فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل

( بابُُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من بَدَأَ، إِلَخ.
الشق، بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْقَاف، بِمَعْنى الْجَانِب، وَبِمَعْنى نصف الشَّيْء، وَمِنْه: ( تصدقوا بشق تَمْرَة) أَي: نصفهَا.
وَقَوله: ( الْأَيْمن) صفة للشق.



[ قــ :273 ... غــ :277 ]
- حدّثنا خلاَّدُ بنُ يَحْيَى احدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ نافِعٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ كُنَّا إذَا أصابَتْ إحْدانَا جَنَابَةٌ أخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوْقَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِها عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ وَبِيَدِها الأُخْرَى عَلَى شَقِّها الأَيْسَرِ.


مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
فَإِن قتل: كَيفَ ظُهُور هَذِه الْمُطَابقَة والترجمة تَقْدِيم الشق الْأَيْمن من الرَّأْس والْحَدِيث تَقْدِيم الْأَيْمن من الشَّخْص.
قلت: المُرَاد من أَيمن الشَّخْص أيمنه من رَأسه إِلَى قدمه، فَيدل حِينَئِذٍ على التَّرْجَمَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: خَلاد، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام، ابْن يحيى بن صَفْوَان الْكُوفِي أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ، سكن مَكَّة مَاتَ سنة سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن نَافِع المحزومي الْمَكِّيّ.
الثَّالِث: الْحسن بن مُسلم بن بناق، بِفَتْح الْيَاء آخِر الْحُرُوف وَتَشْديد النُّون وبالقاف، الْمَكِّيّ ثِقَة صَالح الرَّابِع: صَفِيَّة بنت شُعْبَة بن عُثْمَان الحجي الْقرشِي وَاخْتلف فِي أَنَّهَا صحابية، وَالْجُمْهُور على صحبتهَا، رُوِيَ لَهَا خَمْسَة أَحَادِيث اتّفق الشَّيْخَانِ على رِوَايَتهَا عَن عَائِشَة، بقيت إِلَى زمَان ولَايَة الْوَلِيد وَهِي من صغَار الصَّحَابَة، وأبوها شيبَة صَحَابِيّ مَشْهُور.
الْخَامِس: عَائِشَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده أَن فِيهِ: حَدِيثا بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أَحدهَا عَن صَفِيَّة، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَنه سمع صَفِيَّة.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مكيون مَا خلا خلاداً وَهُوَ أَيْضا سكن مَكَّة، كَمَا ذكرنَا.
وَفِيه: رِوَايَة صحابية عَن صحابية.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أبي بكير، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن الْحسن ابْن مُسلم عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة، قَالَت: ( كَانَت إحدانا إِذا أصابتها جَنَابَة أخذت ثَلَاث حفنات، هَكَذَا يَعْنِي بكفيها جَمِيعًا، فتصب على رَأسهَا، وَأخذت بيد وَاحِدَة فصبتها على هَذَا الشق، وَالْأُخْرَى على الشق الآخر) فمجموع هَذَا الْغسْل من ثَلَاث حفنات وغرفتين، الحفنات الثَّلَاث على الرَّأْس والواحدة من الغرفتين على الشق الْأَيْمن وَالْأُخْرَى على الْأَيْسَر.
قَوْلهَا: ( إِذا أصَاب) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة أَصَابَت.
قَوْلهَا: ( إحدانا) أَي: من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْلهَا: ( أخذت بِيَدَيْهَا) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: ( بِيَدِهَا) أَي: المَاء، وَصرح بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته، قَوْلهَا: ( فَوق رَأسهَا) أَي: تصبه فَوق رَأسهَا وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( أخذت بِيَدَيْهَا ثمَّ صبَّتْ على رَأسهَا) ( وبيدها الْأُخْرَى) أَي: ثمَّ أخذت بِيَدِهَا الْأُخْرَى،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فِي قَوْلهَا: ( أخذت بِيَدَيْهَا) وَفِي بعض النّسخ أخذت يَديهَا بِدُونِ الْجَار فَلَا بُد أَن يُقَال: إِمَّا بنصبه ينْزع الْخَافِض، وَإِمَّا بِتَقْدِير مُضَاف أَي: أخذت ملْء يَديهَا.
قلت: هَذَا تَوْجِيه حسن إِن صحت هَذِه الرِّوَايَة.
فَإِن قلت: مَا حكم هَذَا الحَدِيث؟ قلت: حكمه الرّفْع، لِأَن الظَّاهِر اطلَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك.

بِسم الله الرحمان الرَّحِيم