فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد

(بابٌُ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا جَامع امْرَأَته ثمَّ عَاد إِلَى جِمَاعهَا مرّة أُخْرَى، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: إِذا جَامع ثمَّ عَاد مَا يكون حكم , وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، عاود من المعاودة أَي: جَامع.
قَوْله: (وَمن دَار) عطف على قَوْله: إِذا جَامع 7 أَي: بابُُ أَيْضا يذكر فِيهِ من دَار على نِسَائِهِ فِي غسل وَاحِد، وَجَوَاب، من، محذوق أَيْضا، فَيقدر مثل ذَلِك.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَوْله: عَاد أَعم من أَن يكون فِي لَيْلَة المجامعة أَو غَيرهَا.
قلت: الْجِمَاع فِي غير لَيْلَة فِيهَا لَا يُسمى عوداً عرفا وَعَادَة، وَالْمرَاد هَاهُنَا أَن يكون الِابْتِدَاء وَالْعود فِي لَيْلَة وَاحِدَة، أَو فِي يَوْم وَاحِد، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ حَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي رَافع: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف ذَات يَوْم على نِسَائِهِ يغْتَسل عِنْد هَذِه وَعند هَذِه، فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا نجعله غسلا وَاحِدًا , قَالَ: (هَذَا أزكي وَأطيب) وَعنهُ قَالَ: فَإِن قلت: ظَاهر هَذَا يدل على أَن الِاغْتِسَال بَين الجماين وَاجِب.
قلت: أجمع الْعلمَاء على أَنه لَا يجب بَينهمَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحبّ حَتَّى إِن بَعضهم اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث على اسْتِحْبابُُه، على أَن أَبَا دَاوُد روى هَذَا الحَدِيث، قَالَ: حَدِيث أنس أصح من هَذَا، وَحَدِيث أنس، رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا عَنهُ.
قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطوف على غسل وَاحِد) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا.

     وَقَالَ : حَدِيث حسن صَحِيح.
وَضعف ابْن الْقطَّان حَدِيث أبي رَافع، وَصَححهُ ابْن حزم، وَعبارَة أبي دَاوُد أَيْضا تدل على صِحَّته.

وَأما الْوضُوء بَين الجماعين فقد اخْتلفُوا فِيهِ فَعِنْدَ الْجُمْهُور لَيْسَ بِوَاجِب، قَوَّال ابْن حبيب الْمَالِكِي وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ: إِنَّه وَاجِب.

     وَقَالَ  ابْن جزم، وَهُوَ قَول عَطاء وَإِبْرَاهِيم وَعِكْرِمَة وَالْحسن وَابْن سِيرِين، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي سعيد قَالَ: (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود، فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضوأً) أخرجه مُسلم من طَرِيق حَفْص بن عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَنهُ، وَحمل الْجُمْهُور الْأَمر بِالْوضُوءِ على النّدب والاستحبابُ، لَا للْوُجُوب، مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة، قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجَامع ثمَّ يعود وَلَا يتَوَضَّأ) قَالَ أَبُو عمر: مَا أعلم أحدا من أهل الْعلم أوجبه إلاَّ طَائِفَة من أهل الظَّاهِر.
قلت: روى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) حَدثنَا وَكِيع عَن مسعر عَن محَارب بن دثار، سَمِعت ابْن عمر يَقُول: إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ وَحدثنَا وَكِيع عَن عمر بن الْوَلِيد سَمِعت ابْن مُحَمَّد يَقُول إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ، وَحدثنَا وَكِيع عَن الْفضل بن عبد الْملك عَن عَطاء مثله، وَمَا نسب ابْن حزم من إِيجَاب الْوضُوء إِلَى الْحسن وَابْن سِيرِين فَيردهُ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) فَقَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يُجَامع الرجل امْرَأَته أَنه ثمَّ يعود قبل أَن يتَوَضَّأ قَالَ: وَكَانَ ابْن سِيرِين يَقُول: لَا أعلم بذلك بَأْسا إِنَّمَا قبل ذَلِك لِأَنَّهُ أجْرى أَن يعود.
وَنقل عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه حمل الْوضُوء الْمَذْكُور على الْوضُوء اللّغَوِيّ، حَيْثُ نقل ابْن الْمُنْذر عَنهُ أَنه قَالَ: لَا بُد من غسل الْفرج إِذا أَرَادَ الْعود.
قلت: يرد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَاصِم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة؟ وَفِي لفظ عِنْده: فَهُوَ أنشط للعود، وصحيح الْحَاكِم لفظ: وضوءه للصَّلَاة، ثمَّ قَالَ: هَذِه لَفْظَة تفرد بهَا شُعْبَة عَن عَاصِم، والتفرد من مثله مَقْبُول عِنْد الشَّيْخَيْنِ: فَإِن قلت: يُعَارض هَذِه الْأَخْبَار حَدِيث ابْن عَبَّاس (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا أمرت بِالْوضُوءِ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة) قَالَه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) قلت قَيده أَبُو عوَانَة بقوله: إِن كَانَ صَحِيحا عِنْد أهل الحَدِيث.
قلت: الحَدِيث صَحِيح، وَلَكِن قَالَ الطَّحَاوِيّ: الْعَمَل على حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
.

     وَقَالَ  الضياء الْمَقْدِسِي والثقفي، من حَدِيث فِي نصْرَة الصِّحَاح، هَذَا كُله مَشْرُوع جَائِز، من شَاءَ أَخذ بِهَذَا، وَمن شَاءَ أَخذ بِالْآخرِ.



[ قــ :263 ... غــ :267 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قالَ حدّثنا ابنُ أبي عَدِىً وَيَحْيَى بنُ سَعِيدً عَنْ شُعَحبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ المُنْتَشِرٍ عَنْ أبِيهِ قالَ ذَكَرْتَهُ لِعَائِشَةَ فقالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ كُنْتُ أطيبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَي عطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَحُ طيبا.

(الحَدِيث 267 طرفه فِي: 270) .

مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فيطوف على نِسَائِهِ) .
فَإِن قلت: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْجِمَاع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ تَجْدِيد الْعَهْد بِهن.
قلت: الِاحْتِمَال الثَّانِي يُعِيد، وَالْمرَاد بِهِ الْجِمَاع، يدل عَلَيْهِ الحَدِيث الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ فَإِنَّهُ ذكر فِيهِ أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ، وَيَطوف هَاهُنَا مثل: يَدُور، فِي الحَدِيث الثَّانِي.
ثمَّ اعْلَم أَن نسخ البُخَارِيّ مُخْتَلفَة فِي تَقْدِيم حَدِيث أنس على حَدِيث عَائِشَة وَعَكسه، وَمَشى الدَّاودِيّ على تَقْدِيم حَدِيث عَائِشَة، وَكَذَا ابْن بطال فِي شَرحه.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة، الْمَعْرُوف ببندار، وَقد تقدم.
الثَّانِي: ابْن أبي عدي، هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْقطَّان.
تقدم.
الرَّابِع: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الْخَامِس: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الشين الْمُعْجَمَة.
السَّادِس: أَبوهُ مُحَمَّد الْمَذْكُور.
السَّابِع: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الذّكر وَالْقَوْل وَفِيه: قَوْله: وَيحيى بن سعيد، وَبَين شُعْبَة لَفْظَة: كِلَاهُمَا مقدرَة، لِأَن كلاًّ من ابْن أبي عدي وَيحيى روى عَن شُعْبَة هَذَا الحَدِيث، وحذفت من الْكِتَابَة للاصطلاح، وَلَكِن عِنْد الْقِرَاءَة يَنْبَغِي أَن تثبت.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره رجه البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبابُُ وَفِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ كَمَا يَجِيء عَن قريب، وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن سعيد بن مَنْصُور وَأبي كَامِل الجحدري، كلاهماعن أبي عوَانَة وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن أبي كريب أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن هناد، وَعَن حميد بن مسْعدَة.
ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ قَوْله: (ذكرته) أَي: ذكرت قَول ابْن عمر لعَائِشَة وَلَفظ فِي حَدِيث الآخر الَّذِي يَأْتِي: (سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذكرت لَهَا قَول ابْن عمر: مَا أحب أَن أصبح محرما أنضخ طيبا، فَقَالَت عَائِشَة: أَنا طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَقد بَين مُسلم أَيْضا فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، قَالَ: (سَأَلت ابْن عمر عَن الرجل يتطيب ثمَّ يصبح محرما) فَذكره وَزَاد، قَالَ ابْن عمر: (لِأَن اطلى بقطران أحب لي من أَن أفعل ذَلِك) وَكَذَا سَاقه الْإِسْمَاعِيلِيّ بِتَمَامِهِ عَن الْحسن بن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن بشار،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: (ذكرته) أَي: قَول ابْن عمر: مَا أحب أَن أصبح محرما انضخ طيبا، وكنى بالضمي عَنهُ، لِأَنَّهُ مَعْلُوم عِنْد أهل الشَّأْن قلت: هَذَا كَلَام عَجِيب، فالوقوف على مثل هَذَا مُخْتَصّ بِأَهْل الشَّأْن، فَإِذا وقف أحد من غير أهل الشَّأْن على هَذَا الحَدِيث يتحير فَلَا يدْرِي أَي شَيْء يرجع إِلَيْهِ الضَّمِير فِي قَوْله (وذكرته) وَكَانَ يَنْبَغِي للْبُخَارِيّ، بل كَانَ الْمُتَعَيّن عَلَيْهِ أَن يقدم رِوَايَة أبي النُّعْمَان هَذَا الحَدِيث على رِوَايَة مُحَمَّد بن بشار، لِأَن رِوَايَة أبي النُّعْمَان ظَاهِرَة، وَالَّذِي يقف على رِوَايَة مُحَمَّد بن بشار بعد وُقُوفه على رِوَايَة أبي النُّعْمَان لَا يتَوَقَّف فِي مرجع الضَّمِير، وَيعلم أَنه يرجع إِلَى قَول ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فَكَأَن المُصَنّف اخْتَصَرَهُ لكَون الْمَحْذُوف مَعْلُوما عِنْد أهل الحَدِيث فِي هَذِه الْقِصَّة.
قلت: هَذَا أعجب من ذَلِك، مَعَ أَنه أَخذ مَا قَالَه مِنْهُ.

     وَقَالَ  أَيْضا أَو حَدثهُ بِهِ مُحَمَّد بن بشار مُخْتَصرا قلت: فعلى هَذَا كَانَ يتَعَيَّن ذكره بعد ذكر رِوَايَة أبي النُّعْمَان كَمَا ذكرنَا قَوْله: (فيطوف على نِسَائِهِ) قَالَ بَعضهم: هُوَ كِنَايَة عَن الْجِمَاع.
قلت: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ تَجْدِيد الْعَهْد بِهن، ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَلَكِن الْقَرِينَة دلّت على أَن المُرَاد هُوَ الْجِمَاع، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث أنس الَّذِي يَأْتِي: (كَانَ النَّبِي الله يَدُور على نِسَاءَهُ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة من اللَّيْل وَالنَّهَار) قَوْله: (ينضخ) بِفَتْح الْيَاء وَالضَّاد الْمُعْجَمَة بعْدهَا خاء مُعْجم، أَي: يفور، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { فيهمَا عينان نضاختان} (سُورَة الرحمان: 66) وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَضَبطه بَعضهم بِالْحَاء الْمُهْملَة، قَالَه الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَكَذَا ضَبطه عَامَّة من حَدثنَا وهما متقاربان فِي الْمَعْنى.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: وَقد اخْتلف فِي أَيهمَا أَكثر، وَالْأَكْثَر بِالْمُعْجَمَةِ أقل من الْمُهْملَة، وَقيل: بِالْمُعْجَمَةِ الْأَثر يبْقى فِي الثَّوْب والجسد، وبالمهملة الْفِعْل نَفسه، وَقيل: بِالْمُعْجَمَةِ مَا فعل مُتَعَمدا.
وبالمهملة من غير تعمد وَذكر صَاحب (الْمطَالع) عَن ابْن كيسَان أَنه بِالْمُهْمَلَةِ لما رق كَالْمَاءِ، وبالمعجمة لما ثخن كالطيب.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ أقل من المهلمة، عَكسه،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: من رَوَاهُ بِالْحَاء فالنضخ، عِنْد الْعَرَب كاللطخ، يُقَال: نضح ثَوْبه بالطيب، هَذَا قَول الْخَلِيل، وَفِي كتاب (الْأَفْعَال) نضخت الْعين بِالْمَاءِ نضخاً إِذا فارت، وَاحْتج بقوله تَعَالَى: { فيهمَا عينان نضاختان} وَمن رَوَاهُ بِالْحَاء فَقَالَ صَاحب (الْعين) نضخت الْعين بِالْمَاءِ إِذا رَأَيْتهَا تَفُور وَكَذَلِكَ الْعين الناطرة إِذا رَأَيْتهَا مغروقة وَفِي الصِّحَاح قَالَ أَبُو زيد النضخ بِلَا عجام الرش مثل النَّضْح، بالإهمال، وهما بِمَعْنى.
.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَصَابَهُ نضخ من كَذَا، وَهُوَ أَكثر من النضخ بِالْمُهْمَلَةِ.
قَوْله: (طيبا) نصب على التميز.

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهُ فِيهِ: دلَالَة على اسْتِحْبابُُ الطّيب عِنْد الْإِحْرَام، وَإنَّهُ لَا بَأْس بِهِ إِذا استدام بعد الْإِحْرَام، وَإِنَّمَا يحرم ابتداؤه فِي الْإِحْرَام وَهَذَا مَذْهَب الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأبي يُوسُف وَأحمد بن حَنْبَل وَدَاوُد وَغَيرهم، وَبِه قَالَ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وجماهير الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء، فَمن الصَّحَابَة: سعد بن أبي وَقاص وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَمُعَاوِيَة وَعَائِشَة وَأم حَبِيبَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بِمَنْعه مِنْهُم: الزُّهْرِيّ وَمَالك وَمُحَمّد بن الْحسن، وَحكي عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَادّعى بَعضهم أَن هَذَا التَّطَيُّب كَانَ للنِّسَاء لَا للْإِحْرَام، وَادّعى أَن فِي هَذِه الرِّوَايَة تَقْدِيمًا وتأخيراً، التَّقْدِير: فيطوف على نِسَائِهِ ينضخ طيبا ثمَّ يصبح محرما وَجَاء ذَلِك فِي بعض الرِّوَايَات، وَالطّيب يَزُول بِالْغسْلِ لَا سِيمَا أَنه ورد أَنه كَانَ يغْتَسل عِنْد كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ، وَكَانَ هَذَا الطّيب ذريرة كَمَا أخرجه البُخَارِيّ فِي اللبَاس وَهُوَ مِمَّا يذهبه الْغسْل، وتقويه رِوَايَة البُخَارِيّ الْآتِيَة قَرِيبا: (طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ طَاف فِي نِسَائِهِ ثمَّ أصبح محرما) وَرِوَايَته الْآتِيَة أَيْضا: (كَأَنِّي انْظُر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفرقه وَهُوَ محرم) .
وَفِي بعض الرِّوَايَات، بعد ثَلَاث،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: هَذَا الطّيب كَانَ دهناً لَهُ أثر فِيهِ مسك فَزَالَ وَبقيت رَائِحَته، وَادّعى بَعضهم خُصُوصِيَّة ذَلِك بالشارع، فَإِنَّهُ أَمر صَاحب الْجُبَّة بِغسْلِهِ.
قَالَ الْمُهلب، رَحمَه الله تَعَالَى السّنة اتِّحَاد الطّيب للنِّسَاء وَالرِّجَال عِنْد الْجِمَاع فَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم املك لاربه من سَائِر أمته فَلذَلِك كَانَ لَا يتَجَنَّب الطّيب.

فِي الْإِحْرَام.
ونهانا عَنهُ لضعفنا عَن ملك الشَّهَوَات، إِذْ الطّيب أَسبابُُ الْجِمَاع.
وَفِيه: الِاحْتِجَاج لمن لَا يُوجب الدَّلْك فِي الْغسْل، لِأَنَّهُ لَو كَانَ ذَلِك لم يتضخ مِنْهُ الطّيب.
قلت: يجوز أَن يكون دلكه لكنه بَقِي وبيصه، وَالطّيب إِذا كَانَ كثيرا رُبمَا غسله فَيذْهب وَيبقى وبيصه.
وَفِيه: عدم كَرَاهَة كَثْرَة الْجِمَاع عِنْد الطَّاقَة.
وَفِيه: عدم كَرَاهَة التَّزَوُّج بِأَكْثَرَ من وَاحِدَة إِلَى أَربع.
وَفِيه: أَن غسل الْجَنَابَة لَيْسَ على الْفَوْر، وَإِنَّمَا يتضيق على الْإِنْسَان عِنْد الْقيام إِلَى الصَّلَاة، وَهَذَا بِالْإِجْمَاع.
فَإِن قلت: مَا سَبَب وجوب الْغسْل قلت: الْجَنَابَة مَعَ إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة كَمَا أَن سَبَب الْوضُوء الْحَدث مَعَ إِرَادَة الْقيام إِلَى الصَّلَاة وَلَيْسَ الْجَنَابَة وَحدهَا، كَمَا هُوَ مَذْهَب بعض الشَّافِعِيَّة وإلاَّ يلْزم أَن يجب الْغسْل عقب الْجِمَاع، والْحَدِيث يُنَافِي هَذَا، وَلَا مُجَرّد إِرَادَة الصَّلَاة، وإلاَّ يلْزم أَن يجب الْغسْل بِدُونِ الْجَنَابَة.





[ قــ :64 ... غــ :68 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارَ قَالَ حدّثنا مُعَاذْ بنُ هِشَامٍ قالَحدّثني
أبي عَنْ قَتَادَةَ قالَ حدّثنا أنَسُ بنُ مالِكِ قالَ كانِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلَ والنَّهَارِ وَهُنَّ إحْدَى عَشْرَةَ قَالَ.

قُلْتُ لأَنَسٍ أوَ كانَ يُطِيقُهُ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أنَّهُ أعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاثِينَ..
مُطَابقَة للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يَدُور على نِسَائِهِ) .

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، وَقد مر فِي الحَدِيث السَّابِق.
الثَّانِي: معَاذ بن هِشَام الدستوَائي.
الثَّالِث: أَبوهُ أَبُو عبد الله، تقدم فِي بابُُ زِيَادَة الْإِيمَان ونقصانه.
الرَّابِع: قَتَادَة الأكمه السدُوسِي، مر فِي بابُُ من الْإِيمَان أَن يحب لِأَخِيهِ.
الْخَامِس: أنس بن مَالك.

ذكر لطائف إِسْنَاده وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع واحده وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن إِسْحَاق بن الثَّالِث: براهيم عَن معَاذ بن هِشَام.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( يَدُور على نِسَائِهِ) دورانه، لله فِي ذَلِك يحْتَمل وُجُوهًا.
الأول: أَن يكون ذَلِك عِنْد أقباله من السّفر، حَيْثُ لَا قسم يلْزم لِأَنَّهُ كَانَ إِذا سَافر أَقرع بَين نِسَائِهِ، فأيتهن خرج سهمها سَافر بهَا، فَإِذا انْصَرف اسْتَأْنف الْقسم بعد ذَلِك، وَلم تكن وَاحِدَة مِنْهُنَّ أولى من صاحبتها بالبداءة، فَلَمَّا اسْتَوَت حقوقهن جمعهن كُلهنَّ فِي وَقت ثمَّ اسْتَأْنف الْقسم بعد ذَلِك.
الثَّانِي: أَن ذَلِك كَانَ بإذنهن ورضاهن أَو بِإِذن صَاحِبَة النّوبَة ورضاها كنحو اسْتِئْذَانه مِنْهُنَّ أَن يمرض فِي بَيت عَائِشَة.
قَالَه أَبُو عبيد.
الثَّالِث: قَالَ الْمُهلب: إِن ذَلِك كَانَ فِي يَوْم فَرَاغه من الْقسم بَينهُنَّ، فيقرع فِي هَذَا الْيَوْم لَهُنَّ أجمع، ويستأنف بعد ذَلِك.
قلت: هَذَا التَّأْوِيل عِنْد من يَقُول بِوُجُوب الْقسم عَلَيْهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الدَّوَام كَمَا يجب علينا وهم الْأَكْثَرُونَ، وَأما من لَا يُوجِبهُ فَلَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل.
.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: الثَّالِث: أَن الله خص نبيه.
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بأَشْيَاء فِي النِّكَاح.
وَمِنْهَا: أَنه اعطاه سَاعَة لَا يكون لأزواجه فِيهَا حق حَتَّى يدْخل فِيهَا جَمِيع أَزوَاجه، فيفعل مَا يُرِيد بِهن، ثمَّ يدْخل عِنْد الَّتِي يكون الدّور لَهَا.
وَفِي كتاب مُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن تِلْكَ السَّاعَة كَانَت بعد الْعَصْر.
قَوْله: ( فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة) المُرَاد بهَا: قدر من الزَّمَان، لَا السَّاعَة الزمانية الَّتِي هِيَ خمس عشرَة دَرَجَة.
قَوْله: ( وَالنَّهَار) الْوَاو فِيهِ بِمَعْنى: أَو، الْهمزَة فِي قَوْله: ( أَو كَانَ) للاستفهام، وفاعل ( قلت) : هُوَ قَتَادَة، ومميز ( ثَلَاثِينَ) مَحْذُوف أَي: ثَلَاثِينَ رجلا وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق أبي مُوسَى عَن معَاذ بن هِشَام: أَرْبَعِينَ، بدل ثَلَاثِينَ، وَهِي شَاذَّة من هَذَا الْوَجْه، لَكِن فِي مَرَاسِيل طَاوُوس مثل ذَلِك وَزَاد فِي الْجِمَاع.
قَوْله: ( وَهن إِحْدَى عشرَة) قَالَ ابْن خُزَيْمَة، لم يقل أحد من أَصْحَاب قَتَادَة: إِحْدَى عشرَة إلاَّ معَاذ بن هِشَام عَن أَبِيه، وَقد روى البُخَارِيّ الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أنس: تسع نسْوَة، وَجمع بَينهمَا بِأَن أَزوَاجه كن تسعا فِي هَذَا الْوَقْت كَمَا فِي رِوَايَة سعيد: وسريتاه مَارِيَة وَرَيْحَانَة، على رِوَايَة من روى أَن رَيْحَانَة كَانَت أمة، وروى بَعضهم أَنَّهَا كَانَت زَوْجَة، وروى أَبُو عبيد أَنه كَانَ مَعَ ريحانه فَاطِمَة بنت شُرَيْح.
قَالَ ابْن حبَان: هَذَا الْفِعْل مِنْهُ فِي أول مُقَدّمَة الْمَدِينَة حَيْثُ كَانَ تَحْتَهُ تسع نسْوَة، وَلِأَن هَذَا الْفِعْل مِنْهُ كَانَ مرَارًا لَا مرّة وَاحِدَة.
وَلَا يعلم أَنه تزوج نسَاء كُلهنَّ فِي وَقت وَاحِد، وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا إلاَّ فِي آخر أمره حَيْثُ اجْتمع عِنْده تسع نسْوَة وجاريتان، وَلم يعلم أَنه اجْتمع عِنْده إِحْدَى عشرَة امْرَأَة بِالتَّزْوِيجِ، فَإِنَّهُ تزوج بأحدى عشرَة أولهنَّ خَدِيجَة وَلم يتَزَوَّج عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَت، وَوَقع فِي شرح ابْن بطال أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لَهُ من الْحَرَائِر غير تسع، وَالأَصَح عندنَا أَنه يحل لَهُ مَا شَاءَ من غير حصر.
قلت: قَول ابْن حبَان: هَذَا الْفِعْل مِنْهُ كَانَ فِي أول مقدمه الْمَدِينَة حَيْثُ كَانَ تَحْتَهُ تسع نسْوَة، فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ لم يكن مَعَه حِين قدم الْمَدِينَة امْرَأَة سوى سَوْدَة، ثمَّ دخل على عَائِشَة بِالْمَدِينَةِ، ثمَّ تزوج أم سَلمَة وَحَفْصَة وَزَيْنَب بنت خُزَيْمَة فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة، ثمَّ تزوج زَيْنَب بنت جحش فِي الْخَامِسَة، ثمَّ جوَيْرِية فِي السَّادِسَة ثمَّ حَفْصَة وَأم حَبِيبَة ومَيْمُونَة فِي السَّابِعَة، وَهَؤُلَاء جَمِيع من دخل بِهن من الزَّوْجَات بعد الْهِجْرَة على الْمَشْهُور.

وَاخْتلفُوا فِي عدَّة أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي ترتيبهن، وعدة من مَاتَ مِنْهُنَّ قبله، وَمن دخل بهَا وَمن لم يدْخل بهَا، وَمن خطبهَا وَلم ينْكِحهَا، وَمن عرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالُوا: إِن أول امْرَأَة تزَوجهَا خَدِيجَة بنت خويلد، ثمَّ سَوْدَة بنت زَمعَة، ثمَّ عَائِشَة بنت أبي بكر، ثمَّ حَفْصَة بنت عمر بن الْخطاب، ثمَّ أم سَلمَة اسْمهَا، هِنْد بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، ثمَّ جوَيْرِية بنت الْحَارِث، سباها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة المربسيع، ثمَّ زَيْنَب بنت جحش ثمَّ زَيْنَب بنت خزمية، ثمَّ رَيْحَانَة بنت زيد من بني قُرَيْظَة، وَقيل: من بني النصير، سباها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا فِي سنة سِتّ، وَمَاتَتْ بعد عوده من حجَّة الْوَدَاع، ودفنت بِالبَقِيعِ، وَقيل: مَاتَت بعده فِي سنة سِتّ عشرَة، وَالْأول أصح، ثمَّ أم حَبِيبَة وَاسْمهَا رَملَة بنت أبي سُفْيَان أُخْت مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان وَلَيْسَ فِي الصحابيات من اسْمهَا رَملَة غَيرهَا، ثمَّ صَفِيَّة بنت حيى بن أَخطب من سبط هَارُون، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقعت فِي السَّبي يَوْم خَيْبَر سنة سبع فاصطفاها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ مَيْمُونَة بنت الْحَارِث تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع فِي عمْرَة الْقَضَاء بسرف على عشرَة أَمْيَال من مَكَّة، وَتزَوج أَيْضا فَاطِمَة بنت الضَّحَّاك، وَأَسْمَاء بنت النُّعْمَان.

وَأما بَقِيَّة نِسَائِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، اللَّاتِي دخل بِهن أَو عقد وَلم يدْخل فهن ثَمَان وَعِشْرُونَ امْرَأَة.
ريحانه بنت زيد، وَقد ذَكرنَاهَا.
والكلابية، فَقيل اسْمهَا: عمْرَة بنت زيد، وَقيل: الْعَالِيَة بنت ظبْيَان،.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ: تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَالِيَة بنت طبيان وَدخل بهَا وَطَلقهَا، وَقيل: لم يدْخل بهَا وَطَلقهَا، وَقيل: هِيَ فَاطِمَة بنت الضَّحَّاك،.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ: تزَوجهَا فاستعاذت مِنْهُ فَطلقهَا، فَكَانَت تلقط البعر وَتقول: أَنا الشقية.
وَأَسْمَاء بنت النُّعْمَان، تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعاها فَقَالَت: تَعَالَى أَنْت فَطلقهَا، وَقيل: هِيَ الَّتِي استعاذت مِنْهُ.
وَقيل بنت قيس أُخْت الْأَشْعَث بن قيس، زوجه إِيَّاهَا أَخُوهَا ثمَّ انْصَرف إِلَى حَضرمَوْت فحملها إِلَيْهِ قبلغه وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَردهَا إِلَى بِلَاده فَارْتَد عَن الْإِسْلَام وارتدت مَعَه.
ومليكة بنت كَعْب اللَّيْثِيّ، قيل: هِيَ استعاذت مِنْهُ، وَقيل: دخل بهَا فَمَاتَتْ عِنْده، وَالْأول أصح.
وَأَسْمَاء بنت الصَّلْت السلمِيَّة، قيل: اسْمهَا سبا، قَالَه ابْن مَنْدَه، وَقيل: سناقا لَهُ ابْن عَسَاكِر ابْن عَسَاكِر، تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَتْ قبل أَن يدْخل بهَا.
وَأم شريك الْأَزْدِيَّة، وإسمها عزبة، طَلقهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يدْخل بهَا، وَهِي الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة.
وَخَوْلَة بنت هُذَيْل تزَوجهَا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَهَلَكت قبل أَن تصل إِلَيْهِ.
وشراف بنت خَالِد أُخْت حَيَّة الْكَلْبِيّ تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يدْخل بهَا وَفِي ( عُيُون الْأَثر) فَمَاتَتْ قبله.
وليلى بنت الخطيم.
تزَوجهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَانَت غيوراً فاستقالته فأقالها.
وَعمرَة بنت مُعَاوِيَة الكندية مَاتَ النَّبِي.
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قبل أَن تصل إِلَيْهِ.
والجندعية بنت جُنْدُب، تزَوجهَا وَلم يدْخل عَلَيْهَا، وَقيل: لم يعْقد عَلَيْهَا.
والغفارية.
قيل: هِيَ السنإ تزَوجهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، فَرَأى بكشحها بَيَاضًا فَقَالَ: إلحقي بأهلك.
وَهِنْد بنت يزِيد، وَلم يدْخل نبها.
وَصفِيَّة بنت بشامة أَصَابَهَا سبياً فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: ( إِن شِئْت أَنا وَإِن شِئْت زَوجك) .
فَقَالَت: زَوجي فأرسلها، فلعنتها بَنو تَمِيم.
وَأم هانىء وَاسْمهَا: فَاخِتَة بنت أبي طَالب أُخْت عَليّ بن أبي طَالب، خطبهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت إِنِّي امْرَأَة مُصِيبَة واعتذرت إِلَيْهِ فأعذرها وضباعة بنت عَامر، خطبهَا النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَبَلغهُ كبرها فَتَركهَا، وَحَمْزَة بنت عون الْمُزنِيّ خطبهَا، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ أَبوهَا إِن بهَا سوءا وَلم يكن بهَا شَيْء، فَرجع إِلَيْهَا أَبوهَا وَقد برصت، وَهِي أم شبيب بن البرصاء الشَّاعِر وَسَوْدَة القرشية، خطبهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت مُصِيبَة.
.

     وَقَالَ ت أَخَاف أَن تضعف صبيتي عِنْد رَأسك، فَدَعَا لَهَا وَتركهَا وأمامة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب، عرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هِيَ ابْنة أخي من الرضَاعَة، وَعزة بنت أبي سُفْيَان ابْن حَرْب، عرضتها أُخْتهَا أم حَبِيبَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّهَا لَا تحل لي لمَكَان أُخْتهَا أم حَبِيبَة تَحت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكلبية لم يذكر اسْمهَا، فَبعث إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَائِشَة فرأتها فَقَالَت: مَا رَأَيْت طائلاً فَتَركهَا.
وَامْرَأَة من الْعَرَب لم يذكر لَهَا اسْم خطبهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَركهَا ودرة بنت أم سَلمَة، قيل لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَن يَأْخُذهَا قَالَ: إِنَّهَا بنت أخي من الرضَاعَة.
وَأُمَيْمَة بنت شرَاحِيل، لَهَا ذكر فِي ( صَحِيح البُخَارِيّ) وحبيبة بنت سهل الْأَنْصَارِيَّة، أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَتَزَوَّجهَا ثمَّ تَركهَا وَفَاطِمَة بنت شُرَيْح ذكرهَا أَبُو عبيد فِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والعالية بنت ظبْيَان، تزَوجهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت عِنْده مَا شَاءَ الله ثمَّ طَلقهَا.

قَوْله: ( كُنَّا نتحدث أَنه أعْطى قُوَّة ثَلَاثِينَ) كَذَا جَاءَ هَاهُنَا فِي ( صَحِيح الْإِسْمَاعِيلِيّ) من حَدِيث أبي يعلى عَن أبي مُوسَى عَن معَاذ ( قُوَّة أَرْبَعِينَ) وَفِي ( الْحِلْية) لأبي نعيم عَن مُجَاهِد ( أعطي قُوَّة أَرْبَعِينَ رجلا كل رجل من رجال أهل الْجنَّة) .
وَفِي ( جَامع التِّرْمِذِيّ) فِي صفة الْجنَّة من حَدِيث عمرَان لقطان عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يُعْطي الْمُؤمن فِي الْجنَّة قُوَّة كَذَا وَكَذَا من الْجِمَاع، قيل: يَا رَسُول الله أَو يُطيق ذَلِك؟ فَقَالَ: يُعْطي قُوَّة مائَة رجل) ثمَّ قَالَ: حَدِيث غَرِيب صَحِيح، لَا نعرفه من حَدِيث قَتَادَة إلاَّ من حَدِيث عمرَان الْقطَّان، وصحيح ابْن حبَان حَدِيث أنس أَيْضا، فَإِذا ضربنا أَرْبَعِينَ فِي مائَة صَارَت أَرْبَعَة آلَاف، وَذكر ابْن الْعَرَبِيّ أَنه كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُوَّة الظَّاهِرَة على الْخلق فِي الْوَطْء، كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث، وَكَانَ لَهُ فِي الْأكل قناعة ليجمع الله لَهُ الفضيلتين فِي الْأُمُور الاعتبارية، كَمَا جمع لَهُ الفضيلتين فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة، حَتَّى يكون حَاله كَامِلا فِي الدَّاريْنِ.

وَقالَ سَعيدُ عَنْ قَتَادَةَ أنَّ أنسَاً حَدَّثَهُمْ تِسْعُ نِسْوَةٍ
سعيد هُوَ ابْن عرُوبَة، كَذَا هُوَ عِنْد الْجَمِيع،.

     وَقَالَ  الْأصيلِيّ: إِنَّه وَقع فِي نُسْخَة شُعْبَة يدل سعيد قَالَ: وَفِي عرضنَا على أبي زيد بِمَكَّة سعيد قَالَ أَبُو عَليّ الجياني: هُوَ الصَّوَاب قَالَ الْكرْمَانِي: وَالظَّاهِر أَنه تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَيحْتَمل أَن يكون من كَلَام ابْن أبي عدي وَيحيى الْقطَّان لِأَنَّهُمَا يرويان عَن ابْن أبي عرُوبَة، وَأَن يكون من كَلَام معَاذ إِن صَحَّ سَمَاعه من سعيد.
قلت: هُنَا تَعْلِيق بِلَا نزاع، وَلكنه وَصله فِي بابُُ الْجنب يخرج وَيَمْشي فِي السُّوق، وَهُوَ الْبابُُ الثَّانِي عشر من هَذَا الْبابُُ،.

     وَقَالَ : حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع.
قَالَ: حَدثنَا سعيد عَن قَتَادَة أَن أنس بن مَالك حَدثهمْ: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَة الْوَاحِدَة وَله يَوْمئِذٍ تسع نسْوَة) وَأما رِوَايَة شُعْبَة بِهَذَا الحَدِيث عَن قَتَادَة فقد وَصلهَا الإِمَام أحم،.
قَوْله: ( تسع نسْوَة) أَي: قَالَ بدل: إِحْدَى عشرَة نسْوَة تسع نسْوَة، وتسع مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر.

ذكر أَحْكَام لَيست فِيمَا مضى.
مِنْهَا: مَا أعطي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْقُوَّة على الْجِمَاع، وَهُوَ دَلِيل على كَمَال البنية.
وَمِنْهَا: مَا اسْتدلَّ بِهِ ابْن التِّين لقَوْل مَالك بِلُزُوم الظِّهَار من الْإِمَاء بِنَاء على أَن المُرَاد بالزائدتين على التسع، مَارِيَة وَرَيْحَانَة، وَقد أطلق على الْجَمِيع لفظ نِسَائِهِ، وَفِيه نظر، لِأَن الْإِطْلَاق الْمَذْكُور بطرِيق التغليب.
وَمِنْهَا: مَا اسْتدلَّ بِهِ ابْن الْمُنِير على جَوَاز وَطْء الْحرَّة بعد الْأمة من غير غسل بَينهمَا، وَلَا غَيره للمنقول عَن مَالك إِنَّه يتَأَكَّد الِاسْتِحْبابُُ فِي هَذِه الصُّورَة.