأَبُو المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد الْمَذْكُور فِيهِ وَوَصله التِّرْمِذِيّ بِهَذِهِ الصِّيغَة وَالْبُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ وَلَكِن وَصله بالعنعنة -