فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر

( بابٌُ الجهادُ ماضِ علَى البَرِّ والفَاجِرِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْجِهَاد ... إِلَى آخِره،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَقع فِي رِوَايَة أبي الْحسن الْقَابِسِيّ: الْجِهَاد ماضٍ على الْبر والفاجر.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنه يجب على كل أحد.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: هَذِه التَّرْجَمَة لفظ حَدِيث أخرجه بِنَحْوِهِ أَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى.
مَرْفُوعا وموقوفاً عَن أبي هُرَيْرَة.
قلت: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن الْعَلَاء ابْن الْحَارِث عَن مَكْحُول عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الْجِهَاد وَاجِب عَلَيْكُم مَعَ كل أَمِير، برا كَانَ أَو فَاجِرًا، وَإِن عمل الْكَبَائِر) الحَدِيث، وَيُقَال: إِنَّه لم يسمع من أبي هُرَيْرَة.

لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيها الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ

وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أبقى الْخَيْر فِي نواصي الْخَيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، علم أَن الْجِهَاد مَاض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَقد علم أَن فِي أمته أَئِمَّة جور لَا يعدلُونَ ويستأثرون بالمغانم، وَمَعَ هَذَا فقد أوجب الْجِهَاد مَعَهم، وَيُقَوِّي هَذَا الْمَعْنى أمره بِالصَّلَاةِ وَرَاء كل بر وَفَاجِر.
وَقَوله: ( على الْبر والفاجر) ، أَعم من أَن يكون: كل مِنْهُمَا أَمِيرا أَو مَأْمُورا.



[ قــ :2724 ... غــ :2852 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا زَكَرِيَّاءُ عنْ عامِرٍ قَالَ حدَّثنا عُرْوَةُ البارِقِيُّ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيها الخَيْرُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ الأجْرُ والمَغْنَمُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر) إِلَى آخِره.
وَأَبُو نعيم: الْفضل بن دُكَيْن، وزكرياء هُوَ ابْن زَائِدَة، وعامر هُوَ الشّعبِيّ.

قَوْله: ( الْبَارِقي) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء بعْدهَا قَاف: نِسْبَة إِلَى بارق، جبل بِالْيمن، وَقيل: مَاء بالسراة.
.

     وَقَالَ  الرشاطي: الْبَارِقي نِسْبَة إِلَى ذِي بارق، قَبيلَة من ذِي رعين.
قَوْله: ( الْأجر) ، هُوَ نفس الْخَيْر، أَي: الثَّوَاب فِي الْآخِرَة.
والمغنم: أَي: الْغَنِيمَة فِي الدُّنْيَا.
.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: يجوز أَن يكون الْخَيْر الْمُفَسّر بِالْأَجْرِ، وَالْغنيمَة اسْتِعَارَة مكنية، شبهه لظُهُوره وملازمته بِشَيْء محسوس مَعْقُود بِحَبل على مَكَان رفيع ليَكُون منظوراً للنَّاس ملازماً لنظره، فنسب الْخَيل إِلَى لَازم الْمُشبه بِهِ، وَذكر الناصية تجريداً للاستعارة.

وَفِيه: التَّرْغِيب فِي اتِّخَاذ الْخَيل للْجِهَاد.

وَفِيه: أَن الْجِهَاد لَا يَنْقَطِع أبدا.