فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا عدل رجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرا، أو قال: ما علمت إلا خيرا

( بابٌُ إذَا عَدَّلَ رجُلٌ أحَداً فَقَالَ لَا نَعْلَمُ إلاَّ خيرا أوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ إلاَّ خيْراً)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا عدل رجل أحدا، وَقَوله: أحدا، هُوَ الْكشميهني رِوَايَة، وَفِي رِوَايَة غَيره: إِذا عدل رجل رجلا، وَعدل، بتَشْديد الدَّال: من التَّعْدِيل.
قَوْله: فَقَالَ: أَي: الْمعدل، لَا نعلم إلاَّ خيرا أَو: مَا علمت إلاَّ خيرا، وَلم يذكر جَوَاب إِذا الَّذِي هُوَ حكم الْمَسْأَلَة لأجل الْخلاف، وروى الطَّحَاوِيّ عَن أبي يُوسُف أَنه إِذا قَالَ ذَلِك قبلت شَهَادَته، وَلم يذكر خلافًا عَن الْكُوفِيّين فِي ذَلِك، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث الْإِفْك على مَا يَأْتِي حَدِيث الْإِفْك، وَعَن مُحَمَّد: لَا بُد أَن يَقُول الْمعدل هُوَ عدل جَائِز الشَّهَادَة، وَالأَصَح أَنه يَكْتَفِي بقوله هُوَ عدل، وَذكر ابْن التِّين عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا أنعم مدح الرجل، قَالَ: مَا علمنَا إلاَّ خيرا، وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه أنكر أَن يكون قَوْله: لَا أعلم إلاَّ خيرا، تَزْكِيَة،.

     وَقَالَ : لَا يكون تَزْكِيَة حَتَّى يَقُول رضَا، وَأرَاهُ عدلا رضَا.
وَذكر الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي، قَالَ: لَا تقبل فِي التَّعْدِيل إلاَّ أَن يَقُول: عدل عَليّ ولي، ثمَّ لَا يقبله حَتَّى يسْأَله عَن مَعْرفَته، فَإِن كَانَ يعرف حَاله الْبَاطِنَة يقبل، وإلاَّ لم يقبل ذَلِك، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَالأَصَح عندنَا يَعْنِي الشَّافِعِيَّة أَنه يَكْفِي أَن يَقُول: هُوَ عدل، وَلَا يشْتَرط: عَليّ ولي.

[ قــ :2522 ... غــ :2637 ]
- حدَّثنا حَجَّاجٌ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ حدَّثنا ثَوْبَانُ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ حدَّثني يونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ وابنُ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةُ بنُ وقَّاص وعُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله عنْ حَدِيثِ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وبعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصدِّقُ بَعْضاً حينَ قَالَ لَها أهل الْإِفْك مَا قَالُوا فدعى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا وَأُسَامَة حِين استليت الْوَحْي يستأمرها فِي فِرَاق أَهله فأمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ أهلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلاَّ خَيْراً وقالتْ بَريرَةُ إنْ رأيْتَ علَيْها أمْراً أغْمِصُهُ أكثَرَ مِنْ أنَّها جارِيةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنامُ عنْ عَجِينِ أهْلِهَا فَتأتِي الدَّاجُن فتَأْكُلُهُ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ يَعْذِرُنا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أذاهُ فِي أهْلِ بَيْتِي فَوالله مَا عَلِمْتُ مِنْ أهْلِي إلاَّ خيْراً ولَقدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلاَّ خَيْراً..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَا نعلم إِلَّا خيرا) وَرِجَاله: حجاج بن الْمنْهَال، وَفِي بعض النّسخ مَذْكُور باسم أَبِيه، وَعبد الله ابْن عمر بن غَانِم النميري، بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء.
قَالَ فِي ( تَهْذِيب الْكَمَال) : روى عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي وَيزِيد الرقاشِي وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُد.

     وَقَالَ  ابْن مَنْدَه: نزل أفريقية، وَذكره مُصَنف ( رجال الصَّحِيحَيْنِ) : من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَبَقِيَّة الرِّجَال مَشْهُورُونَ، وَعبيد الله بن عبد الله بن ععتبة.
وَفِيه: رِوَايَة التابعة عَن أَرْبَعَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد.

وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع فِي الشَّهَادَات أَيْضا عَن أبي الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد، وَفِي الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الْإِيمَان وَالنُّذُور وَفِي الِاعْتِصَام عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَفِي الْجِهَاد وَفِي التَّوْحِيد وَفِي الشَّهَادَات وَفِي الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الْإِيمَان وَالنُّذُور أَيْضا عَن الْحجَّاج، وَفِي التَّوْحِيد أَيْضا عَن يحيى بن بكير، وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي بِهِ، وَعَن حبَان بن مُوسَى وَعَن حسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد وَعَن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن رَافع وَعبد بن حميد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن أبي دَاوُد سُلَيْمَان بن سيف الْحَرَّانِي وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.
وَأخرجه البُخَارِيّ هُنَا مُخْتَصرا، وَلم يَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: لَا، إِلَى قَوْله: ( وَلَا نعلم إلاَّ خيرا) ، وَفِيه عَن اللَّيْث مُعَلّقا وَهُوَ قَوْله:.

     وَقَالَ  اللَّيْث: حَدثنِي يُونُس، وَوَصله فِي كتاب التَّفْسِير: عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس ... إِلَى آخِره، على مَا سَيَجِيءُ بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قَوْله: ( وَبَعض حَدِيثهمْ) مُبْتَدأ وَقَوله: ( يصدق بَعْضًا) خَبره وَالْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( أهل الْإِفْك) بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء، والإفك فِي الأَصْل: الْكَذِب، وَأَرَادُوا بِهِ هَهُنَا: مَا كذب على عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، مِمَّا رميت بِهِ.
قَوْله: ( استلبث) استفعل من اللّّبْث وَهُوَ الإبطاء والتأخر، يُقَال: لبث يلبث لبثاً بِسُكُون الْبَاء وَقد يفتح، وَيُقَال: اللّّبْث، بِفَتْح اللَّام الإسم، وبالضم: الْمصدر.
قَوْله: ( يستأمرهما) أَي: يشاورهما.
قَوْله: ( فَقَالَ: أهلك) أَي: فَقَالَ أُسَامَة: أهلك بِالنّصب أَي: إلزم أهلك، وَيجوز بِالرَّفْع أَي: هِيَ أهلك أَو أهلك غير مطعون عَلَيْهِ، وَنَحْوه.
قَوْله: ( بَرِيرَة) ، هِيَ مولاة عَائِشَة.
قَوْله: ( إِن رَأَيْت عَلَيْهَا) أَي: مَا رَأَيْت عَلَيْهَا، كلمة: إِن، النافية بِمَعْنى: مَا، للنَّفْي.
قَوْله: ( أغمصه) ، بالغين الْمُعْجَمَة وَالصَّاد الْمُهْملَة أَي: أعيبها بِهِ ويطعن بِهِ عَلَيْهَا، يُقَال: أغمصه فلَان: إِذا استصغره وَلم يره شَيْئا، وغمصت عَلَيْهِ قولا أَي: أعيبه عَلَيْهِ.
قَوْله: ( الدَّاجِن) بِالدَّال الْمُهْملَة وَكسر الْجِيم: هُوَ شَاة ألفت الْبيُوت واستأنست، وَمن الْعَرَب من يَقُولهَا بِالْهَاءِ، وَسَيَأْتِي تَمام الْكَلَام عَن قريب بعد: أَبُو أَيُّوب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.