فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة

( بابُُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم نفض الْيَدَيْنِ من الْجَنَابَة، ويروي من غسل الْجَنَابَة، وَكلمَة من الأولى مُتَعَلقَة بالنفض، وَالثَّانيَِة بِالْغسْلِ.

والمناسبة بَين الْأَبْوَاب ظَاهِرَة لِأَن كلهَا فِي أَحْكَام الْغسْل.



[ قــ :272 ... غــ :276 ]
- حدّثنا عَبْدَانُ قالَ أخْبرنا أبُو حَمْزةَ قالَ سَمِعْتُ الأعْمَشَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ قالَتْ مَيْمُونَةُ وضعَتُ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُسْلاً فَسَتَرْتَهُ بِثَوْبٍ وَصَبَّ عَلى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ صبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ فَضَربَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا ثُمَّ غَسَلها فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وأفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ فَنَاوَلْتُهُ ثَوْباً فَلَمْ يَأْخُذُهُ فانْطَلَقَ وَهُوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ.


مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فَإِن: مَا فَائِدَة هَذِه التَّرْجَمَة من حَيْثُ الْفِقْه؟ قلت: الْإِشَارَة بهَا إِلَى أَن لَا يتخيل أَن مثل هَذَا الْفِعْل اطراح لأثر الْعِبَادَة ونفض لَهُ فَبين أَن هَذَا جَائِز وَنبهَ أَيْضا على رد قَول من زعم أَن تَركه للثوب من قبيل إِيثَار إبْقَاء آثَار الْعِبَادَة عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا تَركه خوفًا من الدُّخُول فِي أَحْوَال المترفين المتكبرين.

وَاعْلَم أَن البُخَارِيّ قد ذكره قبل هَذَا فِي سِتّ مَوَاضِع، وَهَذَا هُوَ السَّابِع، وسيذكره مرّة أُخْرَى فالجملة ثَمَانِيَة، كلهَا فِي كتاب الْغسْل.
الأول: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش.
الثَّانِي: عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه عَن جده عَن الْأَعْمَش.
الثَّالِث: عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش.
الرَّابِع: عَن مُحَمَّد بن مَحْبُوب عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش.
الْخَامِس: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة عَن الْأَعْمَش.
السَّادِس: عَن يُوسُف بن عِيسَى عَن الْفضل بن مُوسَى عَن الْأَعْمَش.
السَّابِع: عَن عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن الْأَعْمَش.
الثَّامِن: الَّذِي يَأْتِي عَن عَبْدَانِ عَن عبد الله عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش، وَهَذَا كُله حَدِيث وَاحِد وَلكنه رَوَاهُ عَن شُيُوخ مُتعَدِّدَة بألفاط مُخْتَلفَة، وَترْجم لكل طَرِيق تَرْجَمَة.

وَأَبُو حَمْزَة اسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي الْمروزِي، وَلم يكن يَبِيع السكر، وَإِنَّمَا سمي بِهِ لحلاوة كَلَامه.
وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ يحمل السكر فِي كمه.
.

     وَقَالَ  ابْن مُصعب، كَانَ مجاب الدعْوَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وَفِيه: السماع.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: مروزيان، عَبْدَانِ وَشَيْخه أَبُو حَمْزَة، وكوفيان الْأَعْمَش وَشَيْخه سَالم بن أبي الْجَعْد ومدنيان: كريب مولى ابْن عَبَّاس وَعبد الله بن عَبَّاس وَفِي الْإِسْنَاد الَّذِي قبله كَذَلِك: يُوسُف بن عِيسَى وَشَيْخه الْفضل بن مُوسَى مروزيان وخراسانيان، وَفِيمَا قبل ذَلِك، مُوسَى وَأَبُو عوَانَة شَيْخه بصريان، وَكَذَا مُوسَى وَعبد الْوَاحِد، وَكَذَا مُحَمَّد بن مَحْبُوب وَعبد الْوَاحِد، وَفِيمَا قبل ذَلِك: مكيان الْحميدِي وَشَيخ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَكلهمْ رَوَاهُ عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش.

قَوْله: ( فَانْطَلق) أَي: ذهب.
قَوْله: ( وَهُوَ ينفض يَدَيْهِ) جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقعت حَالا.