فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره وقال عطاء: «يحتجم الجنب، ويقلم أظفاره، ويحلق رأسه، وإن لم يتوضأ»

( بابُُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

بابُُ بِالتَّنْوِينِ أَي هَذَا بابُُ فِيهِ الْجنب يخرج إِلَى آخِره، يَعْنِي لَهُ أَن يخرج من بَيته وَيَمْشي فِي السُّوق وَغَيره وَهَذَا قَول أَكثر الْفُقَهَاء إلاَّ أَن ابْن أبي شيبَة حكى عَن عَليّ وَعَائِشَة وَابْن عمر وَأَبِيهِ وَشَدَّاد بن أَوْس وَسَعِيد بن الْمسيب وَمُجاهد وَابْن سِيرِين وَالزهْرِيّ وَمُحَمّد بن عَليّ وَالنَّخَعِيّ، وَزَاد الْبَيْهَقِيّ: سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عَمْرو وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَالْحسن أَنهم كَانُوا إِذا اجنبوا لَا يخرجُون وَلَا يَأْكُلُون حَتَّى يتوضؤوا فَإِن قلت: لم كَانَ بابُُ بِالتَّنْوِينِ وَلم يضفه إِلَى مَا بعده؟ قلت: يجوز ذَلِك وَلَكِن يحْتَاج حِينَئِذٍ أَن يقدر الْجَواب نَحْو أَن يَقُول لَهُ ذَلِك أَو يجوز ذَلِك، وَنَحْوهمَا وَعند الِانْفِصَال لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك.
قَوْله: ( وَيَمْشي) بِالْوَاو وَعطف على.
قَوْله: ( يخرج) وَفِي بعض النّسخ: يمشي بِدُونِ: وَاو الْعَطف، فَإِن صحت هَذِه يكون يمشي، فِي مَوضِع النصب على الْحَال الْمقدرَة.
قَوْله: ( وَغَيره) بِالْجَرِّ عطف على.
قَوْله: ( فِي السُّوق) .

     وَقَالَ  بَعضهم: وَيحْتَمل الرّفْع عطفا على يخرج من جِهَة الْمَعْنى ( قلت) فِيهِ لعسف لَا يخفى والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة لِأَن كل مِنْهَا فِي حكم الْجنب نَحْو: يَأْكُل وينام، عطفا على يخرج من جِهَة الْمَعْنى قلت: فِيهِ تعسف لَا يحفى.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا فِي حكم الْجنب.

وَقَالَ عَطَاءٌ يَحْتَجِمُ الجُنُبُ ويُقْلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ وإنْ لَمْ يَتَوَضَأْ مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَغَيره، بِالرَّفْع ظَاهِرَة وَأما بِالْجَرِّ الَّذِي هُوَ الْأَظْهر فَلَا تكون الْمُطَابقَة إلاَّ من جِهَة الْمَعْنى، وَهُوَ أَن الْجنب إِذا جَازَ لَهُ الْخُرُوج من بَيته وَالْمَشْي فِي السُّوق وَغَيره جَازَ لَهُ تِلْكَ الْأَفْعَال الْمَذْكُورَة فِي الْأَثر الْمَذْكُور، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق فِي ( مُصَنفه) عَن ابْن جريح عَنهُ وَزَاد فِيهِ ويطلى بالنورة.



[ قــ :280 ... غــ :284 ]
- حدّثنا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَادِ قالَ حدّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ قالَ حدّثنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أنَّ أنَسَ بنَ مالِكِ حَدَّثَهُمْ أنَّ نَبيِّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الواحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ.

مُطَابقَة للْحَدِيث للتَّرْجَمَة تفهم من قَوْله: ( كَانَ يطوف على نِسَائِهِ) وَذَلِكَ أَن نِسَاءَهُ كَانَت لَهُنَّ حجر مُتَقَارِبَة، فبالضرورة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ الطّواف عَلَيْهِنَّ يحْتَاج إِلَى الْمَشْي من حجرَة إِلَى حجرَة قَالَ بَعضهم: لَكِن فِي غير السُّوق.
قلت: الْمَشْي أَعم من أَن يكون من بَيت إِلَى بَيت، وَمن بَيت إِلَى سوق، وَإِلَى غَيره، وَحَدِيث أنس هَذَا قد مر فِي بابُُ: إِذا جَامع ثمَّ عَاد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، وَسَعِيد الَّذِي يروي عَن قَتَادَة هُوَ سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ الغساني: وَفِي نُسْخَة الْأصيلِيّ بدل: سعيد، لفظ شُعْبَة أَي ابْن الْحجَّاج، وَلَيْسَ صَوَابا.