فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب بيع المدبر

( بابُُ بَيْعِ المُدَبِّرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم بيع الْمُدبر: هَل يجوز أم لَا؟ وَقد ذكر هَذِه التَّرْجَمَة بِعَينهَا فِي كتاب الْبيُوع.



[ قــ :2424 ... غــ :2534 ]
- حدَّثنا آدَمُ بنُ أبِي إياسٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَمْرُ ابنُ دِينارٍ قَالَ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ أعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْداً لَهُ عنْ دُبُرٍ فَدَعَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ فَباعَهُ قَالَ جابِرٌ ماتَ الغُلامُ عامَ أوَّلَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث يُوضح حكم التَّرْجَمَة أَيْضا أَنه أطلقها، فَدلَّ أَن مذْهبه جَوَاز بيع الْمُدبر، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الْبيُوع مُسْتَوفى.

قَوْله: ( عَن دبر) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وسكونها، وَاسم العَبْد: يَعْقُوب، وَالْمُعتق: أَبُو مَذْكُور، وَالْمُشْتَرِي: نعيم النحام.
وَالثمن ثَمَانمِائَة دِرْهَم.
قَوْله: ( عَام أول) ، بِالصرْفِ وَعدم الصّرْف، لِأَنَّهُ إِمَّا: أفعل أَو فوعل، وَيجوز بِنَاؤُه على الضَّم، وَهَذِه الْإِضَافَة من إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صفته، وَأَصله عَاما أول، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ اخْتِلَاف الْعلمَاء فِيهِ، فلنذكر هُنَا أَيْضا يعَض شَيْء.
فَقَالَ قوم: يجوز بيع الْمُدبر وَيرجع فِيهِ مَتى شَاءَ، وَهُوَ قَول مُجَاهِد وطاووس، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الحَدِيث، قَالُوا: وَهُوَ مَذْهَب عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا باعت مُدبرَة لَهَا سحرتها.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يجوز، روى ذَلِك عَن زيد بن ثَابت، وَابْن عمر، وَهُوَ قَول الشّعبِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وَابْن أبي ليلى وَالنَّخَعِيّ، وَبِه قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ والكوفيون: لَا يُبَاع فِي دين وَلَا فِي غَيره إلاَّ فِي دين قبل التَّدْبِير، وَيُبَاع بعد الْمَوْت إِذا أغرقه الدّين، وَكَانَ التَّدْبِير قبل الدّين أَو بعده، وَعَن أبي حنيفَة: لَا يُبَاع فِي الدّين، وَلَكِن يستسعى للْغُرَمَاء، فَإِذا أدّى مَا لَهُم عتق،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَلم يخْتَلف قَول مَالك وَأَصْحَابه: أَن من دبر عَبده وَلَا دين عَلَيْهِ أَنه لَا يجوز بَيْعه وَلَا هِبته وَلَا نقض تَدْبيره مَا دَامَ حَيا، خلافًا للشَّافِعِيّ.
وَفِي ( التَّوْضِيح) يخرج الْمُدبر بعد موت سَيّده من ثلثه.
.

     وَقَالَ  دَاوُد: يخرج من جَمِيع المَال، فَإِن لم يحملهُ الثُّلُث رق مَا لم يحملهُ الثُّلُث مِنْهُ.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: يسْعَى فِي فكاك رقبته، فَإِن مَاتَ سَيّده وَعَلِيهِ دين سعى للْغُرَمَاء، وَيخرج حَيا.