فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كيف يكتب هذا: ما صالح فلان بن فلان، وفلان بن فلان، وإن لم ينسبه إلى قبيلته أو نسبه

( بابٌُ كيْفَ يُكْتَبُ هاذَا مَا صالَحَ فُلانُ بنُ فُلانٍ وفُلانُ بنُ فُلانٍ وإنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى نَسَبِهِ أوْ قَبِيلَتِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: كَيفَ يكْتب كتاب الصُّلْح، يكْتب: هَذَا مَا صَالح فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فلَان، فيكتفى بِهَذَا الْمِقْدَار إِذا كَانَ مَشْهُورا مَعْرُوفا بَين النَّاس، وَلَا يحْتَاج أَن ينْسب فِي الْكتاب إِلَى نسبه أَو إِلَى قبيلته، وَأما الَّذِي يَكْتُبهُ أهل الوثائق ويذكرون فِيهِ اسْمه وَاسم جده، ويذكرون نسبته إِلَى شَيْء من الْأَشْيَاء فَهُوَ احْتِيَاط لخوف اللّبْس والاشتباه، فَإِذا أَمن من ذَلِك تكون الْكِتَابَة بذلك على سَبِيل الِاسْتِحْبابُُ: ألاَ يَرَى أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْتصر فِي كتاب المقاضاة مَعَ الْمُشْركين على أَن كتب: مُحَمَّد بن عبد الله، وَلم يزدْ عَلَيْهِ لما أَمن الالتباس فِيهِ، لِأَنَّهُ لم يكن هَذَا الِاسْم لأحد غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَكِن الْفُقَهَاء استحبوا أَن يكْتب اسْمه وَاسم أَبِيه وجده وَنسبه، لرفع الْإِشْكَال.
وَقل مَا يَقع مَعَ ذكر هَذِه الْأَرْبَعَة اشْتِبَاه فِي اسْمه، وَلَا التباس فِي أمره.



[ قــ :2579 ... غــ :2698 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدَرٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عَن أبِي إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ ابنَ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لمَّا صالحَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهْلَ الحُدَيْبِيَةِ كتَبَ علَيُّ بينَهُمْ كِتاباً فكَتَبَ مُحَمَّدٌ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ المُشْرِكُونَ لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رسولُ الله لَوْ كُنْتَ رَسُولا لَمْ نُقَاتِلْكَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ امْحُهُ فَقَالَ علِيُّ مَا أَنا بِالَّذِي أمْحاهُ فَمحَاهُ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ وصالَحَهُمْ على أنْ يَدْخُلَ هُوَ وأصْحَابُهُ ثَلاثَةَ أيَّامٍ وَلَا يَدْخُلُوهًّ إلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ فَسألُوهُ مَا جُلُبَّانِ السِّلاحِ فَقَالَ القِرَابُ بِمَا فِيهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَكتب: مُحَمَّد رَسُول الله) ، حَيْثُ لم يذكر اسْم أَبِيه وَلَا اسْم جده، لِأَنَّهُ لم يكن هَذَا الإسم إلاَّ لَهُ، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي الْهَمدَانِي الْكُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار كِلَاهُمَا وَعَن غنْدر وَعَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج عَن أَحْمد ابْن حَنْبَل عَن غنْدر.

قَوْله: ( إمحه) ، أَمر بِفَتْح الْحَاء وَضمّهَا، يُقَال: محوت الشَّيْء أمحوه وأمحاه، وَقَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا أَنا بِالَّذِي أمحاه، لَيْسَ بمخالفة لأمر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ علم بِالْقَرِينَةِ أَن الْأَمر لَيْسَ للْإِيجَاب.
قَوْله: ( إِلَّا بجلبَّان السِّلَاح) ، بِضَم الْجِيم وَاللَّام وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، كَذَا ضَبطه ابْن قُتَيْبَة، وَبَعض الْمُحدثين، قَالَ: وَهُوَ أوعية السِّلَاح بِمَا فِيهَا، قَالَ: وَمَا أرَاهُ سمى بِهِ إلاَّ بجفائه، وَلذَلِك قيل للْمَرْأَة الجافية الغليظة: جلبانة، وَقد فسر فِي الحَدِيث بِأَنَّهَا القراب، بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف الرَّاء وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، وَهُوَ شَيْء يخرز من الْجلد يضع فِيهِ الرَّاكِب سَيْفه بغمده وَسَوْطه ويعلقه فِي الرحل،.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: القراب غمد السَّيْف، والجلبان من الجلبة وَهِي: الْجلْدَة الَّتِي تجْعَل على القتب، والجلدة الَّتِي تغشى التميمة لِأَنَّهَا كالغشاء للقراب.
قَالَ الْخطابِيّ: الجلبان يشبه الجراب من الْأدم، يضع الرَّاكِب فِيهِ سَيْفه بقرابه، وَيَضَع فِيهِ سَوْطه يعلقه الرَّاكِب من وسط رَحْله أَو من آخِره، وَيحْتَمل أَن تكون اللَّام سَاكِنة، وَهُوَ جلب، بِضَم الْجِيم وَاللَّام وَتَشْديد الْبَاء، وَدَلِيله قَوْله فِي رِوَايَة مُؤَمل عَن سُفْيَان: ( إلاَّ بجلب السِّلَاح) ، قَالَ وجلب نفس السِّلَاح كجلب الرحل نفس عيبته، كَأَنَّهُ يُرَاد بِهِ نفس السِّلَاح، وَهُوَ السَّيْف خَاصَّة من غير أَن يكون مَعَه من أدوات الْحَرْب من لَامة ورمح وجحفة وَنَحْوهَا، ليَكُون عَلامَة للأمن، وَالْعرب لَا تضع السِّلَاح إلاَّ فِي الْأَمْن، قَالَ: وَقد جَاءَ: جربان السَّيْف، فِي هَذَا الْمَعْنى،.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: الجربان: قرَاب السَّيْف، فَلَا يُنكر أَن يكون ذَلِك من بابُُ تعاقب اللَّام وَالرَّاء، وَالَّذِي ضَبطه فِي أَكثر الْكتب بجلب السِّلَاح، بِضَم اللَّام وَتَشْديد الْبَاء وَضَبطه الْجَوْهَرِي وَابْن فَارس جربان بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْبَاء بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْبَاء،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: جَرَيَان السَّيْف: قرَابه، وَقيل: حَده، قَوْله: ( القراب بِمَا فِيهِ) ، تَفْسِير الجلبَّان، وَفسّر أَيْضا بِالسَّيْفِ والقوس وَنَحْوه.
وَفِي رِوَايَة: لَا يدْخل مَكَّة سِلَاحا إلاَّ فِي القراب، وَفِي لفظ: وَلَا يحمل سِلَاحا إلاَّ سيوفاً.





[ قــ :580 ... غــ :699 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوساى عنْ إسْرَائِيلَ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنِ البُرَاءِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ اعْتَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذِي القِعْدَةِ فأبَى أهْلُ مَكَّةَ أنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قاضاهُمْ على أنْ يُقيمَ بِها ثَلاثَةَ أيَّامٍ فلَمَّا كَتَبُوا الكِتابَ كتبُوا هاذا مَا قاضاى عليْهِ مُحَمَّدٌ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَا نُقِرُّ بِهَا فلَوْ نَعْلَمُ أنَّكَ رَسوُلُ الله مَا مَنَعْنَاكَ لاكِنْ أنْتَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ أَنا رسولُ الله وأنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ امْحُ رسولُ الله قَالَ لَا وَالله لَا أمْحُوكَ أبَدَاً فأخذَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكِتَابَ فَكَتَبَ هاذَا مَا قاضاى عليْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله لَا يدْخُلُ مَكَّةَ سلاَحٌ إلاَّ فِي القِرَابِ وأنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أهْلِهَا بأحَدٍ إنْ أرادَ أنْ يَتَّبِعَهُ وأنْ لَا يَمْنَعَ أحَداً مِنْ أصْحَابِهِ أرادَ أنْ يُقِيمَ بِهَا فلَمَّا دَخَلَهَا ومَضاى الأجَلُ أتَوْا عَلِيَّاً فَقَالُوا قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقدْ مَضاى الأجَلُ فَخَرجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتَبِعَتْهُمْ ابنَةُ حَمْزَةَ يَا عَمِّ يَا عَمِّ فَتنَاوَلَها علِيُّ فأخذَ بِيَدِهَا.

     وَقَالَ  لِفَاطِمَةَ علَيْهَا السَّلامُ دُونَكِ ابْنةَ عَمِّكِ حَمَلَتْها فاختَصَمَ فِيها علِيٌّ وزيْدٌ وجَعْفَرٌ فَقَالَ علِيٌّ أَنا أحَقُّ بِهَا وَهِي ابْنةُ عَمِّي.

     وَقَالَ  جَعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّي وخالَتُهَا تَحْتِي.

     وَقَالَ  زيْدٌ ابنَةُ أخِي فَقضاى بِهَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِخَالَتِهَا.

     وَقَالَ  الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ.

     وَقَالَ  لِعَلِيٍّ أنْتَ مِنِّي وأنَا منْكَ.

     وَقَالَ  لِجَعْفَر أشْبهْتَ خَلْقي وخُلُقِي.
.

     وَقَالَ  لِزَيْدٍ أنْتَ أخُونا وموْلانَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَلَفظ المقاضاة يدل عَلَيْهَا، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، يروي عَن جده.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا.

قَوْله: ( فِي ذِي الْقعدَة) ، بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الْعين.
قَوْله: ( أَن يَدَعُوه) ، أَي: أَن يَتْرُكُوهُ.
قَوْله: ( حَتَّى قاضاهم) ، معنى قاضى، فاصل، وأمضى أَمرهمَا عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَعْنى صَالح، وَمِنْه: قضى القَاضِي إِذا فصل الحكم وأمضاه.
قَوْله: ( هَذَا) ، إِشَارَة إِلَى مَا فِي الذِّهْن، مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: مَا قاضى، ومقوله: ( لَا نقربها) ، قَوْله: أَي بالرسالة.
قَوْله: ( فَلَو نعلم) ، إعلم أَن لَو للماضي، وَإِنَّمَا عدل هُنَا إِلَى الْمُضَارع ليدل على الِاسْتِمْرَار، أَي: اسْتمرّ عدم علمنَا برسالتك، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، قَوْله: { لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنِتُّم} ( الحجرات: 7) .
قَوْله: ( فَأخذ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكتاب فَكتب) ، أَي: أَمر عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَكتب، كَقَوْلِك: ضرب الْأَمِير، أَي: أَمر بِهِ.
.

     وَقَالَ  الشَّيْخ أَبُو الْحسن: مَا رَأَيْت هَذَا اللَّفْظ: فَكتب، إلاَّ فِي هَذَا الْموضع، وَقيل: إِنَّه مُخْتَصّ بِهَذَا الْموضع، وَقيل: إِنَّه كالرسم، لِأَن بعض من لَا يكْتب يرسم اسْمه بِيَدِهِ لتكراره عَلَيْهِ، وَقيل: وَكتب، وَأما قَوْله: { وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب} ( العنكبوت: 84) .
الْآيَة، لِأَنَّهُ تَلا بعد، وَأما قَوْله: ( إِنَّا أمة أُميَّة لَا نكتب وَلَا نحسب) ، لِأَنَّهُ كَانَ فيهم من يكْتب، لَكِن عَادَة الْعَرَب يسمون الْجُمْلَة باسم أَكْثَرهَا، فَلذَلِك كَانَ أَكثر أمره أَن لَا يحسن، فَكتب مرّة.
وَقيل: لما أَخذ الْقَلَم أوحى الله إِلَيْهِ فَكتب، وَقيل: مَا مَاتَ حَتَّى كتب، وَقيل: كتب على الِاتِّفَاق من غير قصد، وَوَقع فِي بعض نسخ أَطْرَاف أبي مَسْعُود أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ الْكتاب، وَلم يحسن أَن يكْتب، فَكتب مَكَان رَسُول الله: مُحَمَّدًا، وَكتب: ( هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد) وَالثَّابِت مَا ذَكرْنَاهُ أَنه أَمر عليا فَكتب.
وَفِي رِوَايَة: فَأخذ الْكتاب، وَلَيْسَ يحسن يكْتب وَأَن من معجزاته أَنه يحسن من وقته، لِأَنَّهُ خرق للْعَادَة،.

     وَقَالَ  بِهِ أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ وَأَبُو الْفَتْح النَّيْسَابُورِي وَأَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ، وصنف فِيهِ وَأنكر عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: وَكتب على ذَلِك الْيَوْم نسختين إِحْدَاهمَا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأُخْرَى مَعَ سُهَيْل، وَشهد فيهمَا أَبُو بكر وَعمر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَأَبُو عُبَيْدَة ابْن الْجراح وَمُحَمّد بن مسلمة وَمِكْرَز بن حَفْص وَهُوَ يَوْمئِذٍ مُشْرك وَحُوَيْطِب بن عبد الْعُزَّى.
قَوْله: ( هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله: لَا يدْخل مَكَّة) هَذَا إِشَارَة إِلَى مَا فِي الذِّهْن مُبْتَدأ وَقَوله: مَا قاضى، خَبره، ومفسر لَهُ.
وَقَوله: لَا يدْخل، تَفْسِير للتفسير.
قَوْله: ( وَأَن لَا يخرج من أَهلهَا بِأحد إِن أَرَادَ أَن يتبعهُ) لَا يخرج، بِضَم الْيَاء من الْإِخْرَاج من أَهلهَا، أَي: من أهل مَكَّة.
فَإِن قلت: خرجت بنت حَمْزَة وَمَضَت مَعَه؟ قلت: النِّسَاء لم يدخلن فِي الْعَهْد، وَالشّرط إِنَّمَا وَقع فِي الرِّجَال فَقَط، وَقد بَينه البُخَارِيّ فِي كتاب الشُّرُوط بعد هَذَا، وَفِي بعض طرقه: فَقَالَ سُهَيْل: وعَلى أَن لَا يَأْتِيك منَّا رجل هُوَ على دينك إلاَّ رَددته إِلَيْنَا، وَلم يذكر النِّسَاء، فصح بِهَذَا أَن أَخذه لابنَة حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، كَانَ لهَذِهِ الْعلَّة.
ألاَ ترَاهُ رد أَبَا جندل إِلَى أَبِيه، وَهُوَ الْعَاقِد لهَذِهِ المقاضاة؟.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ، فِيمَا سَيَأْتِي: قَول الله تَعَالَى: { إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات} ( الممتحنة: 1) .
فِيهِ نسخ السّنة بِالْقُرْآنِ، وَهَذَا على أحد الْقَوْلَيْنِ فَإِن هَذَا الْعَهْد كَانَ يَقْتَضِي أَن لَا يَأْتِيهِ مُسلم إلاَّ رده، فنسخ الله تَعَالَى ذَلِك فِي النِّسَاء خَاصَّة، على أَن لفظ المقاضاة: لَا يَأْتِيك رجل، وَهُوَ إِخْرَاج النِّسَاء،.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: وَفِي قَول سُهَيْل: لَا يَأْتِيك منا رجل وَإِن كَانَ على دينك إلاَّ رَددته، مَنْسُوخ عِنْد أبي حنيفَة بِحَدِيث سَرِيَّة خَالِد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حِين وَجهه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خثعم، وَفِيهِمْ نَاس مُسلمُونَ، فَاعْتَصمُوا بِالسُّجُود، فَقَتلهُمْ خَالِد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فوداهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصف الدِّيَة،.

     وَقَالَ : أَنا بَرِيء من كل مُسلم بَين مُشْرِكين.
قَوْله: ( فَلَمَّا دَخلهَا) ، أَي: مَكَّة فِي الْعَام الْمقبل، ( وَمضى الْأَجَل) أَي: قرب انْقِضَاء الْأَجَل، كَقَوْلِه تَعَالَى: { فَإِذا بلغن أَجلهنَّ} ( الْبَقَرَة: 43 وَالطَّلَاق: ) .
وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل لِئَلَّا يلْزم عدم الْوَفَاء بِالشّرطِ.
قَوْله: ( فتبعتهم ابْنة حَمْزَة) ، وَهِي أُمَامَة.
وَقيل: عمَارَة، وَأمّهَا سلمى بنت عُمَيْس.
قَوْله: ( يَا عَم) مرَّتَيْنِ إِن قَالَت لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ عَمها من الرضَاعَة، وَإِن قالته لزيد فَكَانَ مصافياً لِحَمْزَة ومؤاخياً لَهُ.
قَوْله: ( دُونك) ، يَعْنِي: خذيها، وَهُوَ من أَسمَاء الْأَفْعَال، وَفِي رِوَايَة: أَن زيدا أَتَى بهَا، وَاحْتج حِين خَاصم فِيهَا لِأَنَّهُ تجشم الْخُرُوج بهَا، قَالَ ابْن التِّين: أما أَن يكون فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وهم، أَو يكون خرج مرّة فَلم يَأْتِ بهَا وسعت إِلَيْهِ فِي هَذِه الْمرة فَأتى بهَا ( فَتَنَاولهَا عَليّ) رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: وَفِيه: يتَنَاوَل غير ذَات الْمحرم عِنْد الِاضْطِرَار إِلَيْهِ، وَالصَّحِيح أَنَّهَا الْآن ذَات محرم، لِأَن فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أُخْتهَا من الرضَاعَة، وَهِي تَحت عَليّ، فَهِيَ ذَات محرم، إلاَّ أَنَّهَا غير مُؤَبّدَة التَّحْرِيم.
قَوْله: ( حملتها) ، بِلَفْظ الْمَاضِي، وَلَعَلَّ الْفَاء فِيهِ محذوفة، ويروى: احمليها، وَفِي رِوَايَة: احتمليها.
قَوْله: ( فَقَالَ زيد: ابْنة أخي) أَي: قَالَ زيد بن حَارِثَة: هِيَ ابْنة أخي، وَلَيْسَت بابُنة أَخِيه، فَإِن أَبَا زيد هُوَ حَارِثَة، وَأَبا حَمْزَة هُوَ عبد الْمطلب، وَأم حَمْزَة هَالة، وَأم زيد سعدى، وَلَا رضَاع بَينهمَا، لِأَن زيدا كَانَ ابْن ثَمَان سِنِين لما دخل مَكَّة وخالط قُريْشًا، وَإِنَّمَا آخى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين زيد وَبَين حَمْزَة، فَقَالَ ذَلِك بِاعْتِبَار هَذِه المؤاخاة.
قَوْله: ( فَقضى بهَا) ، أَي: بابُنة حَمْزَة ( لخالتها) .
وفيهَا: دلَالَة أَن للخالة حَقًا فِي الْحَضَانَة، فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم.
قَوْله: ( وَقَالَ لعَلي) رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( أَنْت مني) أَي: مُتَّصِل بِي، و: من، هَذِه تسمى اتصالية، فطيب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلُوب الْكل بِنَوْع من التشريف على مَا يَلِيق بِالْحَال.
وَفِيه: منقبة عَظِيمَة جليلة لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأعظم من قَوْله: ( أَنْت مني) قَوْله: ( وَأَنا مِنْك) .
قَوْله: ( أشبهت خَلقي وخُلقي) الأول بِفَتْح الْخَاء وَالثَّانِي بضَمهَا.
قَوْله: ( أَنْت أخونا) أَي بِاعْتِبَار أخوة الْإِسْلَام، وَالْمرَاد بقوله: ( ومولانا) ، الْمولى الْأَسْفَل لِأَنَّهُ أَصَابَهُ سباء فاشتري لِخَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَوَهَبته للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ صبي فَأعْتقهُ وتبناه، قَالَ ابْن عمر: مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إلاَّ زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزلت: { أدعوهم لِآبَائِهِمْ} ( الْأَحْزَاب: 5) .
وآخى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين حَمْزَة، وَعَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، مَا بعث رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، زيد بن حَارِثَة فِي سَرِيَّة إلاَّ أمَّره عَلَيْهِم، وَلَو بَقِي لاستخلفه، قتل بمؤتة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.


(بابُُ الصُّلْحِ مَعَ المُشْرِكِينَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الصُّلْح مَعَ الْمُشْركين.

فِيهِ عنْ أبي سُفْيَانَ

أَي: فِي هَذَا الْبابُُ شَيْء يرْوى عَن أبي سُفْيَان، يَعْنِي: فِي، بابُُ الصُّلْح مَعَ الْمُشْركين مثل الَّذِي مر فِي شَأْن هِرقل، وَهُوَ أَن هِرقل أرسل إِلَيْهِ فِي ركب من قُرَيْش فِي الْمدَّة الَّتِي ماد فِيهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفار قُرَيْش ... الحَدِيث مطولا فِي أول الْكتاب، وَفِيه: وَنحن فِي مُدَّة لَا نَدْرِي مَا هُوَ صانع فِيهَا، وَهِي مُدَّة الصُّلْح بَينهم.

وَقَالَ عَوْفُ بنُ مالِكٍ عنِ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ تَكُونُ هُدْنة بَيْنَكُمْ وبيْنَ بَنِي الأصْفَرِ

هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ بِتَمَامِهِ فِي الْجِزْيَة من طَرِيق أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، وعَوْف بن مَالك ابْن أبي عَوْف الْأَشْجَعِيّ الْغَطَفَانِي أَبُو عبد الله، شهد فتح مَكَّة مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ نزل الشَّام وَسكن دمشق وَمَات بحمص سنة اثْنَيْنِ وَسبعين.
قَوْله: (ثمَّ تكون هدنة) ، بِضَم الْهَاء وَهُوَ الصُّلْح، وَفِيه الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة.
وَبَنُو الْأَصْفَر: الرّوم،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَنْبَارِي: سموا بِهِ لِأَن جَيْشًا من الْحَبَشَة غلب على بِلَادهمْ فِي وَقت، فوطىء نِسَاءَهُمْ فَولدت أَوْلَادًا صفراً بَين سَواد الْحَبَشَة وَبَيَاض الرّوم.

وفيهِ عنْ سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ
أَي: وَفِي الْبابُُ رُوِيَ عَن سهل بن حنيف بن واهب الْأنْصَارِيّ الأوسي أَبُو ثَابت، ويروى: وَفِيه سهل بن حنيف، بِدُونِ كلمة: عَن، وَهَذَا التَّعْلِيق أَيْضا طرف من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ فِي آخر الْجِزْيَة، قَالَ: حَدثنَا عَبْدَانِ أخبرنَا أَبُو حَمْزَة، قَالَ: سَمِعت الْأَعْمَش، قَالَ: سَأَلت أَبُو وَائِل: شهِدت صفّين؟ قَالَ: نعم، فَسمِعت سهل بن حنيف يَقُول: (أتهموا رَأْيكُمْ، رَأَيْتنِي يَوْم أبي جندل، فَلَو استطيع أَن أرد أَمر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لرددته) الحَدِيث.
وَسَهل بن حنيف شهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ بِالْكُوفَةِ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ، وَصلى عَلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وكبَّر سِتَّاً.
وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي: كَذَا، وَفِيه عَن سهل بن حنيف (لقد رَأَيْتنَا يَوْم أبي جندل) .
وَلم يَقع هَذَا فِي رِوَايَة غَيرهمَا.
وَأَبُو جندل: اسْمه الْعَاصِ بن سُهَيْل بن عَمْرو، قتل مَعَ أَبِيه بِالشَّام،.

     وَقَالَ  الْمَدَائِنِي: ثتل سُهَيْل بن عَمْرو باليرموك، وَقيل: مَاتَ فِي طاعون عمواس.
قَوْله: (أتهموا رَأْيكُمْ) ، يُخَاطب بِهِ سهل بن حنيف أَبَا وَائِل، وَمَعْنَاهُ: أَنْتُم أفسدتم رَأْيكُمْ حَيْثُ تركم رَأْي عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَوْم صفّين حَتَّى جرى مَا جرى.
قَوْله: (رَأَيْتنِي) أَي: رَأَيْت نَفسِي يَوْم أبي جندل، وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي حضر أَبُو جندل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم كَانَ يكْتب هُوَ وَسُهيْل بن عَمْرو كتاب الصُّلْح.
وَكَانَ قد حضر أَبُو جندل، وَهُوَ يرسف فِي الْحَدِيد، وَكَانَ قد أسلم بِمَكَّة وَأَبوهُ حَبسه وَقَيده، فهرب فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو سُهَيْل أَخذ بتلبيبه ويجره ليَرُدهُ إِلَى قُرَيْش، وَجعل أَبُو جندل يصْرخ بِأَعْلَى صَوته، يَا معشر الْمُسلمين {أأرَدُّ إِلَى الْمُشْركين يفتنوني فِي ديني؟ فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَا أَبَا جندل} إصبر واحتسب، فَأن الله عز وَجل جَاعل لَك وَلمن مَعَك من الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّة فرجا ومخرجاً، وَإِنَّا قد عَقدنَا بَيْننَا وَبينهمْ صلحا وعهداً، فَإنَّا لَا نغدر بهم) ، وَقيل: إِنَّمَا رد أَبَا جندل لِأَنَّهُ كَانَ يَأْمَن عَلَيْهِ الْقَتْل لحُرْمَة أَبِيه سُهَيْل بن عَمْرو، وَمعنى قَول سهل بن حنيف: فَلَو فَلَو استطيع إِلَى آخِره يَعْنِي مَا كنت يَوْمئِذٍ عَن قتال الْمُشْركين وَلَكِن مَا كنت استطيع أَن أَرَادَ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَطَعْت لرددتَه، وَأَرَادَ بأَمْره هَذَا هُوَ عقده الصُّلْح مَعَهم، وَلما وَقع الصُّلْح تَأَخّر كل من كَانَ فِي قلبه الْقِتَال امتثالاً لأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وأسُمَاءُ والمِسْوَرُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: وَفِي الْبابُُ أَيْضا عَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، وَعَن الْمسور بن مخرمَة، وَيجوز فِي أَسمَاء والمسور الرّفْع على أَن يكون عطفا على قَوْله: وَفِيه سهلُ بنُ حنيف على رِوَايَة سهل بِالرَّفْع بِدُونِ كلمة: عَن، على مَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: (عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: فِي ذكر الصُّلْح.
أما حَدِيث أَسمَاء فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثهَا الَّذِي مضى فِي الْهِبَة فِي: بابُُ هَدِيَّة الْمُشْركين: حَدثنَا عبيد بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَت: (وقدمت على أُمِّي وَهِي مُشركَة) والْحَدِيث، فَإِن فِيهِ معنى الصُّلْح، على مَا لَا يخفى.
وَأما حَدِيث الْمسور بن مخرمَة فَسَيَأْتِي فِي أول كتاب الشُّرُوط بعد سَبْعَة أَبْوَاب.



[ قــ :580 ... غــ :700 ]
- وَقَالَ موساى بنُ مَسْعُودٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ بنُ سَعِيدٍ عنْ أبِي إسُحَاقٍ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ صالَحَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المُشْرِكِينَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ على ثَلاثَةِ أشْيَاءَ على أنَّ منْ أتاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إلَيْهِمْ ومنْ أتاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ وعَلى أنْ يَدْخُلَها مِنْ قابِل ويقيمَ بهَا ثَلاثَةَ أيَّامٍ وَلَا يَدْخُلَها إلاَّ بجُلُبَّانِ السِّلاحِ السِّيْفِ والقَوْسِ ونحْوِهِ فَجاءَ أبُو جُنْدَلٍ يحْجُلُ فِي قُيُودِهِ فَرَدَّهُ إلَيْهِمْ.

.
مُوسَى بن مَسْعُود أَبُو حُذَيْفَة النَّهْدِيّ، مر فِي: بابُُ الْعتْق وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ السبيعِي، وَقد مر عَن قريب، وَهَذِه الطَّرِيقَة أخرجهَا الْبَيْهَقِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَغَيره.
قَوْله: (من قَابل) أَي: من عَام قَابل.
قَوْله: (يحجل) ، بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَضم الْجِيم، أَي: يمشي مشي الحجلة، الطير الْمَعْرُوف، وَقيل: أَي يمشي مشْيَة الْمُقَيد، وَالْأَصْل فِيهِ أَن يرفع رجلا وَيقوم على أُخْرَى، وَذَلِكَ أَن الْمُقَيد لَا يُمكنهُ أَن ينْقل رجلَيْهِ مَعًا، وَقيل: هُوَ أَن يُقَارب خطوه، وَهُوَ مشْيَة الْمُقَيد، وَقيل: فلَان يحجل فِي مشيته أَي: يتبختر، وَرُوِيَ يجلجل فِي قيوده.
قَوْله: (فَرده إِلَيْهِم) ، يُرِيد رده إِلَى أَبِيه سُهَيْل بن عَمْرو.

قَالَ أَبُو عَبْدُ الله لَمْ يَذْكُرْ مؤمَّلٌ عنْ سُفْيَانَ أبَا جَنْدَلٍ.

     وَقَالَ  إلاَّ بجُلُبِّ السِّلاحِ

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه أَرَادَ أَن مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل تَابع مُوسَى بن مَسْعُود فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، لكنه لم يذكر قصَّة أبي جندل.
.

     وَقَالَ : {إلاَّ بجلبِّ السِّلَاح) بدل قَوْله: (إلاَّ بجلبَّان السِّلَاح) ، والجلبّ، بِضَم الْجِيم وَاللَّام وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ بتَخْفِيف الْيَاء، جمع: جلبة، وَطَرِيق مُؤَمل هَذَا أخرجه أَحْمد فِي (مُسْنده) مَوْصُولا عَنهُ.