فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أمر بإنجاز الوعد

( بابُُ مَنْ أمَرَ بإنْجَازِ الوَعْدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من أَمر بإنجاز الْوَعْد، أَي: الْوَفَاء بِهِ، يُقَال: أنْجز الْوَعْد إنجازاً أوفى بِهِ، ونجز الْوَعْد وَهُوَ ناجز إِذا حصل وَتمّ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَجه تعلق هَذَا الْبابُُ بِأَبْوَاب الشَّهَادَات هُوَ أَن الْوَعْد كَالشَّهَادَةِ على نَفسه.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إنجاز الْوَعْد مَأْمُور بِهِ مَنْدُوب إِلَيْهِ عِنْد الْجَمِيع، وَلَيْسَ بِفَرْض، لاتفاقهم على أَن الْمَوْعُود لَا يضارب بِمَا وعد بِهِ مَعَ الْغُرَمَاء، وَلَا خلاف فِي أَن ذَلِك مستحسن، وَقد أثنى الله تَعَالَى على من صدق وعده، وَفِي بنذره، وَذَلِكَ من مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَلما كَانَ الشَّارِع أَمر النَّاس بهَا وندبهم إِلَيْهَا أدّى ذَلِك عَنهُ خَلِيفَته الصّديق، وَقَامَ فِيهِ مقَامه، وَلم يسْأَل جَابِرا الْبَيِّنَة على مَا ادَّعَاهُ على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعدة، لِأَنَّهُ لم يكن شَيْئا ادَّعَاهُ جَابر فِي ذمَّة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا ادّعى شَيْئا فِي بَيت المَال، والفيء، وَذَلِكَ موكول إِلَى اجْتِهَاد الإِمَام، وَعَن بعض الْمَالِكِيَّة إِن ارْتبط الْوَعْد بِسَبَب وَجب الْوَفَاء بِهِ وإلاَّ لَا، فَمن قَالَ: لآخر: تزوج وَلَك كَذَا، فَتزَوج لذَلِك وَجب الْوَفَاء بِهِ.
وفَعَلَهُ الحَسَنُ
أَي: فعل إنجاز الْوَعْد الْحسن الْبَصْرِيّ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْفِعْل، بِلَفْظ الْمصدر، وَالْحسن صفة مشبهة صفة للْفِعْل، وَفِي بَعْضهَا: فعل بِلَفْظ الْمَاضِي، وَالْحسن الْبَصْرِيّ.
قلت: الْوَجْه الأول أحسن وأوجه على مَا لَا يخفى، وَمَعْنَاهُ فعل إنجاز الْوَعْد الْحسن، فارتفاع الْحسن فِي هَذَا الْوَجْه مَرْفُوع على الوصفية، على الْوَجْه الثَّانِي يكون ارتفاعه بالفاعلية، فَافْهَم.

وذَكَرَ { إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ} ( مَرْيَم: 45) .

أَي: ذكر الله تَعَالَى إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كِتَابه الْكَرِيم بقوله: { وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد} ( مَرْيَم: 45) .
وَهَذَا الَّذِي فِي الْمَتْن رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة غَيره { وَاذْكُر فِي الْكتاب ... } ( مَرْيَم: 45) .
إِلَى آخِره، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الثَّوْريّ أَنه بلغه أَن إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل قَرْيَة هُوَ وَرجل، فَأرْسلهُ فِي حَاجَة،.

     وَقَالَ  لَهُ: إِنَّه ينتظره، فَأَقَامَ حولا فِي انْتِظَاره، وَمن طَرِيق ابْن شَوْذَب: أَنه اتخذ ذَلِك الْموضع مسكنا، فَسُمي من يَوْمئِذٍ: صَادِق الْوَعْد.

وقَضاى ابنُ الأشْوَعِ بِالوَعْدِ

ابْن الأشوع هُوَ سعيد بن عَمْرو بن الأشوع الْهَمدَانِي قَاضِي الْكُوفَة فِي زمَان إِمَارَة خَالِد الْقَسرِي على الْعرَاق، وَذَلِكَ بعد الْمِائَة، مَاتَ فِي ولَايَة خَالِد، وَذكره ابْن حبَان فِي ( الثِّقَات) .

     وَقَالَ  يحيى بن معِين: مَشْهُور يعرفهُ النَّاس، وَابْن الأشوع، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو وَفِي آخِره عين مُهْملَة.
قَوْله: ( بالوعد) أَي: بإنجاز الْوَعْد.

وذَكَرَ ذالِكَ عنْ سَمُرَةَ
أَي: ذكر ابْن الأشوع الْقَضَاء بإنجازالوعد عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقع ذَلِك فِي تَفْسِير إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه.

وَقَالَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وذكَرَ صِهْرَاً لَهُ قَالَ: وعَدَنِي فوَفَى لي
الْمسور، بِكَسْر الْمِيم، ومخرمة بِفَتْحِهَا.
قَوْله: ( وَذكر) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صهراً لَهُ يَعْنِي: أَبَا الْعَاصِ بن الرّبيع زوج زَيْنَب بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقيل: يَعْنِي أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَاعْلَم أَن الْأخْتَان من قبل المرإة، والأحماء من قبل الرجل، والصهر يجمعهما، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صهر أبي الرّبيع لِأَنَّهُ كَانَ زوج بنته زَيْنَب، وصهر أبي بكر الصّديق أَيْضا لِأَنَّهُ كَانَ زوج بنته عَائِشَة الصديقة.
قَوْله: ( قَالَ: وَعَدَني) أَي: قَالَ وَمِنْهَا: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( صهري وَعَدَني فوفى لي) ، ويروى: فوفاني، ويروى فأوفاني.

قَالَ أَبُو عَبْدِ الله ورَأيْتُ إسْحَاقَ بنَ إبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابنِ الأشْوَعَ
أَبُو عبد الله البُخَارِيّ نَفسه، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن رَاهَوَيْه.
قَوْله: ( يحْتَج بِحَدِيث ابْن الأشوع) ، هُوَ الحَدِيث الَّذِي ذكره عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، وَأَرَادَ بِهِ أَنه كَانَ يحْتَج بِهِ فِي القَوْل بِوُجُوب إنجاز الْوَعْد، وَوَقع فِي كثير من النّسخ: ذكر إِسْمَاعِيل، بَين التَّعْلِيق عَن ابْن الأشوع وَبَين نقل البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق، وَالَّذِي وَقع فِي نسختنا أولى.



[ قــ :2563 ... غــ :2681 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثنا إبرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عَن صالِحٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أخبرهُ قَالَ أخبرَنِي أبُو سُفْيَانَ أنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سألْتُكَ مَاذَا يأمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أنَّهُ أمرَكُمْ بالصَّلاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والوَفاءِ بالعَهْدِ وأداءِ الأمانَةِ قَالَ وهاذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَالْوَفَاء بالعهد) ، يَعْنِي: كَانَ صَادِق الْوَعْد، وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة وَأَبُو إِسْحَاق الزبيرِي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمَدِينِيّ، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان أَبُو مُحَمَّد مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة ابْن مَسْعُود، وَهَذَا قِطْعَة من حَدِيث قصَّة هِرقل، ذكره فِي أول الْكتاب، وَذكرنَا هُنَاكَ مَا فِيهِ الْكِفَايَة.





[ قــ :564 ... غــ :68 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرَ عنْ أبِي سُهَيْلِ نافعِ بنِ مالِكِ ابنِ أبِي عامرٍ عنْ أبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آيةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذا حَدَّثَ كَذَبَ وإذَا ائْتُمِنَ خانَ وإذَا وعَدَ أَخْلَفَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( وَإِذا وعد أخلف) ، لِأَن ضِدّه: إِذا وعد صدق، فَسلم من طَائِفَة النِّفَاق، وصادق الْوَعْد ينْدب مِنْهُ إنجاز وعده، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بابُُ عَلامَة الْمُنَافِق، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن سُلَيْمَان بن أبي الرّبيع عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وَهنا: عَن قُتَيْبَة عَن إِسْمَاعِيل.





[ قــ :565 ... غــ :683 ]
- ( حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى قَالَ أخبرنَا هِشَام عَن ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُم قَالَ لما مَاتَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ أَبَا بكر مَال من قبل الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ أَبُو بكر من كَانَ لَهُ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دين أَو كَانَت لَهُ قبله عدَّة فليأتنا قَالَ جَابر فَقلت وَعَدَني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يعطيني هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَبسط يَدَيْهِ ثَلَاث مَرَّات قَالَ جَابر فعد فِي يَدي خَمْسمِائَة ثمَّ خَمْسمِائَة ثمَّ خَمْسمِائَة) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله " أَو كَانَت لَهُ قبله عدَّة " أَي وعد وَهَذَا لَوْلَا أَن إنجاز الْوَعْد أَمر مَرْغُوب مَنْدُوب إِلَيْهِ لما الْتزم أَبُو بكر بذلك بعد وَفَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقيل أَن ذَلِك من خَصَائِص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلذَلِك دفع أَبُو بكر إِلَى جَابر مَا كَانَ وعده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير وَهِشَام بن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن الْيَمَانِيّ قاضيها وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَقد مضى مثل هَذَا الحَدِيث فِي الْكفَالَة فِي بابُُ من تكفل عَن ميت دينا فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار إِلَى آخِره قَوْله " من قبل الْعَلَاء " بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي من جِهَته والْعَلَاء بِالْمدِّ ابْن الْحَضْرَمِيّ عبد الله كَانَ عَاملا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْبَحْرين وَأقرهُ الشَّيْخَانِ عَلَيْهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة أَربع عشرَة



[ قــ :566 ... غــ :684 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم قَالَ أخبرنَا سعيد بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا مَرْوَان بن شُجَاع عَن سَالم الْأَفْطَس عَن سعيد بن جُبَير قَالَ سَأَلَني يَهُودِيّ من أهل الْحيرَة أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قلت لَا أَدْرِي حَتَّى أقدم على حبر الْعَرَب فأسأله فَقدمت فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ قضى أكثرهما وأطيبهما إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَالَ فعل) مطابقته للتَّرْجَمَة من قَوْله إِذا قَالَ فعل لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أما مُوسَى أَو غَيره على مَا نذكرهُ من محَاسِن أخلاقه من إنجاز وعده وَكَذَا أَي رَسُول كَانَ لِأَن وعدهم صَادِق وَلَا خلف عِنْدهم.
( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة.
الأول مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ صَاعِقَة.
الثَّانِي سعيد بن سُلَيْمَان الْمَشْهُور بسعدويه الْبَغْدَادِيّ وَقد مر.
الثَّالِث مَرْوَان بن شُجَاع أَبُو عَمْرو مولى مَرْوَان بن مُحَمَّد بن الحكم الْقرشِي الْأمَوِي الْجَزرِي مَاتَ بِبَغْدَاد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
الرَّابِع سَالم بن عجلَان الْأَفْطَس قتل صبرا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة.
الْخَامِس سعيد بن جُبَير.
السَّادِس عبد الله بن عَبَّاس ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه سُؤال الْيَهُودِيّ عَن سعيد بن جُبَير وسؤال سعيد عَن ابْن عَبَّاس وَفِيه أَن سالما لَيْسَ لَهُ رِوَايَة فِي البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا وَآخر فِي الطِّبّ وَكَذَا الرَّاوِي عَنهُ مَرْوَان وَفِيه أَن سعيد بن سُلَيْمَان من مَشَايِخ البُخَارِيّ وَكَثِيرًا يروي عَنهُ بِدُونِ الْوَاسِطَة وَهنا روى عَنهُ بِوَاسِطَة وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " من أهل الْحيرَة " بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الرَّاء مَدِينَة مَعْرُوفَة بالعراق قريب الْكُوفَة وَكَانَت للنعمان بن الْمُنْذر قَوْله " أَي الْأَجَليْنِ " أَي الْمشَار إِلَيْهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى { ثَمَانِي حجج فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك} قَوْله " حَتَّى أقدم " أَي على ابْن عَبَّاس بِمَكَّة قَوْله " على حبر الْعَرَب " بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء الْمُوَحدَة وَنَصّ أَبُو الْعَبَّاس فِي فصيحه على فتح الْحَاء وَفِي الْمُخَصّص عَن صَاحب الْعين هُوَ الْعَالم من عُلَمَاء الدّيانَة مُسلما كَانَ أَو ذِمِّيا بعد أَن يكون كتابيا وَالْجمع أَحْبَار وَذكر الْمُطَرز عَن ثَعْلَب يُقَال للْعَالم حبر وَحبر.

     وَقَالَ  الْمبرد سمي حبرًا لِأَنَّهُ مِمَّا يحبر بِهِ الْكتب أَي تحسن وَفِي الواعي سمي الْعَالم حبرًا لتأثيره فِي الْكتب لِأَن الحبر والحبار الْأَثر.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير وَكَانَ يُقَال لِابْنِ عَبَّاس الحبر وَالْبَحْر لعلمه وسعته وَاخْتلفُوا فِيمَن سَمَّاهُ بذلك فَذكر أَبُو نعيم الْحَافِظ أَن عبد الله انْتهى يَوْمًا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ " إِنَّه كَائِن حبر هَذِه الْأمة فاستوص بِهِ خيرا " وَفِي المنثور لِابْنِ دُرَيْد الْأَزْدِيّ أَن عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما أرسل ابْن عَبَّاس رَسُولا إِلَى جرجير ملك الْمغرب فَتكلم مَعَه فَقَالَ لَهُ جرجير مَا يَنْبَغِي إِلَّا أَن يكون حبر الْعَرَب فَسُمي عبد الله من يَوْمئِذٍ الحبر قَوْله " قضى أكثرهما وأطيبهما " كَذَا رَوَاهُ سعيد بن جُبَير مَوْقُوفا وَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع لِأَن ابْن عَبَّاس كَانَ لَا يعْتَمد على أهل الْكتاب وَقد صرح بِرَفْعِهِ عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام " أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ أتمهما وأكملهما " وَفِي حَدِيث جَابر أَوْفَاهُمَا وَفِي حَدِيث أبي سعيد أتمهما وأطيبهما عشر سِنِين وَالْمرَاد بالأطيب أَي فِي نفس شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَالَ فعل " قَالَ الْكرْمَانِي أَي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَو أَرَادَ جنس الرَّسُول فيتناوله تناولا أوليا.

     وَقَالَ  بَعضهم المُرَاد برَسُول الله من اتّصف بذلك وَلم يرد شخصا بِعَيْنِه -