فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب فضل من أدب جاريته وعلمها

( بابُُ فَضْلِ مَنْ أدَّبَ جارِيَتَهُ وعَلَّمَهَا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل من أدب جَارِيَته، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر والنسفي لفظ: فضل، بل هُوَ: بابُُ من أدَّب جَارِيَته، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: وأعتقها أَيْضا.



[ قــ :2433 ... غــ :2544 ]
- حدَّثنا إسْحاقُ بنُ إبْراهِيمَ قَالَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ فضَيْلٍ عنْ مُطَرِّفِ عنِ الشُّعْبِيِّ عنْ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ كانَتْ لَهُ جارِيَةٌ فعلَّمَهَا فأحْسَنَ إلَيْهَا ثُمَّ أعْتَقَهَا وتَزَوَّجَها كانَ لَهُ أجْرَانِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَانَ لَهُ أَجْرَانِ) ، وهما: أجر التَّعْلِيم وَأجر الْعتْق.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: إسحاف بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه.
الثَّانِي: مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان.
الثَّالِث: مطرف بن طريف الْحَارِثِيّ، وَيُقَال الحارفي.
الرَّابِع: عَامر الشّعبِيّ.
الْخَامِس: أَبُو بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، واسْمه الْحَارِث بن أبي مُوسَى، وَيُقَال: عَامر، وَيُقَال إسمه كنيته.
السَّادِس: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه مروزي سكن نيسابور والبقية كوفيون.
وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بأتم مِنْهُ فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ تَعْلِيم الرجل أمته وَأَهله عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن الْمحَاربي عَن صَالح بن حَيَّان عَن عَامر الشّعبِيّ ... الحَدِيث.
وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِيهِ عَن هناد بن السّري.
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( فعلمها) فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والسرخسي، فعالها، أَي: أنْفق عَلَيْهَا، من: عَال الرجل عِيَاله يعولهم: إِذا أَقَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من قوت وَكِسْوَة وَغَيرهمَا.
.

     وَقَالَ  الْكسَائي: يُقَال: عَال الرجل يعول إِذا كثر عِيَاله، واللغة الجيدة: أعال يعيل.
قَالَ الْمُهلب فِيهِ: أَن الله تَعَالَى قد ضاعف لَهُ أجره بِالنِّكَاحِ والتعليم، فَجعله كَمثل أجر الْعتْق.

وَفِيه: الحض على نِكَاح العتيقة وعَلى ترك الْعُلُوّ فِي الدُّنْيَا، وَأَن من تواضع لله فِي منكحه، وَهُوَ يقدر على نِكَاح أهل الشّرف، فَإِن ذَلِك مِمَّا يُرْجَى عَلَيْهِ جزيل الثَّوَاب.
فَإِن قلت: روى الْبَزَّار فِي ( مُسْنده) عَن ابْن عمر: لما نزل قَوْله تَعَالَى: { لن تنالوا الْبر} ( آل عمرَان: 29) .
ذكرت مَا أَعْطَانِي الله فَلم أجد شَيْئا أحب أَلِي من جَارِيَة رُومِية، فأعتقتها، فَلَو أَنِّي أَعُود فِي شَيْء جعلته لله لنكحتها.
قلت: هَذَا مَحْمُول على من لَا يرغب نِكَاحهَا، لِأَن عَادَة الْعَرَب الرَّغْبَة عَن تَزْوِيج الْمُعتقَة، وَالْمُعتق إِذا رغب يكون لغيره فَلَا يكره لَهُ النِّكَاح حِينَئِذٍ، وَأَيْضًا النِّكَاح لَيْسَ براجع فِي عتقه، لِأَنَّهُ لَا يملك الْآن إلاَّ مَنْفَعَة الْوَطْء.
قَالَ صَاحب ( التَّوْضِيح) : وَقد أجَاز مَالك وَأكْثر أَصْحَابنَا الرُّجُوع فِي الْمَنَافِع إِذا تصدق بهَا وشرى بهَا، وَالْحجّة لَهُم حَدِيث الْعَرَايَا، فَكيف إِذا تصدق بِالرَّقَبَةِ؟ فَإِنَّهُ يجوز شِرَاء مَنْفَعَتهَا، بل هُوَ أولى من الصَّدَقَة بِالْمَنْفَعَةِ، وَالَّذِي منع من الرُّجُوع فِي الْمَنَافِع إِذا تصدق بهَا ابْن الْمَاجشون.