فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما يكره من الإطناب في المدح، وليقل ما يعلم

( بابُُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الإطْنَابِ فِي المَدْحِ ولْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يكره من الإطناب فِي مدح الرجل، والإطناب، بِكَسْر الْهمزَة فِي الْكَلَام: الْمُبَالغَة فِيهِ.
قَوْله: ( وَليقل) ، أَي: المادح، مَا يُعلمهُ فِي الممدوح وَلَا يتجاوزه وَلَا يطنب فِيهِ.



[ قــ :2548 ... غــ :2663 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حدَّثنا بُرَيْدُ بنُ عبْدِ الله عنْ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوساى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سَمِعَ النبيَّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلاً يُثْنِي علَى رَجُلٍ ويُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ فَقَالَ أهْلكْتُمْ أوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ.

( الحَدِيث 3662 طرفه فِي: 0606) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ويطريه فِي مدحه) ، وَهُوَ ظَاهر.
فَإِن قلت: كَيفَ دلّ الحَدِيث على الْجُزْء الْأَخير من التَّرْجَمَة، وَهُوَ قَوْله: وَليقل مَا يعلم؟ قلت: الَّذِي يطنب لَا بُد أَن يَقُول بِمَا لَا يعلم، لِأَنَّهُ لَا يطلع على سَرِيرَته وخلواته، فيستقضي أَن لَا يطنب، وَهَذَا الحَدِيث بِمَعْنى الحَدِيث السَّابِق، لِأَنَّهُمَا متحدان فِي الْمَعْنى، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الثَّنَاء على الرجل فِي وَجهه لَا يكره، وَإِنَّمَا يكره الإطناب، فَلذَلِك ذكر هَذِه التَّرْجَمَة.

وَمُحَمّد بن الصَّباح، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: مر فِي الصَّلَاة، وَإِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّاء أَبُو زِيَاد الْأَسدي، مَوْلَاهُم الخلقاني الْكُوفِي، وبريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله بن أبي بردة، بِضَم الْبَاء أَيْضا، يروي عَن أبي بردة وَهُوَ جده، وجده يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَهُوَ عبد الله بن قيس، وَاسم أبي بردة: الْحَارِث، وَيُقَال: عَامر، وَيُقَال: اسْمه كنيته.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب، وَمُسلم فِي آخر الْكتاب، كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّاء.

قَوْله: ( رجلا يثني على رجل) ، يحْتَمل أَن يَكُونَا مَا ذَكرْنَاهُ فِي الحَدِيث الْمَاضِي.
قَوْله: ( ويطريه) بِضَم الْيَاء من الإطراء، وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي الْمَدْح، وَيُقَال أطراه أَي: مدحه، وَجَاوَزَ الْحَد فِيهِ، وَذكره الْجَوْهَرِي فِي معتل اللَّام اليائي.
وَإِنَّمَا قَالَ: ( أهلكتم) ، لِئَلَّا يغتر الرجل وَيرى أَنه عِنْد النَّاس كَذَلِك بِتِلْكَ الْمنزلَة ليحصل مِنْهُ الْعجب فيجد إِلَيْهِ سَبِيلا.