فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الجنب يتوضأ ثم ينام

( بابُُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْجنب يتَوَضَّأ ثمَّ ينَام، والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة.



[ قــ :284 ... غــ :288 ]
- ح دّثنا يحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قالَ حدّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنَ أبي جَعْفَرٍ عنْ مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ قَالَتْ كانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَأَ لِلصَّلاةِ.
( انْظُر الحَدِيث 286) .

مطابقتة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: يحيى بن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، سبق فِي بابُُ الْوَحْي، وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير الْمصْرِيّ، وينسب غَالِبا إِلَى جده.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد.
الثَّالِث: عبيد الله بن أبي جَعْفَر أَبُو بكر الْفَقِيه الْمصْرِيّ.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْأسود الْأَسدي الْمدنِي، بتيم عُرْوَة بن الزبير كَانَ أَبوهُ أوصى بِهِ إِلَيْهِ.
الْخَامِس: عُرْوَة ابْن الزبير.
السَّادِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة.

بَيَان لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن نصف رُوَاته مصريون.
وَالنّصف الآخر مدنيون.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( كَانَ) يدل على الِاسْتِمْرَار قَوْله: ( وَهُوَ جنب) جملَة حَالية.
قَوْله: ( غسل) جَوَاب، إِذا قَوْله: ( تَوَضَّأ للصَّلَاة) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه تَوَضَّأ لأَدَاء الصَّلَاة إِذْ لَا يجوز الصَّلَاة لَهُ قبل الْغسْل، بل مَعْنَاهُ تَوَضَّأ وضوأً مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ، يَعْنِي وضوأً شَرْعِيًّا لَا وضوء لغوياً أَو يقدر مَحْذُوف أَي: تَوَضَّأ وضوأً كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة، وَفِي بعض الرِّوَايَات وضوءه للصَّلَاة.





[ قــ :85 ... غــ :89 ]
- حدّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا جُوَيْرِيَةَ عنْ نافِعٍ عَنْ عَبَدٍ اللَّهِ قالَ اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَنَامُ أَحَدنَا وَهُوَ جُنُبٌ قالَ نَعَمْ إذَا تَوَضَأَ.


( انْظُر الحَدِيث 87 وطرفه) [/ ح.

جوَيْرِية، بِالْجِيم وَالرَّاء، مُصَغرًا اسْم رجل، وَاسم أَبِيه أَسمَاء من عبيد الضبعِي، سمع من نَافِع وَمن مَالك.
قَوْله: ( عَن عبد الله ابْن عمر) وَفِي رِوَايَة ابْن عشاكر: عَن ابْن عمر.
قَوْله: ( استفتى) أَي: طلب الْفَتْوَى من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: ( أَيَنَامُ أَحَدنَا) صُورَة الاستفتاء.
قَوْله: ( فَقَالَ: نعم) جَوَابه والهمزة فِي: أَيَنَامُ للإستفهام.
قَوْله: ( وَهُوَ جنب) جملَة حَالية.
قَوْله: ( إِذا تَوَضَّأ) وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق ابْن جريح عَن نَافِع، ليتوضأ ثمَّ لينم.





[ قــ :86 ... غــ :90 ]
-
حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُعْسُفَ قالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ عَبُدِ اللَّهِ بنِ دِينارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ أنَّهُ قالَ ذَكَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةَ مِنَ الَّليْلِ فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَأْ وَاعْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ.
( انْظُر الحَدِيث 87 وطرفه) .
هَكَذَا رَوَاهُ مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو زيد، وَرَوَاهُ ابْن السكن عَن الْفربرِي فَقَالَ مَالك عَن نَافِع،.

     وَقَالَ : الجياني فِي بعض النّسخ، جعل نَافِعًا بدل عبد الله بن دِينَار، وَكِلَاهُمَا صَوَاب، لِأَن مَالِكًا يروي هَذَا الحَدِيث عَنْهُمَا.
لكنه بروايه عبد الله أشهر.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر، الحَدِيث لمَالِك عَنْهُمَا جَمِيعًا، لَكِن الْمَحْفُوظ عَن عبد الله بن دِينَار، وَحَدِيث نَافِع غَرِيب.
قلت: لَا غرابة، لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنهُ كَذَلِك عَن نَافِع خَمْسَة أَو سِتَّة، وَلكنه الأول أشهر.
قَوْله: ( ذكر عمر بن الْخطاب) يَقْتَضِي أَن يكون الحَدِيث من مُسْند ابْن عمر قَوْله: ( أَنه تصيبه الْجَنَابَة من اللَّيْل) الضَّمِير فِي أَنه يرجع إِلَى عبد الله بن عمر لَا إِلَى عمر يدل عَلَيْهِ رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن عون عَن نَافِع قَالَ: [حم ( أصَاب ابْن عمر جَنَابَة فَأتى عمر فَذكر ذَلِك لَهُ فَأتى عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأمره فَقَالَ: ليتوضأ وليرقد) [/ حم وَكَذَلِكَ الضَّمِير فِي لَهُ، يرجع إِلَى عبد الله بن عمر لَا إِلَى عمر.
فَإِن قلت: ظَاهر عبارَة البُخَارِيّ يدل على أَن الضَّمِير فِي أَنه وَله يرجع إِلَى عمر.
قلت: الظَّاهِر كَذَا، وَلَكِن رِوَايَة النَّسَائِيّ بيّنت أَن الضَّمِير لعبد الله، فَكَأَنَّهُ حضر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن ذكر عمر ذَلِك، فَلهَذَا خاطبه بقوله: ( تَوَضَّأ واغسل ذكرك) وَإِن لم يكن حضر فالخطاب لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَنَّهُ جَوَاب استفتائه، وَلكنه يرجع إِلَى ابْنه عبد الله لِأَن الاستفتاء من عمر لأجل عبد الله كَمَا دلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ قَوْله: ( فَقَالَ لَهُ) لَيست لَفْظَة لَهُ بموجودة فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ قَوْله: ( تَوَضَّأ واغسل ذكرك) مَعْنَاهُ إجمع بَينهمَا لِأَن الْوَاو وَلَا تدل على التَّرْتِيب لِأَنَّهُ من الْمَعْلُوم أَن يقدم غسل الذّكر على الْوضُوء وَفِي رِوَايَة أبي نوح عَن مَالك: اغسل ذكرك ثمَّ تَوَضَّأ ثمَّ نم وَهُوَ على الأَصْل.

وَفِيه: رد على من حمل الرِّوَايَة الأولى على ظَاهرهَا وَأَجَازَ تَقْدِيم الْوضُوء على غسل الذّكر لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوضُوء ينقصهُ الْحَدث وَإِنَّمَا هُوَ للتعبد.