فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الغسل مرة واحدة

( بابُُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْغسْل مرّة وَاحِدَة.



[ قــ :253 ... غــ :257 ]
- حدّثنا مُوسَى قالَ حدّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بنِ أبي الجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسِ قالَ قالتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ للنَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء لِلْغَسْلِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ أَفَاضَ علَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ..
تكلّف ابْن بطال لتطبيق الحَدِيث على التَّرْجَمَة.
فَقَالَ: مَوضِع التَّرْجَمَة من الحَدِيث فِي لفظ: ( ثمَّ أَفَاضَ على جسده) وَلم يذكر: مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ، فَحمل على أقل مَا يُسمى غسلا، وَهُوَ: مرّة وَاحِدَة، وَالْعُلَمَاء أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ الشَّرْط فِي الْغسْل إلاَّ الْعُمُوم والإسباغ لَا عددا من المرات قلت: فِي هَذَا الحَدِيث عشرَة أَحْكَام على مَا ترى فَمَا وَجه وضع التَّرْجَمَة على حكم وَاحِد مِنْهَا وَمَا ثمَّ زِيَادَة فَائِدَة يعم لَو ذكر تراجم لبَقيَّة الْأَحْكَام وَلم يبْق إلاَّ هَذَا لَكَانَ لَهُ وَجه وَهَذَا الحَدِيث وَاحِد، وَإِنَّمَا قِطْعَة لوضع التراجم على أَن قَوْلهَا: ( ثمَّ أَفَاضَ) ، يتَنَاوَل الْقَلِيل وَالْكثير، فَتكون مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل النبوذكي، وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْبَصْرِيّ.
وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان وَهُوَ وَسَالم بن أبي الْجَعْد وكريب تقدمُوا فِي بابُُ الْوضُوء قبل الْغسْل.

وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والعنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَالْقَوْل.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم وَالْأَرْبَعَة أَيْضا، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بابُُ: الْوضُوء قبل الْغسْل.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( فَغسل يَدَيْهِ) بالتثنية فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره ( يَده) بِالْإِفْرَادِ قَوْله: ( أَو ثَلَاثًا) الشَّك من مَيْمُونَة، قَالَه الْكرْمَانِي،.

     وَقَالَ  بَعضهم: الشَّك من الْأَعْمَش، كَمَا سَيَأْتِي من رِوَايَة أبي عوَانَة عَنهُ وعقل الْكرْمَانِي فَقَالَ: الشَّك من مَيْمُونَة.
قلت: هَذَا مر فِي بابُُ من أفرغ بِيَمِينِهِ على شِمَاله فِي الْغسْل، وَلَفظه: ( فغسلهما مرّة أَو مرَّتَيْنِ) ، قَالَ سُلَيْمَان: لَا أَدْرِي أذكر الثَّلَاثَة أم لَا، وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش، وَلَكِن الشَّك هَاهُنَا بَين مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، وَهُنَاكَ بَين مرّة أَو مرَّتَيْنِ، فعلى هَذَا تعين الشَّك من الْأَعْمَش، لَكِن مَوْضِعه مُخْتَلف.
قَوْله: ( فَغسل مذاكيره) هُوَ جمع ذكر على خلاف الْقيَاس كَأَنَّهُمْ فرقوا بَين الذّكر الَّذِي هُوَ خلاف الْأُنْثَى، وَالذكر الَّذِي هُوَ الْفرج فِي الْجمع،.

     وَقَالَ  الْأَخْفَش: هُوَ جمع لَا وَاحِد لَهُ، كأبابُيل.
قلت قيل: إِن الأبابُيل جمع أبول: كعجاجيل جمع عجول.
وَقيل: هُوَ جمع مذكار، وَلَكنهُمْ لم يستعملوه وتركوه، والنكتة فِي ذكره بِلَفْظ الْجمع الْإِشَارَة إِلَى تَعْمِيم غسل الخصيتين وحواليهما كَأَنَّهُ جعل كل جُزْء من هَذَا الْمَجْمُوع كذكر فِي حكم الْغسْل.

وَالْأَحْكَام الَّتِي تستنبط مِنْهَا قد مر ذكرهَا.